ومن هنا، فإن هناك حاجة قصوى إلى مراكز دراسات كردية، وتلفزيون ، وجريدة، قبل التفكير بإطلاق أي مشروع سياسي، لأن أي تلفزيون للأشقاء الكرد، محكوم بظروفه الخاصة، وسياساته، ولعله، يتم المساومة على كرد سوريا،في بعض المحطات، وهي حقيقة لا بد من الإجهار بها ، على ضوء تجربتي كإعلامي، كردي، ولعلي ، هنا، أرى أن مهمة الأشقاء الكردستانيين،رغم غبطتنا الكبرى لما يحققونه من إنجازات كبرى، واحداً تلو آخر، نتيجة ظروفهم،المهيأة، إلا أن إبقاء علاقاتهم مع أشقائهم الآخرين ، تبعاً لظروفهم الذاتية، من خلال تقديم عملية بنائهم ، على مصالح غيرهم، لا الربط بينها،في آن واحد، وجعلها في إطار بروتوكولي ضيق، كما هو الواقع، يعتبر مأخذاً، لابدَّ من مصارحة هؤلاء، به، بمناسبة ودون مناسبة.
وإذا كانت منظمات المجتمع المدني، وحقوق الإنسان، تأتي ضمن إطار- ما هو جديد- فإنه لابدّ من الإشارة إلى دور مثل هذه المنظمات، والموقف منها، بما في ذلك اعتمادها لممارسة دورها المطلوب في مراقبة عملها، ومراقبة انتخاباتها، خاصة، وأن بعض كوادر هذه المنظمات، يحمل صفة" خبير دولي" في مراقبة الانتخابات، على سبيل المثال، ومنهم من يحضر اجتماع مجلس الأمم لحقوق الإنسان ، بصفة مراقب، وغير ذلك من التمثيل العالمي.
إذا كانت رؤية المشروع المكانية واضحة جداً، فإنه كان لابد من توضيح الرؤية الزَّمانية، التي باتت مغيبة، وقد تداخلت لحظة الكتابة الأولى باللحظة التالية، بعدما كان من بينهما، من فجوة زمانية، وإن أشير – في الهامش- إلى ذلك، ولكن دون أن نتمكن من معرفة ما هو نتاج اللحظة الحالية، ودواعي إضافتها، في لحظة الكتابة، بل وحذفها –في ما لو وجد- ولاسيما أن المشروع الذي قدم في نهاية تسعينيات القرن الماضي، قد لا يكون متوافراً بين يدي قارىء اللحظة الكائنة.
وإذا كان المشروع قد تم توقيعه في 5 آب2009 ،فما هي لحظة بدايته؟ .هل ترى جاء بعد إطلاق مشروع سابق عليه، أم بعد لحظة تلكوء، سواه، قبل استحثاث الهمم مؤخراً،كما عرف ذلك كل متابع،بعد أن علمنا انفضاض بعضهم من حوله،بشكل غير مسوّغ.
كذلك إن زمان ترجمته،غير واضح، وإن كان القارىء سيدرك أن ذلك قد تم نتيجة واقع الحركة الكردية في سوريا، وعدم الإمكان- في ظل انعكاسات العلاقات غير السوية-على تطبيقه، ووضعه على بساط – البحث- إلى جانب سواه،والاستفادة منه،ولاسيما حين يسجل أية إضافة على غيره من المشاريع، ولعل أولى إضافة تسجل له، هي أنه طرح قبل عقد زماني، نتيجة حاجة ملحة، كان من الممكن تلمُّس خيوطها الأولى، رغم ما كان يوحي لأول وهلة، من أن الحركة الكردية، معافاة، وبخير.
تفاصيل مهمَّة:
ما يسجل لهذا المشروع، وأنا هنا في مقام مناقشته- منفرداً-هو تقديمه رؤية تفصيلية لمكوناته، أو مفرداته، و تصورات أولى لمهمات كل هيئة، إن جازت التسمية، كل على حده، وعدم نسيان أدوار، من اضطروا للهجرة خارج البلاد، ومن بين هؤلاء عقول مهاجرة مهمَّة، لا بدَّ من زجّها ضمن موقعها الطبيعي، بل و سياقها النضالي المطلوب،لإيقاف نزيف العقول الكردي.
كما أنني لم أشأ التوقف عند كافة النقاط المضيئة فيه، وهي كثيرة، بل تناولت ما قد أختلف معه- بأكثر- وهو برأيي المطلوب، ولعلَّ مثل هذه النقاط دفعتني لمغامرة مناقشتها، وأنا مجرد صاحب رأي،فحسب، وأن ما أقدمه من نقاش معرّض للخطل، لكنه على أي حال احتفال بالتواصل مع رأي جدير بالحوار.
إعلان عن حالة "مرض" أم "موت سريري"؟:
إذا كنت أكنَّ كل الاحترام لكل من يناقش واقع الحركة الكردية، بدافع الحرص عليها، لتجاوز ما هي فيه، أو عليه، من وضع غير مريح البتة وهناك ، حيث هناك من يرى أن الحركة، بواقعها – الراهن- وصلت إلى حالة " موت سريري" ولا بد من إعلان ذلك، و يصح عليهم المثل الكردي"أهالي الموتي عميان" أي أن عواطفهم تحول دون معرفة الحقيقة.
وإن كنت أحسب نفسي، من ذوي – المريض- هنا، فإنني لأنظر للأمر على خلاف هؤلاء الأخوة،إذ أجد أن هذا المريض من الممكن أن يتعافى( وهنا أجيب عن سؤال أ.جان كرد) وليس كما يتم الحكم عليه، في انتظار إعلان وفاته، ودفنه، دون الترحم عليه. وهو ما يدفعني- وهي وجهة نظري وقد أصيب أو أخطىء- لأن أنصرف مع من ينصرفون لمداواته، لا لرثائه، وتشييعه لمثواه الأخير.
كلمة أخيرة:
إذا كان هناك اهتمام كبير لافت، بمشروع وحدة الحركة الوطنية، فإن ذلك كان لأمرين:
-إن مطلق هذا المشروع، هو الأٌستاذ صلاح بدرالدين،ذو الحضور القوي، فهو اسم تمت الترجمة العملية له، نضالياً، رغم الاختلاف، أو الاتفاق معه، هنا، أو هناك، ناهيك عن أنه بحق أحد العقول الكردية المتفتحة،الخصبة. ولعلَّ مقدرته مع قلة من سياسيينا المرموقين على مواكبة الحدث الكردستاني، والعربي، والعالمي، بهذا الزخم، اللافت،لدليل وقوفه على أرضية قوية ، جداً،وهو ما يدعو إلى الإعجاب به حقاً.
- التخطيط الإعلامي الناجح له، من قبل صاحبه،كما لم يتم لأي مشروع آخر.
وإذا كنت قد تناولت – مشروعاً- محدَّداً دون غيره، فإنه- للحقيقة، لأنه قد طُرح علي، في لحظة تمكني من مناقشته، ولا أريد أن يكون سواه قد ظل حكراً على –التنظيمات الكردية- وحدها، مع أن هناك من يريد بدعوى منع –تمييع- أي هيكل عام،مترقب، من قبل من يزجِّون بعساكرهم - مع حصان طروادة- تحسباً للتلاعب بموازين قوى مستقبلية، نتيجة حالة الارتياب الموجودة، وهي من مخلفات الإرث الماضي.
-أعتقد أنَّ الغيارى على الحركة الكردية، يهمهم التقاء شتَّى الأطر والقوى الكردية ، على كلمة سواء، يدعو إليها أي مشروع، بغض النظر عمن هو" صاحب المشروع" مع أنه من المهم جداً أن يتحول أي مشروع، إلى ما هو عام، يفوح برائحة كل من هو معني، وكل من يتحدث باسمه، دون الشطب على اسم أحد، أو تجاهله، مادام أنه يتمتع بمقومات خاصة، ليكون محور الحوار، والنقاش، ومن ثم حاضناً للطاقات الخلاقة، على اختلافها.
-إذا كان ما أقدِّمه هو عبارة عن مناقشة، لمشروع معين، لم أتمكن من مناقشة سواه – بسبب سفري حين تداوله ضمن إطار محدد- إلا أن ما أقدمه هنا- يحمل بعضاً ما يمكن قوله من وجهة نظر،شخصية، من قبلي، تجاه أي مشروع آخر،مماثل ، مكتوب بروح الحرص- نفسها- على وحدة الصف الكردي، التي نأملها بدورنا- كصاحب المشروع نفسه- ولن يتم إنجاحه إلا بجهود جماعية، من قبل أصحاب الأيدي البيضاء، أينما كانت مواقعهم، داخل الأحزاب الكردية، وخارجها على حد سواء.
قامشلي
15-8-2009
*"1"- وردني سؤال من الصديق الكاتب جان كرد بعد نشر حواره معي يقول فيه:
ما رأيكم بالمشروع الذي طرحه الأستاذ صلاح بدر الدين مؤخرا حول الحركة الوطنية الكوردية في سوريا؟ وهل تنفع هكذا مشاريع لإنقاذ الحركة من مأزقها المزمن؟ أم أن كل الأدوية والعقاقير ما عادت تفيدها؟
*"2" - كنت قد قررت-في قرارتي- ودون إعلان، الانصراف- ولو مؤقتاً- إلى مشروعي الثقافي، الشخصي، بعيداً عن مغامرة تناول ما هو سياسي، مادام أن أي حديث عن السياسة يثير الشجون، والخلاف،كردياً، وهو ما لا أريده، بحكم طبيعتي الخاصة. وها قد أخرجني الصديق جان كرد على قراري مرتين، مرة من خلال إجراء حوار مهم معي، لم أتمكن التّصامم، إزاءه، وفي هذه المرة حين طرح السؤال أعلاه علي،خارج أسئلة الحوار المشار إليه، فشكراً له...!
3""- تناولت الأحزاب الكردية في سوريا،وإيراد اسم أي حزب آخر –في ما لو وجد- هو مجرد سهو، فمعذرةً، كما أن الحوار الذي أجراه الصديق الكاتب جان كرد مع أ. صلاح يوضح بعض جوانب رؤيته،ما لم يكن هناك مجال في المشروع لشرحه،بما في ذلك الموقف من الاتحاد الديمقراطي والوفاق.
4 - أفرحتني لهجة الأستاذ صلاح في حوار الأستاذ جان كرد معه، حيث تم التركيز على ترجمة روح التسامح مع سواه، من رموز الحركة الكردية في سوريا، وأرجو استمرار ذلك ، وترجمته من قبله، وغيره، وأن يتم الحوار بين سائر الأطراف على قاعدة من الاحترام والمنطق، بل والحب ، كما أروم.
5- للأمانة العلمية هناك مشروعان آخران: أحدهما أطلقه- كما يقال السياسي الكردي- أ. عمر أوسي على أن يكون موغلاً في سوريته "العربية"، بحسب إشارة من المشروع نفسه.
والآخر،تحت اسم : الحزب الديمقراطي السوري على أن يضم مختلف الأطياف السورية ، بمن فيهم الكرد، على أن يكون مقبولاً رسمياً، ولا أعرف الكثير عن أصحاب المشروع.