بالأفعال تبنى ( المرجعيات ) لا بالنيات..؟؟
التاريخ: الجمعة 23 حزيران 2006
الموضوع: اخبار


بقلم: بلند داوودي

أمضى البعض عقود من الزمن وهم يزاودون بشعار ( توحيد الحركة الكردية في سوريا ) بينما هم منخرطون ميدانيا في الفعل الانشقاقي ومتهربون من استحقاقات العمل الوحدوي تحت هذه الذريعة أو تلك من الذرائع الواهية التي تشكل صلب خطابهم الإعلامي المضلل ، وبمراجعة سريعة لملف هؤلاء التنظيمي تراهم قد تنقلوا من حزب إلى آخر وساهموا في أكثر من انشقاق ، واليوم أيضا تتردد في خطاباتهم شعار موازي يدعو إلى ( تشكيل المرجعية الكردية ) في الوقت الذي هم ماضون في سلوكهم الذي ينسف عمليا أية أرضية ممكنة لمثل هذه المرجعية التي باتت فعلا ضرورة


فهم باتوا يمتهنون فن التلاعب بكلمات الحق ولكنهم لايبتغون من ورائها سوى الباطل وتضليل الجماهير ، فقد ورد في افتتاحية العدد ( 373 ) من جريدة ( آزادي ) التي يصدرها حزب آزادي الكردي في سوريا مقالا بعنوان : ( نحو تأسيس مرجعية كردية واقعية ) ، اجل إن العنوان ينطوي على دعوة حق ، ولكن لنبحث معا في حقيقة الغايات الكامنة في متن المقال والتي نرجو ألا يراد منها باطلا عبر التوقف عند الملاحظات التالية :
• واضح أن المقال يقر صراحة بان الجميع يلتقي عند أهمية هذه المرجعية ، ومن هنا فلامجال لأحد أن يزايد على الآخر في هذا الموضوع ..
• يؤكد المقال على أهمية الظروف النضالية واستحقاقات التغيير الوطني ، ولكنه يتجاهل شكل التغيير المنشود الذي لابد أن يكون سلميا ديمقراطيا ؟؟ .
• يدعو المقال إلى تجنب المزالق والمواقف المسبقة ، أجل فلتكن الأعمال و المواقف السياسية هي المعيار الحقيقي لذلك .
• يقر المقال بان هناك تباين أو اختلا ف حول طريقة انجاز هذه المرجعية وأسلوب تحقيقها بحسب توفر الخيارات سواء في ( آليات ومهام التأسيس ) أو ( العلاقة بين الداخل والخارج ) ، وهذا يعني ان هناك خلاف بين من يراهن على الخارج وبين الآخرون الذين يراهنون على الداخل ، ولتكن مصلحة الشعب الكردي هو المحك في حسم هذه العلاقة وليست المصلحة الذاتية..
وعلى ضوء هذه الملاحظات التي تم تلمسها بين سطور هذا المقال المذكور ، يمكن قراءة الموقف الحقيقي لـ( آزادي ) من شعار ( المرجعية الكردية ) ومدى إخلاصه له ، وذلك عبر المحاور التالية :
1- الجذر التنظيمي لـ( آزادي ) : من المعلوم إن هذا الاسم تم إضافته إلى لائحة الأحزاب الكردية في سوريا منذ ما ينوف على عام تقريبا عندما أعلن عن دمج الحزبين ( اليساري و الاتحاد الشعبي ) ، وبغض النظر عن انسحاب الاتحاد الشعبي من هذا الدمج ومتابعته على إصدار جريدته المركزية ( الاتحاد الشعبي ) واستمراره في الحفاظ على شخصيته الاعتبارية عبر المشاركة في النشاطات والمناسبات السياسية باسم حزب الاتحاد الشعبي ، وبذلك تكون نتيجة عملية الدمج المزمعة هي أن ( اليساري ) قد قام بعملية تغيير شكلية لاسمه إلى ( آزادي ) ليس إلا وهذا شأن داخلي نحترمه خاصة وانه يحسم الخلاف على اسم ( اليساري ) الذي يحمله طرف آخر في التحالف ، ولم نسرد هذا الموضوع إلا للاطلاع على امتداده التنظيمي الذي يمتد إلى ( الحزب اليساري ) وانشقاقه عنه بعد وفاة أمين عامه ( عصمت سيدا ) ، وهو بدوره كان قد انشق عن ( الاتحاد الشعبي ) الذي انشق على نفسه إلى ( اليساري والبارتي ) مطلع السبعينيات ، ويمتد (اليساري ) في جذوره أخيرا إلى ( كونفرانس آب/1965 ) الذي دشن ولأول مرة في تاريخ الحركة الكردية في سوريا ظاهرة الانشقاقات في صفوف الحزب ( الديمقراطي الكردي في سوريا ) لينتج فيما بعد كل هذه المتوالية الهندسية من الأحزاب و بديهي أن ( آزادي ) أحد إفرازات تلك المتوالية واحد المشاركين الفاعلين في إنتاج هذا الكم من الأحزاب ، فضلا عن انفصال مجموعات من كوادره عنه بين الحين والأخر من أبرزها تلك المجموعة التي انضمت إلى القيادة المشتركة مطلع التسعينيات ..
2- موقف ( آزادي ) من الأطر المشتركة : إذا كان ما ذكرناه يأتي في مجال دور( آزادي ) في انشقاقات الحركة الكردية في سوريا ، فيمكننا في المقابل استعراض دور هذا الحزب في محاولة تعطيل التئام أطراف الحركة الكردية في أي إطار مشترك يساهم في الحد من حالة التشرذم والتشتت ويوحد خطابها السياسي ، ولعل دوره في تعطيل فعالية التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا ومن بعده تعطيل فعالية الجبهة الكردية لسنوات بهذه الذريعة أو تلك خير مثال في كونه طرف يتسم بسلوكيات اقل ما يقال عنها بأنها لاتنسجم مع عقلية العمل الجماعي والنضال المشترك ، بدءا من الأنانية الحزبية الضيقة وانتهاء بعدم الالتزام بضوابط العمل المشترك والخروج على القرارات الجماعية التي لاتلبي تلك الأنانية ، ولعل خروجه على قائمة ( التحالف ) في انتخابات مجلس الشعب أواسط التسعينيات وتطوعه للدفاع عن قائمة الظل آنذاك وتجنيد كوادره حتى القيادية منها ليصبحوا وكلاء لمرشحي قائمة الظل يعد معيارا لهذه الأنانية التي تفضل المصلحة الحزبية على المصلحة القومية ، وكذا الأمر سلوكه مع الجبهة التي كان عضوا فيها ، حيث كان يرفض الالتزام بقراراتها الملزمة له وتعاونه في الكواليس مع الأطر الخارجة عن هذه الأطر وتنفيذه لقراراتها المناقضة لقرارات الجبهة ، وكذا الأمر تعامله مع صيغة ( مجموع الأحزاب ) التي تبلورت اثر أحداث آذار 2004 الدامية ، عندما هدد سكرتيره بالانسحاب من هذه الصيغة ما لم يتم التجاوب مع مطلبه الذي تبين انه مطلب شخصي بحت ، وهو الإصرار على إصدار تصريح تضامني معه باسم مجموع الأحزاب بذريعة أن دورية للأمن قامت بعد يومين من الأحداث بتفتيشه أمام حاجز تفتيش مع غيره من ركاب سيارة سرفيس كانت تقلهم ، في وقت كانت المشافي تعج بمئات الجرحى والمقابر تستقبل بين الحين والآخر جثامين الشهداء بينما الآلاف من الابرياء الكرد كانت السجون والمعتقلات تبتلعهم في احشائها السوداءة لتعزلهم عن الأحداث وتداعياتها ، في هذا الوقت قام أمين عام ( آزادي ) بابتزاز مجموع الأحزاب لإصدار ذاك التصريح الذي تبين أنه كان من بين الوثائق الاساسية التي قدمها السيد الأمين العام للحصول على الإقامة في أوروبا بعد أن غادر برفقة عائلته وأولاده مطار دمشق آمنا مؤمنا ، ليعود بعد ذلك بحرية إلى الوطن ويخرج متى يشاء ؟؟!!.. انتهاء بمحاربة ( آزادي ) لـ( إعلان دمشق ) الذي يمثل صيغة وطنية متقدمة تضم الجسم الأساسي للحركة الكردية في سوريا ( الجبهة و التحالف ) ، إلى جانب القسم الأعظم من المعارضة الوطنية السورية التي تؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان ، وتقر بضرورة حل القضية الكردية في سوريا حلا ديمقراطيا عادلا ، وتدعو إلى التغيير الديمقراطي السلمي في البلاد ، بذريعة ان المطلب الكردي في الإعلان تم تقزيمه ولايلبي الطموح الكردي ، وبغض النظر عن مدى صحة ذلك ، ولكن لابد من التذكير بان ( آزادي ) كان من بين الذين وقعوا على ميثاق ( اللجنة الوطنية للدفاع عن الحريات الأساسية وحقوق الإنسان ) وهو يقر نفس المطلب الكردي لا بل اقل ، هذا قبل أن يصدر إعلان دمشق والذي يعد في الأساس امتداد لهذه اللجنة ليس إلا ..
3- وجهة نظر ( آزادي ) حول المرجعية المنشودة : يبدو من الواضح أن وجهة نظره حول آلية تشكيل المرجعية الكردية تندرج ضمن القائلين بأن الأطر القائمة ( التحالف و الجبهة ) ما هي إلا هياكل هشة وكلاسيكية قاصرة و تحمل بذور أزمتها أو فناءها منذ البداية ، ومن هنا فانه لايكف عن الدعوة إلى تفتيت هذه الأطر وتدميرها بدون هوادة بحجة نفاذ صلاحيتها ، في وقت لايمكنه أن يقدم البديل اللازم سوى إطلاق العنان للخيال لينسج للجماهير عوالم جمهورية أفلاطون ، وهذه العقلية الشمشونية التدميرية هي التي تغذي خطابهم السياسي المضلل منذ كونفرانس آب/1965 من دون نتيجة أو جدوى ..
4- رؤية ( آزادي ) السياسية : في مجال سياسة ( المرجعية ) المنشودة ومهامها فان ( آزادي ) لايخفي وجهة نظره ، خاصة في مجال الاعتماد على الخارج ، حيث كان ( آزادي ) من الموقعين على ( نداء ) مع آخرين يناشدون فيه بافي ( آزاد ) لنجدتهم وإنقاذهم ، ثم كان من بين المرددين لشعار ( قامشلو كردستان لاعرب ولاسريان ) تحت خيمة عزاء الشيخ معشوق الخزنوي وأثناء تظاهرة ( 5/6/2005 ) التي أجمعت القوى الديمقراطية والكردية على عدم القيام بها وتحذيرها لـ( أزادي ) من المخاطر والمنزلقات التي سيفرزها هذا النشاط الاستعراضي والتي حصلت بالفعل ، فضلا عن انه يجهره حتى بدون مناسبة بالشعارات المطالبة بإسقاط النظام ودعوته للرحيل مع مخابراته مطالبين بزج الشعب الكردي في هذا النفق كرأس حربة لتغيير النظام .. فهل هذه المحاور السياسية ( المراهنة على الخارج ، تفتيت الوحدة الوطنية ، استخدام الكرد ككبش فداء لتغيير النظام .. ) هي التي تصون الشعب الكردي من المنزلقات والمخاطر المحدقة بنضال شعبنا ، في وقت يدعو الجسم الأساسي المتمثل في ( الهيئة المشتركة للجبهة والتحالف ) إلى عدم المراهنة على ( العامل الخارجي ) دون تجاهله ، والحرص على عدم زج الشعب الكردي في سوريا كرأس حربة في عملية التغيير مع التأكيد بأنه يكون رافدا أساسيا وداعما في هذا الاتجاه ، كما إن الهيئة المشتركة ترى في المكونات الأخرى ( عرب ، آشوريين .. ) ظهيرا وشريكا أساسيا في هذا الوطن ويسعى معها في إطار ( إعلان دمشق ) من اجل بناء نظام ديمقراطي تعددي يتمتع في ظله كل الطيف السوري بالعدالة والحرية والمساواة ، ولهذا فان الحوار يبقى هو السبيل الأنجع في تحقيق هذه الأهداف ، وان الرؤية المشتركة بين الجبهة والتحالف إلى جانب ميثاق إعلان دمشق يعكس هذه السياسة بدقة وأمان ..
إذا كانت هناك من إمكانية فعلية لتشكيل مرجعية كردية ، فإنها سوف تلد بدون شك من رحم الأطر الموجودة وليس من خارجها أو نسفها ، فهي تضم الجسم الأعظم من الحركة الكردية في سوريا ، وتستحوذ على ثقة القوى الديمقراطية العربية والاثورية الفاعلة على الساحة السورية وخاصة المنضوية منها في إعلان دمشق وغيرها من القوى والفعاليات الثقافية والاجتماعية الكردية والعربية ، وبالتالي تستحوذ على ثقة جماهيرها التي لم تعد تنطلي عليها تلك الشعارات المضللة التي دفعت ثمنها من دمها وكرامتها غاليا في أحداث آذار ، وفي الأحداث التي أعقبت مقتل الشيخ الخزنوي . ولهذا فانه من المستحيل ان تبنى المرجعيات بالتمنيات وإنما فقط بالأفعال والمبادرات ..






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=453