الغرور والمراهقة الفكرية
التاريخ: السبت 24 حزيران 2006
الموضوع: اخبار


بقلم : علاء الدين عبد الرزاق جنكو

كعاتي اليومية أفتح إيميلي لأتعرف على ما وصلني من رسائل جديدة ، واطلعت على اثنين منها ، وإذا بأحد الشباب قد أرسل إليَّ صورة للمجرم الزرقاوي ، معلقا عليها : ( هذه صورة ستعرفها بالتأكيد لأنه من الوهابيين والسلفيين ) .
بالطبع أخذتني الدهشة لا من الصورة ، لأني رأيتها في الإعلام . لكن السؤال الذي راودني لماذا أرسل الصورة لي ؟!!

ربما يعتقد – بعقله الصغير – أن توجهي الإسلامي – الذي احمد لله عليه- يدفعني نحو التعاطف مع مجرم سفَّاك كالزرقاوي ، ناسيا ما كتبت من مقالات بينت فيها موقفي ، بل وحتى الحكم الشرعي الذي أراه من جرائمه التي كان يرتكبها .

صديقي هذا حاورته سابقا عبر الماسنجر ، متواضع الثقافة ، مندفع ، ليس له رأي ثابت ، يقول في الصباح شيء ربما تعقَّل في المساء فغيَّر رأيه ، لا ألومه كثيرا فهو ما زال في مرحلة المراهقة الفكرية !!!
وكما توضح لي أيضا أنه لا يفرق بين السلفية كفكر ومنهج وبين إطلاقات الإعلام هنا وهناك ، وهذا طبيعي بسبب حكمه على المنهج اعتمادا على تفكير مستورد ومستعار من الذين حوله .

صاحبي متأثر بالفكر الشيعي – وأنا متأكد – لأنه يعيش بينهم ، وطبيعة الحال ، كل من قال للشيعي أنت مخطئ فهو وهابي سلفي !! كما هو الحال عند الكثيرين من المتصوفة الجهلة ...

لست محاميا عن الفكر الوهابي ولا السلفي ، ولكن ليس من الموضوعية أن يحكم المرء على فكر ما دون الاطلاع عليه .

وهذا حال الكثيرين من كتَّابنا الأعزاء الذين يرون من أنفسهم ، ومن خلال كتاباتهم أنهم تجاوزوا بفكرهم الثاقب مرحلة الاجتهاد المطلق الذي كان عليه الفقهاء الأوائل .
فهذا يكتب في زواج المسيار – ولا يعرف أحكامه – ويربطه بقضية حرية الوطن !!!
وآخر اكتشف آثارا غابت عن البشرية مفادها : أن كتب الفقه الإسلامي تناولت قضية سخيفة هي مسالة جواز التبول واقفا أو جالسا .
وغيرهم من المغرورين بأقلامهم متجاوزين حدود الاحترام حتى مع أنفسهم ناهيك عن الآخرين...

مرة ناقشني أحدهم – وهو مسلم بالهوية – ما هي القضية الكبرى التي سوف تُبني على نهي رسولكم عن التبول في الجحر ( الشق في الأرض ) حتى لو كان في خلاء واسع ؟!!

صدقوني ، كان يقولها بسخرية ، وهو منتعش بهذا الاكتشاف العظيم الذي توصل إليه !!

قلت له : هل درست شيئا حول هذا الأمر في كتب الفقه والحديث .
أجاب : بأن المعنى واضح ولا يحتاج إلى ضياع الوقت في البحث فيه !!

قلت له : يا صاحبي إن فقهاء المسلمين عندما وقفوا عند هذا النهي ، خطر على بالهم سؤالك هذا ، لكنهم كانوا مع عبقريتهم متواضعين ، فراحوا يعملون عقولهم ، ربما يجدوا تعليلا لهذا الخبر ..
فرأى البعض أنه يجب عليه الدخول بتفكيره في الجحر قبل أن يدخله البول !! ثم وجدوا ، أن الجحر في العادة موطن للحيوانات ، والتبول فيه سيؤدي إلى أحد أمرين :
إما أن يكون فيه حيوان صغير فيُؤذَى ، أو حيوان كبير فيؤذِي . فعلى الحالتين يا صاحبي ، عدم تبولك في الجحر هو احترام للروح .....
هزَّ رأسه متحيرا ماذا يقول ؟!!
ابتسمت له قائلا : ما رأيك أن نجعل هذا النهي النبوي الذي لم تستوعبه بعقلك النير بندا من بنود اتفاقية عالمية حول حقوق الحيوان ؟!!





أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=455