المخاض العسير وإشراقة في العتمة
التاريخ: السبت 28 اب 2010
الموضوع: اخبار



عبد الرحمن آلوجي

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الحراك السياسي وواقع المرارة والانقسام في الحركة الكردية وما تعانيها من أزمة الثقة والتشتت والترهل والترنح , والمراوحة في المكان , والمراجعة والمواجهة  , وعنت التشظي وصعوبة وبطء تخطي العقبات ,وهي جملة دراسات تتناول واقع الحركة وصعوباتها وآفاقها , وما دفع إلى الحديث عن عبثية الحركة واستعراض خاص لتاريخها , وما رافق ذلك من ضعف وقصور وعاطفية وعفوية , كما ورد في مقال الصديق الأستاذ " حسين عيسو " , وما أطلقه " بافي زين " من لاءاته في وحدة الحركة , ويأسه من وحدتها , والدعوة إلى الاكتفاء بعدم خوض التهميش والإقصاء والتشهير والتجريح


 مما يجدر بنا أن نقف وقفة عادلة وغيورة على الواقع بسلبياته ومراراته , وإشراقاته في مخاض عسير , كان للجانب الموضوعي فيه من الأثر , وقوة التحريك مالا يقل عن الجانب الذاتي وآثاره والتوءاته , مما يفرض منهجية بحث متكامل , يلمس قوة التحديات , وعناصر المواجهة , ويدعو إلى تحرك إيجابي – مهما تعددت وجوه وجوانب التحدي - , ليخرج الحل من رحم المعاناة , ويأتي البحث عن المخرج من صلب الأزمة , وواقعها المستعصي , مع التقدير لقيمة كل بحث يجد في فهم العلاقة الجدلية بين واقع الحركة وتطورها وتاريخها , ودقائق انشطاراتها , وتلمس مواقع الأقدام في الخروج من الراهن العسير , والعتمة التي تتخبط فيها , بأمل باعث على اليقين , بضرورة تلمس الجانب المنهجي , وإعطائه الحيز المطلوب في تبين ملامح الإشراقة المرتقبة وسط الزوبعة, وهي تمور وتضطرب .

إن مراجعة منصفة لواقع الحركة , وأسباب انقساماتها , وتشتت شملها , وبعدها التدريجي عن طموحاتها وأهدافها , وما حيك بحقها من دسائس ومؤامرات وفتن , وما أحاط بها من تعقيدات جمة , وبخاصة في ظل الإعلان عن ولادة تنظيم ينهض بأعباء الوعي النضالي وقيادته في الثلث الأخير من خمسينات القرن الماضي , وفي ظروف دولية وإقليمية عصيبة , وقدرات تنظيمية واقتصادية واجتماعية محدودة , وإمكانات سياسية وإدارية لم تكن ترقى إلى ما كانت تملكه الحكومات من وسائل وقدرات وإمكانات وأدوات , ورفض قاطع لمجرد الوجود الكردي , وعدم الاستعداد إلى الإصغاء للصوت الآخر , بل الذهاب إلى قمعه واعتقاله ومصادرة رأيه , ومحا سبته حسابا عسيرا , إن مثل هذه المراجعة تضعنا أمام الهوة الواسعة بين الحركة والمتصدين لها والعازمين على وأدها في المهد , وقبر كل طاقاتها وسحق كوادرها , وهو ما حصل في بدايات الانطلاق , وما حصل بعد عقود من عدم الاعتراف بمجرد الخطوة الأولى , والعتبة الأساسية التي بنت عليها الحركة الكردية بفصائلها استراتيجيتها القومية والوطنية , من خلال الدعوة المفصلية إلى الاعتراف بوجود الشعب الكردي في سوريا على الخارطة السورية جغرافيا وسياسيا , وهو أمر جدير بوقفة تأن وتمل لما هو قائم إلى يومنا هذا , وما تبعته من إجراءات , وأساليب ومشاريع وخطط وبرامج , تحول دون هذا الاعتراف , وتخطط لمنعه بمختلف القدرات والوسائل التي تتفوق بها الحكومات المتعاقبة على الحركة وكل ما تملكه من طاقة وقدرة , إن في مثل هذا الاعتبار الموضوعي ما يخفف إلى حد ما من مسؤولية الحركة , دون أن يعفيها ذلك من مسؤوليتها الذاتية , أو فيما تملك من ضرورة الحفاظ على جسد الحركة من الترهل , والأدواء الناخرة فيه , وما تحتمله , وتتحمله من ألوان الصراع ودرجات عقمه , ومبلغ المهاترة فيه , ومقدار ما حرصت عليه من الأنانية الحزبية الضيقة , وما راودت الكثير من الانتهازيين والوصوليين , ومنعدمي الكفاية والكفاءة من إساءات ومغامرات , وأساليب ملتوية قادت إلى الكثير من العنت والمكابدة والرهق والخصام المصنوع والمفبرك والمعد بعناية , مما ساهم في تعقيد الجانب الذاتي , ليتلاقى مع الصيغة الموضوعية في منهجية التفتيت وبعثرة القوى والطاقات , وضربها في آفاق التيه , ليتجرع الطامحون إلى الأفضل والأرقى مرارة واقع , ورهق تشظيه وتباعده , وصعوبة رأب صدعه مع عدم إغفال ما كان لهذه – عبر تاريخها – من قيادة النضال ,ورفع درجة الوعي التاريخي والتقافي لدى جماهير واسعة وعريضة بالقضية الكردية في سوريا , وما خرجته من آلاف الكوادر المثقفة وما هيأته من أرضية الممانعة ومعاندة المحو والتذويب , باتجاه تعزيز الوجود الوطني والقومي للكرد في بلد تدعو فيه الحركة برمتها إلى احترام التنوع في المكونات والخصائص والأفكار والقيم والتقاليد في ظل إخاء وطني وازدهار وعيش مشترك ومتكافئ ومتوازن  .
أمام هذا الواقع كان البحث عن مزيد من جمع الكلمة – رغم المرارة وعلامات الضجر وحسابات الزمن وإمكانات الآخرين بالمقارنة مع إمكانات الحركة – كان البحث عن إشراقة وسط العتمة , وولادة بعد مخاض عسير أملا لا يزال يراود الكثير من الوطنيين والمثقفين والناشطين , وما يسعون إليه من محاولة جمع المتجانس من الوحدات – وخاصة في الآونة الأخيرة من خلال لقاءات وندوات ومشاريع عمل - , مما يفتح الكوة في تلك الزاوية المشرقة , ويحدو على أمل ولو كان متراوحا أو مترنحا أو متعثرا , ولكن الهم في كل ذلك ألا يداخلنا القنوط وألا يستبد بنا اليأس إلى غلق الأبواب , وإن كان الطموح يذهب إلى مدى تحديد المقصرين , وتوصيف المعرقلين , ووصم المستفيدين من الشرذمة , والتي لا يمكن للأعمال المرتجلة والأخرى المنطلقة من ردات الفعل السريعة أن تكون بديل عمل جاد مسؤول وموثق , وممنهج باتجاه المتابعة الدقيقة , والحرص على وضع قواعد عمل متقن , يوفر الكثير من العناء غير المدروس والجهد غير المخطط والمنصف والموثق .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7340