معارضة سورية بلا (إسلام سياسي)
التاريخ: الأربعاء 17 اب 2011
الموضوع: اخبار



صالح بوزان

يُشكر الأستاذ صلاح بدر الدين على مبادرته هذه والمعنونة "معارضة سورية بلا (إسلام سياسي)". وعندما نقول "إسلام سياسي" لا نقصد الدين الإسلامي أبداً. بل نقصد من يتقمص شخصية الله والرسول من أجل تحقيق أهداف دنيوية.
في التاريخ الإسلامي كله, كانت الدولة الإسلامية تمارس الاضطهاد على الناس, وتسعى لتحقيق مكاسب دنيوية للفئة الحاكمة أو الطبقة الحاكمة. وكان القرآن سيفاً بيد هؤلاء الحكام لقطع رؤوس معارضيهم. لقد بدأ ذلك منذ الخلافة الراشدية. ولعل الحروب الإسلامية الدموية بين تياراتها خير دليل على ذلك.


عندما نقرأ التاريخ الإسلامي السياسي تواجهنا المجازر الفظيعة. لقد مارس الإسلام السياسي مجازر فظيعة ضد اليزيديين والدروز والاسماعيليين والعلويين والمسيحيين. هذه حقائق لا يستطيع أحد أن يطمرها تحت بعض الآيات والأحاديث النبوية وأقوال بعض أئمة الإسلام. فمن يعتمد على فكر مطلق مثل الفكر الديني سيمارس في السياسة هذا المطلق على رقاب الناس. وهذا ما حدث كلما كان الدين الموجه الأساسي للدولة, سواء في اليهودية أو المسيحية أو الإسلام.
لقد كان كبار رجال الدين الإسلامي مع الحاكم الطاغية عبر التاريخ. مع بعض الاستثناءات القليلة, تعرض أصحابها لأشد أنواع الاضطهاد. ولعل الحلاج هو المثال الأبرز.
أوردت هذه المقدمة لأقول أن الشعب السوري الذي خرج إلى الشوارع رافضاً اضطهاد نظام البعث " العلماني" يجب أن لا ينزلق إلى خيمة الأصولية الإسلامية التي تقسم البشرية إلى فسطاطين؛ فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر.
أعتقد أن الأكراد يستطيعون أن يلعبوا دوراً هاماً على هذا الصعيد. وكم كان موقفاً عظيما من الشيخ الخزنوي في مؤتمر المعارضة في تركيا عندما دعا إلى فصل الدين عن الدولة.
على الأكراد؛ ساسة ومثقفين أحزاباً وتنسيقيات أن يعلنوا بصراحة أنهم لن يكون مع دولة دينية في سوريا. وأن يصروا على فصل الدين عن الدولة. إن بلداً يضم عدة أديان وعدة قوميات لا يمكن أن يكون مقبولاً تفضيل دين على آخر وقومية على أخرى بنص دستوري. كيف يمكن أن يكون الآشوري والدرزي واليزيدي والاسماعيلي والعلوي (كان الدستور السوري قبل حافظ الأسد يحدد دين رئيس الجمهوري بالإسلام السني) والكردي والشركزي مواطناً سورياً ولا يحق له أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية.
على الأكراد والعلويين والدروز والاسماعيليين والمسيحيين والعلمانيين بين صفوف السنة (وهم كثر) السعي لإبراز صوتهم عالياً في هذه المرحلة, وأن لا يقبلوا بدولة دينية في سوريا تحت أي مسمى كانت. فالدولة التي يريدونها يجب أن  تنفصل عن الدين. وبذلك يتحول الدين إلى عامل إنساني يحتضن الخير والرحمة ويوزعها على الناس. لم تتحول الديانة المسيحية إلى دين مسالم إلا بعد أن فُصل عن الدولة.
هناك اعتراف بين العلماء المسلمين أن الدكتور محمد رمضان البوطي من كبار العلماء المسلمين. لكنه على الصعيد السياسي أظهر مواقف تشبه مواقف الطغاة في التاريخ, إنه يُنظّر ضد الحرية والديمقراطية والعدالة.
إن الأكراد والعلويين والاسماعيليين والدروز واليزيديين والمسيحيين بكل طوائفهم وقومياتهم لن يقبلوا بدولة يقيمها عرعور او بيانوني أو شقفة. ولا قيمة لأي حق كردي, حتى إذا كان فدرالية, في هكذا دولة. لأنها ستكون دولة الاستبداد والانتقام.
يجب السعي الحثيث لإبعاد أية جهة تغلي في داخلها نزعة الانتقام. فالابن لا يتحمل مسؤولية والديه. والطائفة العلوية لا تتحمل مسؤولية فئة خرجت من بينها وفعلت ما فعلت.
أقترح على الأستاذ صلاح بدر الدين, وهو شخصية سياسية وفكرية معروفة ليس على الصعيد الكردي فقط, بل هو كذلك على صعيد الشعب السوري عامة, أن يقوم بمسعى حثيث لعقد مؤتمر يضم كافة العلمانيين من كل القوميات والديانات والطوائف السورية لمناقشة الوضع السوري الراهن, وبالأخص هذه المسألة تجاه مستقبل سوريا. وربما يتحول هذا المؤتمر إلى نواة لجبهة وطنية من أجل خوض الانتخابات عندما يحين موعد الانتخابات الحرة في جو ديمقراطي فعلي.








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9632