الحراك الشعبي في سوريا.. دماء غزيرة وحلول غائبة
التاريخ: الثلاثاء 19 نيسان 2011
الموضوع: اخبار



فوجئ النظام الحاكم في سوريا بتوسع نطاق المظاهرات الشعبية، بعدما اعتقد أن القبضة الأمنية المشددة و "الدعم" الشعبي الظاهر له بسبب مواقفه من إسرائيل ومساندته للمقاومة الفلسطينية كفيلان بجعل سوريا بلدا ’ لا يشبه‘ مصر أو تونس. إلا أن المظاهرات الشعبية التي انطلقت من مدينة درعا قبل أكثر من شهر، انتقلت عدواها لتشمل معظم المدن والقرى السورية مخلفة عشرات القتلى والجرحى والمعتقلين.


محاولة تشويه
في خطابه الأول (30 آذار- مارس) قلل بشار الأسد من الحمولة السياسية للمظاهرات الشعبية، واعتبر أن ما جرى في درعا وغيرها من المدن السورية سببه مطالب اجتماعية متعلقة بالخبز والعمل، وأن الإصلاحات السياسية المطلوبة كانت، على العكس، مسطرة من قبل القيادة القطرية لحزب البعث منذ مدة، وتأخر تنفيذها لأسباب متعددة. ولم يفته توجيه أصابع الاتهام لقوى خارجية تحاول زعزعة أمن واستقرار سوريا.
ومع توالي الاحتجاجات والمظاهرات، عمدت السلطات السورية إلى نهج خطط منهجية "لتشويه" الواقفين خلفها متهمة إسرائيل وبلدانا أخرى بتزويد المحتجين بالأسلحة. وقد عممت وسائل الإعلام السورية مؤخرا صورا تثبت ’تورط‘ جهات خارجية في محاولة زعزعة الاستقرار الداخلي. بيد أن المعارضة السورية التي تدعم الحراك الشعبي تشكك في الرواية الرسمية جملة وتفصيلا. يقول الكاتب والمحلل السياسي السوري  بدرخان علي في اتصال بإذاعة هولندا العالمية:
"ما يقال عن أسلحة مهربة إلى سوريا لا يقنع أحدا. سوريا مازالت تتحكم في لبنان، ربما ليس كالسابق، فكيف ستهرب أسلحة من لبنان؟ ومن يقدر ويجرؤ أصلا على فعل ذلك؟ إن السلطة في سوريا تحاول بكل الوسائل تشويه الحراك السلمي بإلصاق التهم وإثارة الشكوك حولها. قيل أولا إنهم مندسون ثم مخربون ثم عصابات مسلحة، ثم عرضت مسرحية على التلفزيون السوري أيضا، وقبل يومين تم عرض أسلحة على التلفزيون السوري وقيل إنها مهربة من العراق. هذا أيضا غير مقنع ".

تسميم الحياة
مثل خطابه الأول، فشل الرئيس السوري بشار الأسد في طمأنة الشارع السوري المنتفض عليه في خطابه الثاني (16 أبريل)، ولعل أهم –جديد- في هذا الخطاب هو تحديد موعد إلغاء حالة الطوارئ في غضون أسبوع. إلا أن المعارضة السورية ترى أن قانون الطوارئ المعمول به منذ وصول حزب البعث للحكم في سوريا منذ أكثر من أربعة عقود ليس هو المشكل، المشكل في الأساس هو حزب البعث الذي "سمم الحياة السياسية في سوريا"، بحسب الكاتب السوري  بدرخان علي. المحلل السوري أكد أن الخطاب لم يكن موجها أصلا للشعب، وإنما هو عبارة عن "توجيهات" للحكومة الجديدة، متجاهلا الشعب والدماء التي سالت في الأسابيع الماضية:
"حسب كلمة الرئيس يجب أن يرفع قانون الطوارئ خلال أسبوع، ولكن سوريا الآن ليست في حاجة لرفع قانون الطوارئ فحسب، فهو ليس سوى أحد عناصر الحالة السورية؛ حالة أعمق من قانون الطوارئ. فالقانون الذي سُن مع بداية تسلم حزب البعث للسلطة قبل أكثر من أربعة عقود، سمم الحياة السياسية في سوريا وعلق العمل بالدستور بما في هذا الأخير من أخطاء".
هذا فضلا عن المآخذ المرتبطة باللجنة المكلفة بدراسة مشروع قانون رفع حالة الطوارئ والخالية من أي حقوقي مستقل، يشدد علي بدرخان:
"اللجنة الحالية المكلفة بدراسة قانون بديل لقانون الطوارئ ليس فيها حقوقي واحد مستقل أو معروف بنزاهته. لدينا العشرات بل المئات من الكفاءات في سوريا في هذا المجال، وكان يجب على الأقل إشراك حقوقي واحد من خارج السلطة في هذه اللجنة؟"

مبادرة إنقاذية
من يخرج سوريا من المأزق؟ خطاب بشار الأسد الأول لم يكن فيه ما يوحي بوجود مشكلة سياسية أصلا، بل أشار بلهجة واضحة أن من يريد المعركة فسوريا مهيأة ومستعدة لها. وفي الخطاب الثاني أيضا لم يشر إلى ما يحرك الشارع، وهذا ما يقود سوريا إلى مفترق الطرق. "الوضع في سوريا خطير"، يؤكد سوريون، في الداخل والخارج، ممن اتصلت بهم إذاعة هولندا العالمية.
ومع أن الشعارات المنتشرة حتى الآن لا تؤكد إلا على الطابع السلمي للمظاهرات "سلمية، سلمية"، وضد الطائفية "واحد واحد، الشعب السوري واحد"، إلا أنه ليس من المستبعد أن يرتفع سقف المطالب بخصوص التعامل مع رأس النظام. وقد ظهرت، بحسب الكاتب السوري علي بدرخان، فعلا شعارات تطالب بتغيير النظام، مثلما جرى في تونس ومصر. ومما يعزز هذا المنحى التصاعدي للمطالب هو أن الشباب هم من يقفون وراء الاحتجاجات وليست قيادات المعارضة المعروفة. وعلى سبيل تقديم تصور لحل الأزمة السياسية في سوريا، يقترح الكاتب  بدرخان علي تنظيم مؤتمر وطني عام يمثل كل الأطياف السورية دون استثناء :
" الأحزاب الكردية في سوريا اقترحت تنظيم مؤتمر وطني عام تشارك فيه الأحزاب الأخرى غير الكردية، ويقوم بالدعوة إليه من حيث المبدأ رئيس البلاد لصلاحياته الواسعة. على أن يكون المؤتمر للتداول وإيجاد مخرج للأزمة، وليس للتصفيق".
ومن بين ما سيركز عليه المؤتمر البحث في كيفية بناء سوريا المستقبل، من حيث القضاء المستقل والانتخابات الحرة والاعتراف بالمعارضة الحقيقية وليس المعارضة الصورية، لأن "ليس كل السوريين رعايا".

تقرير: محمد أمزيان – إذاعة هولندا العالمية/ 18 أبريل 2011







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=8295