الخيار الغائب في حل الأزمة السياسية الكردية في سوريا
التاريخ: الخميس 07 اب 2008
الموضوع: اخبار



زيور العمر

نظراً لأنني أنشد التغيير الجذري في الحالة السياسية الكردية في سوريا , و أجد فيه السبيل الوحيد للخروج من الأزمة السياسية التي نرزح تحت وطأتها, فإني مهتم , بسبل و آفاق و مسار التغيير , و لا أعير أي إهتمام , للخطوات التجميلية و الترقيعية التي تروج لها  أوساط الأحزاب الكردية , بعد أن أدركت قيادات هذه الأخيرة , مستوى و درجة السخط و الإستهجان في صفوف الجمهور الكردي . فعدد اللقاءات و الندوات و المحاضرات التي نظمها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي , على سبيل المثال لا الحصر ,  لسكرتيره عبد الحميد درويش خلال الأعوام الخمس الماضية , فاقت بأضعاف ما نظمه هذا الحزب من ندوات و محاضرات خلال نصف قرن


و هذا إن دل على شئ , فإنما يدل على تطورات المشهد السياسي الكردي, في السنوات القليلة الماضية , على خلفية ما جرى من أحداث و مستجدات خطيرة على أكثر من مستوى , اهمها كانت و ستبقى , حادثة 12 آذار 2004 , و الإنتفاضة الشعبية الكردية العفوية التي أسفرت عنها , بالإضافة الى جريمة إغتيال الشيخ محمد معشوق الخزنوي, و جريمة إستهداف الكرد في نوروز 2007 و غيرها من الأحداث المتفرقة.
 و من الجدير أن نلاحظ , أن خلال السنوات الماضية , تغيرت رؤية النظام و أجهزته الأمنية لوضع الكرد في سوريا . السلطات السورية لم تعد تقتنع بجدوى لفت أنظار الكرد الى الساحات الأخرى , كسبيل لإلهاءها عن ساحتها الأساسية , فإذا نجحت هذه السياسة في السابق , فهذا لا يعني أنها ناجحة في الوقت الراهن , لذا غير النظام من تعامله مع الكرد , و صب جل إهتمامه على دفع الأحزاب الكردية لأداء مهمة أخرى , ألا و هي محاربة التوجهات الداعية الى جعل الساحة الكردية و الوطنية في سوريا , الساحة الأساسية للممارسة النضالية , و تثبيت دعائم الصراع الأساسي الذي  ظهرت بسببه , القضية الكردية في سوريا , على أنها قضية أرض و شعب , يرتبط بحلها مصير الشعب الكردي الذي يرزح تحت وطأة السياسات الشوفينية و المشاريع العنصرية التي تستهدف وجوده و مستقبله .
 لذا فإن النظام الحالي مهتم في مراقبته و تعامله مع الملف الكردي بجانبين أساسيين . الأول , إنهاك الشارع الكردي في تفاصيل و هوامش الخلافات المفتعلة بين الأحزاب الكردية , و تشويشه في خضم الإنقسامات الراهنة في الخارطة الحزبية الكردية . فمن يريد أن يتخذ موقفاً , او ياخذ جانب حزب دون أخر, مطلوب منه أن يظهر وثيقة تثبت طحنه , و درجة الطحن . فالمطلوب , دائماً و حصراً , إظهار الإنهاك و التشويش و فقدان العزيمة و الإرادة الحسنة. و من يهيئ الطاحونة , و يسهر عليها , هم بالطبع , القيادات الكردية , لا غيرها . أما الجانب الثاني من إهتمام النظام فهو تسليط الأحزاب الكردية على الشارع الكردي, و تكليف قياداتها , مهمة و مسؤولية , وأد القوى الحقيقية في صفوف الجماهير, و نبذ أراءها و مواقفها, و التشكيك في خلفياتها و مراميها.
وإذا كانت القيادات الكردية متورطة الى هذه الدرجة من التأمر على شعبها , و متواطئة على أعلى المستويات مع النظام و دوائره الأمنية في كبح طموحات الكرد و تطلعاتهم القومية العادلة , فإن أية دعوة , للتعامل مع هذا الوضع , من منطلق أنه أمر واقع , لا مفر منه , الى أن يستبشر الكرد بظهور بديل أخر , هي مجرد نزعة محافظة متهالكة , أسست لها قيادات الأحزاب , بغية حصر الكرد في فلكها المثقوب .
فإذا كانت الأحزاب الكردية قد فقدت آهليتها و صلاحيتها , و باتت المناقشة في أحوالها و أزماتها , مجرد مضيعة للوقت , و ضرباً من ضروب الترف الفكري و السياسي , فإننا مدعون للبحث في الخيارات الأخرى , أو تكثيف النقاش و الحوار في الإتجاه الداعي الى تحفيز القوى الحقيقية في الشارع الكردي , على طريق خلق بديل كردي ديمقراطي نظيف و برئ من الممارسات الهدامة و التصرفات المسيئة التي عملت على تجسيدها الأحزاب الكردية في المشهد السياسي , و من أجل تشييد سكة صلبة  للبديل القادم, لا بد كذلك من حث الفعاليات السياسية و الثقافية الكردية على دعم تجربة تنظيرية و ممارساتية جديدة من خلال الروئ و الأبحاث و الدراسات المهمة , فهذه الأخيرة , مجتمعة , لا يمكن أن تتفاعل و تتطور , و لا يمكنها أن تسفر عن أي أفق سياسي و ثقافي , في ظل الطقس السياسي الحالي .

إن زوايا و أبعاد النظر الى الحالة الراهنة , مهما تباعدت أو إقتربت , إذا ما إرتكزت على وهم معالجة الأزمة الراهنة في الحركة الكردية من خلال إجراءات إصلاحية , أو تكهنات إفتراضية لا تمتلك مقومات مادية , فهي , إنما , تهدف الى إستدامة الأزمة و إستمرار معاناة الشعب الكردي في سوريا .
لهذا لا يستوجب من البعض ان يخيرنا بين خيارين خطأين , إما أن يذهب من يصفون الحالة الراهنة بالمأساوية الى الإنتحار و العدمية و من ثم التطرف , او أن يختاروا التغيير المتدرج , البطئ , مع دعم النخب السياسية و الثقافية الكردية  , أي أن يبقى السلطان , و من يريد أن يشرعن له ..!

بلجيكا 7/8/







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=4285