الشعب الكوردي في كوردستان الغربية وسوريا…. نحو إرادة حرة وقرارٍ مستقل
التاريخ: الثلاثاء 22 حزيران 2021
الموضوع: اخبار



قهرمان مرعان آغا 

هل يبدو هذا العنوان شعاراً مكتوباً على لافتة رُفعت في مسيرة تعبوية وبعد انتهائها ، تُركت بين أنقاض الاعلام في بيت مهجور أو في إحدى المكاتب الحزبية وتناسى الشعار في زحمة الشعارات والصور وقطع القماش الملونة التي تغطي سماء هذه الساحة الضيقة ، كقطع الغيوم الجافة ، أم هي إرادة شعبية صادقة ، واعية للمخاطر التي يتعرض لها الشعب الكوردي في كوردستان الغربية وسوريا عموماً ، وهل لنا  أنْ نؤكد بإننا بصدد إعادة الشخصية الاعتبارية للحزب السياسي الكوردي وبالتالي إعادة الاعتبار للإنسان الفرد الذي يمارس السياسة والشأن العام في سياقاتها الطبيعية لكل مجتمع حي قادر على حماية نفسه بنفسه والالتفات نحو مصالحه الأساسية بعيداً عن الوصاية والهيمنة .


لا شك أنَّ أي تطور يحصل للقضية الكوردية في أحد أجزاء كوردستان ، يعتبر مجالاً حيوياً وعمقاً استراتيجيا ًفي كل الإتجاهات بالنسبة للأجزاء الأخرى ، كما يعتبر مكسباً قومياً  يجب أن يُلقى الدعم والمساندة ، إنْ استلزم ذلك ، إضافة إلى ما يقدمه ذلك الجزء من مساعدة إلى أبناء بقية الأجزاء ، كما هو حاصل لتجربة اقليم كوردستان الفيدرالي .
لمحة تاريخية معاصرة ، مختصرة :
دأب نظام الدكتاتور المجرم حافظ الأسد منذ انقلابه قبل نصف قرن ، على احتواء معظم القضايا المصيرية الداخلية في سوريا وتجييرها لصالح ديمومة حكمه من خلال التضحية بها وتوجيه الرأي العام لمعظم المكونات نحو خارج الجغرافية السياسية لوطن مفترض على خريطة غير مكتملة في حدودها الشمالية والشرقية سواء بالإشارة إلى الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا أو إلى لواء اسكندرونة وكيليكيا وكذلك في حدودها الجنوبية ، حيث هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل ، بينما عمل على ابتلاع لبنان غرباً ، مع عسر في الهضم في بطن (سوريا الأسد) ، فيما بقي حدود سوريا الشرقية بخطوطها المستقيمة مع العراق مغلقاً بالخنادق و(الهجانة) و مختوماً على جوازات سفر السوريين (يسمح بالسفر....عدا العراق ) بسبب مخاصمة وعداء بعثي ، طائفي ، استمر لحين موت المجرمَين حافظ وصدام  . 
هكذا تمكن حافظ أسد من استثمار منغصات الجغرافيا سياسيأً ، باستغلال ظروف المعارضة العراقية عموماً والكوردستانية خصوصاً بعد انتكاسة ثورة أيلول /١٩٧٥، حيث تأسس الاتحاد الوطني الكوردستاني في دمشق وتطورت العلاقة فيما بعد مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني/ العراق (كان إعلامه يوصف الثورة الكوردية ، بالجيب العميل في شمال العراق)  ، فلم تكن غاية الدكتاتور دعم المعارضة ضد خصمه الدكتاتور المجرم الآخر من وراء الحدود فقط ، بمقدار تآمره على قضية الشعب الكوردي القومية و توجيه أنظار الحركة الكوردية  نحو الخارج ، بمهادنة مباشرة أو غير مباشرة من بعض الأحزاب الكوردية التي راقت لها وضعية السكون والعطالة السياسية والتي كانت تعتبر نفسها بشخوصها وتنظيمها فرعاً أو تابعاً للحزبين الرئيسيين الًّذَين كانا يخوضان مع بقية الأحزاب الكوردستانية كفاحاً مسلحاً ، حيث يحسب لهم ظروفهم الذاتية والموضوعية وعلاقاتهم مع الجوار الجغرافي وهم محاطون بأنظمة غاصبة لكوردستان ، ونظراً لظروف النضال في كوردستان الجنوبية / العراق ولعدم حاجتهم إلى الجهد البشري ، اقتصر مفعول سياسات النظام على تدجين الاحزاب واقتصار مطالبتهم بالحقوق الثقافية والمدنية والنضال من أجل آمال ورغبات اجتماعية وشعارات عاطفية وكذلك ربط بعض الأحزاب النضال القومي بالطبقي والاختباء خلف المصطلح الأخير، بعيداً عن روح القضية القومية العادلة للشعب الكوردي كحصانة من ملاحقة النظام ، مع بعض الاستثناءات في الخطاب السياسي الفاعل ، لبعض الاحزاب الاخرى والتي تراجعت بفعل الانشقاقات في كل مرحلة كان يتبلور فيها مفاهيم الحرية و تقرير المصير كضرورة لتحقيق منجز نضالي من شأنه دفع العمل السياسي السلمي نحو الاتجاه الصحيح .
بعد استلام الخميني الحكم في إيران / شباط ١٩٧٩ تبدَّلت توجهات نظام الأسد نحو الطائفية السياسية أكثر من ذي قبل وهكذا تمكن من استغلال حزب العمال الكوردستاني ، مستخدماً تكتيكاً امنياً خبيثاً ذو اتجاهين ، تمثلا في مواجهة تركيا الدولة السنية في ظاهر الحال والملاذ للقوى الدينية التي واجهت حكمه منذ البداية والأهم من ذلك هو التآمر على قضية الشعب الكوردي في سوريا و إفراغها من مضامينها ومن مقوماتها القومية من خلال ترك المجتمع الكوردي تحت سطوة حزب العمال الكوردستاني ، ليستنزف طاقاته البشرية وإمكاناته المادية والعمل على تغييبه عن الوعي تحت تخدير شعارات الاستقلال للجزء الأكبر من كوردستان /شمالاً وبالتالي خلق نزاع مع الحركة الكوردية التقليدية ، حيث تجددت الصورة مرة أخرى منذ  بداية  العام الثاني /٢٠١٢ للثورة السورية مع منظومة حزب العمال الكوردستاني من خلال السيطرة العسكرية على كوردستان الغربية / سوريا  واماكن التواجد الكوردي في سوريا  وهكذا تمكن من لجم الحراك الشعبي الثوري  وتحييد المجلس الكوردي ودفعه نحو الهروب ، مكتفياً بمنافع مرجعيته في (هولير) وتبعيته للمعارضة العربية / الائتلاف السوري  المنفًِذ و المقاوِل لسياسات الإجرام والإحتلال التركي لبلادنا ، دون أن يتمكن خلال عقد من الزمن أن يشكل لكيانه السياسي شخصية اعتبارية وحتى مجرد منصة مستقلة ،  كسائر المنصات التي تشارك في العملية السياسية ، بل أصبح عرضة للإساءة المتكررة ومحلٍ للشك والريبة في مصداقية استمرار تحالفاته  على هذه الشاكلة المشينة ، كان آخرها تصريحات ودعوة رئيس الائتلاف العلنية للرئيس التركي بالتدخل عسكرياً إلى مناطق سيطرة (قسد) في شرق الفرات .
الأهلية السياسية :
إن الشعب الكوردي في  كوردستان الغربية وسوريا شعب حي ، يتمتع بكامل أهليته الشرعية والمدنية والفيزيولوجية وليس بقاصر ولاعيوب يشوب قدراته الجسدية والنفسية ، بل قد يفوق أقرانه في الأجزاء الأخرى وأنَّ حالة الكفالة تنفيذاً لسياسات النظام  والحاجة إلى الوصاية  قد طالت به الأمد وآن له أنْ يمتلك إرادته وأن يفعِّل مداركه الحسية و العقلية بجدلية وعناية فائقة و يستعيد شخصيته السياسية المغيَّبة  ، على أن تكون تجربة الوصاية والهيمنة الطويلة و التي لا يمكن تعويضها بسهولة ، حافزاً له للإسراع في إرساء قواعد الشراكة الحقيقية بين مختلف القوى والاتجاهات بإشراف وضمان التحالف الدولي الذي يقوده الامريكان في إقليم كوردستان الغربية وشرق الفرات . 
كما يجب أن يلفظ المجتمع الكوردي الشخصيات الهزيلة المسلوبة الإرادة التي عاشت بمعزل عن غنى النفس في حالتها السياسية الراهنة ، تلك التي طغت صورتها المشوهة على المشهد السياسي والإعلامي المرئي ، حتى أصبحت منزوعة من هالة الحياء التي تبرزعادةً في وجوه البشر . 
التمثيل السياسي : 
على الذين تسيدوا المشهد السياسي من المجلس الكوردي خلال هذه الفترة ، أن يبرروا للشعب الكوردي مدى تقصيرهم في التعبير والمساهمة في تقليص حجم التمثيل السياسي والقبول بدور هامشي غير فعاَّل في العملية السياسية التي تقودها المجتمع الدولي وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ،  بشكل لا يوازي نسبيا في حده الأدنى قضية هذا الشعب وتضحياته ودوره السياسي في سوريا  ونضاله قبل الثورة واثناءها وفي المقابل ، هل لجموع جماهير الأحزاب الكوردية المنضوية تحت مظلة المجلس ومرجعيته السياسية أن يبرروا  مهادنتهم لهذا التقصير وسكوتهم عن أداء ممثلي المجلس ومدى ارتباطهم مع الائتلاف السوري دون ان يكون للمجلس الشخصية الاعتبارية المستقلة سواء بمنصته او ثقله السياسي وعلى اعتبار أن تمثيلنا السياسي في معظم فعاليات وتشكيلات المعارضة ناقصاً او تابعاً لقوى عربية أخرى ولا يعبِّر تعبيراّ حقيقياً عن تعدادنا السكاني ولا عن دورنا الريادي في مواجهة سياسات النظام الأسدي المجرم ولا عن معاناتنا المزدوجة التي تختلف عن معاناة كل السوريين ، هذا يعني بأنه علينا البحث عن الأهلية السياسية والفكرية للطبقة السياسية الكوردية التي انسلخت بمفاهيمها الجديدة القائمة على الوجاهة الإعلامية والمال السياسي والامتيازات الشخصية والمصالح الفردية المتعددة الأوجه والمصادر وكذلك البحث عن السوية السياسية والثقافية للأفراد المنضوين تحت الاجنحة المنكسرة لأحزاب الحركة الكوردية  ، سواء بتصنيفاتها القطيعية الدارجة أوتلك المغيبة عن الوعي تماماً .  
وهكذا اصبح الشعب الكوردي دون تمثيل حقيقي ، يعبِّر عن تطلعاته القومية والسياسية ، من خلال استكمال الحلقة السلبية التي تتقاطع فيها تبعية المجلس و سياسات منظومة (ب.ك.ك) في كوردستان الغربية ، دون أي اعتبار لمشاعر الشعب الكوردي ولا لإرادته الحقيقية الحرة ومنعه من إتخاذ قراره الذاتي المستقل ، لتقرير مصيره بنفسه ، الذي أصبح يعيش في أسوء ظروفه في ظل الاحتلال التركي وازدواجية الإدارة مع النظام وتبعية التمثيل للمعارضة وما ينتج من تآمر على قضيتنا من كل الأطراف ، إضافة إلى الحصار والتغيير الديمغرافي الذي يطال وجوده التاريخي كشعب أصيل في هذا الجزء العزيز من كوردستان .  
مكامن الصعوبة في استعادة المبادرة : 
ضمن معمعة هذا الصراع المتعدد الأوجه والمصادر ، حيث اجتمعت أسوأ الظروف وأخطرها شروراً في مناطقنا من القوى الدولية الكبرى والإقليمية الغاصبة لكوردستان  وحشود المرتزقة من المعارضة ، إضافة إلى نفوذ النظام المجرم الذي لم يغادر وهو يمارس سلطاته في مربعاته و مكعباته وكافة أشكاله الهندسية الأمنية المفيدة في مناطقنا ولكن في النتيجة تبقى  كل هذه القوى بالنسبة للشعب الكوردي غريبة واجنبية لا بدَّ لها أنْ تغادرالمكان سلماً أو جبراً .
والنقطة الأساسية في موضوعنا تكمن في إدراكنا لصعوبة اختراق المفاهيم الشمولية التي استوطنتها الوصاية الطويلة الأمد للأحزاب الكوردستانية المتنفذة في بيئة كوردستان الغربية وبشكل مختلف ومتناقض لكلا الطرفين المتنازعين وفق مشروعهما السياسي و مرجعياتهما الفكرية ، بمعزل عن رغبة الأغلبية العظمى من شعب كوردستان الغربية /سوريا و أنَّ البحث عن علاقات كوردستانية سليمة ومتوازنة  لن تحصل بسهولة و إن إزالة القيود التي كبلَّت إرادة الناس لن يستطيعوا الفكاك منها إلا بعودة الروح إلى المجتمعات التي تجدد ذاتها وأنَّ الإرادة الحرة الطليقة لا بد أن تسبق القرار المستقل الذي يحدد مصير هذا الجزء الذي قد يتطور فيه العملية السياسية وعلى مستوى سوريا بما يفيد الفكاك من كل هذا التغول الذي يمنع جماهير الشعب الكوردي عن الحركة السوية وعن الحياة الكريمة مع باقي المكونات في ظل العيش المشترك  .
في ٢١ حزيران ٢٠٢١







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=27599