دور الانترنت في التغيير الديمقراطي
التاريخ: الأربعاء 04 ايار 2011
الموضوع: اخبار



رامان زنكي

عندما جلس مارك زوكربيرج أمام شاشة الكمبيوتر في حجرته بمساكن الطلبة في جامعة هارفارد الأمريكية الشهيرة، وبدأ يصمم موقعاً جديداً على شبكة الانترنيت، وكان لديه هدف واضح، وهو تصميم موقع يجمع زملاءه في الجامعة ويمكنهم من تبادل أخبارهم وآرائهم. فلم يفكر جوكر بيرج، الذي كان معروفاً بين رفاقه الطلبة بولعه الشديد بالانترنيت، بشكل تقليدي، مثلا لم يسعَ إلى إنشاء موقع تجاري يجذب الإعلانات بل فكر في تسهيل عملية التواصل بين طلبة الجامعة على أساس ان مثل هذا التواصل، إذا تم بنجاح، سيكون له شعبية كبيرة. عندما أطلق الموقع الجديد في عام 2004م (facebook) حقق نجاحاً سريعاً وباهراً حقق ما كان يصبوا إليه لكنه لم يتوقع أن يساهم هذا الموقع في يوم من الأيام في فضح وإسقاط أنظمة ديكتاتورية مستبدة. مثال ما حصل في العالم العربي حيث كانت شرارة الثورة في تونس وانتشرت خلال شهور قليلة في العديد من الدول العربية الأخرى مثل مصر، واليمن، وليبيا، وسورية...


مازال الانترنيت في ربيع الثورات العربية هو العنصر المساعد للتغيير ولكن ليس له الدور الكلي في هذا التغيير وإشعال نيران الثورة لان حركات التغيير كانت موجودة في الشرق الأوسط والمنطقة قبل وقت طويل من انتشار استخدام الانترنيت بسبب ظروف وعناصر اقتصادية وسياسية واجتماعية مثل تزايد أعداد أبناء الجيل وارتفاع المستويات التعليمية وتغير السياسات الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة واضطهاد شعوب وأقليات بلدانهم على مدى عقود من الزمن عرفت بالدموية والشوفينية وإنكار الآخر والعنصرية.
لكن تشارلي بيكيت مدير مركز بوليس للأبحاث في لندن أشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنيت والهواتف المحمولة لعبت دوراً كبيراً في نشر رسائل الناشطين وتسهيل تنظيمهم وزيادة سرعة الاتصال بينهم.
وقال تشارلي ان مواقع التواصل لا تخلق ثورات بل يخلقها الفقر والغضب والحكام المستبدون لكن في هذه الحالات شاهدنا كيف قامت المواقع التواصلية على تنظيم الناس والترويج للرسالة، وكانت وسيلة للهجوم على استبدادية النظم وفضح جرائمه ولإبلاغ العام بأن الناس هنا غاضبون ويسعون لحياة حرة كريمة لا عبودية للحكام ولا قدسية لهم، وظيفتهم خدمة الشعب، واعتقد أن مواقع التواصل كانت فعالة بصورة ملحوظة بوقت قياسي مذهل وأصبح الناشطون والمنظمون يتبادلون الاتصالات والمعلومات والخطط قبل وإثناء اندلاع الانتفاضات.
 كان مستخدموا مواقع التواصل يقومون بدراسة كيفية تنظيم الثورة وتفادي الأخطاء والتعلم من بعضهم البعض، مثلاً المصريون تأثروا من التونسيين والليبيون من المصريين واليمنيون من الليبيين والسوريون من أشقائهم في البلدان العربية.
هل النت كان كافياً لإخراج الناس إلى الشوارع؟.
من الصعب تحويل المساندة الشعبية على (facebook) إلى مظاهرات في الشارع والناشطون مثلاً في مصر جمعوا آلاف المؤيدين على صفحات النت لكن أعداد كبيرة من هؤلاء لم تشارك في احتجاجات ميدان التحرير. وأيضاً في سوريا استطيع القول بأن النت لم يكن كافياً بل كان له الدور الكبير في تنظيم الناس على الأقل في بداية الثورة ونقل الحقائق موثقة بأفلام فيديو منشورة على صفحات خاصة بالثورة السورية وحشد مثلاً على الشبكات الإخبارية في الفيسبوك ما بين 500عضو حتى 160000عضو وهو عدد غير مستهان فيه بالنسبة لخبرة السوريين في الداخل على مواقع التواصل عدا الذين كانوا يستخدمون البروكسي بسبب حجب النظام لهذه المواقع لعدة سنوات حتى قبل الثورة بأيام قليلة وهذا الذي لم يكن في حسابات النظام، ومن المؤكد ان الانترنيت يزيد على الحكومات صعوبة السيطرة على المعلومات التي تطلع عليها شعوبها. واليوم في الثورة السورية تنشر المقاطع والمعلومات عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحق المتظاهرين العزل على النت من قبل الناشطين وشباب التغيير هو بمثابة مسمار يدق في نعش النظام المستبد.
وعلى النظام السوري والأنظمة الديكتاتورية الشمولية المستبدة أن تعي وتدرك أن تلك المرحلة والظروف والأسباب التي كانت فيها شعوب الشرق الأوسط لا تصلها إلا الأخبار والمعلومات المفبركة التي تسمح بها الأجهزة المختصة والرقابة ببثها في التلفزيون الرسمي وان زمن احتكار الحكومات لوسائل الإعلام قد ولى.
وأعتقد أننا دخلنا مرحلة جديدة تكون فيها مواقع التواصل على الانترنت بصورة ما اداة للتحول الديمقراطي. لأنها على الأقل ستجعل الحكومات أكثر إدراكاً بما يفكر فيه الناس.
وأثبتت التجارب والاحتجاجات في انحاء الشرق الأوسط أن الانترنيت كان له الدور الأساسي والمحرض في التغيير في العالم العربي لكننا سنبقى نتساءل اذا كانت تلك الوسائل الجديدة التي ساهمت بالتغيير سيكون لها الدور أيضاً في إقامة نظم ديمقراطية محققة لآمال شعوبها في الحرية والديمقراطية؟...








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=8449