هوامش إضافية في مسألة المرجعية الكردية
التاريخ: الأثنين 28 تموز 2008
الموضوع: اخبار



  زيور العمر

قبل أن أبدأ, أود أن أشكر الأخ نجم الدين والي على رده و ملاحظاته و تحفاظاته على بعض ما ورد في  مقالي الأخير «مرجعية سياسية في ظل الأحزاب الكردية» لما اتسم به من حس عال من التهذيب و الأخلاق, الأمر الذي دفعني و شجعني على المزيد من التوضيح و الخوض في هذه القضية الهامة التي أجدها للأسف الشديد, مغيبة,عن سابق إصرار, من أجندة الأحزاب الكردية , رغم سماعنا ببعض الحوارات و اللقاءات, التي تحدث هنا و هناك , بين القيادات الكردية في هذا الصدد.


أولاً علي الإعتراف بأنني لا أوفق عادة في تعوين مقالاتي بالشكل المناسب, فالمقال الأخير كان من الضروري ان ينتهي عنوانه بإشارة الإستفهام والتعجب, لأن محتوى المقال يقتضي ذلك.
ثانياً , أوكد مجدداً, و بكل وعي و مسؤولية , بأن الأحزاب الكردية التي تشكل جزءاً من الحركة الكردية تتحمل مسؤولية الوضع المزري في الحالة السياسية الكردية في سوريا في الوقت الراهن , و لا أحمل هذه المسؤولية على كاهل طرف أو إثنان من مجموع هذه الأحزاب , و إنما هي مسؤولية جماعية أكدت عليها في المقال السابق, و استشهدت ببعض الأمثلة و الشواهد لإثبات وجهة نظري, و هي وجهة نظر تحتمل الخطأ و الصواب بالتأكيد. و حاولت من خلال مجريات الأحداث و إستمرار اللقاءات و الإجتماعات بين الأطراف الحزبية الكردية حول مسألة المرجعية السياسية , إستقراء موقف كل طرف , الى جانب رأي الجمهور أو المهتمين و المتابعين بشكل خاص حول سبب فشل تحقيق هذه الخطوة , و توصلت في إستنتاج شخصي الى قناعة مفادها , ان أحزاباً معينة إفتعلت الخلاف , و عرقلت محاولات تذليليها , شاركت فيها حتى شخصيات مستقلة , تراهن على وحدة الأحزاب الكردية كسبيل للوصول الى حالة سياسية كردية أفضل , و حاولت أن أفسر سلباً مواقف الأحزاب الأخرى, و ربما أصاب محاولتي تلك بعض القصور في الوصول الى عقل القارئ الكريم.
و لكن ألم تقر جميع أحزاب لجنة التنسيق و الجبهة و اليساري و البارتي من التحالف بمسؤولية حزب الديمقراطي التقدمي عن الفشل حيال مسألة المرجعية, وإذا إفترضنا أن هذه هي الحقيقة , فألا تتحمل هذه الأحزاب مسؤولية رهن مصير المرجعية بمشاركة التقدمي و الوحدة , في الوقت الذي كان بإستطاعتها , إن كانت جادة , ان تمضي في المشروع و تجعله يرى النور , مع إبقاء الباب مفتوحاً للأحزاب الأخرى. أليس من المعيب الحديث عن الإجماع في الوقت الذي أختفى فيه هذه المفردة عن االخطاب السياسي العالمي في الوقت الراهن. أليس من واجبنا أن نضع النقاط على الحروف في تفسير ما يجري من غرائب و عجائب في ممارساتنا اليومية. المجتمعات إما ان تتحد بسبب تحديات المستقبل أو بسبب الكوارث و المصائب التي عاشتها في السابق و تلقى بظلالها على الحاضر, و في حالتنا لا مصائبنا فادتنا, ولا المتغيرات الحالية و التحديات المستقبلية تدفعنا. 
ثالثاً , بدأت اشعر بأن الصراع الذي نشهده من خلال الطروحات و التحركات المعلنة هو صراع داخلي محض , أي أنه , صراع كردي كردي لا غير , من خلال إفتعال الخلافات في سبيل تكريس نهج الإنقسام و التشرذم, و تحويل أنظار الجمهور إليه , لإلهاءه عن الساحة الأساسية المتمثلة في الصراع مع السلطة الحاكمة, و اكدت بكل شفافية و جرأة عن هذا الأمر في مقالي «لماذا يعتقل المسؤولون الكرد في سوريا ؟» و قلت ان للأمر علاقة بسياسة أمنية ممنهجة من قبل السلطة تجاه الخارطة السياسية التي رسمتها هي بنفسها, و استطردت في شرح الأمر, على أن كل حزب كردي بات محصوراً في دائرة تتقاطع مع الدوائر الأخرى, و التي تشكل بمجموعها دائرة الآمان بالنسبة الى النظام, بحيث يسمح لها أن  تتخطى الحدود المرسومة لها.
رابعاً, طالما أن هذه الأحزاب تتحرك في دوائر رسمته النظام, وهذا النظام راهن في بقاءه على سدة الحكم على تقسيم و شرذمة المجتمع السوري, عامودياً و أفقياً, بحيث يجد كل مكون سوري صعوبة في الإلتقاء مع المكونات الأخرى, تصل في الكثير من الأحيان الى درجة التناقض في التوجهات و المصالح , وعاث هذا النظام في داخل كل مكون فساداً الى درجة أن كل منها يجد صعوبة في لملمة نفسه , ناهيك عن الأخر. لذلك لا يعقل أن يسمح النظام الحاكم للأحزاب بإيصال الموقف الكردي الى درجة الإنسجام , و الحالة السياسية الكردية الى الإرتقاء, و الأحزاب الكردية الى التوافق في إطار شامل.
خامساً , كنت دائماً من المراهنين على دور المثقفين و الكتاب و المستقلين في الحالة السياسية, ولا اود التركيز كثيراً على الموقف الدي إتخذه المستقلون في شأن الخلاف الذي دب و استحكم في التحالف الديمقراطي الكردي, و لا أجد أي مبرر لتعميم دور المستقلين في مسألة المرجعية , مع العلم أن تجميد المستقلين لعضويتهم في المجلس العام للتحالف كان من شأنه ان يحشر احزاب التحالف الأربع في زاوية ضيقة و تدفعهم للحوار, بدلاً عن إعتماد لغة التخوين و الإساءة , كان على المستقلين أن يكونوا جزءاً من الحل , وليس جزءاً من المشكلة و الخلاف. إلا أن مراهنة العديد من هؤلاء على القيادات الكردية يبقى محل تساؤل و يضعهم أمام مسؤولية جسيمة, خاصة وأن  كل حزب كردي سعى في السنوات القليلة الماضية الى تحصين حدوده بحلقة من المستقلين, و بجملة من المنظمات الهشة و تحت مسميات متعددة.
سادساً , قلت بان المرجعية السياسية الكردية وسيلة لتوحيد الطاقات الكردية, و رص الصفوف, و إخراج الجمهور الكردي من حالة الإنقسام, فإذا كانت الأحزاب الكردية عاجزة عن توحيد الشعب الكردي خلفها , فهل هذا يعني إستحالة تحقيق هذا الهدف. ـ ألا يتوجب علينا البحث في إحتمالات أخرى ؟ سيما و أن الشعب الكردي أكد تفوقه على هذه الأحزاب, و أثبتت الأحداث المتتالية, أن من حق هذا الشعب أن يقوده قوة حقيقية تضرب بجدورها في عمق الأرض, و تمتلك إرادتها السياسية, و تثق في عزيمة و شجاعة شعبها, و تراهن على درجة الوعي و المسؤولية لديها, و من حقه, كذلك أن يقوده شخصيات نظيفة , تمتلك قدراً من الكفاءة و الأهلية, و المعرفة و القراءة السياسية, و تمتلك موهبة إدارة مجتمع و مؤسساته. لذا لا أجد نفسي مدفوعاً و و مضطراً للمراهنة على أحزاب خبرتها السنوات و كشفت عن قصورها وعيوبها التي لا تعد و لا تحصى, و إنما أستغرب من تأخر ظهور بديل سياسي كردي حقيقي في الساحة الكردية في سوريا يستجمع الطاقات الكردية المبعثرة خلفه, و يثبت أن بمقدر الشعب الكردي أن يكون فاعلاً لا مفعولاً به.
سابعاً , أوكد أني مستقل تماماً, غير منحاز الى أي طرف حزبي, مسؤولاً في ممارسة حريتي في التعبير عن أرائي و مواقفي و تصوري للحالة السياسية الكردية, و الله أعلم ما في القلوب.

بلجيكا 28/7/2008








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=4247