التقرير السياسي الشهري لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
التاريخ: الأحد 06 شباط 2011
الموضوع: اخبار



مع إطلالة عام 2011 بدأ جدار برلين التخويفي الذي بناه أنظمة الاستبداد والاوليغارشيات الحاكمة في المنطقة بسواعد أجهزة القمع الأمنية بالتصدع وحتى الانهيار في أكثر من مكان.
ولم تعد ثقافة الخوف التي جهدت السلطات على نشرها كي ترعب الشعوب ذات مردود يذكر، بل كادت تتحول الثقافة هذه رأساً على عقب، وتودي إلى نتيجة عكس مبتغاها، وذلك نتيجة لتضافر عدة عوامل وقضايا حساسة تمس جوهر حياة المواطنين، منها الاقتصادية وما يندرج تحتها من اتساع لرقعة الفقر المدقع وتدني مستوى المعيشة بين الجماهير، إلى جانب ازدياد مستويات البطالة الحقيقية منها والمقنَعة،


 وخاصة بين الشباب من خريجي الجامعات الذين ألقت بهم الأنظمة في الشوارع دون عمل أو وظيفة كأحد تجليات فشل السياسات التعليمية، إضافة إلى الارتفاع الفاحش للأسعار، وخاصة للمواد الغذائية والمحروقات، مقابل تدني الأجور والانقسام الحاد في المجتمع بين فئة كبار الأغنياء والتي تمثل أقلية اعتمدت امتطاء ظهر السلطة، تنهب ثروة الشعب لتتحول إلى ديناصورات اقتصادية تستولي على السلطة والثروة معاً، وأغلبية ساحقة من الفقراء تعيش نسبة كبيرة منها تحت خط الفقر، وذلك اهتداء من هذه السلطات بمقولة ممجوجة مفادها ان الذي يلتهي بتأمين لقمة عيشه لا يستطيع التفكير بحقوقه الأخرى من سياسية وإنسانية، ومنها أيضا الأمنية التي بموجبها ركنت الأنظمة الحاكمة إلى الحلول الأمنية لكل شاردة وواردة في المجتمعات المعنية، وسيلتها في ذلك الاعتقالات والسجون والنفي، هذه الوسيلة التي أصبحت سيف ديموقليس مسلطاً فوق رؤوس المواطنين، كونهم متهمين حتى تثبت براءتهم بهدف إقصاء السياسة والاهتمام بالشأن العام من المجتمع.

وتتشابك كل هذه العوامل، ونتيجة لهذه السياسات التي استمرت لعقود من الزمن وإلى الآن، بتنا نرى أكثر من المظاهرات الاحتجاجية والانتفاضات والثورات في أكثر من بلد عربي، مطالبة بالحياة الحرة والكريمة للشعوب، كما حدث الآن في الجزائر والأردن وتونس ومصر والسودان ولا ندري أين ومتى ستتوقف؟ كون طبيعة هذه الأنظمة جميعها متشابهة وان بنسب مختلفة.
من هنا لا بد من التوقف قليلاً عند ثورة الياسمين المباركة في تونس، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، والذي استمر حكمه 23 عاماً، وانتفاضة الغضب المجيدة في مصر ضد نظام حسني مبارك، والذي يحكم منذ 30 عاماً، هذان النظامان اللذان حكما بقبضة من حديد، ولو أحياناً في قفاز مخملي في مسعى منهما لخنق كل التعبيرات المجتمعية، السياسية منها والمدنية.
هذه الثورة وتلك الانتفاضة لهما أكثر من مغزى ومعنى نستنبطها من السياق التاريخي لهما ومن آلية وكيفية عملهما كالآتي:
1-    أكدت للغرب عموماً وللأمريكان خصوصاً ومعهما لهذه الأنظمة، فشل سياسة مقايضة الإصلاحات الديمقراطية بالاستقرار الذي هو بالأصل موهوم وزائف، فهذه الإصلاحات الديمقراطية هي الحاضن الرئيس والدافع القوي نحو ذلك الاستقرار المطلوب.

2-    ما حدث يثبت خطأ دعوى الأنظمة بأن بديلها هو الفوضى أو الإسلام المتشدد، بمعنى لم تعد تنطلي على الجماهير الغاضبة تلك الادعاءات.

3-    إن التغيير ممكن بدلالة الإمكانات الداخلية وليس بالرهان على العامل الخارجي.

4-    فقدان الأنظمة لمصداقيتها بين الجماهير، والتي رفضت الوعود التي قدمها زين العابدين بن علي في أنه لن يترشح لولاية سادسة للرئاسة كما لم تنقذه اعترافاته المتأخرة بفشل نظامه في تأمين الإصلاحات الديمقراطية، وأنه كان ضحية الصورة غير الصحيحة التي كانت ينقلها له مستشاروه ومساعدوه عن واقع التونسي، وتعهده بمحاسبتهم مثلما لم يعينه حزبه الحاكم وأجهزته المتضخمة، هذه الصورة التي تتكرر في كثير من مفاصلها الأساسية في مصر.

5-    التحرك المهم للشباب والدور الريادي الذي لعبه ويلعبه هذا الجيل الجديد – الفيسبوكي والتوتيري واليوتوبي -، بكل مسؤولية واقتدار متخذاً من النهج السلمي أسلوبا له في العمل، بعيداً عن العنف وآثاره المدمرة، مما يؤشر بوضوح على إمكانية تجاوز المعارضة الكامنة وكل أشكال المعارضات المعروفة والعلنية والمؤطرة في أحزاب سياسية، وذلك وفقاً للشروط الخاصة بكل بلد.

6-    جميع الشعارات المرفوعة تتحسس الحاجات الأساسية للمواطنين، وتتلمس وتعبر عن حقيقة مواقفهم تجاه الأنظمة بعيداً عن تلك الشعارات البراقة والفضفاضة الايديولوجية منها أو الإسلامية أو القومية.

في هذه الأثناء نشاهد فصلاً جديداً من فصول الأزمة اللبنانية والتي تشكل إحدى تجليات الأزمات البنيوية التي تعاني منها المنطقة، ويتكثف الفصل الحالي من الأزمة في الخوف من المحكمة الدولية، والتي تم تشكيلها بقرار من مجلس الأمن الدولي، ومن القرار الاتهامي الذي أحاله المدعي العام الدولي للمحكمة السيد دانيال بلمار إلى قاضي الإجراءات التمهيدية القاضي دانييل فرانسيسن، والذي من المتوقع بموجبه أن يتم توجيه الاتهام لعناصر من حزب الله في لبنان، الذي يدعو مع أطراف 8 آذار إلى اتخاذ موقف واضح ضد القرار قبل صدوره، والدعوة لوقف تمويل المحكمة والتي يوصفها بأنها مشروع أمريكي - إسرائيلي؟، وسحب القضاة اللبنانيين.
هذه المطالب الذي رفضت أطراف 14 آذار المتمسكة بالمحكمة الدولية كأداة لتحقيق العدالة وانتظار صدور القرار ليتم اتخاذ الموقف الصحيح منه، ما يعني انقسام 8 آذار و 14 آذار إلى فريقين، فريق قبل وفريق بعد.
في هذا الوقت الذي يصَر كل فريق على موقفه، أعلن أطراف 8 آذار نعي المبادرة أو التسوية السورية السعودية، والجهر بأن هذه المبادرة انتهت من دون نتيجة ايجابية ما حدا بها إلى سحب وزرائها من الحكومة، وإسقاطها بعد أن تضامن معهم وزير آخر من حصة رئيس الجمهورية، هذه العملية برمتها وصفتها قوى 14 آذار بأنها انقلاب من جانب حزب الله على الحكومة الشرعية، وبأنها تشكل خرقاً فاضحاً لاتفاق الدوحة الذي بموجبه تشكلت الحكومة برئاسة سعد الحريري الذي كان في البيت الأبيض بواشنطن حينما تحول إلى رئيس لحكومة تسيير أعمال، وعلى اثر ذلك تم تكليف السيد نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، حيث نال 68 صوتاً نتيجة تحول السيد وليد جنبلاط ونواب حزبه إلى جانب حزب الله، مقابل 60 صوتاً للسيد سعد الحريري.
على الصعيد الداخلي السوري لا ريب أن مجمل تلك التطورات والأحداث الجارية في المنطقة تستدعي وقفة تأمل ومراجعة حقيقية من جانب النظام لمجمل سياساته الداخلية، واننا وحرصاً منا على بلدنا سوريا ندعوه للقيام بذلك بأسرع وقت، كون هذه السياسات تتشابك في أجه كثيرة منها مع نظيراتها في البلدان التي حدثت فيها هذه الاضطرابات، والعمل الجاد والملموس على إيجاد حلول عملية لها، وقد تكون هذه الخطوات الآتية بمثابة مفتاح لحل الكثير من الاحتقانات داخل مجتمعنا السوري:
1-    إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين وسجناء الرأي والضمير.

2-    إنهاء العمل بحالة الطوارئ والاحكام العرفية.

3-    حل قضية الأكراد المجردين من الجنسية بكل تشعباتها وإعادة النظر بمرسوم 49 لعام 2008.

4-    الاحتكام إلى مبدأ ولغة الحوار تمهيداً لعقد مؤتمر وطني شامل يشارك فيه الجميع دون إقصاء أو استثناء.

إلا أنه وعلى عكس المتوقع تتواصل الاعتقالات الكيفية وتصدر الاحكام الجائرة بحق نشطاء سياسيين والمهتمين بالشأن العام، فقد تم اعتقال كلاً من الكاتب حواس محمود والشاعر إبراهيم بركات، كما تم اعتقال الشابين الآشوريين سمير أويتر تشابا وجوني بادل دافيد.
كما أصدرت محكمة أمن الدولة العليا احكاماً جائرة بحق كلاً من: عباس عباس               ( 65 سنة) سبع سنوات ونصف وعلى أحمد النيجاوي وغسان حسن وتوفيق عمران أربع سنوات، وذلك بعد اتهامهم بالانتساب إلى جمعية سرية ( حزب العمل الشوعي )، ووقف الإجراءات التأديبية بحق المحامي والناشط الحقوقي رديف مصطفى.
وأخيراً لا آخراً، استمرار مسلسل الفصل والنقل لمعلمين ومعلمات أكراد من وظيفتهم كإجراء تعسفي ومناقض لكل مبادئ والقواعد الدستورية وللقوانين والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الحكومة السورية.
وفي سياق الحديث عن الاعتقالات لا بد أن ندعو كافة منظمات حقوق الإنسان والمهتمين بالشأن العام والقوى والمنظمات الديمقراطية في العالم، للتضامن مع أبناء شعبنا الكردي في كردستان إيران، الذي يتعرض لمسلسل الاعتقالات اليومية والإعدامات داخل سجون النظام الإيراني في مدن: مهاباد وسنة وسقز وغيرها من المدن الإيرانية.

5 شباط 2011
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا " يكيتي "







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7828