القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

قراءة في كتاب: آطلالة في رواية سماء سقطت من حضني للكانب الكردي السوري ماهر حسن

 
السبت 01 تموز 2023


نصر محمد / المانيا 

لرواية جنس ادبي وفد علينا من خارج المنظومة الإبداعية، نحن امة شعر قبل كل شيء، ولو ظهرت عندنا التغيرات السردية كالخرافة والاسطورة والطرفة والنكتة، ظلت كل هذه الإبداعات
خارج حدود الرواية في الشكل الغربي الذي لم نعرفه إلا خلال القرن الثامن عشر الميلادي، مع احتكاكنا بشعوب الغرب وثقافاتهم .
وقد حاول المبدع العربي محاكاة هذه الرواية الغريية فأجاد وانتج للسرد العالمي نصوصا تضاهي في جودتها ما كتبه اشهر الروائيين الذين كتبوا بلغات الغرب، وسأكتفي هنا بالروائي المصري نجيب محفوظ الذي حصل على جائزة نوبل الشهيرة بفضل اعماله الروائية والتي حازت شهرة كبرى في الغرب عندما ترجمت الى اللغات المشهورة في العالم، وامثال نجيب محفوظ كثر بين الأدباء والروائيين الأكراد الذين يكتبون بالعربية امثال سليم بركات، ابراهيم يوسف، جان دوست، ابراهيم محمود،


والروائي ماهر حسن الذي نحن بصدد قراءة روايته سماء سقطت من حضي، وامثالهم كثيرون، عذرا للذين لم ينذكر اسمائهم هنا

قبل عدة ايام وبعد تناول اللحم بالعجين في محل رودي عنترات بمدينة ريكلنهاوزن الألمانية برفقة الصديق زبير كامل الذي رافقني الى محطة الحافلات، ركبت الحافلة المتوجهة الى مدينتي ( هيرنه ) 

لمحت رواية سماء سقطت من حضني في يد صبية جميلة، دفعني فضولي وسألتها كيف احصل على هذا الكتاب، قالت سوف ارسل لك رقم هاتف كاتبها وعليك التواصل مع معه 
بالفعل بعد وصولي الى المنزل تواصلت مع الكاتب ماهر حسن، وبعد اسبوع حمل الي البريد الكتاب وكان لي هذه القراءة المتواضعة 

قبل ان ادخل الى عالم القراءة من بابها الواسع علي ان اعرف القارئ على الكاتب 

ماهر حسن

– كاتب روائي وشاعر كردي سوري.

– مواليد عام 1990.

– أنهى دراسة الإعدادية والثانوية في قامشلو.

– التحق كلية الطب، بسبب الحرب اوقف الدراسة.

– التحق بكلية الهندسة في ألمانيا.

– حاليًا يعيش في ألمانيا.

– يتقن اللغات العربية والألمانية إلى جانب اللغة الأم.

– صدر له:

«عابرون من الشمال» كتاب دراسات
شعر باللغة الكوردية باللهجة الكرمانجية بالأحرف اللاتينية Keniya Te.
«سماء سقطت من حضني» رواية عن دار النخبة.
دراسات عن كوردستان سوريا باللغة الكوردية باللهجات الصورانية والكورمانجية والبادينية، لم يعلن عنها حتى الآن.
كتابة المقالات في مواقع معروفة مثل روداو و كوردستان 24 وباسنيوز الخ

ماهر حسن يطل بروايته سماء سقطت من حضني، القطرة الأولى من غيث كلمة، فتخرج القريحة لتعلن تمردها إجلالاً، لتكسر السكون وتعطي الرواية الحديثة جزءاً من حقها .

قرأت الرواية بشغف بسبب لغتها الإنسيابية السلسلة واسلوبها المشوق، حيث تجذب القارئ لمعرفة المزيد من من إحداثها وسيرة بطلها ومصيره .

ها هو الكاتب ماهر حسن في روايته سماء سقطت من حضني الصادرة عن دار النخبة للنشر والتوزيع بالقاهرة، وهي عبارة عن ستة فصول على امتداد 135 صفحة من القطع المتوسط،

تتناول الرواية بدايات زمن الثورة والحرب، من خلال حكايته لجارته الأرمنية ماريا والتي تعرف عليها من خلال دراسته في كلية الطب بحلب، من خلال أحداث مؤلمة علقت بذاكرته واخذ يستحضرها فيقول : 

(لقد كان سقف سوريا منخفضاً جدا الى درجة اننا كنا نمشي ونحن ننكس رؤوسنا وننحني، لم يعترف احد امام نفسه ان مثل هكذا وطن لا يستحق كل هذا الانحناء، اذ يموت به وفيه، وفي كل محطة لا بد أن يبدأ من جديد،
لا احد يعترف أنه الخاسر، ويبدو انه كتب على الناس ان يظلوا عشاقاً، لكن غير مسموح ان تسمع لحزنهم صوتاً، ومحرم عليهم الهروب، وحتى ان هربوا فلا توجد حياة خارج الوطن، 
اقتربت منه جارته المسنة الأرمنية وهي تتكئ على عكازها وترتتجف من الكبر)

كي تكون اديباً، عليك ان تكون مثقفا، كاتبنا ماهر حسن نعم المثقف، حيث اخذنا معه بلباقة الكاتب التشيكي فرانز كافكا وروايته التحول، مرورا بالروائي الكردي ابراهيم اليوسف وروايته جمهورية الكلب، معرجا على الروائي جان دوست وروايته دم على المئذنة 

يتلقى نبأ مرض والدته في مكان نشأته القامشلي، مما يضطر ويحازف بالسفر للإطمئنان عليها فيقول: 

(لا .. كان هناك ظرف قوي له اثر كبير في سفري الى قامشلو، تركت كل شيء في حلب، وعدت الى قامشلو، او كما يسميها اهلنا من الديانة المسيحية قامشلي، هنالك، عدا الحب اشياء أعظم شأناَ واكثر اهمية، ألا وهي الأم، لقد قرر الأطباء إجراء عمل جراحي لوالدتي، مما إضطررت الذهاب اليها) 

بعد الإطمئنان على والدته يقرر دلجان الرجوع الى حلب للدراسة عن طريق دمشق، حيث يعتقل ويزج بالسجن لمدة سبع سنوات 

يقول : (انطلقت بنا الحافلة حتى وصلنا الى تخوم مدينة حمص، وعندما بلغنا نقطة التفتيش ساد صمت عميق، دخل بعض العساكر الى الحافلة وخلقت ضجة وبلبلة وخيبة امل كبيرة، اذ ليس في وسع المرء ان يتخيل هذه الصورة المشمئزة، اتجه احدهم الى رجل مسن يجلس في القرب مني، لكمه في صدره، لكمة قوية، وصاح الضابط يقول وهو ينفجر مقهقاً على العسكر : اتريد ان تبارز هذا العجوز؟ 
فشعر الرجل انه يهان فصاح قائلاً: 
ولكن ما هو الشيء المضحك،
الضابط بنبرة غليظة؛ لا شيء البتة، لقد تصرف سليماً لا غبار عليه )

قبل ما يشمله العفو الرئاسي يتلقى نبأ وفاة والدته فيعود الى مدينته قامشلو فيقول : 

(بت احدق في عينيه مستغرباَ، كيف احمر وجهه احمراراَ شديداَ، واخذت شفتاه تتحرك ببطء، كما تلم بمريض تشنجات خفيفة، وهو يرمقني بنظرة قلقة، وضمني متهالكاً الى ذراعه، 
لقد رحلت امي، 
توفيت 
نعم توفيت، وكانت وصيتها ان نكتب على شاهدة القبر، (هنا ترقد ام تتنظر ابنها المعتقل)، هكذا صاح اخي وهو يقف في وسط الشارع بلهفة خانقة، وتابع كلامه قائلاً، 
الموت امر لا بد منه، ولا مفر منه) 

بعد وفاة والدته قرر دلجان الرجوع الى حلب والبحث عن حبيبته جاني ابنة كوباني، حيث يجدها في عفرين التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة الذين سلموها للاحتلال التركي،،يقول :

(لم استطع ان استخلص كثيرا ما قالته، الا انها تسكن من ساحة البازار في عفرين، لقد شعرت بشيء من الأمل حين بدا لي انني غير عاجز، وانا اتكلم امام سوز، وكأنني اقول ها انذا ابدأ حياة جديدة على حين غرة خاصة، فكانت فكرة البحث عن جاني تشجعني، وكانت تبهجني) 

يتابع ويقول : 

( جلسنا الى العجوزين الى ان سمعت صوت الباب، قمت من مكاني ونهضت واتجهت صوب الباب، لمحت جاني امامي، وراحت تنظر الى وجهي محدقة خلال دقيقة بكاملها، بعدها احمرت فجأة، لاحظت هذا وكنت سعيدا، ومرتبكاً جدا، لم اكن املك القدرة على التركيز، ثم راودتني في تلك اللحظة ان اضمها الى صدري في ان ادع كل شيء من حولي حيث هو، والى الأبد )

بعد ما وجد دلجان حبيبته جاني قررا الذهاب الى تركيا ومنها الى المانيا، ليفقد حبيبته جاني وهي تغرق في البحر، ليسقط كل احلامه يقول : 

(تبدل مظهر ذاك الذي يقود الزورق في منتصف البحر وسط الأمواج الهائجة، اذ انه صوب نظرات عينيه الينا، هو شعر بالإرتباك الشديد قاتلا : انتهى الوقود في المحرك، 
تكسو مسحة من الخوف وجه الجميع صرخ في وجهه احد الركاب الجالسين في مقدمة المركبة، قاتلاً : ها قد تسرب الماء الى الزورق،
شعر الجميع بالقلق والإنقباض لحظة قصيرة، التقطت فيه انفاسي، ثم استطردت قائلاً، وانا امسك بيد جاني : لا تخافي سننجو معاَ، لم انته من كلامي حتى بات زورقنا فريسة سهلة للأمواج العاتية والغاضبة، قذفت بنا في البحر، لا نرى شيئا سوى صراخ وعويل وبكاء حتى بدأت المياه تلتهم الواحد منا تلو الأخر،
بدأت اصرخ بأسم جاني بصوت تشيع في نبرتي رنة شديدة وسط البحر، لأتمكن من العثور عليها، حاولت كثيراَ وفشلت) 

في الختام : 

الرواية كتبت بلغة بسيطة وعبارات سهلة فهي من نوع الكتابة السهلة الممتنعة، القارئ سيجد نفسه امام نص مختلف، رغم الأحداث الكثيرة التي يواجهها الكاتب، انها ثرية بالأحداث المشوقة والمفاجئات العاصفة،

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات