قراءة متانية لهذه الفقرة تجعلنا نسأل الاستاذ فاروق : هل العمال الكردستاني بهذا الحجم و الوزن لكي يكون سببا في كل هذه المصائب؟ الا يحفزنا للتفكير مليا في قوة و شكيمة هذه الحركة التي شاء الحاقدون أم أبوا تقاتل و تناضل منذ ما يقرب من ربع قرن و هي في أوج قوتها و عنفوانها ؟ عن أية ويلات تتكلم يا سيدي و العمال الكردستاني ضحية سياسات حكومة الاقليم ابتداء من اغلاق مكاتب لاصدقاء له حتى في بغداد و مناصرين للقضية الكردية في تركيا الى منع وصول المؤن و الأرزاق و الأدوية لمداواة ليس جرحاهم و انما سكان القرى و القصبات المتاخمة لمعسكراتهم بحجة تعاطفهم مع فكر العمال الكردستاني و ايوائهم لعناصره و مقاتليه مرورا بالتنديد و الوعيد لهم من قيل شخصيات مهمة في الساحة الكردية و العراقية بمن فيهم السيد جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق .كيف يفسر هذا السلوك الاقليمي باغلاق مكاتب لأحزاب كردستانبة عراقية (حزب الحل الديمقراطي ) التي تأسست حسب الدستور العراقي و لاتتنافي مع قوانين العراق و الاقليم بحجة أنها موالية للعمال الكردستاني و مصدر قلق للدولة التركية في الوقت الذي لم تقدر تركيا بقونها و جبروتها اغلاق حزب المجتمع الديمقراطي وهو يناضل في قلب تركيا الذي يشكل امتدادا واضحا لحزب العمال لا بل الجناح السياسي له ؟ لماذا الترحم على الجنود الاتراك و هم في المبيت و أنت تعلم حق العلم ما اقترفته أيادي هؤلاء الجنود بحق المقاتلين الكرد و ما اثير من ضجة في الاعلام حول تعذيبهم و التمثيل بهم . أما فيما يخص اعادة الحميمية بين الأتراك و الأمريكيين هذا خداع للنفس و من قال لك يا سيدي ان أمريكا ليست حميمة مع تركيا ما عدا الاعلام الكردي الذي لا يخلو من السذاجة و السطحية في محاولة منا اقناع انفسنا . ثم ما علاقة الاتفاقية الامنية بين بغداد و أنقرة بهذه العملية و انت تعلم ان الاتفاقية قائمة و سارية المفعول شاء الكرد أم أبوا لكن يا عزيزي ان كنت متابعا للشأن السياسي و التطورات الاخيرة على الساحة التركية لتيقنت لا بل صدمت من هول هذه العملية على الجيش و الحزب الذي تتوددون اليه و تكيلون له سيل المدح و الغزل الذي ولى زمنه . ثم تصرح بأن العملية أساءت للعمال الكردستاني و هذا ما لا يقبله العقل و لا يرضيه الضمير و الوجدان , فالكل في تركيا و خارجها يتحدثون عن التكتيك الذكي و حجم الدمار و الخراب المعنوي و السياسي حتى وصل الأمر بهم اتهام العمال الكردستاني يتعامله مع استخبارات أجنبية و حصوله على معلومات دقيقة عن موفع الثكنة و عدد الجنود المتواجدين فيها لذلك فالعملية أصابت الهدف بنجاح دون خطا يذكر .لم يشفى غليلك لتخلص بالقول أنها كانت عملية فاشلة و لم تتعدى سوى قتل بضع جنود نائميين في مبيتهم و كأن الكردستاني المعتدي الآثم و الجنود الأتراك لا ذنب لهم و لا اثم . أن يصل بالمثقفين الى هذه المقاربة اليائسة و التي تبدي عطفها و أسفها عن قتل جنود لا حول لهم و لا قوة حسب ادعائهم مع التنديد بالطرف الكردي الذي أجبر أن يحمل السلاح دفاعا عن شرف الكرد و هويتهم و كرامتهم ليس الا تحول نوعي في هذه الثقافة المتوارية عن الانظار و موقف مخزي ان لم يكن دفاعا مستميتا عن السياسة الطورانية ليعكس نرجسية المثقف الكردي و عجزه عن التحليل القائم على التفريق بين القاتل و الضحية . ما يبعث على الشك و العجب هو هذا الموقف العدائي و السلبي من كل ما يقوم به حزب العمال الكردستاني , فان ترك السلاح و دعا الى حل القضية الكردية بالسلم و الحل الديمقراطي تراهم ينبروون بالشتم و السباب عليه لانه تخلى عن الكفاح المسلح و خان وصايا شهدائه متنازلا عن الاهداف و المطالب التي بني و تأسس من أجلها العمال الكردستاني ثم استسلم للعدو في نهاية المطاف . في الطرف النقيض ان قام باعمال عسكرية يتهم بانه يعاني من قصر في النظر و يقتل الابرياء و يسيئ لحكومة الاقليم الى ما لا نهاية من الحجج و الأقاويل التي من شأنها تبرئة اتهاماتهم و دحض سلوك و تصرفات العمال الكردستاني ما لا نجده في تقييم سلوك اقليم كردستان و كأن كل شيئ منزل من السموات العلى لا يمس , بحجة ان الاقليم فتي لا يجب أن ندخله في صراعات مع من يجاورنا و يغدق علينا العطاءات و المساعدات المادية .علاوة على ذلك حري على الكرد في بقية الاجزاء الا يعكروا صفو الاجواء بين حكومة الاقليم و الحكومات المضطهدة للكرد و تاجيل نضالاتهم الى اجل غير مسمى يحدده كرد العراق الذين حاولوا و يحاولون تدجين هذه الحركات الكردستانية و تقزيم دورها في النضال التحرري الكردستاني بحجة الوقت لم يحن بعد و الخسارة تفوق الربح في حسابات خسيسة و رخيصة ليست ورائها سوى الانانية المفرطة و المصالح العشائرية الضيقة الحزبية التي اصبحت وبالا على الفكر التحرري و عائقا أمام ولادة أمة غدر بها الزمان . من سخريات القدر أن تنبري أقلام الكرد طوعا و علانية للدفاع عن جرائم الطورانيين هذا موضع تساؤل و اندهاش . يتابع كاتبنا المبجل في معرض تعليقه على تلك العملية بالآتي :
يمكن القول إن العملية تلك صارت بمثابة لي الذراع في السياسات الكردية وذلك لعدد من الأسباب:
أولا: إن اكراد العراق في حالة سياسية سيئة مع حلفائهم العراقيين. ولعل الخلاف بين الأكراد والمكونات السياسية العراقية حول أداء الحكومة وعدم تطبيق المادة الدستورية (140) المتعلقة بكركوك لا يقبل أن يزيد من أعبائهم السياسية. ودون أدنى شك فأن مثل هذه العملية ستؤثر على الوضع وفي النقاشات بين المكونات الكركوكية، خصوصا إن بعض الأطراف الكركوكية تراهن على تركيا وعلى مواقفها فيما خص كركوك ومستقبلها. أنسينا كيف تقف "الجبهة التركمانية" في وجه سياسات الأكراد وتستقوي بموقف تركيا؟
ثانيا: وضع أكراد تركيا بالذات لا يتحمل أي اهتزاز وهم لا يريدون أي خلل، خصوصا في هذه الفترة. ولعل العملية الأخيرة أساءت لأوضاعهم، وزادت من الشرخ بينهم وبين الشارع التركي في الوقت الذي تقف بعض المؤسسات الحقوقية إلى جانب حقوق الأكراد المشروعة.
ثالثاً: أتت العملية لتؤثر سلبا بشكل مباشر على حزب "المجتمع الديمقراطي الكردي التركي" - له 22 برلمانيا في برلمان تركيا – وذلك بتحريك العواطف وفي الرأي العام التركي ضده. ومن المعروف ان المدعي العام التركي طلب حظر حزب "المجتمع الديمقراطي الكردي"، ويتوقع أن تتخذ المحكمة الدستورية قرارها بشأنه قريبا، وهذا سيدفع الرأي العام التركي إلى المطالبة بحظر الحزب بتهمة جاهزة وهي وقوفه إلى جانب "الإرهاب". كان يقع على عاتق حزب العمال أن يوسع من الشروخ بين الحكومة والجيش، وان يسعى لاستغلال المواقف الإيجابية للحكومة أردوغان وليس العكس. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الان بقوة، لماذا "طنّش" العمال الكردستاني مواقف أردوغان الذي أعلن لمرات بأنه لا ينوي التورط في المستنقع العراقي؟ ماذا فعل حزب العمال عندما قال أردوغان، رداً على مواقف الجيش، "هل انتهينا من ألاف العناصر العمال في داخل تركيا حتى نقوم بعملية عسكرية في كردستان العراق للبحث عن 3 ألاف عنصر في أماكن وعرة وعصية؟".
. لعمري ما رايت تحليلا بهذا القدر من السذاجة و السطحية و ذلك للأسباب التالية:
أولا : فيما يخص سوء العلاقة بين الكرد و حلفائهم العراقيين من السنة و الشيعة انما سببه الموقف الضعيف للكرد و عدم وجود سند لهم و تخاذل الأمريكان في بعض القضايا استجابة لنداءات اقليمية سنية كانت ام شيعية ,لذلك موقف الكرد ضعيف لعدم وجود دعم اقليمي و دولي لهم لا بل اصبحوا ضحايا العلاقات الدولية و الاقليمية , كان من المفترض أن تكون العلاقة اقوى بين الاطراف الكردستانية و خاصة العمال الكردستاني الذي له حضور و نفوذ في كردستان العراق و ما اللقاءات الاخيرة بين وفود مختلفة لتركيا مع مسؤولي حكومة الاقليم الا نتيجة لرفع وتيرة العمليات العسكرية لحزب العمال في العمق التركي و تكبده لخسائر فادحة .
ثانيا : ثم من قال بأن كركوك ستحل بهذه السذاجة و البساطة و من قال ان تركيا ستقدمها للأكراد على طبق من ذهب , لكن ما يثبت عكس هذه النظرية هو كلما كانت تركيا منشغلة بداخلها و مهمومة باطفاء نيرانها كان تدخلها في شؤون كركوك شكليا ان لم يكن معدما , فزيادة وتيرة العمل المسلح في تركيا يصب الماء في طاحونة اقليم كردستان مما يسهل لمكونات كركوك التوصل الى حلول بعيدا عن التداخلات الخارجية و التي تشكل تركيا اللاعب الأقوى قي هذه الساحة . ثم ما هذه المعلومات و من أين لك الادعاء بان أكراد تركيا وضعهم حساس و لا يتحمل هذه النوع من العمليات , لماذا هذه الافتراءات هل لهم وضع خاص معترف به أم أنهم حصلوا على بعض المكتسبات من حكومة أردوغان و العملية أتت لنسف كل ما منحوهم و التباكي على الرفاهية التي كانت يتمتعون بها سكان كردستان الشمالية , من الناحية السياسية وضعهم يزداد سوءا و حكومة العدالة و التنيمة تحولت الى دولة الظلم و التخلف و الرفض المطلق لكل ما هو كردي حيث العمال الكردستاني يبقى منظمة ارهابية و تهمة الانتماء لها تتصدر لا ئحة التهم في القضاء و المحاكم التركية ثم ان كنت متابعا للشأن التركي الداخلي يلاحظ حجم الدجل و النفاق الذي تتمتع به هذه العصابة و التراجع المفاجئ لسياسات أردوغان حيال القضية الكردية على مسيرة السنوات الأخيرة .أخيرا و ليس آخرا من فمك أدينك يا استاذ فاروق مادامك تصرح بعظمة لسانك أن الجبهة التركمانية تستقوي بتركيا فلماذا لا تستقوي أحزابك الكردستانية بهذا الحزب المحارب من قبل تركيا .
ثالثا : يا سيدي لا توجد مؤسسات مدنية تركية تقف الى جانب القضية الكردية لكن هناك مؤسسات المجتمع المدني و التي هي بالاصل ثمرة النضالات الطويلة للكرد و أصدقائهم ولكي أكون صريحا معك أنها مؤسسات رديفة لحزب العمال حصرا و تركيا عاجزة على اقفالها أو بالأحرى القضاء عليها لذلك لو اطلعت على المقال الأخير للعالم التركي و صديق الشعب الكردي الاستاذ اسماعيل بشيكجي لوصلت الى قناعة مطلقة ان الامور ما تغيرت و ذهنية الاقصاء ما زالت مترسخة في عقول و قلوب الغلاة الشوفيينيين سياسيين كا نوا أم مثقفين فضلا عن العسكر الذين يرفضون رفضا تاما مناقشة هذه القضية و ضياع الوقت من أجلها . و هذه المكتسبات جاءت نتيجة جهود جبارة و عمل بطولي لنضال يناهز ربع قرن و نيف من التفاني و البطولات الخارقة التي ان لم تكن لانقلبت الآية لصالح الآلة الطورانية التركية و مشاريعها الشوفينية علما أن شرط الحفاظ عليها يكمن في بقاء هؤلاء الكوريللا في جبال كردستان و ما المحاولات الرامية للقضاء عليهم و اخراجهم من معاقلهم لهو دليل صريح و قطعي و مطلق على صدق هذه المقولة و اقتناعهم أن القضاء على حزب المجتمع الديمقراطي و كل المؤسسات الموالية لهذه الحركة يمر عبر جبال كردستان ما عداه ليست هناك قوة تستطيع أن تزحزح الموقف قيد أنملة .
أما بخصوص حزب المجتمع الديمقراطي و تاثره السلبي بهذه العملية فهي حجة ضعيفة و لا تتحمل النقد و الرد لان التجارب السابقة أمام أعيننا واضحة فقد أغلق عشرات الاحزاب قبله بسبب و بدونه تحت حجج واهية و فرضيات جاهزة و معلبة هدفها القضاء على ارادة الشعب الكردي و اخصائه سياسيا ليبقى رهينة سياسات الاحزاب التركية التي تقترب من هموم الكرد و معاناتهم طبقا لأهوائهم و أمزجتهم و اللعب بمشاعرهم للحصول على عدد أكبر من الأصوات و المقاعد في مجلس الشعب ليس الا و خاصة في الحملات الاعلامية الرخيصة التي و للاسف نصبح دوما من ضحاياها الساذجين الى يوم الدين .
رابعاا: يا سيدي من قال بان العمال الكردستاني طنش مواقف ايجابية لأردوغان و ليس العكس و أية مواقف ايجابية تتحدث عنها , ان كانت في جعبتك فآتني بها , طيب لماذا أنت مغرم و مهووس بقلب الحقائق , ارأيت في تاريخ دولة العسكر تطابق في وجهات النظر بين الجيش و الساسة مثلما يحدث الآن بين حزب أردوغان و المؤسسة العسكرية ؟ ألا يعني لك شيئا التصويت الذي جرى في قاعة البرلمان على دخول الجيش أراضي العراق و كردستان في وضح النهار على مرأى و مسمع العالم كله دون أن يحرك أحد ساكنا و صوت عليه مجموع الأحزاب التركية العلمانية و الدينية ما عدا نواب حزب المجتمع الديمقراطي ؟ , لماذا تتناسي مواقف العمال الكردستاني في نداءاته المتكررة لوقف نزيف الدم و استجابة لمقترحات أكراد العراق و على رأسه الرئيس مسعود البرزاني , ما هو معلوم ان اردوغان و حزبه لم يتقدما قيد انملة بخطوات ايجابية حيال قضية الكرد في تركيا و التي يشكل العمال الكردستاني اللاعب الأساسي الوحيد في هكذا قضية فالمكاسب الني انت بصددها ليست من عطاءات أردوغان بل أخذ و حصل عليه بالقوة , بخصوص التصريحات التي يطلقها فهي لا تتعدى سوى كونها اعلانات فظة و تصاريح غير مسؤولة غايتها امتصاص غضب الجماهير و خداعا أو تحايلاعلى المجتمع الدولي ليس الا, زيادة على ذلك خطر أردوغان و حزبه و فكره على مجمل القضية الكردية أوسع مما تتوقع كونه يحاول استغلال الشعور الديني عند الكرد لتمرير مشاريعه الاتاتوركية فلا يغرنك كلماته المعسولة لانها مدسوسة بالسم القاتل .
خلاصة ما قلناه يمكن ايجازه على الشكل التالي :
حري على المثقف أن يكون صاحب موقف متوازن رصين و حيادي قائم على معطيات حقيقية لا اجتهادات نظرية يظن أنها تصيب الحقيقةالتي لن يتجرأ أحد التصريح بامتلاكها مهما كانت عبقريته و ثقافته و موضوعبته , فالتاريخ لا يرحم و يجب أن لاتكون رؤيتنا للحدث نابعة من زاوية ضيقة و واحدة كما هو متبع , علاوة على السعي المتواصل بعدم اعطاء الفرص للغرائز اللانسانية و الاحاسيس الرقيقة و الكاذبة في غالبيتها أن تسير عقولنا او تبعدنا عن موضوعيتنا التي نتغنى بها ليل نهار , فالادعاء بأنها قناعات مطلقة و حقائق لا تقبل الطعن و النقد ضعيف الحجة فكم من علوم و علماء طواهم النسيان و كم من نظرية وضعت بجهود الملايين و لعبت دورا أساسيا في تحريك التاريخ الا أنها لم تستطع الصمود أمام التطورات المتسارعة و حقائق جديدة أكثر متانة و صلابة لأن المثقف يعكس مهمتين اساسيتين في شخص واحد لا معنى لاحداها دون الأخرى , فهو من ناحية يمثل التنوير و الابداع و المعرفة و الوجه الآخر يمثل الموقف الانساني النبيل القائم على العدالة و المساواة و الانسانية التي تمثل القيم المثلى لكل حضارة و عصارة الجهد الانساني بغض النظر عن الزمان و المكان و عن الشخوص التي تترك بصماتها واضحة على سير هذه الأحداث .
ملاحظة : المقال المنشور تحت هذا الرايط بعنوان هل أخطأ حزب العمال الكردستناني للكاتب فاروق حجي مصطفى
http://www.welate-me.com/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=4531&mode=thread&order=0&thold=0