القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: إبادة الجنس البشري جريمةٌ تركيّة بحقوقٍ محفوظة

 
الأحد 15 كانون الأول 2019


عماد الدين شيخ حسن 

بدايةً.. لا شكّ أنكم لاحظتم كيف أنّ بعض الدول و مؤسساتها ( 30 دولة الى الآن ) قد قامت مؤخراً بوضع الملفّات الخاصة بإبادة الأرمن أيام السلطنة العثمانية على طاولاتها و بدأت تعترف و تقرّ واحدةً تلو الأخرى بحدوث تلك الإبادة و تدين مرتكبيها الأتراك أو العثمانيين و لو إدانة أقرب الى الأخلاقية أو المعنوية ان جاز التعبير منها الى الإدانة القانونية و القضائية و عقابها .
هذه المذبحة أو المحرقة التي ارتكبت بحق ما يتراوح ما بين ( ١،٢ – ١،٥) مليون انسان خلال الفترة الوجيزة من ١٩١٥ الى ١٩٢٣ هي بكلّ تأكيد العار الأبرز الذي يلطّخ تاريخ الامبراطورية العثمانية و مولودها تركيا .


و هنا ...قد يثور التساؤل لدى البعض بأنّه من الظلم و الإجحاف أن نحمّل الأجيال اللاحقة وزر الأجداد و عارهم و تاريخهم الأسود .
لذلك لا بد من القول في هذا الصدد بأنّ هذا الرأي قد يكون صائباً لو أن الأجيال اللاحقة اعتبرت و نهلت المواعظ و الدروس من مساوئ و قبائح الأجداد و سعت من خلال سلوكها الى محو و إزالة تلك الصورة المشوّهة من تاريخها كألمانيا مثالاً .
أما أن تأتي بعض الأجيال و تكون إمتداداً لبعض الأجداد و سلسلة أشدّ قبحاً و إجراماً منهم ،  كجيل الحزب أو السلطة الحاكمة حالياً لتركيا و رأسها و رئيسها أردوغان فهذا ما يعطينا تصوراً قوياً و بالكاد دامغاً بأنّ في النسل ورمٌ أو ما هو فاسد و خبيث يهدّد البدن التركي كله بالفناء.
و لإقران قولنا بفساد بعض النسل و السلالة بالحجة و الدليل ، نكتفي بعفرين الكوردية السورية وحدها مثالا من بين كل الأجزاء المحتلة تركيّاً و من بين غير المحتلة منها في سوريا و خارج سوريا و إرهابها و ارهابييها الذين يهددون مناطق كثيرة في العالم و يعيثون اجراماً و فساداً فيها .
فهل يدرك القارىء بأن تركيا تمارس جريمة إبادةٍ جماعية أو إبادة جنس منظّمة و ممنهجة ثابتة الأركان في عفرين ؟
و هل يُدرك القارئ الكريم أيضاً بأنه إذا استمرت هذه المنهجية بواقعها الحالي السالك سبيله في ظل تقاعس الدول و الهيئات عن واجباتها و مسؤولياتها ، فإننا سنكون أمام جريمةً ضحاياها الكورد  لن تقل حجماً و بشاعةً عن جرائم أجداد الترك بحق الأرمن ؟
إن ما تمارسه تركيا في عفرين بحقّ الكورد سكانها الأصليين من جرائم و انتهاكات، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة و عبر فصائل عسكرية مسلحة تتبع لها و تسمي نفسها بأسم الجيش الوطني السوري المعارض المرتبط بجهة سياسية تُسمى بالائتلاف السوري لقوى الثورة و المعارضة في سوريا ، منذ احتلالها لعفرين بتاريخ ١٨/٣/٢٠١٨ تندرج في معظمها تحت دقيق وصفها ( أي وصف تلك الجرائم و الانتهاكات) في القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني تحديداً ، كجرائم حرب و جرائم ضد الانسانية و جرائم موضوعنا هذا أي جرائم الإبادة الجماعية ، إضافةً الى كونها جرائم تطهير عرقي سنداً للوصف الوارد حول تلك الجرائم في التقارير الدولية .
كيف ذلك ؟؟؟؟؟ ...لنرى .
إذا كانت جريمة الإبادة الجماعية أو ال (Genocide  الجينوسايد  ) كأفعال هي موجودة و مرتكبة بلا شك عبر التاريخ إلا أن التسمية ليست بقديمة كثيرة ، و يعود أصل الوصف و التسمية الى المحامي اليهودي رافاييل ليمكن كأحد اليهود الناجين من عداد ضحايا هذه الجريمة التي ارتكبها النازيون بحق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية و التي عرفت بأسم المحرقة اليهودية أو ( الهولوكوست ) و وقع ضحيتها اكثر من (٦) مليون يهودي من أصل (٩) تقريبا من يهود اوربا .
و نتيجة جهد و مسعى كبير من ليمكن كان أول استعمال للتسمية كوصف لغوي و ليس قانوني من قبل المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ في العام (١٩٤٥) بصدد محاكمة القادة النازيين .
بعد ذلك استطاع ليمكن حث الجمعية العمومية في الامم المتحدة على إقرار التسمية و أفكار ليمكن بشأنها و اعتمادها كجريمة دولية من خلال اتفاقية سميّت باتفاقية منع جرائم الابادة الجماعية و معاقبة مرتكبيها ، العام ( ١٩٤٨) .
هذه الجريمة التي عرفتها المادة الثانية من تلك الاتفاقية و وردت بذات المضمون في نظام روما الاساسي المنشىء لمحكمة الجنايات الدولية (١٩٩٨)  على انها :
((تعني ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين، مثل:
(أ) قتل أعضاء الجماعة.
(ب) إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة.
(ج) إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليًا أو جزئيًا.
(د) فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة.
(هـ) نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى.))

و سنداً لذلك و لما ورد فيه بوضوح و سنداً أيضاً لما ورد في أفكار ليمكن ذاته و لاجتهاد و تفسير الفقه و القضاء بهذا الخصوص و إسقاطه و مقارنته بجملة ما تجري ممارسته في عفرين ، فإن المرء يستطيع أن يصل و دون عناء كبير الى أن تركيا ترتكب جرائم ابادة الجنس أوالابادة الجماعية في عفرين .
فما ورد بشأن هذه الجريمة في القانون الدولي يفيد بأنها قد تمارس و ترتكب بصورة مباشرة كعمليات القتل الجماعية ( رميا بالرصاص ، غرقا ، حرقاً الخ ) ، أو قد ترتكب بصورة غير مباشرة عبر إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية الغاية منها تدميرها كليا أو جزئياً أو عبر الحاق الاذى النفسي و الجسدي بالجماعة .
و بالتالي ...فهذا تماماً ما يجري حدوثه في عفرين و بصورة منظمة و ممنهجة من خلال أعمال القتل و الاعتقال التعسفي و التعذيب و عمليات الاختفاءات القسرية و الخطف و السلب و النهب و السطو المسلح و أعمال التدمير و السرقة و الحرق التي تطال المرافق و الممتلكات الخاصة و العامة و الطبيعة و الآثار و المقدسات و الرموز و المزارات و دور الثقافة و العبادة ، و كذلك عمليات التهجير القسري و مصادرة الأرزاق و الأموال و الممتلكات و دور السكن ، توطين الغير فيها و منع النازحين من العودة ، القيام بكل ما من شأنه إعدام الأمن و الأمان و طمس و محو ثقافة و لغة الكورد و أية خصوصية وجودٍ لهم في عفرين .
كل ذلك و غيره الثابت و المستمر وقوعه بآلاف الصور و الفيديوهات و الشهادات و الوثائق الخطية ، هل يبقي ثمة مجالٍ لأدنى شكّ بأن القتل يحدث و الاذى النفسي و الجسدي يحدث و التدمير العمد الجزئي يحدث و في طريقه لأن يصبح كلياً .

نكتفي بهذا القدر و نختتم القول بأنّ الدولة التركية ما دامت تتفاخر بعظمة الامبراطورية العثمانية و تنكر سجلها الأسود في الإجرام و اضطهاد الشعوب و قمعها و ابادتها ، فهذا يعني و واقع عفرين و غيرها و دعمها للارهاب و الارهابيين كله شاهد على إصرارها في أن تقتدي بجملة تاريخ الامبراطورية ، لا بل ربما أزعجتها ممارسات النازية و مجرمي صربيا من باب أنهم اعتدوا على حقوق الترك و العثمانيين المحفوظة و على حقهم التاريخي في الابادة .
بقي أن نتوجه للعالم و ممثلي الدول و المؤسسات ذات الشأن تحديداً بسؤالنا هذا :
هل يجب أن ننتظر كالأرمن مئة عام لتعترفوا أمام أجيالنا الكورد و تقولوا بأنّ ما تعرضّ له آبائكم و أجدادكم كان إبادةَ جماعية ؟!!!

دمتم في حفظ الله و رعايته 
الدين شيخ حسن 
مركز ليكولين للدراسات و الأبحاث القانونية . ألمانيا 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات