هل ستتراجع تركيا عن اجتياح غربي كوردستان - الجزء الثاني
التاريخ: الأربعاء 08 حزيران 2022
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس

  نحن، الحراك الكوردي، بكل أطرافه، الإدارة الذاتية، والمجلس الوطني الكوردي، بأحزابهما، وقوات قسد، وتوابعها، والأطراف الأخرى المهملة أو المعزولة بتخطيط، نضرب بالمندل، نحلل ونخمن، ونتناسى الأهم، بطرح الأسئلة:
 هل تركيا ستجتاح المنطقة أم لا؟ 
هل ستوافق أمريكا وروسيا أم لا؟
إن كان هناك فعلا خط أحمر فإلى متى سيستمر؟
 هل مصالحهما تسمحان لتركيا وأدواتها بالاجتياح الأن، أم بعد فترة، وكم هي طول هذه المدة؟ 
الأسئلة على هذا المنوال بالعشرات، تلاحقها التحليلات، للواقعين الإقليمي والدولي، دون فعل، وعلى أسسها نوسع شرخ الخلافات الداخلية، ونعمق الكراهية، أوصلت ببعضنا إلى تفضيل الاحتلال التركي على الإدارة الذاتية، وعرض قناعات على أنها ستساعد على إحلال بديل كوردي مكان الـ ب ي د.


 طوال عقد وأكثر نتحرك في دوائر مغلقة، ندمر بعضنا، مقابل ما يفعله أعداءنا بقضيتنا، وفي مقدمتهم الدولة التركية التي ترسم استراتيجيتها على مقاييس الدول الكبرى، تحاور أمريكا وروسيا كراعية للعالمين الإسلامي والتركي، تخرق الخطوط الحمر عند حضور القضية الكوردية، بعدما تكون قد درست كل التوقعات في البعدين الاقتصادي والسياسي، لا تهمها فيما لو نجمت عنها حصار اقتصادي أو تقليص دبلوماسي، ففي ذهنية القوى الطورانية لا قيمة لها مقابل القضاء على القضية الكوردية أو أية إدارة لها صفة كوردية. 
لكننا ولكوننا حراك مشتت، لا نملك أدنى إمكانيات تجاوز المصالح الأمريكية أو الروسية، وإملاءاتهم، ولا نتجرأ التحاور بسوية أعلى من أدوات عند الطلب، فالعقوبات ستكون وخيمة قد تؤدي إلى ضياعنا. جميعنا نتذكر كيف درجوا حزب العمال الكوردستاني والديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، تماشيا مع مطالب تركيا، وبالكاد تم إعفاء الديمقراطي والإتحاد الوطني. كما ولا تزال نتائج الاستفتاء واضحة أمامنا، وخسارة الإقليم الفيدرالي الكوردستاني ثلث مساحته، وكذلك احتلال عفرين وما بعدها من المناطق.
  بإمكان تركيا أن تخلق الحجج والمبررات من العدم، لقدراتها الإعلامية والدبلوماسية الواسعة، على سوية دولة كبرى، وبإمكانها أن تحرك أدواتها في كل لحظة، للاعتداء على المنطقة الكوردية، لتحرض الإدارة الذاتية وقواتها على الرد، وتعرضها على الدول المعنية كخرق للأمن واعتداء على حدودها، وهو ما نراه في منطقة منبج وريف حلب الشرقي.
  وعلى خلفية هذا التلاعب (أبلغ نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السفيرة (ليندا توماس غرينفيلد) بأن خطر الهجمات الإرهابية ازداد من منطقة سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال سوريا، مضيفاً أنه لا يمكن توقع أن تظل تركيا غير مبالية حيال هذه الهجمات وحيال دفع الأجندة الانفصالية في المنطقة).
فكان الجواب الدبلوماسي الباهت من وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن في المؤتمر الصحفي المشترك مع الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، قائلا أن "القلق الكبير الذي يساورنا هو أن أي هجوم جديد من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي، وأن يوفر للأطراف الفاعلة الخبيثة إمكانية لاستغلال عدم الاستقرار". وأضاف: "إنه أمر نعارضه".
كما وأضاف بأننا "لا نريد رؤية أي شيء يتعرّض للخطر الجهود التي بذلناها لإبقاء تنظيم داعش في الصندوق الذي حبسناه فيه".
قابله رد من أردوغان ذاته يوم الأربعاء الماضي، قائلا: 
"مزقنا الممر الإرهابي المراد تشكيله على حدودنا الجنوبية من خلال عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام ودرع الربيع وقفل المخلب" وكان توضيح على ما تم التخطيط له في بدايات عام 2014م، وتأكيد على أنه سيستمر، أي سيمنع إقامة كيان كوردي أي كانت القوى الكوردية الحاكمة. 
 وعلى الأرجح، ومن خلال التصريحات المتتالية من أردوغان ومسؤولي حكومته، ستكون هناك المرحلة الخامسة ما بين دجلة وقامشلو وحتى عمق تل كوجر ورميلان، وحيث منابع النفط، والتحكم في حركة المرور بين الإقليمين، وحصر الإقليم الفيدرالي الكوردستاني، بحيث تصبح تركيا مخرجه الوحيد، على خلفية الحصار المفروض على إيران، والخلافات المستدامة بين بغداد وهولير. 
والمتوقع أن يعمل عليها في حال نجح في المرحلة الجارية، والتي ستتضمن ملئ الفراغ، وبناء المستوطنات وتوطينها بالمهاجرين العرب؛ بقدر ما يتمكن منه، فيما لو لم يحصل تضارب بينه وبين المصالح الأمريكية والروسية في المنطقة. 
وعند الحاجة، ستبدأ المعارضة السورية بخروقاتها الأمنية ثانية، فكما نعلم ومنذ سنوات لم تعد المعارضة تهاجم النظام، وجل حروبها موجهة ضد قوات قسد والإدارة الذاتية، وستقوم تركيا بفتح حوارات جديدة مع الدول المعنية، بعد خلق الأسباب، وعرض الحجج المختلفة، والتبريرات للالتفاف على الخطوط الحمر التي قد تبديها أمريكا كما تفعلها الأن، ويتم الرد على تصريحات مسؤوليها.
 تركيا لن تكتفي بما نفذته حتى الأن، وما قد تحتله لا حقا، ونجحت فيها خطوة بخطوة، وتمكنت وبسند روسي إيراني من تدمير أو تأجيل المشروع الأمريكي، فتح ممر لمنطقة وجوده إلى البحر، بل ستنتقل إلى المرحلة الأهم ترسيخ وجودها في المنطقة، وكما يظهر حتى الأن أن المعارضة الأمريكية والروسية محصورة في شرق الفرات، مع الضبابية حول غربها، وتركيا تنتظر كدولة تستفيد من الميكيافيلية، الفرصة المناسبة للانتقال إلى ما يمكن التحاور عليه مع أمريكا حول غرب الفرات، وستسهل لها خلافات الأطراف الكوردية المتصاعدة، وفيما لو لم تجد حلولا وخلق جبهة تتمكن من المواجهة، أو تقنع لجان وقوى الدولتين الكبريين لمنع تركيا من خلق الفوضى بين القوميتين الكوردية والعربية في المنطقة. 
دروس من الماضي:
بغض النظر عن ضحالة فائدة العودة إلى الماضي، ومعاتبة البعض على عدم الاهتمام بما تم تقديمه، وتبيانه، واقتراحه، فكما نعلم، الماضي دروس وعبر، ولكن الحاضر والمستقبل هو العيش والأمل بحياة مرفهة. 
  فقد كتب العديد من الأخوة في قضايا متشابهة، وعرضوا تحليلات وأراء وحلول كثيرها كانت مفيدة لحاضرنا، فيما لو تحاورنا واتفقنا وقمنا بتطبيقها، منها وضحت إشكاليات القضية وكوارثنا، كما وأن بعض الطروحات والمفاهيم خلقت شريحة واعية، لكن كل ذلك لم تتمكن من فرز قوة كافية لإنقاذ الشعب. 
 فعلى سبيل المثال طالبنا في مؤتمرنا المصغر المنعقد في واشنطن بداية عام 2006م والشامل في منتصف نفس السنة في بلجيكا، وتم تشكيل المجلس الوطني الكوردستاني قبل الوطني الكوردي بست سنوات، وطالبنا حينها بالعمل معا في الحقول الدبلوماسية، والمطالبة بنظام فيدرالي لغربي كوردستان ضمن سوريا اللامركزية. وبعدها بسنوات في 12/5/2014م م كتبنا وتحدثنا عن (المؤامرات السرية في الشرق الأوسط) وكانت مسنودة على معلومات من مصادر ذات قرار، على أن مؤامرة تجري للقضاء على غربي كوردستان، وماهيتها، أهملتها اطراف الحراك الكوردي المهيمن على الساحة. أتبعناها بكتابات وتأكيدات أكثر تحديدا ودقة، مع تفاصيل في مقال بتاريخ 11/10/2014م تحت عنوان (الخطة السرية لتدمير كوردستان) والتي تكاد ثلثي ما نوهنا إليه قد تم تنفيذه.
  فما نستنتجه من ذلك أن إشكالية ما يواجهها شعبنا ومنطقتنا اليوم، واحتماليات الاجتياح التركي وأدواتها، وللمرة الرابعة وربما الخامسة لاحقا، نتحملها جميعا، 12 سنة والمنطقة تعاني الويلات، كان من المفروض أن تستمع قوى الإدارة الذاتية لأطراف الحراك الكوردي الأخرى، وتقبل التحاور ومناقشة المفاهيم، لنتآلف على القضايا الرئيسة التي تهم قادم شعبنا ومنطقتنا، ونختار الدروب الصحيحة. 
 فالضعف الذي نعانيه الأن، والمعني هنا أكثر من الجميع قوى الإدارة الذاتية، والمؤدي إلى احتماليات سهولة اجتياح المعارضة التكفيرية بقيادة تركيا لمنطقتنا، أو عودة النظام الإجرامي، نتحملها جميعا، حتى ولو كان بعضنا يتحمل المسؤولية الأكبر على سوية قوتهم وإمكانياتهم. 
على الأغلب، بإمكاننا جميعا تناسي خلافاتنا، حتى ولو لفترة، والعمل معا لمواجهة الكارثة المحتملة حدوثها، إن لم يكن اليوم ففي اللحظة التي ستكون فيها الظروف أكثر ملائمة لتركيا، وقوى الإدارة الذاتية هي المعنية بالأمر.  

الولايات المتحدة الأمريكية
4/6/2022م







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=28409