«العصيان المدني» سبيلا لاسقاط نظام الأسد
التاريخ: الأربعاء 31 اب 2011
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

   المتابع ليوميات الانتفاضة الوطنية السورية واحداثها ووقائعها خلال قرابة نصف عام من عمرها يلحظ الى جانب سماتها العامة التي تتقاسمها مع الانتفاضات الثورية التي اندلعت وظفرت في تونس ومصر وليبيا ذات التجربة الاستثنائية المختلفة التي نتجت عن السلوك الدموي المغامرللعائلة القذافية المتسلطة وبلدان أخرى على الطريق رزمة من العلائم والتجليات تنم عن خصوصيتها السورية مثل أية حالة أخرى فهي تتشارك مع الآخرين في مبدأ سلمية الانتفاضة وفي أهداف ازالة الاستبداد وسلطة الفرد والعائلة وتثبيت حكم الشعب بالطرق الديموقراطية وابطال بدعة التوريث ونشدان الحرية والكرامة واعادة بناء الدولة على أسس حديثة


وتنفرد في اختيار الوسائل والشعارات السياسية المناسبة والتكتيكات والآليات الكفيلة بحمايتها ودرء مخاطر وتحديات السلطة الأمنية القمعية الجائرة وفي الجانب السياسي من خصوصية الانتفاضة السورية يسجل المرور بعدة حالات من المطالبة باطلاق سراح أطفال درعا الى احتجاج عوائل المعتقلين بدمشق لتحرير سجنائها الى اتساع رقعة التظاهرات والاحتجاجات الشبابية لتشمل مدنا وبلدات عدة من أجل اصلاح النظام والمصالحة الوطنية والحوار بين السلطة والمعارضة انتهاء برفع سقف المطالب الى شعار " الشعب يريد اسقاط النظام " نتيجة رفض النظام للاستجابة لتلك المطالبات المحقة محاولا – التذاكي المبالغ – في استيعاب الدرسين التونسي والمصري بخصوص سقطته في مااعتبره عن غباء - سخاء - النظامين واستعجالهما في تنفيذ رغبة – أولاد الشوارع - الذين لم يرضوا بالأخير بأقل من اسقاطهما .
  وهكذا فالانتفاضة الثورية السورية التي تهدف الاسقاط وليس الاصلاح والتفاوض مع النظام المتورط في قتل الشعب  ليست في حالة سكون وقابلة للتطويرصوب كل الاحتمالات وقياداتها الشبابية الميدانية المتبدلة باستمرار والتي خرقت حاجز الخوف استجمعت من الخبرة ماتكفي للتوصل بأسرع وقت وبأقل الخسائر الى الغاية المرسومة وقد تتطلب الظروف باختصار المسافات وسلوك دروب أخرى وخوض معارك سلمية مختلفة من بينها تحويل التظاهرات  المحلية – الطيارة – والطويلة الأجل في المناطق والمدن والبلدات الى اعتصامات متواصلة في الأماكن التي يمكن بلوغها تمهيدا للانتقال الى المرحلة الفاصلة وهو العصيان المدني في كل الساحات والمواقع بكل مناطق البلاد فاحدى خصوصيات حالتنا السورية التي تختلف عن التجربة المصرية مثلا هي تعدد مدننا الكبرى وطول المسافات الفاصلة بينها بعكس مدينة القاهرة التي هي مصر أساسا تاريخا وسكانا ومساحة ولاشك أن الانتشار الواسع لفعل وجماهير الانتفاضة السورية بمدن وبلدات طول البلاد وعرضها  يشكل عامل قوة لنا وضعف للسلطة التي ستضطر لتوزيع أدوات قمعها في باقي المحافظات وعدم القدرة على استفراد العصيان بكل قواها هنا وهناك وخاصة في العاصمة دمشق .
  فالعصيان المدني وبحسب تجارب التاريخ القديمة منها والحديثة والتراث الذي تركه لنا رواد الانتفاضات والثورات الشعبية الأوائل والخبرات المتراكمة عن ثورة الجماهير وحركات المقاومة السلمية على القوانين الظالمة ومن أجل الحرية والسيادة والاستقلال والعدالة الاجتماعية والديموقراطية ودحر الفاشية والأصولية الشمولية وارهاب الدولة المستبدة في عصرنا الراهن وفي حركات الحقوق المدنية والسلام في سائر أنحاء المعمورة هو من أهم الوسائل والخيارات السلمية التي تؤدي الى تحقيق الانتصار في المرحلة الأولى وهي شل واسقاط النظام تمهيدا لخوض معركة اعادة بناء الدولة كمرحلة أخيرة من أهداف الانتفاضة الثورية .
  يقول المهاتما غاندي " ان العصيان المدني هو حق أصيل للمواطن في أن يكون متمدنا وهو ينطوي على ضبط النفس والعقل والاهتمام والتضحية " وفي الحالة السورية وبالرغم من تمادي نظام الاستبداد في اقتراف الجرائم تلو الأخرى ضد أبناء الشعب والتي اعتبرها – مجلس حقوق الانسان في جنيف – بمنزلة جرائم ضد الانسانية تودي برؤوس النظام الى محكمة الجنايات الدولية فان الانتفاضة الثورية السورية مازالت ومن موقع القوة والارادة الصلبة حريصة على طابعها السلمي أمام همجية السلطة التي فاقت كل التصورات ( ولاشك أن ذلك الحرص اللامحدود على سلمية الحراك محكوم بتطورات الأحداث ومآل احتمالات تصدع وحدة الجيش السوري ومرهون بالأخير بقرار قيادات التنسيقيات المحلية ) ولم تزل جماهير الانتفاضة تتظاهر وتحتج بأقصى درجات المسؤولية الوطنية والاخلاقية تجاه الشعب والوطن وهي تعطي كل يوم دروس المدنية والشهامة والتضحية لمن لم يستوعبوا الدرس بعد من السلطة العائلية وأعوانها الفاسدين المفسدين .
  جدوى العصيان المدني كوسيلة ناجحة لاسقاط الأنظمة الشمولية المتشابهة لطبيعة نظام الأسد واجراء التغيير الديموقراطي الناجز ظهر وتعزز في أكثر من مكان في السنوات الأخيرة من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين في أوروبا الشرقية على وجه الخصوص ناهيك عن تجربتي ( أمهات الانتفاضات الثورية السلمية ) بالشرق الأوسط وشمال افريقيا وتحديدا في تونس ومصر ومن أهم سوابقها التاريخية في أوروبا وآسيا التي يمكن الاتعاظ من دروسها اسقاط النظام الفردي العائلي لدكتاتور رومانيا والنظام الشمولي الجورجي وخلع الدكتاتور الأصولي العنصري سلوبودان ميلوسوفيتش وموجات الانتفاضات الثورية الناجزة المتتالية البيضاء والبنفسجية والوردية منها والبرتقالية ومازال الحبل على الجرار في أكثر من بلد بما في ذلك الدول الكبرى والصغرى في مختلف القارات التي تحكمها نظم شمولية أحادية تنتهك حقوق الانسان وتضطهد الآخر القومي والديني والمذهبي  .
  حسب قراءتي لراهنية الحالة السورية في ظل انتفاضتها الثورية المتعاظمة التي بدأ النظام الشمولي يترنح ألما أمام مدها ويقترب من حافة الانهيار بفعل هجومها السلمي وتأثيرها السياسي داخليا وخارجيا اقليميا وعربيا ودوليا أرى بضرورة أن تبادر تنسيقيات الشباب بمختلف مسمياتها لكونها مصدر الشرعية  الثورية والقرار الوطني المستقل في اللحظة التاريخية الراهنة الى التفكير مليا في خيار وسيلة العصيان المدني الذي سيؤسس لمشاركة شعبية أوسع وزخم جماهيري هائل يشل ادارات النظام وأجهزة قمعه ويضع الجيش السوري أمام مسؤولياته الوطنية وكفرصة أخيرة للانحياز الى الشعب واذا كان الشباب السوري بنخبه المضحية الواعية قد أوصل النظام الى حافة الانهيار فكيف اذا هب الشعب جماعيا نحو العصيان عن بكرة أبيه طلابا وموظفين وعمالا ورجال أعمال وكيف اذا أغلقت الجامعات والمعاهد والمدارس والمعامل والمصانع والمحال التجارية وكيف اذا خرج ( العاصون ) نساء ورجالا شيبا وشبانا لاشك أن ذلك سيكون اليوم الفاصل لهدم آخر قلاع المنظومة الأمنية العائلية واشراقة شمس الحرية على السوريين عربا وكردا وسائر المكونات القومية والدينية والمذهبية والاجتماعية والثقافية .








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9844