القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 346 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي




























 

 
 

مقالات: اللوحة السورية القاتمة والمجتمع الدولي

 
السبت 04 كانون الأول 2021


ريزان شيخموس

الثورة السورية التي هزت العالم بصداها السياسي والإنساني والاعلامي لم تتمكن حتى الآن أن تحقق للشعب السوري أهدافه وغاياته، استفاد منها الجميع واستثمرتها كل الدول الاقليمية والدولية ماعدا الشعب السوري الذي قدم ضريبتها الدموية غالياً جداً، هذه الثورة التي وحدت السوريين، وأخرجتهم من منازلهم بحثاً عن حريتهم وكرامتهم، ورفضاً للظلم والقمع والاستبداد وكل أشكال الفساد والعنف.
تعدّ الثورة السورية التي دخلت عامها الحادي عشر من الثورات التاريخية في طولها الزمني وحجم الكوارث التي حلت بشعوبها كالثورات الأمريكية والفرنسية والبريطانية وثورة هاييتي وغيرها من الثورات العظيمة التي حققت أهدافها، وأدخلت التغيير الكبير في أوطانها وفي شعوبها، وسجلت في التاريخ من حيث التأثير العميق في المفاهيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والحقوقية والتغيير الجدّي في خريطة العالم وقوانينه، ولكن هل ستكون لثورتنا السورية آفاق لبناء سوريا الجديدة؟ وهل حافظت على أهدافها وقيمها وتركيبتها؟


إن الشعب السوري امتلك جرأة لا مثيل لها في العالم في مواجهته لنظام دموي معجن بالخبرات والمعارف الأمنية والسياسية والديكتاتورية في قمع الاحتجاجات والتظاهرات وتصفية المعارضين، هذا النظام الذي استخدم كل أشكال القمع والإرهاب واسلحة الفتك والتدمير  في مواجهة شعبه الاعزل الذي يستحق أن يعيش كغيره من الشعوب الآمنة والمستقرة في أوطانهم.
  والسؤال المهم في هذا المجال: هل  مازال هذا الشعب يملك مقومات وإمكانات المواجهة في تحقيق أهداف ثورته التي مر على انطلاقتها أكثر من عشر سنوات صعبة جداً، حيث قتل وجرح مئات الآلاف من أبنائه ولازال مثلهم مصيرهم مجهول وشرد الملايين منهم في كل أصقاع العالم ودمر نصف المدن السورية وقسمت سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة الجنسيات؟ هل مازال لدى الشعب السوري إرادة التغيير وتحقيق الأهداف الرئيسية للثورة في بناء سوريا الجديدة، سوريا كل السوريين ومحايدة لكل أبنائها وينال الجميع حقوقهم العادلة؟
إن التقييم الموضوعي للثورة السورية بعد عشر سنوات من انطلاقتها، وبعد كل هذه التضحيات التي قدمها الشعب السوري والتي تكاد تكون الأولى عبر الثورات التاريخية من حيث التضحيات الجسام، يحتاج الى الكثير من البحث والتمحيص والمناقشة، رغم ذلك يمكن التأكيد بأن الثورة فشلت مرحلياً في تحقيق أهدافها وسببت كارثة حقيقية على الشعب السوري، ونجحت الثورة المضادة في مخططاتها وأهدافها، ولكن هذا لا يعني مطلقاً أن الجولات انتهت بل هناك الكثير من الجولات والتي سيحقق الشعب أهدافه، وبناء دولته رغم كل المصاعب الذاتية والموضوعية التي تعترض مسيرته.
يمكن القول بكل بساطة ومن حيث النتيجة أن المعارضة السورية المتمثلة رسمياً في قيادة الثورة لم تكن أبداً في مستوى الحدث السوري رغم كل ما قدمت له من الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري والمادي  وسيطرتها على ثلثي مساحة سوريا، وتلقت الاعتراف من أكثر من مائة وعشرين دولة .
إن اللوحة السورية الحالية تتلخص بمجموعة تغييرات كبيرة حصلت في سوريا وأهمها:
⁃ فقد الشعب السوري وقواه السياسية والعسكرية وكل أطراف الصراع قراه الوطني
⁃  اقتربت سوريا لتكون في مصافي الدول  الفاشلة على المستوى العالمي وخاصة بعد الانهيار الاقتصادي الحاد وفرط قيمة الليرة السورية لأدنى مستوياتها في العالم .
⁃ الفقر المدقع للشعب السوري
⁃ تقسم سوريا عملياً الى العديد من الدويلات ذات سلطات الأمر الواقع ، وكل دويلة تدعمها إحدى الدول المتنفذة في سوريا وتستقوي مصالحها بها .
⁃ نظام الأسد مازال مصراً ان يبقى رغم مسؤوليته  الكاملة عن الكوارث التي حلت بسوريا
⁃ نصف الشعب السوري بين مهجر ونازح في الداخل والخارج .
⁃ مئات الآلاف من الشعب السوري مازال معتقلاً او مختطفاً أو مجهولي المصير رغم مرور عشرات السنوات ، وهذا ماكان له آثار خطيرة على العائلات المنتمية لها هؤلاء المفقودين .
⁃ أكثر من ثلث المدن السورية مدمرة ومهجورة .
⁃ فشل التعليم في المدارس والدراسة في الجامعات على كامل الأراضي السورية ونتائجها الكارثية على مستقبل سوريا عموماً .
⁃ تقسيم الشعب السوري والتخندقات الحاصلة في سوريا بين مكوناتها القومية او الدينية والطائفية وماله من آثار عميقة على طبيعة هذا الشعب في المستقبل .
⁃ الاحتلال التركي لعفرين وسري كانييه وكري سبي والعديد من المناطق السورية الأخرى والانتهاكات المستمرة بحق أبناء شعبنا في هذه المناطق من قبل ما يسمى بالجيش الوطني وانعكاسه على المعارضة السورية وعلى العلاقة بين المكونات السورية.
⁃ التغيير الديمغرافي الحاصل في العديد من المناطق في سوريا منها في دمشق ودرعا وعفرين من قبل ايران وتركيا والميليشيات التابعة لهما .
⁃ ضعف المعارضة وتفتيتها بشكل مفرط وإنشاء الكثير من المنصات وتسمياتها وفق الدول التابعة لها وفقدان الائتلاف صداقة أكثر من ١٢٠ دولة له رغم كل الدعم الدولي لها نتيجة عدم امتلاكه أي مشروع وطني جامع يحقق الشعب السوري الثائر طموحه في بناء سوريا الجديدة .
⁃ التفتيت الحاصل في المعارضة السورية العسكرية الى العشرات من الميليشيات والفصائل العسكرية وتحويل القسم الاكبر منها الى مرتزقة ابتعدت كلياً عن أهداف الثورة والشعب السوري في استعادة حريته وكرامته .
⁃ ابتعاد الآلاف من الضباط وصف الضباط والعساكر الذين انشقوا عن النظام السوري والتحقوا بالثورة عن المعارضة العسكرية لإفشالها والابتعاد عن أهدافها .
⁃ استمرار حزب الاتحاد الديمقراطي وإدارته الذاتية في ارتباطه الوثيق بحزب العمال الكردستاني وانعكاساته على القضية الكردية والاستمرار في انتهاكاته بحق الشعب الكردي وقواه السياسية وخاصة أنصار المجلس الوطني الكردي وخطف الأطفال وتجنيدهم وتهديد عوائل البيشمركة والتجنيد الاجباري للشباب الكردي وعدم قدرة هذه الادارة على تحسين الوضع المعيشي للناس الصامدين رغم كل الدعم الأمريكي المقدم له  .
⁃  استمرار التهديد التركي والميليشيات التابعة لها باقتحام المناطق الكردية الاخرى وتأثيرها على الوضع الكردي عموماً .
⁃ عدم توصل المجلس الوطني الكردي و أحزاب الوحدة الوطنية إلى أي اتفاق بعد مرور أكثر من سنتين على مفاوضاتها رغم الدعم الاميركي والاوروبي والكردستاني لهذا الحوار والسعي لإنجاحه بسبب تعنت حزب ال ب ي د   وتعطيله لهذا الحوار.
⁃ رغم انعقاد الجلسة السادسة من المفاوضات بين النظام والمعارضة في الأيام جنيف لكتابة الدستور بقيت النتائج صفراً والمراوحة والتراجع هو العنوان الأبرز لهذه المفاوضات بسبب هدر نظام الأسد للوقت ودون ممارسة المجتمع الدولي أي ضغط على النظام بالانتهاء من هذا الموضوع المصيري .
⁃ استمرار روسيا وإيران بدعم نظام الأسد ومحاولاتهم بتقديم كل المساعدات له وفتح قنوات للحوار مع بعض الأطر للعودة في النهاية إلى حضن النظام .
⁃ فشل المعارضة السورية في طرح مشروع وطني جامع يستقطب كل مكونات الشعب السوري وكل القوى السورية، ولم يتمكن من طرح حل موضوعي للقضية الكردية في سوريا كإحدى القضايا المصيرية والتي يفترض ان تتبناها المعارضة كأساس لحل الأزمة السورية عموماً .
في ظل هذه القتامة في اللوحة السورية التفصيلية لا يبدو في الأفق أي حل قريب لهذه الازمة التي تتجاوز مدتها عشر سنوات ، حيث لازلت الأزمة السورية متراوحة في مكانها بل احيانا تتراجع كثيراً إلى الوراء  ولكن لايبدو في الافق اي تقدم نحو إيجاد حل سياسي حاسم ينهي هذه المقتلة السورية ويعيد للشعب السوري حقوقه الوطنية والانسانية وكرامته وحريته المغتصبة ويوقف هذا النزيف المستمر وحذف اللجوء من قاموس أبنائه، ويعيد الابتسامة لأطفاله . حيث  هناك فجوة كبيرة بين اللاعبين الرئيسيين الدوليين والإقليميين في سوريا لتنفيذ بنود القرار الدولي ٢٢٥٤ والذي لازال يعتبر المشروع الدولي الوحيد لحل الازمة السورية ، والكل يدير هذه الأزمة وفق أجندته ومصالحه في السورية ، ولا مجال للشك بأن الجميع استفاد من الثورة السورية والدم السوري المراق  واستثمرها لمصالحه دون مراعاة هذا الشعب ومصالحه.
وهذا يؤكد بأن المسؤولية الأساسية لا تقع فقط على النظام الأسدي في سوريا الذي استخدم حتى السلاح الكيماوي ضد شعبه بل يتحملها أيضاً المجتمع الدولي الذي لم يمارس الضغط الكافي، كما مورس ضد الانظمة البقية في المنطقة . لذلك لابد أن يتوحد المجتمع الدولي ويتغاضى عن مصالح بعض دولها و يمارس مهامه في تنفيذ القرار الدولي ٢٢٥٤ ويوضع من خلاله حد للمقتلة السورية . كما أنه يتطلب من المعارضة السورية إجراء مراجعة جدية لهذه المسيرة الطويلة من كل النواحي والدعوة لعقد مؤتمر وطني جامع تحضره كل المنصات والقوى السياسية وممثلي كل المكونات وإشراك النخب الثقافية والفكرية السورية والاتفاق على مشروع وطني جامع يعبر عن طموح الشعب السوري في بناء دولته الوطنية المحايدة لكل ابنائها ومناقشة القضايا المصيرية ومنها قضية الشعب الكردي وتبنيها وإيجاد حل دائم لها وفق دستور عصري لسوريا واستقطاب كل المكونات  على قاعدة الشراكة الوطنية الحقيقية لكل مكوناتها .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.2
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات