القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: هانوفر بستانُ الله

 
الثلاثاء 21 ايلول 2021


عبداللطيف الحسيني

"أعيشُ في الجحيم وأكتبُه، وأنتم تقرؤونه"
قلتُ لأخي عبدالرحمن أريدُ أن أقضي ساعةً في عامودا بهانوفر بعيداً عن السماء الأولى و مقيماً تحت سمائِها في نفس الآن. كيف تستقيم هذه الحالة؟، فعامودا تبعدُ عنّي ثلاثةَ آلاف كيلو متر، لكنّها معي بكلّ تفاصيلها، بدءاً بالنهر الذي كنتُ أقطعُه قفزاً لأكونَ كالغزال في الضفّة الأخرى، لكن هذا النهرَ الذي أراه في هانوفر لا يشبه نهري، فعلى جوانبه تتمدّدُ الفتياتُ عارياتٍ... نعم عارياتٍ.. ضاحكاتٍ.. مستغرباتٍ من أمثالي المتلصّصين الذين لم يَرَوا الدنيا بعريها. 


قلتُ لأجعل هذا المدى المخضّر المتدفّق بالألوان إحدى ضواحي عامودا حيث كنتُ أدرسُ في كتاب مدرّسيّ وتخفقُ شمسُ تموزَ فوقَ رأسي، وحينَ أعودُ للبيت أراني أكثرَ سُمرةً تشبهُ سمرةَ الغجر. "أتذكّر.. حين دخلتُ بلغاريا هارباً من تركيا فَرِحَ أهلُها بي.. مبتسمين.. مرحّبين بي... ولو أني لا أعرفُهم ولا أعرفُ لغتَهم. سألَ أحدُ أصدقائي: أ تدري لِمَ يبتسمون معك؟.... أجبتُه  لا، صفعَني جوابُه: أنت تشبهُ هؤلاء الغجر الذين يظنّون أنك منهم".
أشار أخي إلى ساحةٍ فيها مقاعد تشعُّ نظافةً،في الساحة على امتداد البصر أشجارٌ عملاقةٌ..خضراءُ طَوَالَ العام تتسلّقُ ظلالُها جوانبَها طَوَالَ اليوم،قلتُ ليكن مجلسُنا على العشب كما كنتُ في عامودا حيث تختبيءُ الأفاعي بينَ الأعشاب، أتذكّرُ.. قبلَ أربعين عاماً مرّت أفعى على يدي بينما كنتُ جالساً على العشب أقرأُ في كتابٍ مدرسيّ يتحدّثُ عن الحركة التصحيحية.
وكأنّ تلك الليالي التي أنفقتُ من عمري.. مع الأحبّة كانت كلُّها عُرسا.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات