كتابات سياسية خاطئة وارتداد في مستوى الوعي
التاريخ: الثلاثاء 17 حزيران 2008
الموضوع: اخبار



المحامي محمود عمر

منذ مدة ليست بقصيرة تطل علينا الشبكة العنكبوتية وبعض الصحف الحزبية بكتابات سياسية أقل ما يمكن القول عنها بأنها خاطئة, وذلك بالنظر إلى ما تحصده هذه الكتابات من نتائج سلبية وهنا لا فرق بين أن يكون محرروها يتعمدون أو يتجاهلون ما يكتبون فبهذا أو بدونه فإن الجميع يقع في شرك الفخ الذي نصب لنا فان كان المسيء يعرف مبتغاه وهجرته مما يكتب فليس عذرا لمن كتب بحسن نية أو عبَر في لحظة رد فعل عن هواجسه انه شارك ومن حيث لا يدري في إيقاعنا في هذا المطب فالطريق إلى الجنة ـ وكما يقال ـ مفروش بالنوايا الطيبة


فنحن جميعا ندرك بأن الشارع الكردي وفي السنوات الأخيرة قد ارتقى في حواراته ونقاشاته إلى مرحلة لا بأس منها على صعيد القضية الكردية في سوريا وعدالة مطالبها وكان هذا النقاش يتمحور حول مستويين مهمين الأول يختص بترتيب البيت الكردي من الداخل وكيفية تطوير الإطارات القائمة إلى صيغ أفضل تخدم  وتحمل أعباء ومهام النضال الكردي  وإشراك الفعاليات المجتمعية والحقوقية والثقافية المستقلة في صياغة القرار والخطاب الكردي وضمن هذا المحور ترفع الجميع نوعا ما عن الأنانيات الشخصية والحزبية وأتى هذا الجهد أوكله بدمج بعض هذه الفعاليات في بعض الأطر القائمة والتوصل إلى قواسم جامعة من أهمها العمل تحت اسم مجموع الأحزاب الكردية وصدور المئات من البيانات والتصاريح تحت هذه التسمية بعد أحداث الثاني عشر من آذار الدامية وتداعياتها لعام 2004م والتي شكلت منعطفا للقضية الكردية وعلى مختلف الصعد, وكذلك التوصل إلى صيغة الرؤية المشتركة للإطارات الثلاث ,وبذلك انتعشت الآمال أكثر حول إمكانية عقد مؤتمر كردي يتمخض عنه مرجعية كردية وكان هذا يلقى القبول والدعم و الاستحسان والرضا من عموم الشعب الكردي الذي التف أكثر من أي وقت مضى حول حركته السياسية وأضحت بالنسبة للجميع المرجع في كل ما يتعلق بالشأن العام للكرد, وهذا التقدم والتطور الملموس قد أثر إيجابا على المستوى الآخر ألا وهو انفتاح الحركة الكردية على الشارع السوري العام ومحاولاتها في تعريف القوى الوطنية الأخرى بالقضية الكردية وعدالة ومشروعية أهدافها وإشراك هذه القوى بالهم الكردي على قاعدة النضال السياسي الديمقراطي السلمي واعتبار القضية الكردية قضية وطنية بامتياز تقع مهمة ومسؤولية إيجاد الحلول لها على عاتق جميع السوريين, وليس بخاف على أحد إن السياسة الكردية قد نجحت وخطت خطوات مهمة في هذا المجال مستفيدة من المتغيرات الدولية بعد دخول العالم الألفية الثانية وما حملته لاحقا سنواتها القليلة من متغيرات على المستوى الإقليمي والوطني ومحاولة بعض القوى الوطنية في التعبير عن نفسها أكثر كمعارضة سياسية في البلاد وتشكل هيئات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان التي سهلت المهمة الكردية في فرش مطالبها العادلة على طاولة القوى الوطنية في البلاد وتغيير الصورة النمطية السلبية التي رسمتها الأنظمة المتعاقبة عن الكرد وقضيتهم وظلت هذه النقاشات بين مد وجذر ولكن جسور من الثقة كانت تتعمق كل يوم أكثر فأكثر, وكان من ثمار ذلك التوصل إلى صيغة إعلان دمشق حيث لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الذي لعبه الجانب الكردي في رؤية الإعلان النور وحجم هذا الدور قد بدا واضحا في نص الإعلان في أحد أهم مبادئه على ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الكردية في سوريا وضمن هذا الإطار ارتقى مستوى النقاش أيضا في الشارع الكردي السياسي والثقافي والمستقل حول حصة الكرد في الإعلان ومدى جدية وإيمان بقية الفرقاء ونظرتهم إلى المطالب الكردية وكان هذا المستوى من الحوار يزيد من مساحات الأمل في أن الحركة الكردية قد استطاعت أن تتجاوز ذلك الإرث القديم من النقاشات التي عفا عليها الزمن وأصبحت تستعد لمرحلة جديدة عنوانها الأبرز الاستحقاقات الكردية على المستوى الوطني السوري العام, ولكن يبدو أن شهر العسل الكردي هذا قد قدر له أن لا يدوم طويلا ويبدو أننا كنا متفائلين أكثر من اللازم لأنه وعلى حين غرة حصل ارتداد مفاجئ على مستوى التفكير والوعي  السياسي الكردي إذ سرعان ما بدأ هذا النقاش الذي يدور حول الشأن الكردي العام ينكمش من الشارع إلى داخل الإطارات وبدأ الهمز والغمز وبدأنا نشعر بأن الحجارة القديمة ترمى من هنا وهناك, تخطيء أهدافها السيئة حينا وأحيانا تصيب, ثم بدأ النقاش شيئا فشيئا ينكمش أكثر إلى مستويات أدنى وأضحت الحجارة التي ترمى حجارة أحزاب على بعضها بدل من حجارة الإطارات الأكبر حجما ثم صغر حجمها أكثر حينما تحولت إلى حبات رملية يقذف بها أعضاء الحزب الواحد على بعضهم البعض.
 لم يدم شهر العسل الكردي طويلا وكالصاعقة كان الارتداد إلى أدنى مستويات الوعي حين بدأ الجميع ـ مع كل الاحترام والاعتذار لكل من نأى بنفسه عن ذلك ـ في عوم رأسه في ذلك المستنقع الآسن يبحث عن أسلحته القديمة من المهاترات والتشهير والتخوين والحروب الكلامية الدونكوشيتية والانتماء إلى القبيلة والزعامة والعشيرة وفي أفضل الأحيان إلى حزبه المصون يبحث عن أسلحته هذه ويجمع منها بقدر استطاعته على بقاء رأسه عائما في تلك البركة الآسنة التي كلما حركتها فاحت رائحتها النتنة أكثر يرفع رأسه ويطل علينا بها عبر الإنترنت أو عبر منابر أو وجوه أو أسماء أخرى يطل برأسه وهو ملوث بكل تلك ألاسلحة البالية وبذلك أفسح الطريق لكل من يريد أن يقذف بالحجارة وفي جميع الاتجاهات وأصبحت الفرصة مؤاتية لكل من يريد أن يطل علينا بابتسامته أو يكشف لنا عن أنيابه أونواياه السيئة كاتبا عبر الإنترنت , ليس غريبا بل يبدو أن الغريب مبالغتنا غير المبررة في التفاؤل فبالنتيجة هذا كله تعبير عن سيكولوجية الإنسان المقهور.








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=4004