بانوراما مناضل كردي
التاريخ: الأثنين 10 ايار 2010
الموضوع: اخبار



  سفينةُ ديركيّ ترجّل باكراً من ميناءِ الحياة
"للمرحوم عبد الكريم أحمد ملا يحيى مرتحلاً جهة قلوبنا قبلَ السّماء"
   فالحياة أصبحت كالقصص القصيرة, كالغيوم العابرة, تمرّ سريعة, وكذا الطيبون والجيدون على هذه الأرض الخيّرة, ربما يتساءل الكثيرون ما الذي تعنيه الكتابة -إن جاءت متأخرة- لشخص إثر وفاته, ولم تكن كلمة الواجب حاضرة لحظة حياتهم,..., نذهب لما يقولونه أيضاً مُحملّين بالكثير من المرارة.
فحين يغيب الجَيدون, يتداعى على الفور جَيدهم-مباشرة-, لذا فمن نافل القول استذكار مناقبهم ومحاسنهم
" اذكروا محاسن موتاكم "


   هكذا رحل عبدالكريم – صديق الكمبيوتر والعمل الطيب- رحل تاركاً لنا ولأهله الذكر الطيب والأفعال الجيدة وما وظّفه من جهدٍ وطني وكردي لرفع شأن شعبه, متذكرين ما وسم به –أي المغفور- من صفات وخصال رائعة, فحين تقول من بيت ال"سيد" في ديرك وكأنك تلفظ أهم وثيقة شرف لما لعبته شخصيته وسمعة والده في إثبات المصداقية والعمل النزيه, في المكتبة والتجارة والحياة والنضال الكردايتي.

خيمة العزاء وحدها  لا تفي الميت حقه            
فعلا فالخيم  تخفف عن أهله الحزن, لكن هل يمكننا إعطاء المرء ما يستحقه بخيمة أو بخيمتين أم بثلاث أم بأربعينيات وسنويات, يكفي أمثال عبدالكريم ما ضخّه في ذاكرة ديركا حمكو بالكامل وريفها عن أفعاله وأعماله  وما وهبه لها من تفانٍ ووطنية ملفتة, ستبقى أبواب المدينة ونوافذها مشرعة لنجمه وأحلامه, ما بقيت المدينة وما بقيت ذاكرة أهلها حيّةً.
المرحوم عبدا لكريم ومناحات البارتي- الكردايتي-
   التزم المغفور له بنهج الوطنية والكردية كأيِّ كردي أدرك ما يتعرض له شعبه من ضغوط وانتهاكات فكان أن انضم للبارتي الديمقراطي الكردي –سوريا في ريعان شبابه أواسط التسعينات وبقي ملتزما ضمن خلاياه وقواعده حتى فترة إصابته بالمرض  دون استقالة بل بقي حاضرا بالعمل والكفاح وبحسب رفاقه وأصدقائه –حزبياً- كان أهلا للكردي الحزبي –البارتي-المنضبط بأخلاقيات العمل والمنهجية الحزبية, دون تكلف أو مراودة, ملتزما الهدوء في كل أعماله, رغم أهمية ما قدّمه للبارتي من تضحيات هامة, وإن كان الكتمان سمة وخصلة ميزته في أعماله ونشاطاته كافة.
   تتلمذ في فضاء وطني من عائلة ملتزمة بالكردايتي والدين معاً, وعلى نهج والده المغفور له "أحمد سيد عباس" ومارس نزاهته وحبه في عمله- الكمبيوتر- فكان من أوائل من وظّف الكمبيوتر في الحياة العامة والحزبية الكردية في ديرك والمنطقة, ونشط حقوقيا مع "DAD " مبتعدا عن الأضواء ما أمكن ملتزما الصمت والعمل الهادئ.
   كسحاب أبيض يعرف في أي أرضٍ سيمطر,  وأي البساتين تصلح للإمطار, مشاطرا الفقراء همّهم, والمثقفين نزواتهم, وحرصهم فشاركهم الملتقيات الأدبية والثقافية والحقوقية, وكان مثالا للشاب الخلوق في أدق مفاصل مناقشاته وحواراته, والتي عرف عنه فيها دقته في المعلومة والتوصيف الواضح والدقيق لما يداخل به.
هكذا هي الحياة ذات حزن مستمر, ونحن فيها نتلقف مصائر أفول خيوط فجرها الواحد تلو الآخر.
   فلتشهدي يا ديرك بأنك تتبوئين بأبنائك مكانة مميّزة, ويتكرر الطيبون الذين خدموك, فمن كنعان عكيد وأبو قهرمان المرحوم الشاعر الأمين درويش أبا عكيد إلى الشاب المهندس عبد الكريم أحمد سيدعباس والذي ودّعته المدينة بكامل أطيافها وألوانها السياسية وعلى اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم الدينية والحزبية 0
   حدثٌ جلل لمدينة قلبها من نهر دجلة – ديركا حمكو- ومساحات بيضاء لعشاقها وأبنائها الكثر, منها ولدوا وإليها يعودون مُكفنين بالأعمال الطيبة والنشاطات الكردية اللافتة قبل كفنهم الأبيض.
   ما كان للكلام من نهاية عن المفغور له عبدا لكريم ولكن الكتابة كما الحياة, لكلِّ بداية نهاية,  فكما لها من ولادة فلها نقطة نهاية والجميل في الكتابة على خلاف الحياة, بأن نقطتها الختامية مسكٌ أبيض لتاريخ شاب ومناضل كردي قلبه من بياض الجودي وأقحوان "باجريق" ونرجسها.
المكتب الإعلامي
البارتي الديمقراطي الكوردي-سوريا
............................
بعجالة كانت هذه البانوراما أعددناها على أمل أن نخصص ملفا كاملا عن الصديق والأخ والرفيق المرحوم عبدا لكريم ملا يحيى .
توقف قلب الرفيق عبدا لكريم أحمد ملا يحيى في دمشق 5/5/2010 وسط حشدا كبير من أهالي المنطقة دفن في مقبرة ديرك 6/5/2010 م إثر مرض عضال ألم به في الآونة الأخيرة وهو في ريعان عطائه وهو متزوج وله ثلاثة أولاد وهو من مواليد ريف ديرك (رميلا شيخ) 1973 م  ويحمل إجازة في هندسة الكومبيوتر من جامعة أيرفان – جمهورية أرمينيا.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7034