دموية النظام السوري من ضعفه
التاريخ: الأحد 04 ايلول 2011
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

     هناك من يتساءل أمام تصعيد النظام السوري المطرد لوتيرة العنف الدموي ضد المدنيين وانتهاج أقصى درجات القوة النارية وبمختلف أنواع الأسلحة بما فيها طائرات الهيليوكوبتر لاسكات أصوات المحتجين المسالمين وحصد الأرواح وانتهاك الحرمات وتدمير الممتلكات واختطاف الناشطين واعتقال وسجن واهانة المعارضين بالآلاف وهناك من يتساءل عن سر استنجاد النظام بحلفائه الأقربين من ايران وحزب الله واستحضارهم ليندمجوا مع أدواته وأجهزته القمعية في ملاحقة واذلال السوريين وهناك من يتساءل عن دوافع اعادة رئيس حركة – حماس – الى دمشق بعد غياب – مدبر مدروس – لمدة شهر في – أنقرة – وقبل ذلك في زج ممثلي (فصائل فلسطية موالية) في القضية السورية الداخلية ليعلنوا الطاعة المعهودة للنظام الذي يذلهم منذ أربعة عقود ويسيء لقضيتهم كل يوم


 وهناك من يتساءل عن العبرة في تكليف سياسيين لبنانيين موالين من جماعة الثامن من آذار ليرفعوا سيف النظام في وجه شعب سوريا المتضامن مع ارادة اللبنانيين وتوقهم للخلاص من هيمنة سلطة دمشق منذ أكثر من أربعين عاما تلك السلطة المستبدة المسؤولة عن مآسي شعب لبنان والكوارث التي حلت بهم وما قدموه من تضحيات من أجل الاستقلال والسيادة ومازال سجناءهم يعانون في معتقلات دمشق وهناك من يتساءل عن هدف استدراج بعض الناطقين المعتمدين ليضللوا الناس عبر الفضائيات واستحضار فئة أكثر دنوا وانحطاطا من أصحاب الأقلام الرخيصة الى صفوف – شبيحته الاعلامية – ليبث سموم الفرقة واثارة غبار الانقسام والتطاول على الانتفاضة ومسانديها ومحاولة الجميع وحسب الخطة الموضوعة في حرف الصراع عن مساره الحقيقي وهو بين الشعب المطالب بالحرية والكرامة من جهة ومنظومة الاستبداد  من الجهة الأخرى , نعم كل هؤلاء يتساءلون بصوت واحد : هل مايمارسه نظام الاستبداد تعبير عن الانطلاق من موقع القوة أم الضعف ؟ .

   يحاول النظام منذ الأيام الأولى في سلوكه التبريري الواهن الايحاء بانه استفاد من دروس بلدان اوروبا الشرقية والصين وتاليا الربيع العربي في ضرورة التروي والانتقال ببطىء نحو الاصلاح تفاديا للفوضى كمايزعم لينطلق بذلك في رفضه القاطع للارادة الشعبية  فماذا حصد من كل ذلك وهل فعلا استوعب عبرتلك الأحداث التاريخية ام انه قرأها معكوسا مما جعله يتلقى الخيبة تلو الاخرى والفشل بعد الاخر الى أن وصل الى عزلة خانقة مقتربا من حافة الهاوية فالقتل والتدمير لم يتوقفا على حوران بل طالا اللاذقية وبانياس والرستن وجسر الشغور وادلب وريف دمشق وركن الدين ( حي الأكراد ) وحمص وحماة ودير الزور وهما في الطريق الى التوسع ليشملا كل سوريا والنظام بدأ يورط الجيش وجميع القوى الامنية بمواجهة الشعب والانشغال بالوضع الداخلي بدءا بقطعاته الموالية والامن والشبيحة وصولا الى مختلف الفرق معززا بذلك أضاليله – الممانعة – في مواجهة العدو الصهيوني وتحرير الجولان المحتل بوضعه معركة تصفية الحساب مع الشعب السوري في الأولوية تتقدم الصفوف في حساباته الاستراتيجية على أية مهمة اخرى بمافيها الجولان والاسكندرون وفلسطين والعمل العربي المشترك وهي كلها أمثلة تعري حقيقة النظام وتؤكد على خسارته وبالتالي على ضعفه وفقدان مصادر بقائه واستمراريته .
    فقد أضاع النظام اوراقه – المثالية – التي قامر بها طويلا منذ زمن ان كان في – فلسطين أو العراق أو لبنان – وبدأ يواجه ضغطا دوليا أشد وطأة وأكثر تهديدا ومن نوع جديد ليحل محل الضغوطات التقليدية المناسباتية العامة من اجل الاصلاح وترشيد ادارة الحكم الى المطالبة بالرحيل والاسقاط لينتقل بذلك من استثمار الخارجي عبر تقديم الخدمات الاستخبارية او خنق مجموعة ارهابية هنا وتسليم فرد مطلوب من هناك الى الوقوع في مصيدة الاتهام باالارهاب : ارهاب الدولة ضد شعبها وتصديره الى الجوار  لسحق الداخل مما عرضه ذلك الى عزلته العربية والاقليمية والدولية الراهنة وهذا ماجاء لمصلحة الشعب السوري ودفع باتجاه التفاعل الى درجة الالتحام الايجابي الحميد بين الداخل والخارج خاصة عن تعرض ليس راس النظام وافراد العائلة والأعوان والدائرة المتوسطة حوله الى الحصار والعزلة الخانقة فحسب بل حتى أن بعض مصادر تمويل رأس النظام  وجزءا من القاعدة الاقتصادية – الاجتماعية لسلطته بدأ يتعرض للعقوبات الدولية من تجميد للأموال ووقف للمشاريع والاستثمارات ومنع للسفر مما يذكرنا كل ذلك بسوابق مماثلة سبقت الحدث السوري في العراق ويوغسلافيا السابقة وتونس ومصر وليبيا بل أن مايجري الآن أشبه بالاجراءات التي اتخذت بعد الحادي عشر من سبتمبر في ما سمي بالحرب الشاملة ضد الارهاب وتجفيف مصادره وأصوله المالية .
  المشهد الآخر الذي يدل على ضعف مواقع النظام وكبح جبروته توسع الانتفاضة وتجذير مطالبها والتوجه نحو تعزيز وحدة صفوف مؤيديها وجماهيرها من مجموعات وفئات وأفراد وتنظيم الصفوف في الداخل والخارج من خلال التوصل الى برنامج سياسي مشترك في اطار جبهوي كما تجسد أخيرا با " المجلس الوطني الانتقالي " المعلن من قوى الانتفاضة بالداخل والذي سيحظى على الغالب بموافقة الغالبية وبتوافق المكونات الوطنية رغم ضرورة اعادة صياغة  بعض بنود الرؤية السياسية المقترحة وتوسيع المشاركة من جانب الناشطين الوطنيين من مختلف التيارات السياسية التي تدعم الانتفاضة وتناصرها وتعمل على اسقاط نظام الاستبداد بصورة واضحة وحاسمة كما أن الانتفاضة وبحكم ديناميكيتها وتحولاتها الايجابية  اليومية بدأت ولو على نطاق ضيق تتدارس خيارات أخرى لها علاقة بالموقفين الداخلي الشعبي المتجذروالخارجي المتطور يوما بعد يوم وخاصة بعد حسم الحالة الليبية الظافرة قد تفاجىء النظام في الأيام والأسابيع القادمة .
  الصف الوطني المعارض بجميع مكوناته القومية والاجتماعية وفي كل المناطق وفي القلب منه انتفاضتنا الشبابية الثورية الشجاعة وبدرجة تالية  قواه الأكثر جذرية وحسما في الداخل والخارج من مجموعات وتيارات وأفراد والذي كسب المعركة مع النظام ويحوز على مواقع القوة في الحاضر ويتطلع بشموخ الواثق الى المستقبل أمام المسؤولية التاريخية أكثر من أي وقت مضى في حشد القوى والتكاتف والتوافق والتعاون والتركيز فقط وفقط وفقط على المسألة المركزية وهي تحقيق اسقاط النظام كخطوة أولى نحو الانتقال الى الخطوة الأخرى في اعادة بناء الدولة السورية الوطنية التعددية الحديثة .








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9890