القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: انتفاضة آذار الكُردية وضعت حجر اساس لثورة تعم كل سوريا

 
السبت 02 نيسان 2022


المهندس ريزان شيخموس

جاءت  انتفاضة شعبنا الكردي في آذار ٢٠٠٤ كنتاج لتراكم سنوات طويلة من القهر والاستبداد والقمع والتهميش وطمس الهوية القومية الكردية في سوريا من قبل النظام السوري بحق الشعب الكردي ، هذه الانتفاضة التي خرج فيها شعبنا بكل فئاته العمرية وكل شرائحه ليس فقط في المناطق الكردية من أقصاها الى اقصاها بل في كافة المناطق التي يتواجد فيها الكرد أيضاً بما فيها العاصمة دمشق وكافة الجامعات السورية، هذه الانتفاضة التي عززت وحدة الصف الكردي شعباً وقوى سياسية وفرضت على النظام السوري قواعد جديدة من العمل الحزبي والسياسي . ان انتفاضة آذار أخرجت القضية الكردية في سوريا من محيطها القومي المغلق الى كافة انحاء سوريا والعالم وأظهرت لأول مرة للسوريين والعالم أجمع بوجود شعب كردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية وقضية قومية لابد من معالجتها ووضع حلول لها ولايمكن طمس هويته القومية الى الأبد ، 


كما إن هذه الانتفاضة كرست الوعي القومي وزرعت لدى ابناء شعبنا روح المقاومة وارادة التحدي والنضال من اجل الاعتراف بهويته القومية ونزع كافة حقوقه المشروعة الانسانية والقومية . ان انتفاضة آذار أخرجت الكرد في كل انحاء كردستان من صمتهم وجعلتهم يتضامنون مع شعبنا في وقفته البطولية ضد نظام دمشق وسياساته القمعية بحقهم وانكاره لحقوقهم .وقد تعامل النظام السوري أمنياً بامتياز مع هذه الانتفاضة العظيمة و مارس كعادته سياسة فرق تسد في شق صف الشعب  السوري وزرع الشقاق بين مكوناته وتشتيته واتهام الكرد بالانفصال وتحريض العشائر العربية في المنطقة وتشغيل طابوره الاعلامي بالحشد ضد الكرد ، وتفعيل سياسة العصا الغليظة والجزرة الصغيرة ، حيث في الوقت الذي كان يفاوض الكرد على التهدئة استخدم ادواته القمعية باعتقال عشرات الآلاف من الكرد وزجهم في معتقلاته واتهامهم بالتخريب والانفصال، ولم تكن الاحزاب الكردية في سوريا  للأسف في مستوى هذا الحدث التاريخي واستثمار هذه الانتفاضة العظيمة لظروف ذاتية وموضوعية وحجم المخططات التآمرية ضد الكرد وعدالة قضيته ، وخاصة إن هذه الاحزاب لم تكن تملك الخبرات الكافية في المناورات السياسية . ان الشعب الكردي في انتفاضاته قدم عشرات الشباب شهداء قرابين على صخرة حريته وصلابة حقوقه القومية وأدرك بأن قضيته تحتاج الى الكثير من التضحيات الجسام ، وليس من السهل حلها دون نضال دؤوب وتوحيد الجهود والتواصل مع باقي المكونات والتوافق معهم على بلورة مشروع وطني سوري جامع يحفظ حقوق الجميع ، كما أنه بات من الضرورة بمكان وضع خارطة طريق منسقة للتواصل مع المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية والقوى ذات تأثير والبحث معهم بالمشتركات لدعم قضية شعبنا والاقرار بحقوقه القومية المشروعة .
رغم عظمة هذه الانتفاضة وقوتها وجدارة تسميتها بالثورة ضد النظام واعوانه لم تحظى باي دعم ومساندة وتعاطف من المكونات السورية الاخرى لعوامل عديدة منها قوة النظام وامتلاكه وقتها كل الوسائل الاعلامية والاقتصادية والعسكرية والقمعية بالاستفراد بالكرد واخماد انتفاضته ، وعدم بلورة احزاب معارضة سورية تستثمر هذه الانتفاضة وتجعلها نواة لثورة سورية عارمة تنهي كل اشكال القمع والاستبداد وضعف الاحزاب الكردية وعدم قدرتها على اخراج قضيتهم من الاطار الكردي الضيق الى الفضاء السوري العام وكسب الاصدقاء والحلفاء . يستثنى منها ماقام به الشهيد مشعل التمو ومجموعة من المثقفين والسياسيين الكرد باستقدام عدد من المثقفين والسياسيين والكتاب العرب الى مدينة قامشلو لأجراء مجموعة لقاءات مع الكرد ونخبهم السياسية والثقافية واصدروا وقتها بياناً عبروا فيه عن وطنية القضية الكردية في سوريا ووقوفهم الى جانبها ، ولكن هذا البيان لم يترجم مضمونه على الارض رغم انه لم يكن على مستوى القضية الكردية والشعب الكردي والتضحيات التي قدمه من اجل عدالة قضيته .
ان انتفاضة آذار الكردية رغم انها كانت عفوية وغير مخطط لها استطاعت أن تضع الحجر الاساس لانتفاضة تعم كل سوريا أو ثورة تنهي الاستبداد في سوريا وتحقق لشعبها الحرية والكرامة التي يستحقها ، وخلق واقع ثوري يتمكن الشعب السوري من بناء سوريا التشاركية لكل مكوناتها ، كما انها تكمنت من استقطاب كل الشعب الكردي بكافة فئاته العمرية وفي كافة مناطقه وشرائحه الغنية منها والفقيرة وبمشاركة كل الأحزاب والمنظمات الكردية في سوريا وبالتالي وحدت هذه الانتفاضة الشعب الكردي في الداخل والخارج وحققت طموحه في الوحدة والانطلاق وحافظت الانتفاضة على سلميتها واهدافها القومية والوطنية بعيداً عن اجنداتها الاقليمية والدولية ،وهذا ما كانت تفتقره الثورة السورية!
أعتقد أنّ  اختلاف السياق التاريخي العام للثورة السورية عن سياق  " انتفاضة آذار الكردية " المجيدة - رغم كونهما محطتين اساسيتين في سياق النضال الوطني التحرري الديمقراطي للشعب السوري، في مواجهة سلطة استبداد شوفينيّة  معنّدة ، معادية للديمقراطية وحقوق الإنسان ، وتستخدم جميع  اشكال التفتيت والإضطهاد القومي والديني والأثني، وتستقوي على  السوريين بشبكة علاقات ومصالح إقليمية ودولية -  يفسّر الاختلاف في السيرورة  وطبيعة التحدّيات  والمآلات !! 
    في سياقها التاريخي الخاص ، لم تستطع  انتفاضة أذار الكرديّة أنّ  تشكل سوى  تحدّ محدود لسلطة  النظام ، رغم ما قدمه الكرد من تضحيات واصرار على انتزاع الحقوق  ، أستطاع  بأدواته القمعية  حصرها في  ساحة النضال الوطني الكردي، وعزلها عن امتدادها الوطني  السوري،  والقومي  الإقليمي ، وتطويقها ، وتفتيت صفوف نخبها وجمهورها .من جهة ثانية ، أعطى  اندلاع الثورة السورية في سياق   تمرّدات شعوب المنطقة العربية ، وفي مواجهة شاملة مع  سلطات الانظمة الإستبدادية ، اهمّ سماتها  ، ووحد طبيعتها ، كثورة وطنيّة ديمقراطية  ، تشكّل ، في حال استمرار  ادواتها السلميّة ووحدتها الوطنية  ، تحدّ تاريخيا ، ليس فقط في مواجهة سلطة النظام السوري ، بل وفي مواجهة شبكة واسعة من المصالح الإقليميّة والدولية ، نجح النظام في حمايتها ،وربط استمرار وجودها ببقائه؛ وهو ما حدد طبيعة الأدوات التي استخدمتها النظام وشركائها لهزيمة الثورة! 
لقد استخدم  النظام ، بتنسيق ومشاركة طيف واسع من الشركاء، الفعل العنيف، والترهيب  الطائفي والحربي ، لخلق ردود أفعال ، من نفس الطبيعة ، وبنفس الأدوات ، من اجل نقل الصراع من مستواه السياسي المدني ، السلمي ، السوري ، إلى مستوى حروب طائفية وقومية ، تبرر له استخدام جميع وسائل التدمير  ضدّ الشعب السوري، لهزيمة اهداف الثورة ، وتدمير قواها ، وتهجير جمهورها ! ضمن هذا السياق ،  وإدراكا من النظام - خاصّة  في ضوء   دروس انتفاضة آذار ،  وما اظهره الكرد من روح كفاحية ثورية عالية -  لاهمية استمرار  وحدة الصف الوطني السوري ،الكردي والعربي  ، في تحقيق اهداف الثورة ، سعى منذ اللحظات الاولى لدق اسفين في جسد الثورة الوطني  ، ولتعميق التناقضات التي عمل تاريخيا على خلقها بين الكرد والعرب ، من خلال جهود  وضع الأجندة القومية الخاصّة في مواجهة الاجندة الديمقراطية العامة لجميع السوريين ، وعبر ادوات قمع وتفتيت مختلفة.
رغم انخراط غالبية الشرائح الاجتماعية والسياسية ، ومشاركة جميع مكوّنات الشعب السوري وفي مقدمتهم الكرد، و بطريقة فاعلة ، في اطار الحراك السوري العام للتغيير الديمقراطي طيلة أشهر،  كان  من الطبيعي ، مع غياب افق الحل السياسي الديمقراطي، وتصاعد العنف الطائفي، أن يواجه  هذه الإتجاه عقبات متزايدة، ساهمت في صناعتها.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 8


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات