حول مسألة التنمية في منطقة الجزيرة وعدم مشاركتي في البرنامج التلفزيوني «البلد بارك»
التاريخ: الثلاثاء 18 كانون الثاني 2011
الموضوع: اخبار



 فيصل يوسف

في برنامجه المميز "البلد بارك" والذي يعرض على قناة أورينت الفضائية طرح الإعلامي والصديق الأستاذ أيمن عبد النور في حلقته التي عرضت مساء الأحد الفائت موضوعاً ذا أهمية بالغة حول مسألة التنمية في منطقة الجزيرة بمعوقاتها وأفق حلها، شارك فيه مجموعة من الكتاب والصحفيين والاكاديمين السوريين. وكنت قد تلقيت دعوة مشكورة للمشاركة في البرنامج المذكور عبر الأقمار الاصطناعية من إحدى استوديوهات قناة أورينت الموجودة في لبنان أو الأردن  لكن ومع الأسف وبسبب منع السفر المفروض علي من قبل السلطات السورية لم أتمكن من المشاركة والحضور في البرنامج كما أن الوقت المخصص للمشاركة في البرنامج عبر الاتصال الهاتفي لم يكن كافياً لذا أعتذرت عن المشاركة مع تقديري العميق للجهود المخلصة التي يبذلها الأستاذ أيمن في برنامجه "البلد بارك" بطرحه لهذه النقاط الهامة والجريئة والتي تشكل بادرة إعلامية مميزة وذات أهمية لتسليط الأضواء على قضايا الوطن وإشراك المواطنين المعنيين بها لإبداء وجهات نظرهم حول سبل حل تلك القضايا.


وفي سبيل أغناء هذا البرنامج من مختلف الجوانب واستكمالاً لما تم طرحه سأعرض هنا لبعض النقاط التي نراها ذي أهمية عند الحديث عن موضوع التنمية في منطقة الجزيرة.
- قبل أن نتحدث عن التنمية في المحافظات السورية يتبادر إلى ذهني سؤال يتعلق بالهوية الاقتصادية للوطن، فهل نحن دولة نفطية أم زراعية أم صناعية، لعل سوريا من الدول التي تتوفر فيها الإمكانية لتطوير القطاعات الثلاثة الآنفة الذكر ما سينعكس إيجاباً في تنمية مختلف جوانب الحياة في عموم الوطن.
ومحافظة الحسكة التي تشكل العاصمة الزراعية لسوريا حيث أنها تعتمد في اقتصادها على الزراعة بشكل أساسي وبما له من دور مؤثر في زيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي كما أنها تشتمل على أهم واكبر حقول للنفط والغاز في سوريا، إضافة إلى ما كانت تشهده مدنها من نشاط عقاري وحركة عمرانية كانت تستوعب أعداداً كبيرة من الأيدي العاملة وأرباب المهن ذات الشأن إلا أن المحافظة  لم تحظى بالدعم الحكومي اللازم خلال السنوات المنصرمة حيث غابت عن هذه المنطقة ومنذ الخمسينيات أية برامج تنموية فاعلة ومتكاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية لتطوير المنطقة بشكل يشمل مختلف القطاعات.
وقد شهدت محافظة الحسكة مؤخراً تراجعاً ملحوظاً وكبيراً في القطاع الزراعي لعدة أسباب أهمها إمساك "السماء أن تقع على الأرض" إضافة إلى رفع أسعار المحروقات وتحرير أسعار الأسمدة وما نتج عنهما من زيادة في تكاليف الإنتاج الزراعي وبالتالي عزوف عدد كبير من الفلاحين عن الزراعة وتحول فئة كبيرة من المزارعين إلى عمال زراعيين الأمر الذي أدى إلى فتح باب الهجرة أمام أبناء المحافظة بشقيها الداخلي والخارجي حيث أشارت تقارير صادرة مؤخراً عن منظمات دولية إلى أن الجزيرة السورية شهدت نزوح ما يقارب الـ850 ألف نسمة والتي أثرت سلباً على مختلف النواحي الاجتماعية والتربوية في المحافظة فقد نشرت جريدة الثورة تحقيقا في عددها الصادر بتاريخ 8-9-2009  ذكرت فيه أنه تم إغلاق ودمج 24 مدرسة في المحافظة نتيجة للهجرة الداخلية للأهالي وازدادت نسبة التسرب من  6102 تلميذاً في بداية العام الدراسي 2009 وانتهت بـ 7381  تلميذاً في نهاية العام الدراسي، كما تم نقل 3240 تلميذاً إلى خارج المحافظة للالتحاق مع أوليائهم في مراكز عملهم الجديدة، إضافة إلى تناقص في عدد التلاميذ والطلاب بشكل ملحوظ بين عامي 2008 و 2009.‏‏‏
 علما أن تعداد سكان محافظة الحسكة هو حسب الإحصاءات الرسمية يزيد عن مليون وأربعمائة ألف نسمة مما شكل فراغاً سكانياً يمكن ملاحظته عيانياً في هذه المحافظة.
أن الحديث  المتداول حالياً في الأعلام الرسمي السوري عن المؤتمرات والورشات التي تعقد لتنمية المنطقة الشرقية أو رصد المخصصات والمبالغ الكبيرة لتنمية هذه المنطقة  في الخطة الخمسية المقبلة ستبقى حبراً على ورق إن لم يتم معالجة بعض القرارات السياسية التي صدرت بحق أبناء هذه المحافظة.
فخصوصية محافظة الحسكة تتجلى تلقائياً من خلال الإجراءات المطبقة على المواطنين فيها حيث كانت أجواء التفاؤل سائدة بعيد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى المحافظة عام 2002 وتأمل المواطنون في تحسين أوضاع محافظتهم ، ولكن بقيت كثير من القضايا عالقة دون حل .
ويشكل في هذا المجال موضوع الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الخاص بالمواطنين الكرد في الحسكة أحد أهم القضايا التي يجب أن تعالج بسرعة  والذي يعاني من تبعاته اليوم ما يقارب الـ 300 ألف مواطناً كردياً مجردين من الجنسية السورية، ومحرومين من أبسط حقوقهم المدنية  وكان السيد الرئيس بشار الأسد قد وعد بحل هذه المشكلة وكذلك المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث وفي أطار توصياته قد وجه بحل مشكلة أجانب الحسكة ونحن الآن على أبواب انعقاد المؤتمر الحادي عشر لحزب البعث ولم تتخذ بعد أية إجراءات في سياق حل هذه المشكلة التي تعتبر كارثة إنسانية قبل أية اعتبارات أخرى والتي ستؤثر مستقبلاً بشكل أو أخر في عرقلة أية مشاريع تنموية في المحافظة .
 كما أن صدور المرسوم التشريعي رقم 49 لعام 2008 والذي أعتبر محافظة الحسكة بكاملها منطقة حدودية لايسمح فيها بعمليات البيع أو الشراء إلا بعد الحصول على موافقة الأجهزة الأمنية  قد لعب دوراً مؤازراً مع  تراجع العمل في القطاع الزراعي في زيادة عمليات الهجرة الداخلية والخارجية فتعطلت الحركة العمرانية التي كانت الملاذ الوحيد لاستثمار رؤوس الأموال واستيعاب الأيدي العاملة في المحافظة، وأشارت بعض الإحصاءات إلى توقف 45 مهنة في المحافظة كانت معظمها مرتبطة بحركة العقارات والنشاط العمراني.
وفي سياق مسالة التنمية والتي تشتمل على كافة القطاعات فلابد من التأكيد على إعطاء الأولوية للجانب للثقافي حيث تتميز هذه المحافظة بتعدد الانتماءات الثقافية لأبنائها تحت قبة الانتماء الوطني ويعيش فيها جنباً إلى جنب الكردي والعربي والآشوري والأرمني ولكل منهم ثقافته ولغته وباعتقادي فإن التنمية الثقافية في المحافظة يجب أن تولي الاهتمام بكل تلك المكونات الوطنية.
وأخيرا لابد أن ننوه إلى أن الحق في التنمية أعتمد وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 41 128للعام 1986 كحق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف وانه ينبغي للدول أن تتخذ، على الصعيد الوطني، جميع التدابير اللازمة لإعمال الحق في التنمية ويجب أن تضمن، في جملة أمور، تكافؤ الفرص للجميع في إمكانية وصولهم إلى الموارد الأساسية والتعليم والخدمات الصحية والغذاء والإسكان والعمل والتوزيع العادل للدخل دون أي تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين . وينبغي اتخاذ تدابير فعالة لضمان قيام المرأة بدور نشط في عملية التنمية. وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية مناسبة بقصد استئصال كل المظالم السياسية والاجتماعية.








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7773