ملف أزمة الأحزاب الكردية في سوريا (الانشقاقات) (2) مع الكاتب: محمد قاسم
التاريخ: الأحد 07 ايلول 2008
الموضوع: اخبار



ملف خاص (بموقع ولاتي مه)

  إعداد : حسين أحمد
Hisen65@hotmail.com

محمد قاسم:
- إن التعدد المفرط في وجود الأحزاب لا يخدم القضية..!
- إن بعض الأحزاب تستمد أوكسجين إنعاشها من خارج ذاتها ..!!
- نأمل من الجماهير أن تعيد النظر في أسلوب تعاملها مع الأحزاب .
- هذه هي العلة والآفة في الأحزاب الكردية..! تأخذهم العزة بالإثم  فلا يعترفون بالأخطاء..
- فما أسهل أن يتغنوا بإشراك المستقلين بالقرار موهمين الناس وكان هؤلاء المستقلين يمثلون الجماهير كلها .؟


الأســـــئلة  :
السؤال الأول: لماذا كل هذا العدد الهائل من التنظيمات الكردية في سوريا .وهل ثمة مبرر إيديولوجي لهذه الانشقاقات وخلق أحزاب جديدة فوتوكوبية نسخ طبق الأصل ...
السؤال الثاني:  هل للكرد وقضيتهم أية فائدة من هذه الانشقاقات . وهل تعبر فعلاً عن واقع فكري أو اجتماعي أو سياسي .
السؤال الثالث: هل قدّمت هذه الأحزاب المنشقة برنامجاً جديداً سواء على الصعيد السياسي أو الاستراتيجي أو التكتيكي للشعب الكردي... إذا من المسئول عن كل هذه الانشقاقات ...؟؟

المســاهمة :
سيدي: أسئلتك فقط ثلاثة ولكنها تستدعي صفحات مطولة من الإجابات.. فهي تتعلق بظاهرة تختزل تاريخ الأحزاب الكردية -ولا أقول الحركة الكردية- وقد بينت أسبابي لذلك في دراسة نشرتها منذ أشهر-وكان قد سبق نشرها قبل عامين تقريبا بعنوان))قراءة مختصرة في أدبيات الأحزاب الكردية في سوريا)) إضافة إلى بحث بعنوان ((أسباب أزمة الأحزاب الكردية في سوريا)) وقد نشرت الأولى على ست حلقات.. فيما كان الثاني على سبع حلقات.. وتحت عنوان "قراءة مختصرة في أدبيات الأحزاب الكردية" حاولت أن استشهد بأدبيات هذه الأحزاب نفسها للتوصل إلى نتيجة مؤداها: لا اختلاف فكريا وأيديولوجيا بين هذه الأحزاب.. وما انشقاقاتها إلا نتيجة سلوكيات قيادية فيها، خاصة شخصية السكرتير، والتي لم تمارس الديمقراطية في إدارة الحزب، واحتكرت القيادة لذاتها، فأنتج ردود أفعال عاجزة عن إصلاح الحزب من داخله فكانت الانشقاقات الوسيلة الأسهل.. أو ربما كانت الوسيلة الأقرب إلى أن يتبوأ المنشقون –في الغالب-مراكز قيادية.. وهكذا حصل دائما.. ولعل سكرتيري الأحزاب الذين لا يزالون على رأس أحزابهم يتحملون هذه النتيجة مع الحاشية التي تردد ما يقوله هؤلاء السكرتيرون -عادة- كنوع من: إما التعبير عن الخضوع لهم عجزا في الشخصية السياسية ، فهم دوما يعيشون في ظلال سكرتيريهم، وتحت أجنحتهم ضمانا لمكاسب متوهمة في مراكز لها اسم طنان ولا فعل ميداني له .. خاصة على صعيد النضال المؤثر ميدانيا.. أو السكوت عن اختراقاتهم ضمانا لبقائهم في مواقعهم مراعاة لمصالح جدلتها أوهام صغيرة.. أو يقنعون بها، مما يعطيها لهم سكرتيروهم –مكرمة-.. وهذا ما أنتج تربية على مدى خمسين عاما مؤداها: الخضوع - قسرا أو  طوعا- ومن ثم شللا في الشخصية الحزبية المشبعة بهذا النمط من السيكولوجية المستكينة سواء للمركز أو المصلحة بشكل عام، بتعبيرات أخرى..! انعكس ذلك سوء أداء للعمل النضالي الذي يتطلب –عادة – حيوية وروحا وثابة، وطموحا قويا، وجرأة أدبية، وتضحية ...الخ. وهذا لا يعني أننا ندعو إلى تمرد ثوروي .. ولكنه يعني أن يعي الحزبي –في أي موقع- انه ليس عبدا لمصالحه ولسكرتيره او المسؤول عنه في أي موقع كان. بل عليه الحفاظ على شخصيته الخاصة والمستقلة، والعمل الجاد -باعتباره تطوع للعمل النضالي السياسي- وفق أنظمة الأحزاب ذاتها وبرامجها.. وخاصة فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية في الانتخابات والمداولات واتخاذ القرارات.. ويحكم ذلك قانون الأحزاب ذاتها.. ولا ينبغي عليهم  أن يتشبهوا بحزب البعث وأمثاله في الخضوع لأوامر عليا دائما –أي المركزية الشديدة التي تعيق الحركة والتفكير والمشاركة ..! وبطبيعة الحال فإن التعدد المفرط في وجود الأحزاب لا يخدم القضية..!هذا باعتراف الأحزاب نفسها.. وعلى الرغم من محاولة التنصل المستمر منها، عن المسؤولية عن الانشقاقات.. وكل يرمي الكرة في ملعب الآخر..! وهذه هي العلة والآفة في الأحزاب الكردية..! تأخذهم العزة بالإثم  فلا يعترفون بالأخطاء.. ولا يقبلون بمراجعة الذات.. -القيادات دائما- أما الذين في القواعد..فهم في اغلبهم: إما تشربوا روح قياداتهم ثقافيا.. فهم يرددون بنوع من الببغائية ما يملى عليهم..بشكل أو بآخر.. بدواعي عدم إعطاء الفرصة للمنافسين -الأحزاب الأخرى المنشقة أو المنشق عنها- ليستفيدوا من هذه الثغرة.. وهم جميعا في ذلك يستغبون بعضهم بعضا ويستغبون الجماهير أيضا.. وإما ركنوا للواقع، للحفاظ على مكتسباتهم المتوهمة -أكثر منها واقعا-..بحكم أحلامهم التي صغرت -نفسيا- مع استمرار نمط السلوك الحزبي الخاوي من روح النضال الجاد..المؤثر.. فـ"التجارب محك الرجال" –كما يقال. ومنذ القديم قيل "الفراغ مفسدة". بلا ريب فان المسؤول الأول عن الانشقاقات هو:
1- السيد عبد الحميد درويش وقياديي مرحلة الانشقاق الأولى في حزبه
2- السيد صلاح بدر الدين وقياديي المرحلة الأولى من الانشقاق في حزبه
(قيادات العام 1965..) وقد أتيحت فرصة لتصحيح الأوضاع عام 1970– في "المؤتمر الوطني الأول" الذي عقد بإشراف المرحوم البارزاني مصطفى -قائد ثورة أيلول المجيدة. والذي دعا الطرفين الحزبيين- وأفضل أن أقول  جناحي الحزب-..بمشاركة قوى وطنية –مستقلة-لحضوره. لكنهما لم يستجيبا لسعي الخالد- البارزاني ..بل تحايلا على الاتجاه .. في البقاء منقسمين وتعويقا لعملية التوحيد نفسها .. وسعيا إلى تكريسه فلسفة في ثقافة الشعب-الذي تغلب عليه الأمية حينذاك. والروح القبلية التي كانت لا تزال سائدة.. وسادت أكثر بفعل الانشقاقات، بتأثير مباشر أو غير مباشر.. وأصبحت من الأوراق التي ُيلعب بها في التنافس الحزبي.. وقد حضرت شخصيا بعض فصول من سلوكهم الحزبي إزاء هذه المحاولة التوحيدية.. وكنت بعد سنتين عضوا في المؤتمر الحزبي الأول في قرية -داودية- القريبة من" سرسنك" وبامرني" وسأظل أتذكر قول احدهم -ربما علي السنجاري- في المؤتمر: لقد وضعنا لقمة ذوي الشهداء في أفواهكم لتتوحدوا فهدرتم حتى هذه.."ثم اكتشفت نمط التربية الحزبية لدى بعض المتنفذين في الحزب آنذاك من موقع عشائري أو مالي.. فآثرت الانسحاب بهدوء. وكان معي احمد عباس أيضا -رحمه الله-، في ذلك. وكان لذلك سبب آخر مباشر ليس الآن مجال ذكره.. وهذا العرض لا يعني إعفاء القيادات الأخرى عن الانشقاق.. ومنهم من حقق شيئا على مستوى تنمية حزبية موجودة في الساحة –بغض النظر عن اتفاقنا معهم أو عدم اتفاقنا- ومنهم من حافظ على اسم فقط دون قدرة على تنمية في أحزابها.. هؤلاء جميعا انشقوا عن (...) او تم الانشقاق عنهم، وهم جميعا يتمسكون بان يبقوا في موقع السكرتير أو الأمين العام.. دون اكتراث لـ"قيمة " المنصب في ظل هذه الشرذمة المقللة للقيمة النضالية لأحزابهم.. والمقللة للفعالية النضالية أيضا.. فكان المركز الحزبي هو الهدف وليس العمل النضالي الذي يخدم الشعب والوطن..! هذا على صعيد الحجوم الحزبية..
واما على صعيد الفعل النضالي فإن بعض الأحزاب تستمد أوكسجين إنعاشها من خارج ذاتها.. مما جعلها قليلة الفعالية نضاليا.. وواقعا على الأرض.. وتعتمد أخرى على الخارج الكردي وغير الكردي وتجربة بعض كوادرها.... وبعض ومضات من سياسات تعتمد الصعق في عقد صلة هنا أو هناك مع شخصية سياسية عربية أو تجمع أو حتى حزب ما..
وهي ليست سياسات إستراتيجية -بقدر ما هي صعقات من تلك التي كان السيد عبد الله أوجلان يعتمدها في التأثير على الوجدان الجماهيري-- ولكن بوتيرة مختلفة.
فما هي سوى محاولات تفجير فقاعات لها تأثير مؤقت..لا تلبث أن تتشتت ويسهل عليها ان تبررها بأنا كانت على وشك فعل كذا وكذا ولكن.. الأحزاب الأخرى فوتت عليها الفرص..! فتضرب عصفورين بحجر.
- تبرير فشل مشروعها من جهة.
-اتخاذ ذلك وسيلة هجوم غير مباشر على خصومها السياسيين من الكرد.. وعادة لا تسميهم ليكون أكثر احتمالا للتفسير عند الحاجة- هروبا أو مناورة.. والكوادر المؤثرة - او التي لا تزال تمسك زمام الأمور- في الحزبين شاخت- قدما- في الحزبية.. واكتسبت روحا روتينية تتغذى من شعور بالقدم في الحزب لا بما قدمت من فعاليات.. فما أن توجه ملاحظة حول الأداء الحزبي حتى يبادرك بالقول: "صار لي كذا سنة في الحزب وأنت اليوم تطاولني معرفة بالسياسة أو تنقدني..!" وهو تعبير يفصح عن مستوى الروح الديمقراطية من جهة ومستوى الخبرة النضالية من جهة أخرى.. وفي الأغلب إن هؤلاء لا يهتمون بردود أفعال الشارع رأيا وسلوكا..لأنهم يدركون أن الشارع اشبع تمزقا حتى انه لا يستطيع لملمة نثاره.. بل وأكثر من هذا، اصبحوا يعزفون على وتر تحميل الشارع المسؤولية عبر الإشارة إلى المثقفين على الخصوص.. وتثبيت الفكرة في أذهان البسطاء بان السبب في هذا كله هو:
- ابتعاد الفعالين عن العمل الحزبي.
-عرقلة شريحة مثقفة- هم يقولونها بالألف واللام "المثقفون": تعميما.. لفعاليتهم عبر لعب دور سلبي.. ويعنون بذلك "الممارسة النقدية". ولا ينسون أن يطعّموا رأيهم  هذا بشحنات من الكلمات العاطفية المؤثرة لينساب تأثيرها إلى نفوس الجماهير الأمية.. والبسيطة.. كما قاموا بخطوة ذكية لدعم هذا الاتجاه باللجوء إلى تشكيل ما أسموه عند البعض بالمجلس التحالفي..- ..وعند البعض الآخر أسماء أخرى.. لجان وطنية أو اجتماعية.. أو غيرها. وغايتهم من ذلك إشراك المستقلين في تحمل ما فشلوا فيه، وهم حاذقون ليلقوا بالمسؤولية على عاتق هؤلاء كممثلين للمستقلين في خطوة ذكية تعجز العقول البسيطة من تحليل الخطوات ومغازيها.. فما أسهل ان يتغنوا بإشراك المستقلين بالقرار موهمين الناس وكان هؤلاء المستقلين يمثلون الجماهير كلها.. بطريقة أو بأخرى .. وها هم اليوم يتنازعون وكل طرف يريد أن يستثمر الوجود هذا.., هي جميعا مجرد خطوات تنافسية بين هذه الأحزاب لتثبيت مواقعها بطريقة أو أخرى على حساب ما ينتظرها من العمل النضالي السياسي..الجاد والمسؤول..
وختاما ..كل ما سبق من القول -كما أقول دائما- لا يعني أن الأحزاب لا تنطوي على ما هو ايجابي.. فالحزب الديمقراطي الكردي –أو الكردستاني – كما يؤكد البعض هذه التسمية- نشا في الخمسينات.. وادى أدوارا مؤثرة نضاليا قوميا.. على مدى يقدر له. وقدم تضحيات كبيرة.. سجونا وتعذيبا.. وحرمانا.. وربما موتا.. ومعها أبدا، الجماهير.. ولا يجب ان يُنسى هذا..! ولكن قياداته أراقت ما أنتجه منذ الانشقاق الأول.. وها هي ذي القيادات تستمر في إراقة ما حققه الحزب بزخم جماهيري فاعل خلال مرحلة ما قبل الانشقاق.. وحتى في العام 1973عندما اعتقلت قيادات الحزب الديمقراطي الكردي-القيادة المرحلية كما كانت تسمى قبل المؤتمر الحزبي الأول عام 1972..
ولا تزال تقدم بعض الأحزاب قرابين في طريق العمل السياسي -بغض النظر عن توافقنا مع نهجهم أم لا-..ولكنها أحيانا تكون قرابين لا تستثمر سياسيا بما فيها الكفاية للتأثير في مجريات الأحداث لصالح الشعب الكردي..
أملنا –دوما- في تحرك قواعد الأحزاب الواعية أساسا وبعض الذين لم تشوه الرغبة في القيادة سيكولوجيتهم وذهنيتهم من القياديين للقيام بإصلاحات مجزية، بطريقة ذكية وفاعلة وسلمية.. ودون المرور في دروب الانشقاقات..!
كما نأمل من الجماهير أن تعيد النظر في أسلوب تعاملها مع الأحزاب.. وتمارس دورا ضاغطا في التوجيه نحو ممارسة الأسلوب الديمقراطي ضمن الحزب ليؤدي ذلك إلى فرز حقيقي للقوى القادرة على العمل النضالي شخصية-إيمانا -وعيا- ممارسة..الخ.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=4417