مداخلة في مؤتمر نقابة المحامين السوريين
التاريخ: الجمعة 01 ايار 2009
الموضوع: اخبار



  المحامي إبراهيم حسين *

بسم الله الرحمن الرحيم **
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تعتبر المحاماة واحدة من أعرق المهن في تاريخ البشرية ، ولأنها كذلك فقد أحاطت القوانين المسلكية أبناء هذه المهنة بجملة من القيود التي تكفل عدم انحرافهم عن قيمها ومبادئها ، بعد أن كفلت لهم بالمقابل حصانة تقيهم من أي تعسف ، وبعد أن وفرت لهم ضمانات تجعلهم قادرين على أداء رسالة المهنة السامية بشرف ونزاهة.
هذه المقدمة جميلة ، غير أنها للأسف لا تنسجم مع واقعنا الحالي ، ولست متجنياً بكلامي هذا ، لأن دليلي بيميني ، أسوقه لكم عبر الأسطر التالية ، معتبراً قبل كل شيء أن أي خلل في أي فرع من فروع النقابة يجعل النقابة بأكملها عليلة لا يستقيم لها أمر حتى يُقضى على الخلل أنى وجد.


في الحسكة ، أيها الأخوة ، يمر زملاؤكم في فرع نقابتها بظرف قاس جداً وإن لم نتداركه ، فاستعدوا لغزو نحو فروعكم ، حيث طلبات النقل تتكاثر من محامينا للانتقال إلى باقي الفروع ، والسبب هو المرسوم (49) المتعلق بعقارات المناطق الحدودية وكلكم تعلمون أن محافظة الحسكة الممتدة في اتساعها قد اعتبرت بكاملها منطقة حدودية .
إن هذا المرسوم أصاب الحياة الإقتصادية عندنا بشلل غير مسبوق أضاف إلى نقمة الجفاف نقمة أخرى أشد وأمضى !! الأمر الذي قضى على العديد من المهن وأبرزها المحاماة ، وأنا هنا لا أبالغ وسأضرب مثلاً بسيطاً ، وهو أن المحامين في مدينة القامشلي وعددهم يقارب (300) محام كانوا يسجلون في محكمة الصلح المدني فقط زهاء الخمسمائة دعوى في الشهر الواحد ، وبعد المرسوم أصبح العدد أقل من خمس عشرة دعوى بالشهر ؟؟ وأترك لكم أن تقارنوا بين ما كنا عليه ، وما أصبحنا فيه اليوم من بلاء جعل زملاءنا محرومين من دخل كان بالكاد يعينهم على صعوبة الحياة ،  وهذا دون شك يعرضهم لخوض غمار المهنة دون التقيد بآدابها وقيمها ، ويفسد بالتالي جسدنا النقابي ، وينخر فيه ، عدا عن أن ثمانين بالمائة منهم لن يتمكنوا من تأمين الحد الأدنى من الدعاوى المطلوبة لتثبيت الممارسة .
إن هذا المرسوم ، أيها الأحبة ، بحاجة إلى مراجعة وتغيير جوهري ، ولن تنفع أبداً عمليات التجميل في إجراءاته التطبيقية ، وصوتكم إن انضم إلى أنيننا قد يصل إلى الجهات المعنية ، فترى هذه الجهات الصورة الحقيقية ، وتسارع إلى تعديل الوضع المزري الذي نمر به ، وتلغي هذا المرسوم الذي يخالف الدستور ، وأنا هنا أتساءل : ماذا فعل مجلس نقابة المحامين بهذا الخصوص ؟
ولأننا نعقد مؤتمرنا في قاعة صلاح الدين (ضمن فندق ميريديان اللاذقية) فقد أغراني ذلك بالتوجه إليكم ناقلاً لكم وعبركم معاناة أحفاد صلاح الدين من إخوانكم وشركائكم في هذا الوطن .
لقد كنا أيها الأخوة وسنبقى جزءاً مهماً وأصيلاً من نسيج الوطن بالرغم مما قد يؤثر على صورة المشاركة الفعلية لنا في بناء سوريا الحبيبة ، ومن باب الحرص على تماسك جسدنا الواحد فإنني أتمنى من مؤتمرنا هذا أن يتبنى توصية مفادها : كفى .. فالمجردون من الجنسية السورية من أكراد محافظة الحسكة من حقهم أن ينالوها بعد قرابة خمسة عقود من الحرمان ، ولن أستفيض إذ لا شك أن أكثركم مطلع على الموضوع .
والحل السهل والقانوني لهذه المعضلة المقيتة يكمن في تفعيل قانون الجنسية الموضوع على الرف منذ سنين طويلة ، وبهذا الإجراء ، وبغيره من الإجراءات التي تكفل إزالة أي وضع استثنائي لمحافظة الحسكة وسكانها ، سنزيل عن لوحة الوطن الجميلة بعض الغباشة التي تؤلم كل محب ومخلص .
وثقوا ، أيها الأخوة ، أننا كأكراد سوريين ، نرى في سوريا وطناً لنا أبدياً ، وفي دمشق عاصمة عزنا ، ومعها فقط يكون الحوار ، ومنها وحدها تأتي الحلول ، والحب الذي يجب أن يجمع كل السوريين تكون لغته أجمل عندما ينبع من بردى ، وعندما ينساب من قاسيون ، ليستظل بفيئه كل السوريين ، ويصبحوا تحت لوائه متساوين في الحقوق والواجبات ، وحينها أبشروا بصلاح الدين يأتي من جديد لينتصر لغزة الجريحة وجنين المكلومة (ملاحظة : عقد المؤتمر تحت شعار دعم المقاومة).
قبل أن أختم مداخلتي هناك بعض الملاحظات التي أود الإشارة إليها :
1-  تعقيباً على ما ذكره الأستاذ رئيس فرع حمص حول نشر الأحكام القضائية في الصحف أقول أن هناك أمر أدهى وأمر حيث نشرت إحدى الصحف الرسمية قراراً مسلكياً صادراً عن فرع الحسكة  وتم بموجبه معاقبة ثمانية من الزملاء المحامين وأنتم تعلمون أن القرارات المسلكية هي قرارات سرية وللأسف وبالرغم من أننا أعلمنا مجلس النقابة إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً .
2- طالبنا مراراً بإحداث محكمة استئناف مدنية بالقامشلي ووعدنا السيد وزير العدل ومع ذلك لم يتحقق أي شيء على هذا الصعيد ، إضافة إلى التأخر الغير مبرر في افتتاح القصر العدلي بالقامشلي علماً أنه جاهز كبناء منذ أكثر من سنة .
3- قبل عدة سنوات وفي أحد مؤتمراتنا طالبنا سيادة اللواء مدير إدارة القضاء العسكري بتخصيص غرفة للمحامين في دائرة القاضي الفرد بالقامشلي ومشكوراً لبى الطلب خلال ( 48 ) ساعة وقمنا بتجهيز الغرفة ، غير أننا نعاني منذ أقل من سنة من إشغال الغرفة من قبل عناصر الدائرة ولهذا نلتمس من سيادة اللواء التدخل لمعالجة الموضوع .
أتمنى أيها الأخوة لمؤتمرنا النجاح وكل عام ونحن وأنتم وكل السوريين أحبة .
·   عضو مجلس فرع نقابة المحامين بالحسكة وهو محام مستقل .
·  ألقيت هذه المداخلة في مؤتمر نقابة المحامين في سورية الذي عقد في مدينة اللاذقية يومي 28 – 29 نيسان 2009 .






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5541