ديريك وهاجس العودة المستدام.. (3)
التاريخ: الأحد 17 تشرين الاول 2021
الموضوع: اخبار


 
وليد حاج عبدالقادر / دبي
خاص لموقع ولاتي مه 
 
رغم عدم استيعابي لماهية السواقي والجسور اي طرائق عملها وبنائها الهندسي ومع إقراري برؤيتي لبعضها التي مدت كسواق صغيرة من جم ديريك او باجريق وكذلك المسحوبة منها لطواحين الماء سواء في بانه قه سر او بره بيظة وبرك، ولازلت أتحسس رائحة الماء واشنياته وكذلك السمك الذي تفننا نحن الصبية كنا ذات سنين حيث كان يقف اثنان منا وبيدينا شوال نغطي ذلك الأنبوب الذي وضع ليعبر الماء منه إلى الطرف الآخر دون أن يقطع طريق بوطان ومن الجهة الأخرى كنا ندخل الأنبوب وندفع الماء بالسمكات صوب الشوال وهكذا، وفي الواقع ليس هذا ما أرمي إليه وأعنيه بقدر ماهو (آشي آفي يا دير شه وي) المطلة كانت على (كهنيا عسكريي) في الزاوية الجنوبية الغربية من الثكنة والمطلة على بيت جرمودي وبعض من الكروم الفاصلة بينهما وايضا المحاطة جنوبا وشرقا بكروم العنب واحدة منها أهملت وأصبحت شبه منسية تغطيها انواع مما هب ودب من الأعشاب وبعض من بعض بقايا الكروم وحافظت على اسم مالكها ديرشوي، 


أما باقي الكروم فكانت لجارالله وملا محمدي خليفة وحاجي قادي بربر وحاجي محمدي باجاري وشخص آخر لا أدري إن كان إيرسي أو ديرشوي أيضا، وهذا كله كان شمال الجم أما جنوبه فكانت بخجي حاجي محميدي شمي وبجانبه نبع او كانيا علو ويليه غربا بخجي قدريي عبدالغني  وبخجي حاجي عبدالرحمني عبدالغني، وثلاثة من هذه البخجات كان فيها برك ماء (بربر وباجاري وحجي عبدالرحمن)، ومع أن كل هذه التفاصيل ليست هي التي أقصده ! وحتى لا أخفيكم سرا ؟ فقد ظلت مسألة بداية الساقية الواضحة كانت والقادمة أصلا من جانب جسر القشلة القديم اي من آخر بيوت الشرابية مرورا بالحد من بيت الراحل صبري يي جزيري إلى المطحنة والتي كانت تمتلئ بمياه الأمطار، وكنا نعدها أغنى بقعة إن من بير قلاجك او توزك وحتى قيفار ولعل اهمها كانت نوفلا سي بل او يا جار بل، و عود على بدء : لقد بذل صديقنا عدناني حامد ولن استسيغ الإسم من دون ديركيتها وأقصد عدكي حامدي كولي، اجل لقد مضت سنين طويلة وصلت بنا حتى إلى مراحل الجامعة الأخيرة وهو يصر بأن منفذ الماء قادم من صوب الجسر وعصامي فرماني بمبي والراحل المهندس / خلويي سعيدي بيكي يي يجاكرانه بأنها قادمة من قبلي النبع ولم تشفع شروحات عدكي لعشرات المرات ومثاله إن من ساقية بانه قه سر او سياقية وانبساط الجدول وما نفذ منها الصديق الدمث عدنان إلا بعد مساعدته مع عصام في تصميم كسارة البندق الخشبية وتبصيم عصام بعدها له موافقا و .. هل من رأي مخالف ؟ .. على فكرة : أصبحت حجارة مبنى الطاحونة لفترة طويلة أدوات لهونا إن سي كي لكي او الرمي وغيرها ..
........
في سنة 1975 كنت معلما في مدرسة سيحا الكبيرة ومعي معلم من السلمية اسمه على ما أظن كان غازي زيدان من قرية المفكر الشرقي بالسلمية اضافة إلى الأستاذ عيسى ابن القرية والصديق شعلان يوسف من خربة ديب الذي كان يذهب إلى بيته، ورغم دماثة خلق زميلي إلا انه كان مشبع بنزعة عنصرية ومع تسلل أخبار مفاوضات المقبور صدام وبومدين والشاه وبدء انسحاب البيشمركة، أخذ يتقصد برفع صوت إذاعة صوت الجماهير العراقية وبشكل مستمر وقابلته برفع صوت مذياعي على محطة ايزكي دنكي كوردستان .. و .. للأسف توقفت المحطة بعد فترة وضاجت بي حقيقة غرفة المدرسة التي كنا ننام فيها انا وهو ومعها حتى الكلام البيني .. لاحظ زميلنا عيسى ذلك فاصطحبني ذات يوم إلى طريق سيحا وخربة ديب وقال : وليد افهم هواجس وردة فعلك لأنني أعيشها ولكنني أدوزتها بطريقتي حتى لا ييأس أولادي من جهة وأفسح المجال لامثال غازي فيزيد من حدة الأمن علينا .. بالأمس يمكن لاحظت أن سيارة للأمن العسكري كانت بالفرقة الحزبية خلف المدرسة وطلبوني إلى هناك وكان الحديث كله عنك ونشاطك. . وبالفعل بعدها بيومين جاءت دوريتهم يستدعونني لمراجعة فرعهم بالقامشلي،  وللحق والتاريخ اجزم بالمطلق بأنه لم يكن زميلي السلموني وراء كل الاسئلة التي طرحت علي بقدر ما كانت من محيطي وبعض ممن تابعوا فيما بعد علاقاتهم تلك . وفحوى كلامي اختصارا هنا : كانت نكسة مؤلمة أشبه بنكسة حزيران في العالم العربي، ولكنهم نهضوا منها أخوتنا في كوردستان العراق وهذا ماهو الأهم ان نرتكز عليها تجاوزا لاخطائنا لا الإستمرار في البحث عن مشاجب وإلا فإن الباحث حينها يستاهل ان يصبح مشجب وقد اهترى وأصبح غير قابل مطلقا للإستخدام .. 

....

نعم : بكت البلدة كلها وخرجوا جميعهم نساءا ورجالا واطفالا كثيرون قدموا من القرى المحيطة وحتى من جزيرا بوطان. . مشهد تراجيدي غلبت عليها الدموع الحارقة وغالبيتنا كنا نبكي بحرقة والباصات الطويلة تلك كانت كعادتها تحمل حرقة مجرد دخولها شارع بلدتنا الوحيدة و الوادعة فهي تأتي لسوقيات الجيش كانت وهي الآن قادمة لترحل من بين أحضانها عوائل تشاركونا مع الأجداد سنين طويلة و .. كنا ندرك بأن كثيرين منهم ربما لن يتمكنوا من زيارة هذه البقاع ثانية ، ولعلها هي الأرضية الصلبة التي رسخت في  عليها تعاطفي الكبير مع أي إنسان يقتلع من داره ودكانته رغم ما أثير حينها بموافقة من رحل وإن من لم يرغب بقي وبالفعل كان هناك من بقي.. هي ولنسمها كما نشاء : إعادة الأرمن أو هجرتهم لابل تهجيرهم والباصات قد امتلأت بركابها وسلسلة الناس تجري ورائهم وتتداخل الأصوات والنحيب والبكاء وكل يحاول أن يرسخ في ذهنيته بصمة أخيرة لجار، صديق، قريب والباصات تتحرك ببطئ شديد وأجزم بأن آخر باص كان في ركن بيتي باسيلي سقتين وأجدان علي وأولها على الطلعة بعد الكازية الثانية وبالهوينى كانت الباصات تتدرج ونحن ثلة الأطفال نسعى بكل جهدنا تلقط زملائنا وتوديعهم .. و،، اختفت في النزلة آخر الباصات ونحن نتأمل بعضنا ونعدد:  كم من البيوتات غادرت بلدتنا و .. كم سنشتاقهم وهل ستستطيع المسافات ان تلغيهم من ذاكرتنا .. بثقة أقول لا : فلا زلت أتذكر الكثيرين منهم وسمعت بعد سنين طويلة من بعض الأصدقاء الذين ابتعثوا إلى الاتحاد السوفياتي بأنهم أهلنا الأرمن كانوا وكأنهم لازالوا في أزقة ديريك الحبيبة .. نعم هي ترحيل بعض من ذاتنا كانت ولا أدري إن كان قد بقي بعض من جيلهم الأول حيا ..
....

شخصيا ومنذ عام ١٩٧٨ ويتذكر اصدقائي حينها حيث كنا مجموعة لا بأس بها من الشباب وفي مختلف المناطق ومن مستنكفي احزاب عديدة كان هاجسنا وحدة الأحزاب تنظيميا وبلورة آفاق صريحة للمطلب القومي الكردي خاصة حينما اخذ يتواتر الى مسامعنا وتوجه منظمة العمل الشيوعي / كانت منظمة حينها / الى تبني شعار حق تقرير المصير بما فيه الإنفصال وملامح ايضا عن مفهومية كردستان الكبرى في وقت كان المد الماركسي قد بلغ أوجه وعيا وثقافة وظهورا وبالتوازي خاصة مع دور الحزب الشيوعي العراقي ومنظمته الخاصة بكردستان العراق وتقاطعه ايضا مع حق تقرير المصير، وبالفعل وبرغم الإستهداف لمنظمة العمل الشيوعي سلطويا، إلا أن مجموعة من الشباب الكرد انخرطوا في صفوفها وتعرضوا للإعتقال، وظهر بوادر أمل في الحزب اليساري الكردي / جناح صلاح بدرالدين / والذي كان يستعد لعقد مؤتمره الخامس، وللحق فقد كانت لوثيقته السياسية حينذاك كمشروع برنامج سياسي والوثيقة العاشرة إن لم تخني الذاكرة / مبدأ حق تقرير المصير للشعب الكردي / ورغم انها كانت للمداولات وايضا رغم اعدادها القليلة حينذاك الا ان الحزب ولحجمنا غير القليل مدونا بنسخ عديدة وبعد لقاءات عديدة مع الحزب من خلال شخص السيد عبدالله غالب وليصبح الأستاذ حسن صلة الوصل وكنا نقترب عمليا من توقيت مؤتمرهم، وعلى الرغم من امكانية تفاوضنا وجدالنا للإنضمام ككتلة، إلا أننا آثرنا الإلتزام المبدأي على مجادلات المناصب وبالفعل تسلسلنا في الهرم التنظيمي سنينا يحدونا الأمل بعد أن اصبح حق تقرير المصير مبدأ ... كل هذا السياق وللآن شخصيا لازلت مقتنعا وفي الصميم بهذا المبدأ ولكنها ضمن حدود وقناعات ما أؤمن بها ؟! فهل استطيع وفي هذا السياق وبجبرية اتحكم بها مثلا ان افرضها على غيري ؟! .. سؤال ومن خلال نمطية الجواب سيتحدد مدى فهمي لمسار الوعي الديمقراطي وايضا مدى سكونية وجمود ما آمنت به والفرض الجبري الذي / لربما / قد يمارسه غيري علي .. 
... 
• ملاحظة : السلسلة باسم ديريك وهاجسها وهي تخص انطباعاتي كديريكي وايضا بعض مما جرى معي كوليد حاج عبدالقادر وان اختلف المكان ..







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=27868