سجن المثقفين ماذا ينفع؟!
التاريخ: الثلاثاء 20 كانون الثاني 2009
الموضوع: اخبار



محمد قاسم

على الرغم من أن المجتمعات المتقدمة تجاوزت مشكلة الصراع السياسي والسجن بسبب الآراء المخالفة او التحزب المختلف..الخ. إلا أننا لا زلنا نتقبل في ذهنيتنا وسيكولوجيتنا فكرة أن تسجن سلطات ما في هذا المشرق -والبلاد العربية خاصة- أعضاء أحزاب لأنهم كونوا أحزابا او تفوهوا بما لم يرق للسلطات..او اجتمعوا في دار ما يتباحثون قضية وطنية ..او غير ذلك.. ودون ان يكون ذلك مشروعا طبعا.. ما لم يكن وفق قانون من هيئات مختصة ومنتخبة ديمقراطيا من شعوبها وبنزاهة أيضا..


باختصار لا زلنا نتقبل السجن السياسي طوعا او كرها.. ونتقبله كواقع –وربما كواقع مقبول بالنسبة للبعض على الأقل والمقربين عادة من السلطات وما أكثرهم ممن يتاجرون دوما بأوصال الحرية والحقوق .. ويفلسفون تجارتهم هذه بما أوتوا من قدرة كلامية او كتابية بعد أن ودعوا ضمائرهم مرتين:
- مرة لأنهم يكذبون على السلطات وعلى أنفسهم؛ عندما يوحون الى السلطات بأنها تحسن صنعا..
- ومرة لأنهم يقومون بما يجعل الشعور الإنساني لدى المثقفين يتآكل بطريقة مشينة..
ولكن ما لا نستطيع استساغته كيف ان السجن يطال المثقفين..؟!
والمثقف ليس لديه سوى كلمة تقال او تكتب..فسلاحه الوحيد هو الكلمة..والكلمة فحسب...!!
ألا تستطيع السلطات أن تجند -وهي تجند دوما جيشا منهم- من مثقفيها الذين يقارعون الكلمة بالكلمة شفاها او كتابة وهم يملكون كل الإمكانيات المعطاة لهم من هذه السلطات..؟!
ثم إذا غابت الكلمة المختلفة عن السلطة ..فمن أين تستقي من يوحي لها بما تقع فيه من أخطاء..والخطأ صفة بشرية ضرورية لا يمكن التحرر منها أبدا ..ربما يمكن التقليل منها فقط.
وعلى الرغم من التجارب الكثيرة في هذا الشأن..إلا أنني –فقط- استعير الحكاية التي قرأتها في بعض المراجع التي لا أذكرها الآن، وهي ان شاه إيران سئل: لماذا وصلت الى هذا المصير المحزن -وكان قد هرب من بلاده ولم يستقبله أحد سوى الرئيس الراحل أنور السادات بدعوى انه مدين له بموقف ما لمصلحة مصر –كما أتذكر..
فقال: ان الذين كانوا من حولي ليسوا صادقين معي فقد كان همهم استرضائي للحصول على مكاسب خاصة..ولم يصْدقوني في الواقع. ولا عارضوا طرحا خاطئا مني.. فكانت هذه النتيجة ..!
الصوت المثقف والمختلف في تحليل الأشياء- أيا كانت- ضرورة لبقاء التفكير المتوازن .. ولقد أبدع عمر بن الخطاب عندما قال:
"رحم الله من أهدى إلي عيوبي".
فضلا عن ان سلوكا يعتمد العنف-السجن والضرب والاغتيال...الخ...يساهم في تكريس هذه الخصائص باستمرار..







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5014