القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 650 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: رسالة إلى الجيش الوطني السوري (الحُر)

 
الأحد 27 تشرين الثاني 2022


Pênûsa ronahî

أيُّ جيش؟ وأيُّ وطن؟ وأيُّ حُر؟ لا بُدَّ من وصفه جيدًا كي لا يُخطئ ساعي البريد، فما أكثر الأسماء والجيوش الوطنية التي نبتت على جُثّة الوطن! إنهم أبطال نزحوا على امتداد الخريطة السورية، تتحدّث ألسنتهم العربية، وأمعاؤهم وضمائرهم باللغة التركية، تلقّبوا بأسماء الصحابة والتابعين، يُصلّون في الليل ويصطون في النهار. ذات يوم كانوا ثوّارًا بسطاء يهتفون بالحرية والكرامة من أزقة (داريا) إلى التخوم التركية، مرورًا بحمص وحلب وحماة وإدلب وغيرها من البلدات السورية المنكوبة. جيش أضاع رجاله البوصلة بعد صعودهم باصات خضراء انتشلتهم من بيوتهم المُدمّرة، وجمعتهم وأهلهم في خيام مسبقة الصنع، ليتسوّل بهم المضيف التركيُّ دول العالم، فتارة يُساوم بهم الغرب، وتارة يُقدّمهم قرابين للبحر، وتارة يستعرض بهم بطولاته الورقية.


 وأمام العملة الخضراء انهارت القيم في الكثير من تلك الخيم؛ فبايعوا الفاتح الجديد على الولاء والبراء مأخوذين بخطاباته الحماسية ومسلسلاته الخرافية، فتحول الكثير منهم من أبطال ثورة عظيمة إلى عناصر مأجورة في جيش مرتزق أُطلق عليه (الجيش الوطني السوري). كيف تجرّد من شيم العروبة وقيم الشرق ورحمة الإسلام؟ كيف نسي عدوّه الأوّل الذي نكّل به؟ وهادن داعش وأخواتها الذين خرّبوا البلاد والعباد؟ كيف تناسى اليهود والصهاينة، واكتفى بالأكراد فريسة سائغة كما أراد لهم الخليفة العثماني صاحب الثأر التاريخي مع العِرق الكردي؟ أيها الجيش الوطني السوري الحر، أيُّ تاريخ أسود مخزٍ تكتبه لنفسك! تقبض من التركي راتبك المغمّس بالذُل، تقتل بسلاحه، وتركب دباباته، تدمّر بها بلدات كانت بالأمس جارةً لك وحبيبة، فكم من كردي جمعتك به أيام دراسة أو أوقات عمل أو خدمة عَلم! كم مرة تشاركتم الطعام والمبيت! كم خُطبة استمعت إليها وهو بجانبك يُؤمِّن على دعائك؟ أيُّ دِينٍ هذا الذي يأمرك بترك عدوّك ومظلمتك، ويدفعك لغزو مسلمين آمنين في بيوتهم، فتقتل وتشرّد النساء والأطفال، وتستولي على البيوت والأرزاق، ألم تقرأ في قرآنك قوله تعالى: " وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَا⁠نِ"؟ فإن كنت قد أخطأت مرّة وظلمت بحجّة جوع أو عوز أو غُرِّر بك، فلماذا أيُّها المقاتل الحُر العتيد تعيد الكَرَّة مرَّة أخرى؟ ألم يشبع عيالك من زيتون (عفرين) المغمّس بعَرق أهلها، ألم يرتوِ والداك من زيتها المسروق؟ ألم تشمئز روحك من جثث القتلى وصرخات الثكلى؟ ألم ينبض ضميرك بعد جولة النهب والتعفيش والتخريب؟ أم أنك استعذبت طعم الدماء ومرارة الظلم، فاستسلمت  لسائق الباص الأخضر ينقلك إلى حدود جديدة لتقاتل بالنيابة، وتهتف في مواكبك بأهازيج النصر! فهل استعدتم بيوتكم المسلوبة، أو حررتم الشام، أو فتحتم القدس الشريف؟ أيها الضالّ على مائدة اللئام، ألم تجد ما تطعم به أولادك وبناتك سوى قمح تسرقه من (رأس العين)؟ أيُّ نبيٍّ تؤمنون به! ألم تسمعوا قوله (صلى الله عليه وسلم) " كُلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ مالُهُ وعِرْضُهُ ودَمُهُ"؟ فهل تحجّرت قلوبكم حتى شوّهتم دِين الله في أعين ضحاياكم؟! أيُّ جيشٍ؟ وأيُّ وطنٍ تسعون لبنائه؟ ولستم سوى عصا مأجورة يهوي بها الفاتح المزعوم حيث أراد، يُدخل يده في أفواهكم ثم تتحرّك باصاته الخضراء من جديد؛ لتنقلكم عبر الحدود حتى تجاوز بكم البلاد إلى خرائط بعيدة فتقتلون وتشرّدون وعلى خيبتكم تهتفون (الله أكبر... الله أكبر...!). كم من لعنات تلاحقكم، ومظالم عُلّقت برقابكم! حين ينظر مسلم إلى فعالكم يتساءل في نفسه: أليس لكم أخ فهيم ناصح، أو أب حكيم واعظ، أو أمٌّ تقيّة تردعكم، أو زوجة أو أخت صالحة تنهاكم؟ أليس في هيئاتكم الشرعية شيخٌ يعترض، أو إمام يشجب؟ ألا إنّ الدنيا زائلة، وأن الصلاة على الأرض المغتصبة باطلة، وأن حقوق العباد لا تُمحى، وأن عند الله تجتمع الخصوم. ولأن الدِّين النصيحة؛ وجب التذكير فلعلّ الذكرى تنفع المؤمنين - إن كان قد بقي من الإيمان شيء - إن الأكراد أحفاد صلاح الدين لا تنقصهم الشجاعة والتقوى، خدموا الدِّينَ واللغة والحضارة بإخلاص، إنهم شركاؤكم في الأرض والمصير، آووا أهليكم زمنًا طويلًا وما زالوا، ولكن الله ابتلاهم بأعداء كثر، أحاطوا بهم كالذئاب من كل جانب. وها هو اليوم زعيمكم المقاول جهّز باصاته الخضراء وسلاحه الغاشم، ليدعوكم إلى عدوان جديد بحجج واهية لا تمرّ إلّا على الفارغين، فاعلموا أنه بدعوته هذه إنما يفتح لكم سِجلًّا آخر من الخزي في الدنيا وبابًا إلى جهنم في الآخرة. فعسى الله أن ينير بين جنبيكم الحقيقة، أو ينهض فيكم رجلٌ رشيد، فيغيّر المنكر بيده أو بلسانه أو بقلبه، ويُذكِّركم بأنَّ هدم الكعبة ألف مرَّةٍ أهون عند الله من إراقة دَم مسلم. فحذار أن تورِّثَ أبناءك المزيد من عار الغدر والارتزاق، وأن تجعل من لحمك ولحومهم حطبًا لجهنّم، فقد علَّمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) "كُلُّ لحمٍ نَبَتَ من السُّحتِ فالنارُ أولى بِهِ"، والسُّحت هو الحرام، ولا حرام أدهى وأمرّ من القتل والظلم واغتصاب أموال الناس بالباطل... فالله الله في أنفسكم وأهليكم أيها الجيش الوطني السوري الحُر.  

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات