اللعب في الوقت بدل الضائع
التاريخ: السبت 10 تشرين الاول 2009
الموضوع: اخبار



خليل كالو 
 x.kalo59@hotmail.de

 ثمة حديث خافت في هذه الأيام عن مناقشات تدور حول مجلس سياسي كردي وخوفنا  أن يكون الحديث عن مجلس عزاء للحقوق والتغيير لتكملة مباراة بدون جماهير بلاعبين منهكي القوى لا يجيدون أصول اللعب والتكتيك فقدوا اللياقة البدنية مع كادر تدريبي شبه أمي لا يعرف ماذا يريد وإدارة ليست بأفضل حال تلعب خارج عصرها خسرت جميع المباريات التي خاضتها حتى الآن والسبب هو الضعف وما أدراك ما الضعف. ليكن مدخل الحديث إلي هذا المقال من هذه الحكاية وقد جرت في زمن نابليون بونابرت إمبراطور فرنسا العظيم حين وقع على لائحة ترقية عدد من الضباط  لديه واستثنى منهم واحد فقط وحين علم الضابط بأن القائد قد رفض الموافقة على طلب الترقية أعترض على الموقف بعريضة كتب فيها شارحاً له الأسباب الموجبة للموافقة ومذكراً إياه الأيام الصعبة والحروب التي شارك فيها معه خلال تلك السنوات في خطوة من الضابط لكي يسترعي انتباهه وعطفه فرد عليه نابليون مكتوباً على ذيل عريضته قائلا لقد شارك ـ  بغلي ـ  معي في كل هذه المعارك أيضاً.


ومن هذه الحكاية يستنبط الكثير من العبر والدروس ومن غيرها من الحكايات التي يسمعها الكرد كل يوم أيضاً ولكن العطل في الصميم . ما هلك قوم وتعثر جماعة إلا وكان ورائها قائد أرعن أو بليد ضعيف في مجال السياسة التي هي محرك الشعوب وصانعة أمجادها والساهرة على أمنها و الضامنة لمستقبلها فلها رجالها القوامون عليها في كل زمان ومكان قادرين على إدارة الأزمات وفي مختلف الظروف الصعبة. لقد انحصر العمل في هذا المجال على رجال معدودين في كل بلد ولدى كل شعب ونقصد بالقائد السياسي المحترف المبدع والمبادر الحكيم وليس جنود السياسة والعاملين تحت أمرة القائد أو الزعيم وإلا استطاعت النساء الثيب والأطفال ممارستها في الأحوال الطبيعية ولبقيت حينها البشرية تعيش عصورها الغابرة الحجرية وما وصلت إلى ما هو عليها من تطور وازدهار.
 وعلى كل حال لا يمكن ممارسة السياسة والخوض في غمارها وسبر أغوارها وتحمل مسؤولياتها أمام التاريخ بهواية وبدون إتقان فنونها و معرفة أسرار حرفتها فما لم يكن الشخص مبدعاً وحكيماً وشجاعاً سيكون دائما النتائج النهائية لعمل هكذا سياسي غير سار فلا سياسة بدون شجاعة وتصبح  مبتورة الأجنحة ما لم تقترن بالحكمة والتضحية والنظرية الفكرية السليمة وتبقى في النهاية فن الممكنات فهي لا تقبل  نظرية الاحتمالات كثيرا وأحكامها قطعية لا تقبل الخطأ فكل خطأ يودى بصاحبه إلى التهلكة وخاصة إذا ما كان يعمل السياسي على جبهات ساخنة وغريمه عدو شرس علماً إن إدارة الصراع تتطلب جهداً وامتلاك القوة والاستعداد في مطلق الأحوال فلا مكان لضعيف  في الساحة السياسية وإن وجد أمثال هؤلاء الضعفاء سيكونون بائسين حالهم أشبه بالعجزة والمتسولين على جسر قامشلو وأقبح صورة في السياسة عندما تجد في الواجهة سياسي بائس يجذب العاطفة ويثير الشفقة وهو ممثل للحقوق ويدافع عن عدالة قضية فلا يوجد في هذه الدنيا عدالة وحقوق ما لم يكن يرافقها عصا غليظة فالحق موجود مع ضربة المخباط ( doqik) وإن الله مع  المدفع الأقوى وليس مع الحق سوى الضعفاء ولا أحد يلتفت إلى هؤلاء فلو أجتمع مليون ضعيف ستبقى نتيجة اجتماعهم لا شيء لن يهابهم  قوي واحد وهذا ما يلاحظ في شوارعنا فرجل بوليس واحد يقود الآلاف من الكرد في حياتهم اليومية بما لا يشتهون ولا يحترمهم أحد من أكبرهم رأساً  ومؤخرة (حجماً وليس مكانة) إلى أصغرهم وكثيرا ما يجلب رجل قوي واحد الانتباه ويشغل حيزا ويملأ فراغ ويحسب له كل الحساب في كل المواقف والأحداث والأزمنة فالأسد يتحرك بمفره غبر الأدغال والسهول لا يهاب الصعاب كونه قويا أما حركة آلاف النعاج معا لا يردون ذئبا جرباناً كونها جميعا ضعفاء. إن وظيفة السياسة السليمة والحكيمة التعبئة دائماً في مسيرة عملها وإيجاد مصادر القوة باستمرار وهي متعددة وكثيرة ونعلم أن ألد أعداء السياسة هو الضعف وليس العدو أو الجبهة التي يحارب عليها أبداً .
 بالمقارنة عما سبق من الكلام وما هو متبع وقائم لدى الشعوب الأخرى لا توجد من يمتلك كثيراً من مزايا وصفات القادة الحقيقيين بين ظهرانينا وهم جالسين على رأس الهرم ربما  وجد أحدهم هنا أو هناك فكان له التأثير الواضح وترك بصمات على المسار العام لحركة السياسية الكردية ولكن وجود أعداد هائلة ممن يدعون بأهليتهم في القيام بالمسؤولية تجاه المرحلة ومن دون حراك حقيقي وتمكين ذاتي جعلت نسبة التضخم في التبعية والتصوف السياسي وانتهاج الطريق التحزبي عالياً فتتالت الأزمات التنظيمية المتلاحقة دون مقدرة الزعماء ومساعديهم على الحل حتى فقدت السياسة هيبتها واحترامها وتناست الحقوق والهدف الذي نشأت من أجلها فأصبح الحزب والتحزب هو الغاية والمسعى فبقدر ما انشغلت السياسة الكردية بالمسائل التنظيمية والحفاظ على ذات الحزب وصرفت الجهد والمال الكثير ومقابلها لم يصرف ربع الجهود من أجل الهدف الحقيقي ودارت الأيام ومرت السنين إلى أن خلقت جيش من المرابين والمغالين و الانتهازيين والبيروقراطيين في إدارة الشأن السياسي ويديرون السياسة من خلف الطاولات وعلى الهاتف الجوال والانترنت  تقليدا للمستبد وبنفس الثقافة كثر الليبراليون على الساحة يبحثون عن مقاعد شاغرة ـ على مبدأ ما في حدا أحسن من حدا ـ وأصبحت عقدة القيادة تلازم الجميع حتى في الفراش كموضة سياسية جديدة مع الهروب من المهام الكبيرة التي تستدعي التضحية والشجاعة والمبادرة على حساب الحقوق والمسألة القومية فضاقت السبل والأحوال على المخلصين والوطنيين وذوي النفوس السليمة ولكن مع الأسف الشديد كانت الغلبة للمزيفين وللهواة واختطفوا إدارة الواجهة من أصحابها الحقيقيين وكان ما كان.
على كل الأحوال إن ما يجري في العالم ومن حولنا من أحداث وصراعات سياسية ومحاور شد وجذب وحروب وصفقات وإبرام صداقات تصب كلها في مسعى تحقيق مصالح قومية ووطنية لشعوبها وتدار من قبل السياسة ودبلوماسيتها التي هي لسان حالها الشرعي في المحافل الدولية وقد قطعت الشعوب والدول أشواطاً كبيرة في هذا المجال وحققوا الكثير لشعوبهم وقد طال هذا التغيير والسلوك قبائل بدائية في قلب الغابات الأفريقية الاستوائية النائية والتحقوا بصفوف الشعوب النامية التي تسعى إلى المزيد من التطور والتقدم الحضاري والعلمي وقد تحقق ذلك من خلال قيادات حكيمة مبدعة أصيلة سخرت جهودها من أجل مجد وأداء مسؤولية بأمانة وأخلاق تجاه شعوبهم والآن هم محترمون مع شعوبهم ولهم علم ونشيد وطني وخريطة سياسية ووطن يعتزون به وسيادة وأحرار ولهم هوية ثقافية وأعضاء في المجتمع الدولي وهناك أيضاً شعوب وقبائل صغيرة حققت ذاتها ولا تتجاوز عدد نفوسها سكان مدينة كردية أو حتى سكان منطقة ألا يثير الموقف والحال السخرية والعيب والعار وأغلب السياسات الكردية لاهية بشؤونها الخاصة وتفكر ليل نهار من أجل الحفاظ على هياكلها التنظيمية خوفاً من الانهيار التام وتحيط  بها عدد من النعوش المتحركة من الأنصار المعدودين معصوبي الأعين لكي لا تهرب من قبورها  ومادام هذا هو الحال سيكون بالطبع الوضع كما نحن عليه الآن هذا ما يقوله العقل والمنطق وتوافق عليه ولا يمكن لها أن تنجز عمل خلاق وتمخر عباب هذا المحيط الهائج الذي يتحرك فيه الحيتان وأسماك القرش ولم نبلغ بعد حجم السمكة البالغة ويتم اصطيادنا بسهولة و ليس في هذا الأمر من  لغز محير ولا يحتاج إلى جهد وعصر دماغ فكل ما في الأمر لا سياسة حكيمة جامعة تقود الكرد ونقول حكيمة وجامعة ونكرر القول هل يعقل ويصح الحديث عن حقوق وعدالة ومشروعية نضال بالكلام والكلام فقط وإصدار بيانات دون احترامها أليس المرء يربط من لسانه أم من ......







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=6174