ـ ليس دفاعا عن احد... وانما عن مسألة وطنية ـ (القسم الأول)
التاريخ: الجمعة 22 ايار 2009
الموضوع: اخبار



وليد حاج عبدالقادر
 
منذ ان تبلور الوعي القومي الكردي ـ تحديدا في الجزء السوري ـ واتخذ طابعه التنظيمي ...وخصوصا منذ بدايات تأسيس البارتي وفي اولى محطاتها النضالية وتعرضها لحملة اعتقالات واسعة آنذاك برزت ـ إن لم أقل وبكل اسف ـ زرعت ثقافة التشكيك لا بل وحتى التخوين ... او لنسمها ما شئنا وذلك بحق المناضلين الذين تحدوا بالكلمة والموقف مطالبين بالحقوق المشروعة للشعب الكردي ... ـ أقول ـ زرعت ثقافة الحط من قيم وصلابة المناضلين الصامدين خلف قضبان الزنازين مضحين بأقدس حق يمتلكونه وهي الحرية .... بمفهومها العام الواسع ... والمتصدين بأجسدتهم العارية جلاوزة الأنظمة المتفننة والمتسلحة بكل اساليب الحد ـ أقلها تجريد هذا المناضل الإنسان من انسانيته وكرامته قدر استطاعتهم ـ


ومن دون الدخول في تفاصيل وآليات التعذيب والقهر الجسدي فقد اضحى سردها تكرارا ولربما مملا ... أفلا يكفي معاناة المعتقل وهمومه وصراعه في سبيل الحفاظ على اتزان الذات والتشبث بالقيم المبدئية والنضالية امام آلة القهر السلطوية ؟؟ .. لتنبري اصوات من هنا وهناك وهي تحاول النيل من معنويات المناضل او حتى التشكيك في اسباب الإعتقال نفسه !!! ... حقا انها سياسة قديمة جديدة .. ونظام كالبعث واجهزته الأمنية لا تنبري فتطور وتنوع هكذا اساليب لزرع هكذا شكوك ان لم نقل سموم فيصدق فيهم ـ لا فينا ـ مقولة / غوبلز / اكذب ثم اكذب حتى تصدق انت كذبك ....
ما دفعني الى هذه المقدمة امران ـ وبرأيي ـ انها بحاجة الى مواقف صريحة وواضحة معلنة من اغلبية كتاب ومثقفي شعبنا ... فلما لا نخترق حاجز ثقافة / kew tim sere kewa di xwe   / أو بمعنى اوضح ـ اذا اردت ان تكون صيادا ماهرا اصطد حجلة بحجلة ـ ناهيك عن الآلاف من القصص والأمثال الموروثة والتي ما تزال تزخر بها الذهنية التراثية الكردية ... هذه الثقافة التي عرف الخصوم آلية استخدامها وجعلوها المرتكز في عملية صراعهم مع الشعب الكردي ...وباختصار شديد هنا ايضا .. احدد الأمران المهمان ـ من وجهة نظري ـ والحافزان لهذه المقالة ب :
1 ـ تعرض المناضلين في سجون النظام / منذ بدايات الإعتقال في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا / الى حملة مركزة والمناضل مشعل التمو نموذجا وكأن الحكم الجائر الذي اصدرته محكمة النظام لم تشف الغليل فيتعرض المناضل مشعل الى ما يتعرض له من تغريض لاتعود الا على أصحابها ....
2 ـ الحملة ـ المركزة ـ التي يقودها بعضهم ـ هذه الأيام ـ ضد د. عبد الحكيم بشار سكرتير اللجنة المركزية للبارتي ... والتي قد تكون انطلاقا من حسابات حزبوية ضيقة في احسن الأحوال او خارجية بأنواعها ـ في اسوأ الأحوال لا سمح الله ـ ....
وبداية ـ اقرـ بأنني لست منتميا لا الى تيار المستقبل ولا الى البارتي وان كنت ومازلت ارى فيهما جزءان لا يتجزءان من الحركة الوطنية الكردية في سورية ... هذه الحركة ـ  بمجموع احزابها الوطنية ـ والتي اعتز باعتباري ـ شخصيا ـ واحدا من ابنائها المقربين ـ وان كنت خارج تنظيماتها ـ إلا انني والكثيرون مثلي ـ سنبقى السياج الحامي لنهجها الوطني وكذلك صوتا عاليا الى جانبها في ظل هذه الهجمة الشرسة التي تتعرض لها ومجمل شعبنا الكردي في سورية ...
1 ـ عن مشعل التمو :
وليعذرني القراء ان ذكرت اسمه من دون القاب ... نعم لقد ربطتني ب مشعل علاقة صداقة وانتماء ومعرفة لأكثر من عشرة سنين كان لا يمر فيها اسبوع من دون ان نلتقي ... ذاك الشاب المتحمس والمطالع الذكي .. نهلنا معا الكثير الكثير من منابع الفكر والثقافة وتبادلنا الكثير من الكتب .. اتفقنا كثيرا .. واختلفنا أكثر .. وكالشأن الكردي عامة حدثت القطيعة بيننا اواسط / 1991 / لأسباب معروفة .. ومع هذا بقي الإحترام ودائما سيد الموقف .. موقف مبدئي اسجله له وباحترام فبالرغم من جو الإنشقاق والإتهامات الرخيصة وتخندق كل منا في اتجاه آخر .. إلا انه ابى ان ينحدر الى مستوى الترهات والأساليب الدنيئة في التعامل .. نعم لم اوافق مشعلا في توجهه آنذاك كما وهو لم يوافقني .. ومؤكد انني لست من التنظيم الذي ينتمي اليه ـ تيار المستقبل ـ وطبيعي ان تكون هناك تباينات في بعض القضايا الى حد الخلاف .. وطبيعي وبالمختصر ان يرى كل واحد منا الآخر على خطأ .. ولكن هل  يفسد هذا للود قضية ؟ ... مشعل مهندس زراعي ... من عائلة معروفة .. مثقف وكاتب وصوت شجاع ... جريء ومتحدث بارع وبنبرة صوته الجهوري ... والجميع يشهد له بأنه كان من الثلاثة الأول الذين وصفوا / كبول / المحافظ السيء الصيت بالمجرم .. وكان من اشد الداعين لقدوم منظمات المجتمع المدني العربية ايام انتفاضة قامشلو الباسلة ...فأية شهرة بقيت ليبحث عنها مشعل !! ..  اما بالنسبة للتنظيم الذي ينتمي اليه ـ تيار المستقبل ـ وبالرغم من درجة الإلتقاء او الإختلاف معهم فهي تضم في صفوفها نخبة مثقفة واعية ... قسم كبير من كوادرها لهم تجارب نضالية وبصمات واضحة إن داخل الأحزاب الكردية سابقا .. لا بل وحتى داخل سجون النظام واقبية اجهزتها الأمنية اعتقالا وتعذيبا ... والإنسان اي انسان كان معرض للخطأ كما الصواب .. والمعتقل ايضا انسان ... قد يخطئ في حياته قبل دخول السجن ... وقد ينحرف عن مبادئه او تثبط همته وينهار تحت وطأة التعذيب الوحشي ... لا بل لعله يختصر المسافة فيتخاذل ويخرج سريعا .. وقد يدوس بعضهم على كل القيم النضالية بعيد خروجهم من السجن ... فهل يا ترى نستطيع ان نعمم اية واحدة من هذه الحالات ان على مشعل المناضل القابع تحديا في زنازين النظام ومراحل الإعتقال التي مر بها من اختطاف الى منفردات التحقيق ومراحل مايسمى زورا بجلسات المحاكمة .. الى النطق بالحكم وبشهادة من حضروا كل هذه الجلسات من المحايدين الذين فقط ركزوا على رباطة جأش هذا المناضل ... والسؤال الغريب هنا !!! .... لمصلحة من تكتب وتنشر تلك المغالطات سواءا على شخصه او على التنظيم الذي ينتمي اليه ـ تيار المستقبل ـ ... حدثان سأسردهما بإختصار :
أ ـ في اوائل السبعينات حينما تعرض البارتي الى حملة اعتقالات شملت سكرتيرها ـ الحاج دهام ميرو ـ وغالبية قيادتها .. ومن سلم منهم من الإعتقال دخل في طور الملاحقة والإختفاء ... اتذكر ـ شخصيا ـ حادثة اعتقال السيد دهام ميرو في قرية ـ موزلان ـ حينما داهمت قوة امنية القرية وتوجهت الى مخبأه في الأحراج الشجرية هناك ـ كما واتذكر ـ اطلاق عناصر الأمن النار ومن ثم جرح احد المواطنين ـ وعلى ما أظن ان اسمه الأول كان عمر حسبما جاء في بيان صدر حينذاك عن اللجنة المنطقية للبارتي في ديريك ـ ... وكلنا ـ اقصد الشعب الكردي ـ يعرف السبب الحقيقي لهذه الإعتقالات ... إلا أنه ـ وبكل اسف ـ وعلى عادة ابواق السلطة التي اخذت تروج آنذاك بأن القرية دوهمت واعتقل دهام ميرو على خلفية إخبارية بوجود مبالغ مالية طائلة من الدولار والدينار العراقي !!! .. مواقف ودعايات أقلها استوجبت وتستوجب السخرية ... ـ ولن أخفي امرا ـ فرغم ـ قربي الشخصي ـ من الحدث .. إلا انه ومع بدء الطفولة السياسية ـ وأشدد على هذا ـ والأنانية الحزبية المفرطة آنذاك .. اصبحنا نردد مع المرددين احيانا بعض من هذه الإتهامات رغم قناعتنا التامة وادراكنا الكامل في اسباب الإستهداف والإعتقال آنذاك ... وباختصار شديد لم تسلم اية دفعة من المعتقلين من هكذا ترهات سخيفة وإن اختلفت آلية فبركة التهم او التلفيقات ...
ب ـ من المتعارف عليه في اساليب اجهزة النظام الأمنية حين استهدافها للكوادر والنشطاء من اي تنظيم خصوصا وحينما تفشل جميع وسائل التعذيب والإكراه الوحشي الذي تمارسه فتلجأ الى اساليب اخرى تهدف منها خلق حالة من البلبلة والتشكيك في صفوف الحزب المستهدف وتستقصد بالدرجة الأولى اولئك المناضلين المتمترسين والمدافعين بصلابة عن قضية شعبهم العادلة وهدفهم الأساسي ـ الأجهزة الأمنية ـ هو خلق حالة من الرعب والخوف للتأثير إن : على المعتقل نفسه او الذين معه وابسط الإيمان ارسال رسالة واضحة لمن بقوا خارج اسوار الزنازين ... يساعدهم في ذلك طابورهم الخامس والمعد مسبقا لهكذا حالات ... فتبدأ حملة التلفيقات والدعايات الكاذبة واحيانا حتى التشهير غير اللائق إن لمن داخل المعتقل او لربما لبعض من خاصته خارج السجن ... والأمثلة كثيرة لا مجال لذكرها الآن ..
همسة صادقة اهمسها في اذن الأخ زيور العمر الذي أتابع باهتمام كتاباته ... كم اتمنى ان يتوجه بمقالاته ما يقرب المسافات بين اطراف الحركة الوطنية الكردية ككل لا ان يفهم منه التبشير بالإنشقاقات داخل اطرافها.. هذا من جهة ... ومن جهة اخرى انا على يقين لو أنه جرب ظروف التوقيف والإعتقال حتى و لو نزل فيها ضيفا عزيزا ـ ولا أقول مكلفا ـ وطبقت عليه شروط الإعتقال الممارسة عمليا على المناضلين ـ أقول ـ لو كان ما يقابلها كل بريق العالم ولمعانها لما عوضته ـ على الأقل ـ ضحكة طفله الذي ابعد عنه قسرا ولا عن آهات ودمعات امه او حسرات زوجته .... واتمنى صادقا من كاتب له هكذا امكانات ان يسخرها للنافع والإبتعاد عن السلبية التي يراكمها تحديدا   ـ وان كنت لا اتوقع ان تكون هذه غايته ـ على الإتجاهات الفاعلة والنشطة داخل الحركة الوطنية الكردية ...

    ـ  يتبع في القسم الثاني ـ







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5612