ديريك وحلم العودة المستدام «8»
التاريخ: السبت 13 تشرين الثاني 2021
الموضوع: اخبار



وليد حاج عبدالقادر / دبي 
خاص لموقع ولاتي مه 
      
بعضهم لامني كثيرا في ارتكازي على مكانية حقيقية وزمن لايزال شخوصه ارواحهم تنبض في عبق عين المكان وبانسجامية تتلاقح في فضاءاتها ازمنة وأماكن وشخوص تعيد بك القهقرى سنين تحكي عن سنين و اناس مروا أثبتوا حضورهم بحيوية ارتبطت مع المكان الذي أصبح الشاهد والراوي ونحن لهم سامعين و .. مجرد مطية عابرة لسيرة أولئك الراحلين .. بيوتات أشبه ما تكون لألبوم من الصور المنتقاة بعناية او شريط لا متناه من سريالية ملأى بحوادث تختلط فيها الطفولة لابل سريالية الحياة والموت .. جميل أن نحتفظ بهكذا بيوتات والأجمل اننا احترمنا ساكنيها ولذكراهم ستبقى انفاسهم تحاكي إثرهم ونحن نستعيد ابدا الأجمل مابقي من اللحظات .. فهل عرفوها ديريك ؟ هل شربوا من ماء نبعها ؟ وأكلوا عنبها ؟ .. هي كانت ديريك وبقيت ديريك كما نحن بترابها نسعى ان نتطهر . 


بالمناسبة وفي العودة إلى ديريك وما آلت إليها ملكيتها فهي أيضا لها حكايتها حيث ان الراحل حج عبدالرحمن عبدالغني ابو خليل جد الشهيد جمعة عبد الغني واخوه الراحل قدري عبدالغني كانا من كبار وجهاء ديريك وملاكيها شراكة مع الكنيسة وقصة الشراكة هذه لازال كثيرون منا يتذكرها حيث كان الشريك الأساس الراحل رزقو جزيري رئيس بلدية ديريك الذين اشتروا الأرض مناصفة  ورزقو وزوجته لم يرزقا باولاد فاتفقا ان تورث حصتهما الى الكنيسة ..كان حج عبدالرحمن هادئا وعطوفا ولازلت اتذكر حنيته علينا اطفال العائلة ككل .

إليها التي ملكت قلبي اولا واينعت فيها ثمارا كانت قد أقسمت أن تجعل تربتها حضنا دافئا تنبثق فيها كأباصيص ورد ظلت مخفية تنتظر ميعاد تألقها المباح تبدأ تتدفق كما ماء ليلاف وخناف تتقطر كما هي ليلان تلك الأنيقة تتبهرج في ذات صباحات عشق تترنم مع صوت القبرات وعلى خرير ماء كان قد تجلد وهاهو يسيل ويسير وتصطك بتلكم الصخور الصماء تنتج صدى لا موج هو ولا موه وقد تأكل ... هي تراتيل العشق الأزلي لصدى الصمت المتصخر ينتج خريرا هادئا كتلك الجميلة تحاكي انعكاس جمالها رونقا في قمر يسطع ببهائه الآفاق والجبال تشي بشموخها كخيال سرمدي وهم ، وهن أطفال كانوا يلتمون في حلقات وحلقات يطوفون الخيام ويرددون ، ترددن هيلا بخير بي بيكا بوهاري وهو المارد في أبهته جمالا وطيفه تهد بطلته عرش افروديت بعد ان هوت عشتار خانعة وإيمانا تتراقص بغنج والقبرات ترتلن وهي .. لا لا .. وهو لا بل هي وان كانت ببهاء خاتينا زمبيل فروش إلا أنها بروعة سينم .. سينم .. سينم و .. ظل الربيع يغني ويغني والغناء تحول إلى هتاف والهتاف إلى أنشودة والأنشودة أصرت أن تدون حكايتها كملحمة ومن جديد بدت هي ليلاف تعانق ليلان وليلان تعانق فضاءات الربيع والصبية يلتمون ويلتفون وصدى ترانيم ذلك الكهل الأبدي يدندن ! .. أجل ! ... نعم ! .. هي ذاتها : سينم كجا بوهارا .. سينم سينم سييييينم ....... ويبقى الصدى يحاكي الصدى وكم من قمع بقي محصورا في قمقم ! .. أجل سينم ؟! كم من سينم ستردد طهرك سينم وكم من سينم سينشدن : .. سينم كجا بوهارا ... 
ترنيمة في ليلة جنونية .. ربما في حنينية طاغية لروحية  مامي آطاش .. 

لعلها من أروع طرائف الخال فرماني بمبي كانت وهو على فراش الموت في يوم قامشلوكي بارد وممطر جدا والهواء يصفع البيوتات والشبابيك والمدفأة تلب منها السنة النار الزرقاء والخال مغطى بلحاف وبطانيتين حينما قدم والدي الى البيت وتوضا وصلى و... / خودي قبيل بكي / قالها خالو فرمان بصوت ضعيف ... تطلع فيه والدي وقال : خالو !! والله لازم عليك أن تؤدي فروضك واذا كان الجو باردا عليك فليأتيك الأولاد بالماء الساخن وتوضأ هنا ... تطلع فيه خالو فرمان وقال / قادي ته نه ديني ؟! / .. قادي ألست بمجنون ؟! رد والدي قائلا : ولماذا ؟! ... قال خالو فرمان : حينما كنت شابا واسبح في الماء المتجلد ما صليت والآن وانا في هذا الوضع وتريد مني أن أصلي ؟! .... ونحن ايها السادة !! أولسنا بمجانين ونحن نطلب من الحركة وحدة الموقف والقرار ؟! .. عندما كانوا في أريحية خربوها وفرقوها !! اليوم راح يطبقونها ؟! ليبس !! داري زوري زاني وستتم ...

ايام زمان لما كان دنحو داوود عضو قيادة فرع حزب البعث في الحسكة ومسؤولا عن قطاع التربية في اواسط السبعينات .. صدف ان رفض تعيننا كوكلاء معلمين وحيث انه ابن المنطقة وملتزم بمسيحيته فقد رافقني صديق للوالد أطال الله عمره الى قيادة الفرع ودخلنا مكتب دنحو داوود الذي رحب بنا كثيرا ورغم ان مكتبه كان ممتلئا الا انه افسح لنا مجالا لنجلس وتقدم صوب مرافقي طالبا كرسيا ليجلس امامه بالضبط وبعد الترحيب وووو نهض بعض من الجالسين ليودعوه فسألهم ان كان باستطاعته ان يخدمهم في امر ما فقال احدهم كنا جايين طالبين مساعدتك لتعيين بعض من اقاربنا كوكلاء معلمين فقال لهم : تعرفون نحن كحزب لا نتدخل بأمور التعيين وماشابه .. هذه شغلة المديرية / يقصد التربية / .. وهنا امتعضت انا وقلت والله طار التعيين .. وبعد السمر ووو استأذن مرافقي لنودعه وقال له انا جاي مشان تعيين الإستاذ / يقصدني انا / رد دنحو / اهلا وسهلا / واكمل / أين تريد ؟! / قلت اية ضيعة قريبة من القامشلي .. قال : قل لي بالضبط اين ... طريق قبورالبيض وقامشلي ... شو اسمك ... ولما نطقت باسمي تسمر وتطلع فيني وفي المرافق ولكنه كتب وبالقلم الأخضر على ورقة صغيرة : يعين .... في احدى الشواغر المتوفرة ! .. وكان النصيب في مدرسة تلت على ما اظن قرية ام المناجير في أقصى جنوبي نهر الخابور  

في الواقع كما هي الحقيقة التي اتلمسها وتراثها أمام ناظريك وانت تتأمل المدينة الساكنة من وراء زجاج نافذتك والنباتات الشاهقة تحاكي غيوم مدينتك كانت وانت ذات يوم صيفي كنت تضحك فرحا بسريرتك وتقول : ها هي بلدتي وقد اعتلى فيها الطابق الثالث هكذا خلتها انت لفندق سمير اميس وكنت كما عوليا الراحل قدري عبدالغني تعتبرها طابقين وهكذا قصر حاجي صالحي كولكي وجاره او قريبه حاجي أوصماني كولكي .. هي الطوابق كنت تخالها علياء في سماوات تتدرج لتلمح من إيقافها - كنت تحلم - رؤية ما خلف تلك المنتوجات في براريها وكرادار او كاميرا مستكشفة فتطلطل منها الجبلين بي خير وبخير و .. كل أضواء هذه المدينة وبهرجتها ما استطاعت أن تزيح ذلك الإحساس المتكلس كحبيبات البازلت وتيبست في قاع الذاكرة وهذه اللمبات المتنورة بأشكال وألوان إلا أن تهيج في شجن من الذاكرة وكبقع ضوء تخفت حينا وتتوهج حتى تراني أخاف من شدة سطوعها وتلك المدرسة كانت تواجه مركز القائمقامية وعمو عبدالمجيد الآذن أو مجيد كما كان يحلو لنا .. هي بدلات الكشافة كانت وأقر بأنها الحسرة التي تلازمني والى الآن : البدلة الخاكي والذي بسببه شتمت ولعنت ودعوت على من كان وراء الغاء الكشافة في السنة التي اصبح يحق لي فيها استلام الخاكي بدلا من الكحلي الغامق ! وكانت ركضتنا حينها الى دكان عمو صليبا وهات اكسسواراتها ، وكل هذه الإستفاضة هي بلاش ببلاش ! أجل هي تلك المشاعل التي كنا نتزود بها قبيل عيد الجلاء بنيسان وللحق فقد برع جيلنا في هذه المشاعل وصرنا نتفنن بها ولكن ! هي احتفالية مشاعل عيد الأضحى وفرق كما - مجاميع الأحياء - والإنطالقة على الأغلب كانت صوب بانه قسر والأصوات فينا تصدح : مشعل مشعل بديرا عيدا حاجيا بخير .. هذا التلازم احتفاءا بالعيد كما نوروز وايضا مناسبات للأخوة في ديانات أخرى عمرها مازادت سوى لحمة رسخها جيل ديريك الأوائل ...







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=27925