القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 353 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: في ذكرى ميلاد الزعيم الراحل بارزاني ( 14 - 3 - 1903 ) ( 1 - 3 - 1979 )

 
الثلاثاء 14 اذار 2023


صلاح بدرالدين

" كان الملا مصطفى البارزاني قائدا عظيما، وقد ظلموه "
ياسر عرفات

   ( بداية لابد من توضيح ان شهادة الرئيس الراحل ياسر عرفات تجاه الراحل بارزاني التي سمعتها منه شخصيا عام ١٩٧٢ في بيروت، جاءت بعد لقائي التعارفي الأول به، وبعد ان ودعته استوقفني قائلا : هل التقيت بالملا مصطفى بارزاني ؟ فأجبته بنعم، ثم تابع هل يمكن ان تسرد لي انطباعاتك عنه مفصلا في لقاءاتنا القادمة، فاجبته بكل سرور، وتكررت اللقاءات لثلاث مرات متتالية والموضوع الأساسي كان الراحل بارزاني، وفي اللقاء الأخير حول موضوعنا شعرت انه اقتنع بكل ما صدر مني، ثم اطلعني على رسالة من ( مسؤول كردي عراقي معروف ) وفيها تهجم شديد على شخص البارزاني، واتهامه بموالاة الصهيونية، وإسرائيل، ومعاداة العرب، ثم توجه الي قائلا : لو كنت في موقعه وامام الظلم الذي يعاني شعبه من أنظمة وحكام المنطقة لاستنجدت بإسرائيل، لقد كان رجلا عظيما، وظلمه القريب، والبعيد . ) .


عودة الى الوطن، وقدر استمرارية الثورة
عاش منذ طفولته في كنف عائلة تشربت برحيق الكردايةتي، ونشأ في ظل نهج الشيخ عبد السلام بارزاني، الذي واءم  بمهارة بين عوامل التوازن بين كونه مسؤول عن واجبات مشيخة بارزان تجاه أمور الدين، والدنيا، وتقديم الخدمات الاجتماعية لكل السكان دون تفريق من مسلمين، ومسيحيين، ويهود من جهة، وبين واجباته الاوسع تجاه شعبه، وبني قومه الكرد، كما يشهد بذلك المستتشرق، والقس الانكليكاني الذي زار بارزان في نهاية القرن الثامن عشر .
بإرادة إقليمية، وتواطؤ دولي غادر كردستان العراق مجبرا مع عشرات البيشمةركة، فماكان منه الا ان توجه لنصرة الأشقاء في كردستان ايران، ودعم جمهورية مهاباد الكردستانية ١٩٤٦ كأول مظهر لاستقلال جزء من ارض الوطن التاريخي، الذي لم يدم طويلا، ثم انتهى به وصحبه المطاف في الاتحاد السوفييتي السابق، وبعد نحو احدى عشر عاما، عاد الى الوطن بعد ثورة تموز وتحديدا عام ١٩٥٩، ولم يلبث ان اعلن ثورة أيلول عام ١٩٦١ بعد انحراف الحكام عن مبادئ الثورة .
  لاشك ان رمزية ثورة أيلول القومية – الوطنية – الديموقراطية، تجاوزت شعارها الرئيسي ( الديموقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان ) لتعبر عن الثأر لاخفاقات ماضية في كردستان العراق، وتصفية جمهورية مهاباد، وخذلان الاتحاد السوفييتي، وسكوت المجتمع الدولي، ثم محاولة بث الروح الثورية من جديد في مجتمع كردستان العراق الذي عاش طويلا تحت الحرمان، والاذلال .
وبالوقت نفسه وبصورة غير مباشرة كان إضافة جرعة ثورية لانتعاش آمال الوطنيين الكرد في الجوار الكردستاني، واستنهاض الهمم من جديد بعد ركود طويل امتد عقودا، و اسماع العالم من جديد بالكرد كشعب اصبح منسيا منذ ان تجاهله الغرب الاستعماري  في سايكس بيكو، ولوزان، وكل القرارات الأممية في ترتيب أوضاع الشعوب والقوميات بآسيا، وافريقيا، وامريكا اللاتينية .
   في قيادته بالمرحلة لاخيرة من حياته للنضال التحرري، والديموقراطي لشعب كردستانن العراق، وفي مشروعه السياسي المتجسد في برنامج حزبه الذي ترأسه، واهداف ثورة أيلول التي قادها ابتكر وسائل جديدة في الكفاح بجانبيه القومي والوطني، كما جسد مبادئ ومسلمات كانت صالحة ليس في تطبيقات إقليم كردستان العراق فحسب بل مناسبة ومفيدة في تجارب الأجزاء الأخرى بالرغم من انها لم تكن ملزمة لها، ولاشك ان بعض تلك المبادئ  مازالت صالحة بعد مر العقود مثل : 
التمسك بالثوابت كمبدأ حق تقرير المصير، والتسامح والصمود أمام الشدائد،  ونبذ العنف والارهاب والتقاتل، ومناصرة المرأة وسائر المظلومين، والاعتراف بالآخر المختلف،  والحرص على علاقات الصداقة والعيش المشترك مع العرب،  وكل المكونات القومية،والدينية، والمذهبية، وانتهاج الحل السلمي الديموقراطي للقضية الكردية، الى جانب عدم اطلاق الشعارات السياسية المزايدة بشأنه،  أو استثمار اسمه لمصلحة التحزب الفئوي الأعمى،  فاالراحل البارزاني الكبير ونهجه ملك لكل الكرد أينما كانوا وحيث ماوجدوا، وبامكانهم الاستفادة من تجربته الكفاحية .

خصوصيات تجربة بارزاني
ظهر في الشرق عموما وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على وجه الخصوص شخصيات، ورموزا، وقادة، لعبوا أدوارا مؤثرة في أوساط حركات التحرر القومي، والوطني، لشعوب المنطقة، ومنهم من كانوا معاصرين لتجربة بارزاني الكفاحية، ولكن معظمهم انطلقوا من واقع دول مستقلة، لتحقيق أهدافهم في وحدة الأمم، وإنجاز مهام التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، او استفادوا من دعم الاشقاء .
وقد ظهرالاختلاف واضحا بين تجربة بارزاني وزعماء  شرق اوسطيين، فهمم ظهروا وقادوا شعوبهم في ظل دولهم المستقلة وعملوا على توحيد شعوبهم عبر دمج دولهم القائمة وبدعم مباشر من احدى الكتلتين ( الشرقية والغربية ) اما بارزاني فقد جسد النضال الثوري التحرري من اجل الحرية، وتعزيز البنية التحتية للكفاح الثوري، ومواجهة الأعداء من كل حدب وصوب بالاعتماد على الذات، وتقديم التضحيات  والافتقار الى حليف دولي ثابت .والتعامل مع اطراف إقليمية غير صادقة بل غادرة، فقط بارزاني المتفاني من اجل شعبه، لم ينل الرضا لامن الشرق السوفييتي، ولامن الغرب الأمريكي، الأول اعتبره قريبا من الغرب، والثاني سماه بالملا الأحمر .

نظرية  دور " الإقليم – القاعدة " في تجربة البارزاني 
كما أسلفنا سابقا اقتصر برنامج الحزب الديموقراطي الكردستاني برئاسة الراحل بارزاني كمرجعية فكرية سياسية، وأهداف ثورة أيلول التي قادها بارزاني كحركة ثورية تغييرية منفذة، على جغرافية كردستان العراق فقط، بخلاف بعض الاحزاب الكردية في ذلك الزمن او من بعده، التي نادت ( بتوحيد وتحرير كردستان التاريخية الكبرى ) ثم أخفقت، وتراجعت لاسباب ذاتية، وموضوعية، وقد كانت المراهنة الحقيقية لكرد المنطقة من خارج العراق، على نجاح تجربة بارزاني التي توفرت فيها عوامل النجاح منذ الوهلة الأولى، وتقديم كل أوجه الدعم من اجل نشوء قاعدة صلبة، تشكل نموذجا اصيلا، وحافزا ملهما، ومنطلقا لاستمرارية الكفاح الكردي من اجل الحرية، وتقرير المصير، ولهذا السبب بالذات اتخذ الوطنييون الكرد في كل مكان، موقف الحرص الشديد على هذه التجربة الواعدة، منذ ثورة أيلول، وحتى الان مابعد تكريس الفيدرالية، اما أعداء الكرد، وحقهم بتقرير المصير بالداخل والخارج، فاتخذوا الموقف المناوئ لضرب التجربة منذ اليوم الأول وحتى الان .
وفي هذا السياق أتذكر انني وفي لقائي مع الزعيم الراحل ( حزيران ١٩٦٧ ) في المناطق المحررة من كردستان العراق، ولدىى طرحي لتساؤلات حول مسألة توحيد الحركة القومية الكردية، وانشاء مركز قيادي لها، كان جوابه واضحا بالقول : ( نحن محكومون بإرادة الجغرافيا، وواقع التقسيم، والدول العظمى من الشرق، والغرب، التي لاتناصر قضيتنا، لذلك لكل جزء قدره وظروفه، وعلى الكرد ان يحبوا بعضهم بعضا، ويقدموا المساعدة لبعضهم، فعندما دعت الحاجة لبينا الدعوة لنصرة جمهورية مهاباد، والان هناك واجب على عاتق الكرد بكل مكان لمساعدة ثورة أيلول في كردستان العراق ..) .
  الآن وفي المرحلة الراهنة، يفتخر الكرد خارج العراق بنجاح تجربة البارزاني الخالد في ترسيخ قاعدة صلبة، مع شعورهم بانهم ساهموا أيضا بغالبيتهم الحزبية، والمدنية، والفردية، في تقديم الدعم المادي، والمعنوي، والبشري، والإعلامي، والثقافي، خلال العقود الستة الأخيرة لصيانة تلك التجربة، وتعزيزها، وهم على أمل أن الأشقاء في ظل الفيدرالية، والبناء الدولتي، والمؤسسات الديموقراطية القائمة، والموارد الذاتية من خيرات كردستان الطبيعية، لن يتوانوا في تقديم الدعم السياسي من اجل إعادة بناء الحركة الكردية السورية، وتوحيدها عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع،  بعد أن  فتكت بها مخالب أحزاب طرفي الاستقطاب، وخصوصا جماعات – ب ك ك – بمسمياتها المختلفة التي تحولت من دور ( الشقيق الداعم ) الى أداة للهدم، والتقسيم .


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.66
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات