نداء إلى قادة وقواعد الأحزاب الكوردية في سوريا وإلى الفعاليات والمثقفين الكورد السوريين في الوطن والمهاجر
التاريخ: الأثنين 22 حزيران 2009
الموضوع: اخبار



بعد الحرب الكونية الأولى ، خرجت الدولة العثمانية مهزومة من  الحرب ، واستسلمت للحلفاء المنتصرين ، وقسمت تركة الرجل العثماني المريض ، ومن بينها كوردستان، وتكونت دول حديثة لم تكن موجودة أصلاً، فتشكلت الدولة السورية ، وعاصمتها دمشق ، من توحيد  جزء من كوردستان مع المناطق العربية ، حتى البحر الأبيض المتوسط  ،ووضعت تحت الانتداب الفرنسي ، بموجب قرار عصبة الأمم، مع مراعاة الحالة الكوردية، في هذه الدولة المستحدثة .
ناضل الكورد إلى جانب أخوتهم العرب ضد الانتداب الفرنسي ، وبنوا معاً الجمهورية السورية، وامتزجت دماؤهم الزكية مع دماء اخوتهم من غير الكرد الذين صنعوا الاستقلال، وجلاء الاستعمار الفرنسي عن سوريا في 17/4/1946 ، ولعل الرصاصة الأولى ضد الانتداب كانت من بندقية الكردي محو إيبش ، ناهيك عن أدوار : مناضلي انتفاضة بياندور وحاجو آغا والشيخ أحمد الخزنوي وسعيد آغا الدقوري وإبراهيم هنانو والأخوة  بارافي وغيرهم بالآلاف من الكرد .


 أجل ، الكورد جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري ، وخاضوا ثورات دامية ضد الوجود الفرنسي على أرض سوريا ، وشاركوا في بناء سورية التعددية الديمقراطية، ومازالوا يمارسون الدور  نفسه.
في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، توحدت سوريا ومصر، وسلمت السلطة في دولة الوحدة إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي ألغى اسم سوريا من المحافل الدولية، ووضع بذور التمييز القومي والعرقي والاضطهاد، وخلقت الفرقة والتناحر والخصام بين مكونات الشعب السوري.
 وبعد الانفصال عن مصر، وفي بداية الستينيات من القرن الماضي ، استولى حزب البعث على السلطة، وبدأت سياسة الإلغاء والصهر التي اعتمدها نظام الحزب الواحد في سياسة اضطهادية مبرمجة ، تستهدف القضاء على الوجود الكوردي في سوريا، أرضاً وشعباً.
هذه السلطة التي جرّدت مئات الألوف من الكورد السوريين من جنسيتهم السورية، وصادرت أراضيهم الخصبة في منطقة الاستقرار الأولى من محافظة الحسكة ، ووزعتها على العرب الذين استقدمتهم من المحافظات الأخرى، وأنشأت لهم مستوطنات في المنطقة، وذلك بغية التغيير الديمغرافي للسكان في المناطق الكوردية، وطبقت بحق الكورد السوريين سياسة التمييز القومي ، والحصار الاقتصادي ، ومنعتهم من إقامة النشاطات الاجتماعية والسياسية والثقافية ، ومورست سياسة الاضطهاد القومي بحق شعبنا الكوردي في سوريا لعدة عقود من الزمن، إلى أن وقعت بعض الخلافات التي أوجدتها السلطة الحاكمة بنفسها ، والتي استهدفت الإيقاع بين مكونات الشعب السوري،ضمن مخطط معروف.
 ومن هنا، كانت انتفاضة آذار 2004 تحوّلاً مفصلياً في تاريخ النضال الديمقراطي السلمي لشعبنا الكوردي في سوريا، الذي يرمي بنضاله إلى رفع الظلم وتأمين الحقوق القومية الديمقراطية المشروعة، وإن هذه الانتفاضة لفتت انتباه العالم بأسره إلى الواقع الكوردي في سوريا ، فكانت نقلة نوعية في النضال السلمي لشعبنا ، من أجل حقه المشروع،  هذا النضال السلمي الذي لم يتوقف لحظة على الرغم من أساليب التهديد والقمع التي مورست بحقه ، ثم تعاقبت الأحداث ، فكانت جريمة خطف واغتيال العديد من الشباب الكورد، ومن بينهم الشيح الشهيد معشوق الخزنوي ، بالإضافة إلى إطلاق الرصاص الحي على المدنيين العزل .
  
 كل ذلك عبارة عن جملة أساليب لجأت إليها السلطات الحاكمة بقصد إرهاب الكرد ، كما أنها تحاول في المقابل الإيقاع فيما بين أبناء شعبنا الكردي نفسه ، ليكون قسم من الكورد في مواجهة القسم الآخر، وهو ما يريح السلطة التي يهمها تمظهر ما يتم على أنه خلاف كوردي – كوردي، أو حتى خلاف بين الكورد والعرب، بكل ما أوتيت من دهاء، وهو ما أشرنا إليه .
إن تجاهل هذه الحقائق، سواء من قبِل العرب أو الكورد، سيؤدي إلى الإرباك والتشتت، وبعثرة الجهود، الأمر الذي سيكون من دون شك في خدمة للسلطة الأمنية ، التي تسعى بكل الطاقات من أجل زرع بذور التفرقة والتوجس، بين مختلف مكونات النسيج الوطني السوري، وليس بين الكورد والكورد، أو الكورد والعرب ، فحسب.
لكن الذي حصل ويحصل منذ انتفاضة قامشلو2004  وحتى الآن، أنه تتالت الأحداث الدراماتيكية باعتقالات عشوائية أدت إلى زج المئات من الوطنيين الكورد في السجون ، وإجراء المحاكمات الصورية، ومن ثم استشهاد كوكبة أخرى في ليلة نوروز 2008 ، ثم إطلاق المرسوم 49 وما له من خلفية مشؤومة ، ثم جملة الانتهاكات السافرة التي حصلت في آذار،  2009 ، بل وحملة الاعتقالات من قبل الأجهزة الأمنية، ونقل الموظفين والمدرسين الكورد من دوائرهم ومدارسهم القريبة من أماكن سكناهم ، إلى مناطق تبعد مئات الكيلومترات، بغية إزعاجهم، وحرمان المواطنين المجردين من الجنسية من الأعمال الحرة، عدا عن الأعمال الحكومية، ثم الأحكام القضائية الجائرة من قبل المحاكم الصورية ، ومحاولة قمع المثقفين الكورد.
أجل ، إن ما نشهده ، الآن، من تباينات تبدو جذرية ، في وجهات النظر، بخصوص كيفية التعامل مع جملة الأحداث، والاحتجاج ضدّها ، لا يخدم مطلقاً الموقف الكوردي الذي تتمثل قوته  في التوافق بين مختلف الأطراف السياسية ، هذا التوافق الذي يكون المقدمة الفعلية للاستقطاب الجماهيري الذي يمنح  الحركة الكوردية القوة والقدرة على التأثير. لذا نهيب بالجميع للارتقاء إلى مستوى المسؤولية، والالتزام بالمصالح القومية والوطنية العليا، وذلك انسجاماً مع مصالح شعبنا وتوجهاته المشروعة، وبما يتوافق مع  حجم النضال، وعمق المحنة،كما نناشد الأطراف السياسية الكوردية في سوريا ، من أجل الدعوة إلى لقاء موسع، وإجراء حوار بناء فيما بين كافة أطرافها ، والاستفادة من الطاقات الكوردية في خارج البلاد ، وتمثيلها ضمن أي تمثيل يتم ، للوصول إلى صيغة توافقية ، تؤدي إلى إنشاء مرجعية سياسية كوردية في سوريا ، لتوحيد البيت الكوردي، ومن ثم  توحيد الخطاب السياسي ، و ذلك للتصدي للسياسات الشوفينية بحق شعبنا الكوردي  في سوريا.
 
أيها الأخوة والأخوات ...!
 وأخيراً ، لنوقف كل حملات التهجم الكوردي الكوردي ، بكافة مستوياتها وأشكالها ، ولنجتمع معاً على كلمة سواء ، من أجل توحيد الأولويات، ووضع برنامج للمرحلة المقبلة، برنامج يكون أساسه نقاط الاتفاق المشتركة، ولنقطع الطريق أمام من يريد فرقتنا، وتمزيقنا وعزلتنا ، وندعو نخبنا الحزبية السياسية الكردية، والاجتماعية والاقتصادية، والحقوقية والمدنية، كل من موقعه، إلى دعم ومساندة هذا النداء، وذلك دفاعاً عن مصالح شعبنا الأساسية ، فالمرحلة القادمة مهمة حساسة، إلى الحد الأقصى، ومصير شعبنا الكردي في سوريا، في الميزان، الأمر الذي يستلزم تضافر جهود الجميع، من أجل مواجهة التحديات، ورفع الظلم وتأمين الحقوق القومية المشروعة .
 ما أحوجنا  إلى الحب والصدق الحقيقيين
 وفتح صفحة جديدة من أجل التعاون والنضال لخدمة أبناء شعبنا الكوردي
باريس- قامشلو
 
 14-24 حزيران 2009
 
 مجموعة من المثقفين الكورد في سوريا والخارج
 عنهم  مبارك الخزنوي – صحفي  وناشط كوردي
 
  ملاحظة : نناشد من أجل أوسع تضامن مع كافة النداءات المماثلة لوحدة الحركة الكردية في سوريا






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5771