القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 423 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: بعض من هواجس ذكرى ليلة الإحصاء عام 1992

 
الأحد 26 ايلول 2021


وليد حاج عبدالقادر / دبي
 خاص لولاتي مه 
2
في المعتقل كنا أربعة عشرة : الراحل علاء الدين حمام احمد والسيد محمد حسن عبارش والسيد ابراهيم بوظان والسيد محمد علي - روني علي - من حزب الإتحاد الشعبي الكردي، ومن القيادة المشتركة كنا عشرة : زكي الحجي و دارا تيريژ و يونس حمي وبشير أبو كاوا والسيدان سليمان أوسو وعبدالباقي يوسف و وليد حاج عبدالقادر و الراحلون ( محمد أحمد ابراهيم ومحمد شريف أبوزيد ومحمد يوسف .. عليهم الرحمة )، وأجمعونا في الجماعية  12 بسجن عدرا قرب دمشق، بعد احالتنا من فرع القامشلي إلى فرع الفيحاء بدمشق -، وللعلم فقد ضموا الأخ سليمان إلينا بفرع قامشلو، والأصح ضموه إلينا بعد ان كانوا قد طلبوا منا الإستعداد للإنتقال من هنا، ومع تعدد التكهنات واشد التوقعات كانت هي سفرة قد تمتد الى سجن الحسكة، وقبل ضم الرفيق سليمان إلينا، لم نكن نعلم بما يتم في الخارج، 


وضعوني انا وهو وبشير في سيارة واحدة، وبالطريق الى دمشق بعدما سرب لنا الرقيب ربيع الخبر، و .. كان وصولنا الى دمشق حيث فرع التحقيق، وفرقوا المهندس سليمان أوسو بعد ليلة قضاها معنا، وفي نهار اليوم التالي أخذونا نحن  الثمانية الآخرين الى سجن عدرا المركزي جناح السياسية ووضعونا في غرفة كبيرة أشبه بالنظارة وبقينا فيها حوالي الشهر أقل او أكثر بأيام ودخلنا عام 1993 ونحن في تلك الغرفة المنعزلة لدينا فقط نافذة كانت تطل على ساحة السجناء العاديين، ميزنا منهم فوازي نازو والمهندس في المحلج كان اسمه سليمان والمرحوم فيصل حسو وكنا نغني نازي نازي وفي الغناء نذكر اسمائنا وبالفعل عرفوا ان كوردا سياسيين موجودين ولكن الرقابة الشديدة المفروضة ورعب السياسية في السجن كانت تحيل دون تواصلهم معنا، إلى أن كان ذات يوم وكنت موجوعا في ضرسي فاخذوني لطبيب الأسنان وفي الممر تقابلنا انا وأبو جلال المرحوم فيصل وابتسمنا فقط لبعضنا، ودخلت غرفة الطبيب وكان برتبة مقدم وثوان كان الراحلين فيصل ومعه عبدالكريم خضري عفديا كجا الكوجري زميلي الدراسي وابن منطقتي .. تكلم فيصل بالإنكليزية مع الطبيب قائلا هذا جاري ويهمني والمساعد المرافق الذي كان معي واسمه أبو فادي، رد على فيصل حسو بالعربي وهو يبتسم وقال : والله انت و عبدالكريم لو تحكوا عبري راح يكون متعلق بهذا .. سألني : تعرفهم ؟ قلت : الصحيح ولا لف ودوران ؟ قال لا الصح ؟ قلت عبدالكريم ابن عمي وابو جلال جاري بالحسكة وانا وهو ودارا تيريش ثمانية متل الأخوة، التقطها فورا أبو جلال وأعادني ابو فادي إلى الزنزانة وحكيت للشباب ما جرى ! وهنا علي أن اذكر : كنا نحن فقط الثمانية والأصدقاء الأربعة كانوا في الجماعية وفي ساعة التنفس كانوا يروننا ونحن لم نكن نعرف، وكان من السجناء السابقين هناك الصديقان محمد خير والصديق آرام كرابيت وكانوا يحاولون التعرف علينا، بعضهم عرفوا الراحل أبو لورين ومحمد خير عرفني كشخص ولكن لم يتذكر اسمي ! على العموم عرفوا بأننا من معتقلي الحركة الكردية .. وبقينا في عزلتنا إلى أن كان ليلة ما قبل رأس السنة ناداني نائب رئيس القسم ولقبه أبو طارق وذهبت إلى غرفته فإذا بأغراض وفواكه وكروز بولمول الذي ضاهى الدنيا كلها وورقة مكتوبة عليها اسمي الثلاثي وتوقيع ما ان لمحته حتى سرى تيار في جسدي وأيقنت بأن والدي - رحمه الله - يتابعني، استلمت الأغراض والنقود وعدت إلى الغرفة ورفاقي كلهم يروحون ويجيئوون وما ان فتح الباب وناولتهم الأغراض إلا الدخان تشاقيت قليلا وما لبثت أن ناولتها لأبو كاوا وحكيت لهم أن والدي ارسلها، وفي اليوم التالي وأتذكر أننا كنا على الغذاء والوقت مع انتهاء الدوام بحوالي ربع ساعة كان عندما نادى علي مساعد آخر معروف كان بصلافته، قال لي تعالى عندك زيارة ؟ وكنت بالانترلوك الطويل ! قلت له دعني ألبس بنطالي!  رد : لا وقت تعال هكذا .. رافقني النقيب نعيم رئيس القسم وفي الطريق اخذ يهددني بأنني ان تكلمت بالكردي فسيعيدني ويقطع الزيارة، وصلنا الى الباب الخارجي ولم يأخذوني لا الى غرفة الزيارات ولا الشباك وفقط من خلف الباب والجو كان باردا والثلج يتناتف في الخارج ولمحت والدي يقف تحت الثلج وهو يحمل في يديه أغراضا، نادوه وتقدم هو صوبي وبكل شموخ اخذ يتكلم معي ورغم الحاح النقيب نعيم رئيس القسم وإصراره على ان نتكلم باللغة العربية إلا أن أبي اصر ان ندردش بكرديتنا و .. كانت قد مضت أيام و شهور عديدة حينما اعلمني اخي الراحل هشيار في واحدة من الزيارات بأن اخواي المهندس دياب وآلا كانا قد عرضا على العميد وجيه العلي رئيس فرع الشعبة السياسية سيارة مرسيدس خمسمائة - والأصح هو كان قد طلبها قبل اعتقالي على ان يدفع سعرها - وجاء اعتقالي كفرصة حيث تم اقتراح تقديم السيارة له مقابل اطلاق سراحي ووافق بشرط ان يقابلني الراحل والدي ويقنعني بالتوقيع على تعهد بالتعامل معهم وهو سيقنع ادارته بحاجته لي وهو - العميد - لن يمانع من مغادرتي الى الإمارات، وكان العميد مصرا للقاء والدي معي ومحاولة اقناعي لأن - اخوكم وليد حمار ورأسه يابس - وطبيعي ان اخواي نقلا الموضوع لوالدي والذي انفعل كثيرا وقال : والله لو مات عندهم لن اذهب إليه واطلب منه ان يوافق ليصبح عميلا لهم .. هو ليس بأفضل من اكثر من مائتي معتقل مثله .. ندفع فلوسا ونصبح عملاء لهم أيضا .. وبالفعل رفض والدي ورغم امكانية وسهولة زيارته لي في فرع القامشلي إلا أنه رفض ذلك وبأنفة .. كم أنا فخور بك وسابقى يا والدي ..
 .....

 انتهى عام 1992 ونحن كنا لانزال في الحصار داخل غرفة / نظارة في سجن عدرا قسم الأمن السياسي .. وسيلتنا الوحيدة لإيصال صوتنا الى الخارج كانت تلك النافذة المطلة على فسحة في الطابق الأرضي والتي استطعنا كما اسلفت سابقا بأن نميّز من بين السجناء مجموعة من الكرد حيث اوصلنا لهم رسالتنا من خلال الغناء .. وبقي التوتر وغموض الوضع والمصير هو السائد، ومعها الفراغ الممل، وإن كان أبو سربست قد حلّها لنا بأغانيه وقصصه الفولكلورية وكذلك توفر الدخان فقد أصبحت جيوبنا تعرف علبة البالميرا وبالتالي يتلذّذ واحدنا بسيكارة كاملة .. والتحليل قد اندمج بفسحته ونحن نضرب الأخماس بالأسداس ..وكان يوم 31 -12 -1992 وحوالي الساعة 2.30 عندما نودي على اسمي حيث كان والدي على باب السجن .. حضر النقيب بنفسه الزيارة القصيرة مع التنبيه بضرورة تكلمي باللغة العربية ومع هذا خرقت الوعد وأوصلت رسائل محددة الى قيادة الحزب استوعبها والدي بكل سهولة بحكم تجربته و .. قال بأن اضابيرنا قد حولت الى محكمة أمن الدولة وهناك مجموعة من المحامين تبرعوا للدفاع عنكم وموعد الجلسة ستحدد أول السنة .. وأتذكر أيضا تلك السجائر البولمول والمارلبورو الأبيض والتفاحات التي سرنا نتجادل ونلعب بها وأبو كاوا بهيصه وليصه و .. الأهم هي المحكمة و من جديد ماذا سنقول .. قرّرنا جميعا تبني النداء وبالتالي خط الحركة الوطنية الكردية وحقوق الشعب الكردي .. وعلى هذا الأساس تمّ الإتفاق وفعلا في أواسط الشهر الأول وفجأة نودي علينا نحن الكرد وقادونا الى محكمة أمن الدولة ـ جلسة النيابة ـ وأدخلو أولا الرفيق أبو لورين الذي نفذ الإتفاق ومن بعده دخل الراحل شريف وأيضا نفّذ الإتفاق وكان الرفيق شريف لايزال داخل مكتب النائب العام عندما فوجئت أنا بالمحامي الراحل عبدالعزيز أبو أجدر والمحامي ممتاز اللذين كنت أعرفهما مسبقا .. لم ينتبهوا لنا .. رؤوسنا محلوقة صفر والأمن يحيط بنا تقصّدت الكلام بالكردي لم ينتبهوا ؟ .. صحت بعنصر الأمن وقلت أبو أجدر أبو أجدر .. وبالكردية .. نحن هنا .. انتبه الأستاذ صبري ميرزا الذي لم أكن أعرفه حتى تلك اللحظة وصاح بالآخرين هاهم موكليننا .. تقدم أبو أجدر وممتاز منا .. أبلغونا رسالة الحزب بأنه علينا ألاّ نعترف مطلقا بالإنتماء الحزبي ولكن علينا الدفاع عن النداء وحقوق الشعب الكردي .. وبالفعل سيتبين بوضوح مجرد العودة الى مذكرات الدفاع هذه النقاط وعلى أساسها نظمنا دفوعاتنا الشفهية منها والكتابية .. 
..

كان ليوم جلسة النيابة نكهتها وخصوصا مشاهدة المحامين وبالرغم من الإلتباس الذي حصل إلا أن الراحلين ظلا متشبثين وغير مبالين مطلقا بالنتائج لابل وهذا مشهود ومثبت لهم .. فياما قالا كما قلناها جميعا لحظة انطلاقة سيارات الأمن بنا وعيوننا مغمضة من القامشلي الى الشام بأنها لربما سنوات خمسة أو ثمانية والله أعلم وكان المحامون قد طلبوا منا اثبات حالات التعرض للتعذيب وكذلك من الراحلين بنفي العضوية الحزبية في جلسات المحكمة ولكنهما ظلا متمسكين بأقوالهما .. الشيء الملفت والمحير هي تلك العلاقة الطلسمية او ذاك الترابط الشديد بين الراحلين وكأنهما كانا على علم برحيلهما المسبق .. هذا الترابط الروحي ذكرني بحالة الصديقين الراحلين من ديركا حمكو / محي الدين سيد نزير والراحل جتو / واللذين أيضا كانا في اقصى حالات الوئام والصداقة وقد وافتهما المنية وهما ايضا في عز شبابهما .. عموما فقد ابرع ابو سربست في اختيار لقبيهما وان كنا نتوه فيهما قصدا أحيانا .. بين سيامند و .. قره كيتران امتاز الإثنان ايضا بحبهما للرياضة وكرة الطائرة مع  (حاج يحيى العامودي  أبو كاوا ) بشير ملا احمد والصديق ياسين الحاج صالح ومحمد خير أبو طارق وآخرون ولم يقصر الراحل شريف ولعب كرة القدم ايضا مع الأصدقاء وان كان يلعبها في الغالب وهوحاف كرمى لآرام وماجد حبو ...وكثيرة هي المرات التي كان يلح فيها على ابولورين ولعب كرة القدم إلا أن آلام ظهره كانت تمنعه .. الإثنان امتازا بنوع من الإنفعالية وسرعة الغضب ولكنها حقيقة كانت سحبتها خفيفة لايلبث الواحد منهما وكنوع من الشعور بالندم يلاطفانك الى ان تبتسم او تضحك .. هكذا كانا وهكذا كنا ..أما في المواقف الجدية والمبدأية فحدث بلا حرج .. وأذكر ومن الرفاق من هم مازالوا يتذكرون .. حاول المحامون قدر الإمكان إبعادنا عن التنظيرات التي لامبرر لها وبالتالي المواقف وكانوا مسلحين بموقف الحزب وقراره ايضا بضرورة حصر المواقف بالدفاع عن قضية المجردين وبالتالي عموميات القضية الكردية من دون أي تأسيس برنامجي فيبدو موقفنا كما ودفاعاتهم على اساس أننا إنما متعاطفون .. هكذا مع هذه الشريحة المظلومة من دون أي التزام تنظيمي .. وعموما تدارسنا الموقف وحصرنا نحن مجموعتنا الثمانية الأمر .. ونظرا لوجودنا مع معتقلين من قوى معارضة أخرى وكل فرد يتباهى بمذكرة دفاعه .. وخاصة بعدما دون كل من السيدين عبدالباقي يوسف ـ أبو آشتي ـ وسليمان أوسو ـ بافي سيماف ـ مذكرتي دفاعهما .. أصبحنا نتداول فيما بيننا حول الأمر، وبالفعل ظهرت آراء مختلفة منهم من يقول لا ومنهم من يقول سأقدم مذكرتي .. وتبين بالفعل أن بعض الرفاق قد صاغ ما يشبه المذكرات أيضا .. واشتغلت ـ شخصيا ـ على مذكرتي .... وفي اليوم التالي قلت للمجموعة بعد أن اعطيتهم مسودة دفاعي .. هذا هو دفاعي إن قدم شخص واحد سأكون الثاني ولكنني لن أنفرد مطلقا لوحدي وتنادى الشباب ـ دارا و الراحلين شريف وأبو لورين ـ وقالوا لما لانقدم مذكرة جماعية ؟ .. قلت أنا لها .. وبالفعل اجتمعنا نحن السبعة وقررنا أن تكون مذكرتنا جماعية وتسلسل الأسماء حسب تاريخ الإعتقال وقد اعتذر الثامن وهو الصديق زكي الحجي وآثر ان يبقى منفردا بمذكرته خاصة وهو الوحيد من المجردين من الجنسية بيننا .. ولازلت أتذكر وبصدق اصرارهم الثلاثة / الراحلين شريف وأبو لورين والصديق دارا بافي روكي / بأنه إذا ما زاود أي واحد من الآخرين علينا فوالله سنعود نحن ايضا ونطرح تحرير وتوحيد كردستان .. واجتمعنا السبعة وبعد عدة مسودات تم صياغة النسخة الأخيرة المتفقة وهي المنشورة رسميا .. كلمة ضرورية في هذا الإيجاز أرى لزاما علي أن أقولها .. نعم نحن الكرد مهما اختلفنا فخلافاتنا هي بحالها وتآذرنا كما تعاضدنا يبقى سيد الموقف .. نعم .. لقد كنا ـ مجموعة منا وأنا واحد منهم ـ قد جيء بنا الى السجن وبيانات انشقاق حزبنا لم يجف بعد وفوجئنا بوجود أربعة من الرفاق من الطرف الآخر وقد سبقونا الى المعتقل وبالرغم من أننا لم نكن ملائكة ولكن حكم التاريخ سيثبت كم كانت روح الكردايتي هي الطاغية والسائدة بيننا .. نعم كانت لنا خصوصياتنا ولكن امام الآخرين كتلة واحدة كنا كما المأكل والمشرب وما شابه وهذه وحدها اي تلك العلاقة تستاهل جانبا خاصا .. 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.4
تصويتات: 15


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات