خليل كالو حول المرجعية والمجلس السياسي الكردي (5) (بالكرمانجية العارية)
التاريخ: الأثنين 10 اب 2009
الموضوع: اخبار



خليل كالو

تطرقنا في مقال سابق إلى مسألة الضعف التي تلف رقاب الكرد وحالة التشظي التي تلازمهم أينما حلوا و هدم ما بني من أسس ومرتكزات وبنية تحتية لعمل الكردايتي منذ مرحلة الستينات من القرن الماضي .الآن هناك جهود ساعية إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه ولا تعرف حتى هذه اللحظة النوايا الحقيقية للمساعي المبذولة إلى أن ترى تلك المشاريع النور وتدخل حيز التنفيذ وحتى تاريخه لم تتم ولم يتجاوز الكرد بعد عقدة الضعف التي تلتحفهم وتحيط بهم من كل جانب وتتصدر لائحة الموانع الأساسية للتخطي نحو الأمام والإقدام على بناء أطر جامعة وتنظيمية .


مع تقاطر المشاريع الداعية إلى الحلول الناجعة من قبل المهندسين والمصممين من هذا الطرف أو ذاك من الحرس القديم والمحاربين القدامى تلوح في الأفق أن حملة جديدة من التنافس في وضع الحلول المصطنعة والعروض النظرية المقدمة قد بدأ مع سماع أصوات خافتة من بعيد أيضاً مثل البلبل الذي استعصى حبة التوت في حلقه في الصحافة الكردية تدندن عزفاً على طمبورة غير مدوزنة تلحن لأغنية مطلعها ـ وجدتها وجدتها ـ دون أن تتذكر أو تتناسى أنها هي التي خربت في السابق وداست على القيم والمشاعر وإرادة الشعب سعياً منها لتأكل بعقولنا الحلاوة من جديد وتظن من كل عقلها أن لديها الحل وتمثل إرادة الكرد إلى أيجاد مركز قرار وعمل جامع دون غيرها ـ على ذمة الرواة ـ ولماذا لا فلا رقيب وما في حدا أحسن من حدا, في الوقت الذي لا يمتلك الدعاة إرادة حقيقية ولا القدرة على التنفيذ وعلى قول المثل الكردي ( فإذا ما تم سحب خيط من ثوب أحدهم تسقط سبعة رقعات منه دفعة واحدة ) من شدة العوز والركود السياسي والضعف التنظيمي مع التأكيد أن من هم خارج هذه الدوائر ضعفاء أيضاً فيبدو إذن لا أحد قادر على البناء والحل فلا الداعي قادر ولا المستدعي جاهز فكل الخوف أن تذهب كل المشاريع المعروضة أدراج الرياح على الأقل في المدى المنظور في الزمن الذي بات الضعيف لا يساوي شيئاً ولا أحد يقبله خادماً حتى لو كان صاحب حق .فالحق هو ابن القوة ومن صلبها وينتزع انتزاعاً ولكن مع الأسف أين هي القوة وأين عنوانها ولا تشترى بالمال بل هي نتاج الفكر الهادف وإرادة المخلصين وتضافر الجهود والرغبة في التضحية والحكمة والوعي السليم والثقافة القومية ؟ فنحن الآن أضعف من أي وقت آخر حتى على نقيض السلف الذين كان يخدم الآخرين باسم الثقافة والفكر المجرد وقبل كخادم ومحارب في جيوش الفتح والدفاع عن سلطان الدين ولقرون طويلة أما نحن الأحفاد فقد فقدنا حتى تلك الوظيفة وربما الآن يطلبها البعض منا فلا يجدها فلم تعد تلك الظروف متاحة كما كان وأصبح الجميع عرضة للاغتراب والضياع وفقدان الشخصية وأزمة في الوجدان القومي الثقافي والتملص من الانتماء لأمة وقومية لها خصائصها ومقوماتها وتقاليدها (أسال عن الضعف والتفتت في جراب الأحزاب ) . أما سبب بقائنا الآن على الأقدام يرجع بالتأكيد إلى نضال وتضحيات من ذوي الضمير والوجدان المنتمي إلى الأرض والجذور وهوية الكردايتي وليس إلى عبسنا حتى الذين ينعتون أنفسهم بالمثقفين الكرد (بفتح القاف ) وحماة الثقافة الكردية وبالطبع لا إلى حكمة النخب السياسية التي قسمت المقسم وجزأت المجزأ وفتت المفتت وهدمت الأطلال الباقية من مآثر قياداتنا الأوائل والرموز والشخصيات القومية والوطنية التاريخية وخطفوا الميراث بأسلوب القراصنة وفرصة المنتهز حتى بات ثقافة الاغتراب والنفاق والاحتماء لأجل مصالح أنانية والسلوك الارتجالي هو المسيطر وتقليداً ذات عراقة .نذكر هنا أنه ليس من خصال الطبيعة أن تبقي علي أحد ممن يكون ضعيفاً ما لم يكن جديراً بالحياة وينال رضاها ولا تقبل أنصاف الحلول فكل ضعيف سخيف في نظرها يستحق المذلة بل تبقي عليهم الأقوياء أحياناً من البشر حتى يكونوا خدماً لهم . هذا هو ناموس الحياة منذ أن وجد الإنسان على وجه البسيطة فلا قانون ولا شرائع ولا إله دعا على الضعف أبدأ بل احتقره وأمر بالتخلص منه بامتلاك القوة لأنها من صفات الآلهة والطبيعة فكل ضعيف يستحق العبودية وما ضعف الفأر جعل منه أسير جحره وقوة النسر سر تحلقه في الأعالي ولم يبق للسلحفاة من مأمن حتى اختبأ في قاع الوديان السحيقة هذا الناموس أزلي وسيبقى إلى الأبد مهما بلغت البشرية من التقدم والتطور. وما سر بقاء الأمم الحية سابقاً والآن هو اكتشافها لذلك الناموس والالتزام به من خلال مبدعيها ورجالاتها العظام وما كل أمة أو شعب أو جماعة أثنية أو عرقية مدينة بشكل من الأشكال إلى نتائج أفكار وإبداع قياداتها ورجالها العظام فأصبحوا منارات ومثل عليا للأجيال اللاحقة وثروة قومية ووطنية يهتدي بهم في بناء الشخصية والتربية الوطنية والاعتزاز بالثقافة وصنع الأفكار وتكوين الرأي الوعي الجمعي من جديد كلما تعرضوا إلى الضعف والمخاطرة من الخارج فلم تكن السياسة تفرق بين الأمة الواحدة إلا من كان نفسه أمارة بالسوء وخائناً لوطنه بل على العكس تماماً كانت تقويهم وتزيد من إرادتهم فإذا وجد الاختلاف كان ضمن أطر وسياج وطني وقومي وبانضباط ومسؤولية عالية ولم يخرج من هذا الإطار إلا من بحث عن غرائزه واستسلم وأقر بالهزيمة فكم من حضارة سادت ثم بادت وشعب كان تشع نجمه في الأعالي يوماً ما كان بسبب إبداع نخبه من كل الفئات وأصبحت نفسها اليوم أرومات تاريخية بسبب بلادة قياداتها ونخبها الثقافية والفكرية واستسلامها لضعفها ولقدرها وأن التاريخ مليئة بالشعوب المنقرضة التي لا حصر لها .ما يجري على ساحة المجتمع الكردي لا يندرج تماماً في إطار الحداثة والتطوير ولا نيات صافية تجاه المسالة القومية والمثقف ليس بلاعب ماهر ومحترف في الملعب ولا يسمع صوته إلا نادراً وهو يشبه بلبلنا الذي استعصى حبة التوت في حلقه أيضاً ومثل كمثل ديك الصبح الذي أصيب بالجدري ومرض نيوكاسل في حنجرته وركن في قنه يصيح أحياناً مع صوت المؤذن فجراً ومن ثم يتوارى . فلم يكن له دوراً يذكر في التغيير والتحديث وانزوي بين أربعة حيطان يولول كالمرأة الثيب التي ماتت زوجها دون أن يقوم بعمل مبدع وخلاق سوى النقد السطحي أحياناً وإجادة التصفيق وأحياناً أخرى وهو الآن في حال يرثى له أيضاً وحاله ليس بأفضل من السياسي مع استثناء القلة الذين يحترمون ذاتهم وهم موضع فخر وعزة الأمة ولكن مع الأسف محاربون من قبل الشخصية النمطية والثقافة المزيفة خشية أن تعكر عليها صفوة السعادة الزائفة والأنا النرجسية بوجودها في موقع أعلى حتى لو كان على خازوق و ما زال غالبية الشعب الكردي مهمشاً أو متهامشاً فلا قوة حقيقية على الساحة . إذن إزاء هذا الوضع والحال تبقى مسالة صنع مرجعية أو مجلس سياسي أمراً مختلقاً ومصطنعاً لن تعيش مراحل تشكل نموها وتطورها الطبيعي وهذه الأطقم التي فشلت في السابق هي عاجزة الآن عن أداء عمل نافع وخلاق إلا إذا حصل لديهم التغيير والتحديث في الفكر والثقافة وفرمتة farmat الوجدان والضمير والتخلص من ثقافة الأغيار و السلوك القديم واستبداله بسلوك جديد مغاير ومناقض للذي قبله حينها يمكن الحديث عن الحلول الجدية وذلك ضمن شروط محورها الأساسي المصلحة العامة للكرد وبتعهد وميثاق شرف ونقد ذاتي يشمل الكل دون استثناء وبشكل رجولي وليس على مبدأ عفا الله عما سلف .هذا العمل مطلوب وأساسي في بناء أي إطار حقيقي مستقبلي فلا نعتقد أن أحداً سوف يؤمن في جدوى من ساهم في الهدم والتبعثر والتشتت وخلق صراعات شخصية داخل الصف الواحد لأجل مصالح ذاتية وقيم تافهة أنانية وعداوات شخصية ولن يفيد الحمل ألف مشروع جامع في مواجهة الذئب ما لم يقترن بالقوة .
 
x.kalo59@hotmail.de







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5948