القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي

























 

 
 

مقالات: تركيا إشكالية الدولة والحكم (في الحدث الجاري والمرتقب)

 
الثلاثاء 07 شباط 2023


قهرمان مرعان آغا

لم يعد الإرهاب الذي يمارسه الدكتاتوريات والدول الشريرة، المارقة، باسم السيادة والشرعية الدولية في مواجهة شعوبها أو في غزو واحتلال دول اخرى، يندرج في خانة الأمن القومي، لما هو خارج النطاق المكاني والحدود السياسية الحالية لها، بمفهومه السابق خلال القرن الماضي، بعد الاجتياح الروسي لأراضي أوكرانيا في شباط/2022 ولم يعد فتح صندوق الذرائع لإبراز صكوك التبريرات تفيد حسابات المساومة معها، بعد أن توحَّد العالم في مواجهة بوتين / روسيا و بعد أنْ اصبح التهديد يمس قلب دول البلطيق وإسكندنافيا والحدود المفتوحة لأوروبا الموحَّدة.


لهذا أضحى تآمر مافيات مسار(آستانا) دون نفع  ودون جدوى، لإنعاش نظام الأسد، من خلال الوصاية الروسية والدعم الإيراني والمساومة التركية على القضية السورية واستعداد تركيا لتقديم عروض الاغراء لنظام آيل للسقوط، يعاني من ازمة اقتصادية خانقة وعقوبات دولية  رادعة، من خلال المبادلة بالجملة مع الروس والنظام وعلى أوسع نطاق و اتباع سياسة الحدود المفتوحة بما يشمل المناطق المحتلة منذ /2018 في عفرين وسرى كانيه وكرى سبي أو في ادلب وريف حلب الشمالي والغربي والدفع بإتباع سياسة التضحية  بالمعارضة السياسية التي تأتمر بأوامرها وإعادة تجنيد المعارضة المسلحة المرتزقة لديها ضمن اجندات وشروط التطبيع مع النظام مع فرض الحصار الخارجي وخنق تطلعات الثوار المنتفضين على الأرض، الرافضين للمصالحة مع نظام مجرم فاقد لأدنى درجات الشرعية الأخلاقية والوطنية، من خلال إجراءات الجدران الكونكريتية العازلة ومنع الاقتراب من الحدود التي رسمتها اتفاق اضنه المخزي لعام /1998أو تلك التي ستحددها اللقاءات والوضع المستجد بين حكومة حزب العدالة والتنمية ونظام الأسد الوريث .
الدولة العميقة في تركيا رصدت لحساب الرئيس الحالي اردوغان من خلال تحالفه مع الحركة القومية الفاشية، هامش ضيق من المناورة مع المعارضة الداخلية وهم على اعتاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يونيو/حزيران2023،( إن لم يجري تقديمها كخطوة هروب نحو الأمام ) ولم يعد حظوظه بين الشرائح المجتمعية المحافظة ذات ضمانة كما السابق و تقلَّصت خياراته امام جملة المتناقضات التي مارس اللعب بها خلال فترته الرئاسية واسعة الصلاحية (النظام الرئاسي)، حيث أدار ظهره للإصلاحات الداخلية في ظل أزمة اقتصادية وتدني القدرة الشرائية وتقليص الخدمات وتضييق الحريات العامة واستمر في محاربة الشعب الكوردي وتطلعاته القومية العادلة في عموم كوردستان وتاه في سياساته الخارجية سواء، بين إسرائيل وغزة - اليونان وقبرص – أذربيجان وأرمينيا – قطر و دول الخليج – مصر والسودان – ليبيا وتونس، ويأتي في قمة هذه التناقضات، استثماره الغزو الروسي لأوكرانيا و اللعب في المنطقة المحايدة من التوازنات الدولية، كون تركيا عضوة في حلف الأطلسي وحليف موثوق لبوتين/روسيا في الوقت ذاته وما يجري الآن في سعيه وتوسله للمصالحة مع نظام الأسد بوصاية روسيه/حميميه، يُعتبر أشدُّ وطأةً لمرتزقته من ميليشيا الجيش الوطني السوري وحليفه الائتلاف السوري لقوى المعارضة .
تركيا تعتاش على الصراعات الدولية التي هي جزء منها وتجيد الاستثمار السياسي العابر والغير مستدام في التناقضات الدولية على حساب أوضاعها الداخلية المأزومة وانقسام المجتمع التركي منذ انقلاب العسكر في/2016  ناهيك عن تعميق فجوة الصراع مع شعب كوردستان و تتمظهر بدور الدائن الفائز في معظم تدخلاتها، إلا إن الحقيقة غير ذلك، فهي تقوم الآن بفعل المَدين الذي يراجع حساب خساراته المتراكمة في العقد الأخير، التي انفقتها على صناعاته العسكرية في ظل منافسة عالمية، على حساب قطاعات التنمية الحقيقية، حيث التضخم والكساد الاقتصادي العام  وانخفاض قيمة العملة المستمر وانعكاساتها المباشرة فيما يتعلق بحياة الناس المعيشية وفق مؤشرات الهجرة والبطالة، بمختلف طبقاتهم الاجتماعية و توزعهم السكاني .
لم يخفي الرئيس التركي ربط توجهاته ومواقفه من معظم الأحداث، بدور استخبارات بلاده (الميت- السيئ الصيت) في تحديد خياراته السياسية، داخلياً وخارجياً، حيث أسقط هو بنفسه لبوس القيم الدينية و مظاهر قدسية الحق والعدالة، التي حددت مسارات فوز حزبه خلال عشرين عاماً ولم يعد ادعاءات تمثيل (التَّقية) في الداخل بذات الجذوة الدينية التقليدية، ناهيك عن الخارج، و أرجع تركيا الى عوامل وجودها التاريخية الأتاتوركية  قبل مئة عام، (اتفاق لوزان 1923 الاستعمارية)، باعتبارها دولةً عنصرية قائمة على إشكالية متعددةِ الأوجه في البنية والنشوء، من حيث الجغرافيا والسكان واللغة، حيث ألحقت بها الجزء الأكبر من جغرافيا كوردستان، و ما الدعوات التي يطلقها الرئيس أردوغان بمراجعة (اتفاق لوزان/1923) ليست سوى تبريرات لأهداف استعمارية توسعية، من المفروض أن تُجابَه  من المجتمع الدولي الحُر، بأحياء (اتفاقية سيفر/ 1920الأممية – عصبة الأمم) ومنح الشعب الكوردي في عموم كوردستان خياراته في الحرية وشكل العلاقة مع الدول الناشئة بفعل الاستعمار الغربي (تركيا، ايران، سوريا، العراق) التي تشكلت بحدودها الحالية عقب الحرب العالمية الأولى .
-التكتل الحاكم وتحالف المعارضة:
يشبه تكتل حزب العدالة والتنمية مع الحركة القومية بقيادة /اردوغان في تركيا الى حد قريب تكتل الليكود مع الأحزاب الدينية في الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة /نتنياهو، وهو تحالف قائم على العنصرية القومية الكامنة في بنية تشكيل الدولة، برافعة من النزعة الدينية، وهنا يبرز إشكالية وجود الدولة الحديثة ذاتها من عدمها .
كما أنَّ تحالف أحزاب المعارضة الستة وبرنامج عملهم المعلن من /240 صفحة، يؤكد على الالتزام بنهج (اتاتورك) ولم يتضمن ما يمسّْ القضية الكوردية من بعيد او قريب و ما يشاع اعلامياً من  طرح بعض أحزاب المعارضة (الطاولة السداسية) في دعاياتها الانتخابية  و كذلك الحزب الحاكم، حول مسألة الاعتراف باللغة الكوردية دستورياً، ليس له افق مُرتجى، على اعتبار إن تلك الأحزاب جزء من تحالف عام والبرلمان بكل تأكيد سيضم معارضة في حال فوز أحد الطرفين، فالأمر لا يعدوا أكثر من دعاية انتخابية، لهذا فإن الأوساط المتدينة في كوردستان ستُذهب اصواتها الانتخابية لصالح الطرفين مع ترجيح كفة حزب العدالة والتنمية، في حين إن تحالف حزب الشعوب الديمقراطية / h.d.p مع اليسار التركي، الذين يسبًّحون في مناخات المشاعية وبيئات الإيكولوجيا وإخوة الشعوب، بعيداً عن التديُّن الظاهري وفق العرف العام السائد والقيم المحافظة ضمن الفئات الاجتماعية المختلفة، سيُحرَمون من الأصوات المفترضة من الشعبين الكوردي والتركي على السواء، في الوسط الاجتماعي ذاته، لهذا فإن التوجس من فوز تشكيلة المعارضة بالنسبة لقضية الشعب الكوردي سيزداد، كونها غير متجانسة واحتمالات الخلاف و الانفكاك قائمة، فهو مجرد تحالف كيدي، منافس في مواجهة الحزب الحاكم ورئيسه أردوغان، حسب برنامجهم السياسي الذي يُركِّز على وقف السياسات والتدابير التي اتبعها اردوغان لإبراز صورته خلال أعوام الألفية الثالثة التي حكم فيها ومحاولاته التملص من البقاء في ظل صورة (الأتاتورك -العلماني) في مسعى شخصي منه، أن يكون هو قبيله (الأتاتورك -المؤمن) وكذلك إلغاء  السياسات التي اتخذتها الحكومة الحالية، بما فيها المشاريع الاقتصادية، على سبيل المثال، وقف العمل  بـ (قناة استانبول) وإلغاء المراسيم الرئاسية، لهذا فإن احتمالات تغيير الموقف من القضايا الكبرى، الذي يعالج جوهر الصراع مع شعب كوردستان لن يتخطى  مرحلة حزب العدالة والتنمية في الحكم و الإدارة، إنْ لم يحدث متغيرات جيوسياسية على مستوى الشرق الأوسط .
كما يأتي الموقف الأمريكي والاوروبي المستتر، من العلاقة مع تركيا / اردوغان ، بانتظار ما ستفضي إليه نتائج الانتخابات، فليس من المستبعد أن تتغير شكل العلاقة التي كانت توصف في وقت ما بالاستراتيجية مع تركيا، بسبب سياسات الرئيس الحالي في حال فوزه، لذلك فإنًّ انتظار فوز المعارضة بالنسبة للغرب عموماً، يتوقف عليه بحث الكثير من الملفات العالقة وتصحيح العلاقة، بما فيها التزامات تركيا تجاه حلف (الناتو) في ظل فقدان الثقة بين الطرفين لأكثر من عقدين من الزمن والتي أصبحت واضحة ولا تحتاج الى تلسكوب أو مجهر وهي في طور المراجعة الحقيقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وستبقى رهن الاحداث التي ستنجم عنها نتائج الحرب .
-موقف أولياء الدم في الثورة السورية من التقارب الجاري:
السوريون ينظرون بأشد حالات الدهشة والعجب والاستغراب إلى تخاذل تركيا حيال مأساتهم والتطبيع مع نظام الأسد، منها إلى حالات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، رغم احتلال الجولان ولا يعدوا المقارنة بين ذلك شيء ذا قيمة، سوى التماثل في مصطلح (التطبيع). فسوابق حكومة العدالة والتنمية مع حلفائها من القوى والتيارات الإسلامية المعارضة واللاجئة إليها من مختلف الدول، أُسقط عنها الجانب الوجداني الذي يتحلى به العرف العام في المجتمعات الإسلامية على مَر العصور.
على فرض فوز المعارضة التي تعمل على عودة العلاقات مع نظام الأسد، فلن تذهب بعيداً عن سياسات أمريكا والاتحاد الأوروبي في المنطقة وستعمل على تعزيز وجودها في (الناتو) والتحفظ على سياسات أردوغان وعلاقاته المشبوهة مع بوتين، الَذينْ يتمظهران في سلوكهما بالقبضايات ويمارسان فعل العصابات بالاعتماد على الميليشيات الإرهابية كقوات رديفة تتقدم جيوش بلدانهم في معظم  تدخلاتهما، وهذا ما حصل بالفعل على الأرض منذ التدخل الروسي /2015 في سوريا ويفضلان العلاقة الشخصية القائمة على التهديد والغزو والهيمنة، بدل العلاقات الدولية والإقليمية الطبيعية الساعية للسلم العالمي .
لذلك فإن حزمة العروض التركية لنظام الأسد تتضمن في شقها الاقتصادي، المساعدة في الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليه، وفتح الحدود والمعابر وهي في مقابل هذا تؤدي فرضين، إنعاش اقتصادها بما فيه تصدير الممنوعات وسد جوع مناطق النظام لتخفيف رد فعل الموالين، فلتركيا تجارب سابقة لمساعدة ايران وروسيا، بالتهرب من العقوبات والحصار، لهذا فإن مافيات (آستانا) حسب معيار التقارب الجاري ومعدلات التنسيق على الأرض، سيرفعون من درجة تمثيل النظام في جولاتهم المشبوهة الى الصدارة، فيما سيختفي تمثيل المعارضة الشكلي من المشهد . وبالنسبة لمناطق شرق الفرات حيث النفوذ الأمريكي وقسد وتواجد النظام، لا مؤشرات على تخلي أمريكا أو تقليص نفوذها، بل على العكس هناك تعزيز لتواجدها العسكري مادام الغزو الروسي لأوكرانيا مستمر، مع بوادر مشروع لإستراتيجية غير معلنة، يدعم مشاركة المكونات العرقية والدينية في  المنطقة، بما يتلاءم مع اعتماد اللامركزية في إدارة البلاد .
كما هو متوقع سينقسم معظم القوى العسكرية والسياسية وسيستمر المرتزقة المأجورين وفق سياسة حزب العدالة والتنمية وخاصة المتواجدين على الأراضي التركية وفي مناطق نفوذ الاحتلال التركي، حيث سيختلف الموقف بالنسبة لتلك القوى في محافظة أدلب وريف حلب واللاذقية، بالاستمرار في عدم التصالح والتطبيع مع نظام كبتاكوني، كيماوي، منغمس كلياً مع جوقة (آستانا)المتآمرين في الدم السوري، حيث جاء الرد و التعبير الاسمى سريعاً في هذه الفترة من التظاهرات والشعارات، من خلال احياء مجد الثورة السلمية في الحرية والكرامة والثبات على الموقف من اسقاط النظام، وفاءً لروح الشهداء، فمهما طال الأمد، لا بُدَّ للقرارات الدولية أن تأخذ طريقها للتنفيذ ولا بُدَّ للعدالة الانتقالية أن تمرَّ بهدوء وسكينة وسلام من خلال تخاصم أولياء الدم .
في 5 شباط / فبراير2023

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 6


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات