وفي حوارنا مع السيد محمد، كان في جعبتنا العديد من الأسئلة التي تهم قارئ " كوردستان" 

 

الجغرافيا السياسية هي العلم الذي يبحث في تأثير الجغرافيا على السياسة أي الطريقة التي تؤثر بها المساحة، والتضاريس والمناخ على أحوال الدول والناس. فبسبب الجغرافيا كانت أثينا إمبراطورية بحرية، وبسببها أيضاً كانت إسبرطة أقرب في طبيعتها إلى القوة البرية، وبسبب الجغرافيا أيضاً، تمتعت الجزيرة البريطانية في القرن الثامن عشر بحرية الملاحة في البحار، في حين كانت بروسيا - وبسبب الجغرافيا أيضاً- محاطة بالأعداء من جميع الجهات. 

ونحن أبناء متداخلة، فأنا كردي عاش في مجتمع عربي، أعمل بالسياسة من فلسطين حتى إيران مرورًا بسوريا والعراق ولبنان وتركيا، فإذا لم يكن الفكر قادراً على الجمع والربط والاستنتاج في عدة ساحات، كيف يمكن أخذ قرارات سليمة خاصة، وإاننا نحن الكرد ملزمون بحكم الجغرافيا التعامل مع عدة حضارات (تركية، عربية، فارسية) إذا كنا لا نفهم هذه الحضارات، ولم ندرسها كيف يمكن لنا أن نتعايش او نتصارع معها؟ عندما أخذت أولى حكومات إقليم كوردستان قراراً بفرض الدراسة فقط بالكردي، وألغيت اللغة العربية قلت للرئيس الراحل جلال طالباني هذا قرار خطأ، وسألته: كيف يمكن أن يتفاهم ابن كوردستان مع ابن بغداد بالكردي؟ وقال لي: أنت محق قل للوزيرة بروين وجهة نظرك. اختم جوابي بمقولة مهمة للنبي محمد يقول فيها "من عرف لغة قوم أمن مكرهم". علينا أن نوسّع معارفنا لنكون بمستوى مواجهة او بناء السلام مع محيطنا.  

لقد لعب الأخ الرئيس مسعود بارزاني، ومن بعده الأخ الرئيس نيجرفان بارزاني ادواراً مهما بتقريب المسافات فيما بين كرد سوريا خاصة فيما بين PYD والمجلس الوطني الا ان الطرف الذي يدير المنطقة الكردية لم يحترم تلك الرغبة العارمة للزعيمين بتقريبهما من بعض بسبب تعارض اجنداته وارتباطاته الخارجية، وولائه لحزب العمال الكردستاني، ولا اعتقد انه هناك فرصة او إمكانية لنجاح هذا الحوار الا اذا طرأت ظروف استدعت ان يفرض الغرب عليهما، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية راعية الحوارات، وحدة قسرية تشبه الوحدة التي فرضت على طرفي الصراع في إقليم كوردستان "الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني"  في سبتمبر عام 1998  بوساطة أمريكية لتؤسس معاهدة سلام رسمية، وبحضور مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية حينئذ.

 

لقد لعب حزب العمال الكردستاني دوراً مهماً في تجهيل الشارع الكوردستاني السوري عبر زرع الجهل في صفوف الشباب وإخراجهم من الجامعات بالآلاف منذ الثمانينيات، وزجّهم بقتال لا أفق له في جبال كوردستان تركيا والعراق وهو مستمر بتلك السياسة، لا المطلوب أن لا يتعلم الكردي ويصبح خاضعاً لهم يتحكمون به كآلة.   

والدي فوزي محمد رحمه الله كان عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي فرع لبنان ومسؤول عن التنسيق مع مجلس قيادة الثورة عبر عضو المكتب السياسي لفرع العراق عزيز رضا، وأطلق والدي عليّ اسم مسعود تيمناً باسم كاكا مسعود بارزاني، وبالتالي أنا تربيت في بيت مشبع بالروح الكردية، وكان الكلام في البيت بيني وبين أهلي وأخوتي بلغتنا الأم أي اللغة الكردية. 

أولاً، كلمة «فشلوا» ليست دقيقة، ثانياً، لقد كان الكوردي في لبنان دوماً نصيراً نشطاً لحركة التحرر الوطني الكوردستاني في أجزاء كوردستان الأربعة، وخدموا لبنان كوطن بكل محبة، وقدموا في سبيله الشهداء والتضحيات. ولكن لبنان بلد طائفي تتحكم بمصيره ١٣ طائفة وكل طائفة حريصة على حصتها من كعكة الحكم، والكورد بحكم انتمائهم الديني "سنة" وبالتالي هم محسوبون على السُنًّة، ولا يقبل السني التنازل عن حصته للكردي وهو يتعامل مع الكردي كمواطن درجة ثانية في هذا الموضوع ومع ذلك نجح الكورد بإمكانياتهم البسيطة بانتزاع تمثيل اختياري وبلدي، وخاضوا تجربة الترشيح للانتخابات النيابية عدة مرات ولكنهم اصطدموا بحائط كبير وضع أمام طموحهم. 

بتصوري، لا يمكن الكلام عن حزب الله بمعزل عن ايران فهو "جندي من جنود ولاية الفقيه" كما أعلن مراراً أمين عام الحزب حسن نصرالله وطعامه وشرابه وسلاحه وأمواله من إيران وبالتالي حتى "أوامره " يتلقاها من إيران. دخل حزب الله إلى سوريا استناداً إلى أوامر ايران التي ارادت أن تستولي على سوريا، وتنفذ فيها أجندتها للتشيُّع، وبالتالي حزب الله أداة إيرانية في سوريا. 

هذا التدخل سيكلف لبنان غالياً وخاصة الطائفة الشيعية إذ ستصبح هذه الطائفة بمواجهة كل الطيف السنّي في المنطقة، وستجد نفسها تتوسع بقتالها كما هو حاصل اليوم، فأصبح الحزب منتشراً في لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان. حزب الله تنظيم إرهابي معزول لم يعد يلقى القبول بعدما كانت صور زعيمه تنتشر في كل البيوت بسبب قتاله إسرائيل. 

هناك ببساطة إعادة رسم خرائط للمنطقة كلها، يرى الغربيون أن إيران هي مفتاح الشرق الأوسط بأهميتها الاستراتيجية الهائلة بالنسبة للجغرافيا السياسية: الموقع الجغرافي ، والمجاري المائية، وكذلك الانقسامات الدينية والوطنية واللغوية، والتي يمكن استخدامها بشكل مفيد للغاية. 

بالطبع ، تلعب الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والليثيوم دورًا مهمًا أيضًا. ولكن الشيء الرئيسي هنا هو أن تقسيم الشرق الأوسط يمثل ضربة متزامنة لروسيا والصين والدول العربية.

حتى في منتصف القرن الماضي ، كانت الأفكار حول الأهمية الحاسمة للشرق الأوسط لتحقيق السيطرة على العالم قد انتشرت بين العلماء البريطانيين والأمريكيين.

في عام 1979 ، استخدم برنارد لويس ، وهو عالم سياسي ، ضابط مخابرات بريطاني ، صراع الحضارات الأساطير لدعم فكرة الإرهاب العربي، عندما كانت فكرة الحرب الباردة شيئًا من الماضي. كان أول من رسم خريطة قوس الأزمة في الشرق الأوسط.

بعد ما يقرب من ثلاثين عامًا (في عام 2006) ، استخدم برنارد لويس تطورات رالف بيترز. تم تقديم خطة تقسيم الشرق الأوسط، التي تم تعديلها قليلاً ، من قبل المقدم كولونيل على خريطة الناتو كمشروع لـ "الشرق الأوسط الجديد".

الآن يتصرف العاملون وفقًا للخطوط الموضحة على الخريطة. على سبيل المثال ، يبني نظام الأسد الإمارة العلوية على طول الخطوط في شمال غرب سوريا، وبعض الكرد يتحدث عن إمارة شرق سوريا والدروز يتحضّرون لتوحيد مناطقهم الجغرافية في سوريا ولبنان، نحن نحضر لمرحلة ننتقل فيها من فكرة الدولة الى فكرة الدويلات الطائفية والعرقية. 

الكرد عامة في حالة صراع مستمر للعيش بكرامة وحرية وتشكل كوردستان العراق " جنوبي كوردستان"  خط الدفاع الأول عن الامن القومي لأجزاء كوردستان الأربعة، إلا أن  مشكلة هذا القسم هو الانقسام ووجود عدة أجندات إلى جانب التدخُّلات من قبل بغداد وإيران وتركيا فيه ممّا يصعب ظروفه، ويبقيه في حالة من الاستنفار والغليان، ولكن حتى الآن نجح الكورد في الجزء الجنوبي من كوردستان، بالحفاظ على منجزاتهم، وحققوا خطوة مهمة بالاستفتاء، وثبتوا حق الكرد في تقرير المصير.

 من المعروف أنّ إيران، دولة الملالي، هي التي كانت ولا تزال ترفض قيام دولة كردية ليس في إيران وفقط، وإنما في العراق أيضاً، أي في إقليم كوردستان، وفي تركيا وفي سوريا وفي كل أمكنة يوجد فيها هذا الشعب، وبالتالي الكرد في كوردستان إيران " شرقي كوردستان" يعيشون بحالة من القهر والظلم، وعمل النظام الإيراني على اغتيال قياداتهم، وأذكر منهم "فؤاد سلطاني وصديق كمنجر" من كومله "دكتور عبد الرحمن قاسملو  ودكتور صادق شرفكندي" من الحزب الديمقراطي الكوردستاني- ايران.

اما سوريا وتركيا فكردستانهم خطفت من قبل حزب العمال الكوردستاني الذي أشبه سياسته بالسياسات الفاشية والستالينية التي تستند علي قمع الآخر ومنعه من التعبير عن رأيه والخضوع للاجندات الإيرانية والبعثية المعاديتين للكرد.    

يحظى الأخ الرئيس مسعود البارزاني بمحبة الناس فهو ابن الشعب الكوردستاني، ويفتخر بلقبه الأول "بشمركة" وجذوره مزروعة في أرض كوردستان ، وهو مهندس الاستفتاء على استقلال كوردستان العام 2017  والذي نجح بأغلبية ساحقة تخطت ال 92 بالمئة، وقاتل على كامل ترابها حاملاً بندقيته بيد وغصن الزيتون بيد أخرى الناس تثق به لذلك كان ومازالت وستبقى تعطيه صوتها.

رحم الله مام جلال تفتقده الساحة الكوردستانية، هو كان يعرف حدود اللعبة وحريص على الامن القومي الكوردستاني، ويعرف متى ينسحب ومتى يتقدم اليوم الاتحاد الوطني يفتقد القائد، فليس هناك في الحزب قائد مع مودتي للجميع. 

شنكال منطقة استراتيجية تكشف جغرافيا سوريا والمنطقة المحيطة بها. الهجوم تم بسبب استراتيجية منطقة شكال والجزيرة بصورة عامة كانت ميداناً للصراعات السياسية والحروب العسكرية بين الحضارات ومن ثم الأمبراطوريات والمماليك عبر العصور، وكان ميداناً للكر والفر بين الامبراطوريات الفارسية والرومانية والآشورية والبابلية والمغولية والعثمانية والصفوية ، ومن ثم تعرّض للاجتياح العربي الإسلامي بقيادة عياض بن غنم سنة 637 للميلاد.

 الاهمية الاستراتيجية من الناحية الجيوبولتيكية لشنكال التي تعتبر أسباباً ومبررات لتدخُّل الأطراف الدولية والجهات المحلية المختلفة لمحاولة السيطرة عليها ، طمعا لأستراتيجيتها الاقتصادية والعسكرية والتجارية ولأهمية موقعها الجغرافي الشبه مثلث في اقصى الزاوية الشمالية الغربية من العراق والمتاخمة ل(روزافا) محافظة الحسكة السورية، كما يسيطر جبل شنكال على مناطق مهمة من سوريا وتركيا وحتى إسرائيل من الناحية العسكرية وسبق أن استخدم نظام صدام حسين قاعدة صواريخ على قمة جبل شنكال (جلميران) وضرب منها 39 صاروخا من نوع سكود المطور وذلك في 18 كانون الثاني 1991 ولغاية 25 شباط 1991  

عدم وجود وحدة داخل الحركة الكوردستانية الإيرانية في مطلع التسعينيات من القرن الماضي قرر الحزب الديموقراطي الكوردستاني - ايران سحب مقاتليه وكوادره من الأراضي الإيرانية واللجوء الى الأراضي العراقية بالاتفاق مع الحزبين الرئيسين في إقليم كوردستان، عقب حملة واسعة شنها الجيش الإيراني على قواعده التي كانت توجد على طول الحدود العراقية الإيرانية.

وبقي الحزب يمارس العمل السياسي، الا انه ضعف نتيجة بُعده عن جمهوره داخل كوردستان ايران، وبعض التدخلات، هنا وهناك، فتعرّض لانشقاق كبير، حيث رفض سكرتيره الأسبق عبدالله حسن زاده التدخلات العراقية وقال ان الحزب الديموقراطي يأخذ اوامره من شعبه. فانقسم الحزب وتحول الى حزبين يحملان نفس الاسم، الاول كان بقيادة عبدالله حسن زاده، ولاحقاً انتخب خالد عزيزي سكرتيراً له، والثاني بقيادة مصطفى هجري. على أحزاب كوردستان ايران العودة الى قواعدها في كوردستان ايران وتنتفض من هناك. 

كوردستان حلقة وصل فيما بين البحرين السني العربي والشيعي الفارسي، وتستطيع ان تشكل سدا امام التوسع الفارسي الذي من حقبة الرئيس اوباما أخذ قراراً بتغيير طبيعة المنطقة عبر إعطاء ضوء أخضر لإيران بالسيطرة عليها لابتزاز الدول العربية لذلك تقاطعت مصالح ايران مع الغرب بمنع ترجمة نتيجة الاستفتاء التي كانت نعم كبيرة للاستقلال ولسياسة الاخ ألرئيس مسعود بارزاني

الدولة الكوردستانية قبل كل شيء "حق" لا يساوم عليه، وثانياً هي حلم جميل، فكتابي الأول اسمه "حلم الدولة الكوردستانية من مهاباد الى أربيل" وهذا الحلم رافق جيل الآباء، وانتقل إلينا وسينتقل الى الأبناء، وستبقى الكلمة الاجمل على قلب كل كردي "آزادي" أي الاستقلال والحرية. 

لأن الكثير من رموز المعارضة السورية هي ربيبة البعث السوري واخذت منهجه بإلغاء هوية الآخر كـ "الكردي والدرزي" وأرادت أن تبقي سوريا تحت شعار "امة عربية واحدة" وتلغي بقية الهويات.

مسعود محمد كاتب سياسي، لبناني كوردي - ابن عائلة سياسية، والده فوزي محمد من مؤسسي الحزب الديمقراطي الكوردستاني - فرع لبنان، وكان على علاقة وثيقة مع قيادة الحزب في العراق بقيادة الملا مصطفى البارزاني.

له مقالات ومقابلات سياسية في العديد من الصحف اللبنانية ومنها السفير، النهار، البلد، المستقبل، نداء الوطن، الجمهورية. ونشـر له في العديد من الصحف الكويتية مثل الرأي العام، القبس، الجريدة، وفي جريدة الوطن، السعودية، وجريدة الفجر المصرية، والعين الإماراتية. یكتب افتتاحية كل يوم اثنين لصحيفة بيروت أوبزرفر الإلكترونية التي تصدر من الولايات المتحدة، أجري معه الكثير من المقابلات التلفزيونية للحديث عن الأوضاع الكوردية عامة في إيران وسوريا وتركيا والعراق، ومنطقة الشرق الأوسط.

الدرجات العلمية - حاصل على دبلوم في إدارة الأعمال من الجامعة العربية في بيروت. - ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بافيا في إيطاليا بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وكتب رسالته عن العبودية في الإسلام.