القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي

























 

 
 

مقالات: لقاء عمّان التشاوري، بين حقائق الواقع، وأحابيل التضليل !

 
الثلاثاء 02 ايار 2023


نزار بعريني

الأخطر فيما تمارسه أبواق التضليل، (على مستوى" مسؤولي الحكومات " وأدواتهم في " وسائل الإعلام" ومواقع" صناعة الرأي العام، فيما يتعلّق بمستجدّات الأحداث السوريّة والإقليمية، المرتبطة بالمرحلة الراهنة من الصراع على سوريا)، هو تغييب السياق العام، الذي يشكّل المجرى الرئيسي الذي تصبّ فيه جميع القنوات الفرعية، ويحدّد سقف الأهداف، وطبيعة السياسات ! في ضوء هذه الرؤية، نفهم طبيعة التضليل" في تصريح وزير الخارجية الأردني، في أعقاب انتهاء " اجتماع عمان التشاوري "(١)، عندما يقول :" .... الاجتماع بداية لمسار سياسي يقوده العرب لحل الأزمة السورية، و وضع خريطة طريق للتوصل لحل الأزمة وفق منهجية خطوة مقابل خطوة و قرارات الأمم المتحدة”. أيّ خداع وتضليل هذا؛ الذي يصنّعه المسؤولون، وتعمل على ترويجه وسائل صناعة الرأي العام المأجورة، من صحافة وتلفزيون ومنصّات، وتحوّله إلى وعي سياسي نخبوي؛ ما زال يجد إذناً صاغية لدى الرأي العام السوري ! ؟


يتجاهل هؤلاء، ويغيبون حقائق ووقائع الصراع المتواصل منذ ٢٠١١، التي تقول أنّه قد تمّ قطع مسار الحل السياسي خلال النصف الاوّل من ٢٠١٢، وانتصر مسار الخيار العسكري الطائفي، وكلّ ما يرتبط من مستجدّات الصراع على سوريا والإقليم في هذه المرحلة، لايخرج عن سياق " التسوية السياسية الأمريكية"، المستمرّة خطواتها منذ مطلع ٢٠٢٠، والتي  تَحكُمها موضوعيّا عوامل " صيرورة الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي" - خاصّة ما نتج عن مرحلته الثانية، بين ٢٠١٥- ٢٠٢٠ من تغييرات، كان أخطرها ليس فقط وأد  مسار الحل السياسي، و تبلور سلطات الأمر الواقع، بل وتقاسم الجغرافيا السوريّة بين " شركاء " الولايات المتّحدة والنظام الايراني، وبالتالي احتلال الولايات المتّحدة  لأكثر من ثلث الجغرافيا السورية- بوكالة شريكها " الديمقراطي"، وحيث تتركّز الموارد والثروة ؛ مقابل هيمنة إيرانية على مناطق سيطرة "الحكومة السورية" !في تجاهلهم لعوامل السياق التي صنعتها موازين قوى الصراع، يُغيّب هؤلاء حقيقة أن الهدف الرئيسي للتسوية السياسية، التي تشكّل المرحلة الأخيرة من الخيار العسكري، هو تثبيت و شرعنة ما فرضته موازين القوى العسكرية، وبالتالي تثبيت عوامل تفشيل مقوّمات الدولة السورية، وخاصّة الحصتين الأمريكية والإيرانية؛ بما يدلّل بشكل غير قابل للتأويل على   أنّ ما تقوم به الأنظمة من إجراءات لدعم سياسات التأهيل والتطبيع ليس سوى المساهمة في  تحقيق الهدف الاستراتيجي المشترك للولايات المتّحدة والنظام الايراني، وهو الدور الرئيسي الذي تمارسه جميع الأنظمة العربية، ويتساوق بدرجات متفاوتة مع ما قدّمته من جهود خلال ٢٠١١- ٢٠١٤، في تحويل حراك السوريين السلمي إلى مذبحة طائفية !!
من جهة ثانية، لا تُضعف من واقعية هذا الإستنتاج محاولة جميع الانظمة العربية، خاصّة حكومات المملكتين السعودية والأردنية، استخدام ما تملكه من أوراق ضغط(٢) في إطار البحث عن موطىء قدم في الخارطة الجيوسياسية الجديدة، السورية والإقليمية، في ظل شروط التسوية السياسية الأمريكية، بعد أن خرجت خاسرة من نتائج حروب تقاسم الحصص ومناطق النفوذ السوريّة والإقليمية، لصالح آليات سيطرة ونهب تشاركية إيرانية أمريكيّة، باتت اليوم أبرز حقائق صراع الهيمنة الإقليمية، المتواصل منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي! إذا كان "المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين"، فكيف يكون حالنا ونحن ما نزال، تحت تأثير وسائل التضليل " العربية والمعارضة "، نصدّق ما تعلنه اجتماعات " قوى الثورة المضادة" التشاورية حول " الأزمة السورية " وآليات "الحل السياسي " و "تخفيف معاناة الشعب السوري " !! ؟؟
 من المؤسف أن لايدرك الرأي العام النخبوي السوري كيف تساهم اقلامه ومنصاته في صناعة رأي عام سوري منفصل عن حقائق الواقع، وبالتالي، موقف سوري وطني، عديم الوزن السياسي، بما يتيح لكلّ أعداء السوريين العمل بأريحية ؛ طالما  تستطيع وسائل التضليل تحويل العدو  إلى صديق، يبحث عن وسائل مساعدة ضحايا سياساته!!جاء في تقرير ل"تلفزيون سوريا " حول نتائج " لقاء عمّان التشاوري "، التأكيد على ما أعلنه  وزير خارجية البلد المضيف، دون توضيح طبيعة التضليل في اخفاء عوامل السياق، وحقيقة الدوافع .
فهل تقتصر وظيفة " إعلام المعارضة " على ترويج أضاليل الآخر، وتحويلها إلى رأي عام سوري؟  ركّزنا على اتخاذ خطوات لتخفيف معاناة الشعب السوري العمل على دعم سوريا لبسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون. اتفقنا على إعادة اللاجئين ومكافحة خطر تهريب المخدرات اتفقنا على ضرورة خروج القوات الأجنبية غير المشروعة من سوريا اتفقنا على منهجية خطوة مقابل خطوة بناء على قرار 2254 العمل على إنهاء وجود الجماعات المسلحة والإرهابية على الأراضي السورية الاجتماع (اجتماع عمان التشاوري) كان إيجابيا والنقاش كان مباشرا وشفافا  عودة سوريا للجامعة العربية هو قرار تتخذه الجامعة بالإجماع الصفدي: المبادرة الأردنية قائمة على وجود دور عربي قيادي في حل الأزمة السورية وفق منهجية خطوة بخطوة "!!!

( ١)-
مما جاء في البيان الختامي :
"  عَقَد وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر اجتماعاً في عَمّان اليوم الإثنين 1 أيار/ مايو 2023 مع وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، بدعوة من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية أيمن الصفدي، واستكمالاً للاجتماع الذي استضافته المملكة العربية السعودية، بدعوة من وزير الخارجية سمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية العراق وجمهورية مصر العربية، ومتابعة للاتصالات التي أجراها عدد من هذه الدول مع الجمهورية العربية السورية، وبما يتفق مع المبادرة الأردنية القائمة على إطلاق دورٍ عربيٍ قيادي في جهود حل الأزمة السورية وفق منهجية خطوة مقابل خطوة والمبادرة السعودية وطروحات عربية أخرى .
يمثل هذا الاجتماع بداية للقاءات ستتابع لإجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية، ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية.
وأكد وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر أولوية إنهاء الأزمة وكل ما سببته من قتل وخراب ودمار، ومن معاناة للشعب السوري الشقيق، ومن انعكاساتٍ سلبيةٍ إقليمياً ودولياً، عبر حل سياسي يحفظ وحدة سورية وتماسكها وسيادتها، ويلبي طموحات شعبها، ويخلصها من الإرهاب، ويسهم في تعزيز الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين، يفضي إلى خروج جميع القوات الأجنبية غير المشروعة منها، وبما يحقق المصالحة الوطنية، ويعيد لسوريا أمنها واستقرارها وعافيتها ودورها.
وبحث الاجتماع الجانب الإنساني، والخطوات المطلوبة لتحقيقِ تقدمٍ في جهود معالجته، وبما ينعكس مباشرةً على الشعب السوري الشقيق، إضافة إلى عدد من القضايا الأمنية والسياسة."..
 
(٢)- وهي أوراق عديمة التأثير - إذا ما قورنت بحقائق وقائع السيطرة الميدانية، وبعوامل القوّة والسيطرة التي أصبحت بقبضة النظام الإيراني، سوريّا  وعلى الصعيد الإقليمي والدولي – وقد لا تتجاوز ضغوط توقيت عودة النظام إلى الجامعة، (وقد باتت مؤكّدة في ضوء التطوّرات الأخيرة)، أو تلك المرتبطة بقضايا المخدّرات، أو اللاجئين...ولن تصل إلى درجة تشكيل" لوبي عربي" ضاغط في قضية مشروع  " إعادة الإعمار "، لأسباب عديدة!
في تقديري، لن تُغيّر أوراق الأنظمة بشكل نوعي في معادلات القوّة السورية والإقليمية حتّى إن وصلت إلى درجة " التشبيك " مع " إسرائيل "- الحليف الرئيسي في مواجهة سياسات الهيمنة الإقليمية الإيرانية – طالما قد حُسمت نتائج الحرب ميدانيّا لصالح النظام الايراني، وطالما ترتكز معادلات القوّة الإيرانية على علاقات سيطرة تشاركية مع الولايات المتحدّة ؛ وهي أهمّ عوامل القوّة الإيرانية،  التي ما زال يجهلها رّبما حتّى صنّاع القرار " العربي " !!
مما لاشكّك فيه باختلاف الوضع نوعيّا بالنسبة لأوراق المفاوضات التي يملكها النظام التركي - والتي انتزعها خلال سلسلة من الحروب، عزّزت ما يملكه من " أوراق " سوريّة - أو حكومة دولة الإحتلال!!
من المؤسف الإعتراف  أنّ " الموقف العربي " هو الأضعف تأثيرا على مآلات التسوية، كما كان عليه الحال على مآلات " الحرب " ؛ وهي حالة طبيعة لعلاقات الارتهان البنيوي والاستراتيجي التي تربط الأنظمة، خاصّة السعودي والمصري، في دوائر القرار الأمريكية، التي باتت مصالح قواها وسياساتها  في علاقات تشبيك ميداني مع أذرع النظام الايراني!!
إيّار – ٢٠٢٣

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات