مستلزمات الإجماع الكوردي ، والقواسم المشتركة العليا
التاريخ: الأثنين 28 نيسان 2008
الموضوع: اخبار



  افتتاحية صوت الكورد *

يدور جدل ساخن في الوسط السياسي و الشعبي والنخبوي الكوردي حول مسألة هامة وأساسية تتركز حول إمكانية  التأطير لخطاب سياسي كوردي ، من خلال مرجعية ضابطة للعملية السياسية ، في بيئة صحية يتشارك فيها بالإضافة إلى أطراف الحركة الكوردية وأطرها المفعلة كافة الأطياف والنخب الثقافية والفعاليات الاجتماعية ، بما يحقق المسؤولية التاريخية تجاه واقع شعب مغبون ، يمر عبر مرحلة تاريخية حساسة ، بعيداً عن الأنانية الحزبية الضيقة ، والهموم الذاتية ، وذلك عبر طور حضاري مثمر ، تختزل رؤية معاصرة جديدة تعطي الدفق والحيوية والتألق لموقف سياسي مسؤول يتناسب مع حجم وضرورات المرحلة ، ودقة المنعطف التاريخي


والأهمية الكبرى لعمل وطني وقومي ، يرقى فوق الاهتمامات الحزبية والفردية ، ونزعة الإقصائية ، ومحاولات التهميش ، والانخراط في عمل إرادي أو لا إرادي ، مقصود أو غير مقصود ، يستهدف عرقلة المسيرة ، وتوتير الأجواء ، وزرع البلبلة وعدم الثقة ، والوقع ضحية مهاترات وأخطاء سياسية تضع العصي في العجلة ، وتلجأ إلى أساليب مختلفة بغرض تحقيق أغراض حزبية ضيقة ، أثرت إلى حد كبير في إبعاد الحركة عن طاقاتها الحيوية وعمقها الجماهيري ، والتفاف المثقفين والكتاب والمبدعين حولها ، ومحاول ة إيجاد بدائل واهية ووهمية عنها ، بالزج ببعض الوجهاء والرموز ورؤساء العشائر في الواجهة السياسية على الرغم مما لهم من أهمية ودور اجتماعي معترف به ، ومحاولة فصل الوطنيين الفاعلين مما يزيد من حالة التفاقم والاحتقان ، ويدفع بالضرورة إلى نبذ كل ذلك للارتقاء بالحركة إلى عمل إرادي جاد ومبرمج ، وفق قواسم ...مشتركة عليا ، تحقق طموح الجماهير ، وترقى إلى إرادة المبدعين والقادرين على دفعها إلى اتجاهها الصحيح ، والتوافق والاقتراب من هموم ومصالح الشعب وقواه الفاعلة والمؤثرة على الساحة السياسية ، والالتفات بالأساس إلى (المصلحة القومية والوطنية العليا) للشعب الكوردي في سوريا ، وعلاقته الإستراتيجية لمجمل مكونات وأطياف الشعب السوري ، وضرورة رفع وتيرة عمل نضالي ، يرسخ هذه الإستراتيجية ، ويشد على (إنجاح العملية السياسية الوطنية برمتها) ، في ضوء متطلبات المرحلة ، وضرورتها التاريخية وما تفرزانه من استحقاقات ومقومات تعد بمثابة (البوصلة الوطنية) المرشدة والمؤازرة ، والموجهة (لعمل سياسي) ، يرفع شأن الثوابت ، ويؤسس للقوائم المشتركة الكوردية أولاً ، تلتقي بحولها مختلف الأطر و الفصائل ، وما يحيط بها  على الساحة النضالية ، من طاقات وإمكانات وجماهير ونخب فاعلة وأصلية كما يؤسس للقاسم الوطني الأعلى ، المتجسد في الازدهار والتطور وتجاوز حالات الفقر والإملاق والتخلف ، لمجتمع، لمجتمع سوري بات بحاجة ماسة إلى الالتفات إلى واقعه ، وانتشاله من حالة التراجع  والانكفاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، وعلاقة كل ذلك بالممارسة الأحادية ، والحكر السياسي ، وضرورة الخروج إلى حالة وطنية عامة ، تتعزز فيها كل عوامل " إنجاح العمل الوطني" ، ورفع سويته وإيصاله إلى حالة "مشاركة إيجابية فاعلة" ، ترتقي بالحالة الوطنية العامة ، وترفع الجهد والغبن والتدهور عن كاهل المواطن السوري ، بمختلف شرائحه وطوائفه ومكوناته واتجاهاته السياسية والفكرية .. إن هذه الرؤية التي ينبغي الوقوف عليها ، واعتماد منهج علمي في التنظير والتقعيد ، انطلاقاً من وقائع موضوعية قائمة وماثلة للعيان ، تتطلب منا أن نقف - بوضوح تام - على مستلزمات المرجعية وآفاقها ، والقواسم الجامعة ، المجسدة للمصلحة العليا ، والتي تدعو - بالضرورة - إلى تفعيل الأطر القائمة والأطراف خارج هذه الأطر ، ودفعها باتجاه تشكيل قوة جامعة ، تؤسس لحالة " الضرورة" ، لتعبأ القوى والأطراف والطاقات ، والقوة المحركة فعلياً ، لمجمل الحراك السياسي الكوردي في سوريا ..والتي من شأنها أن تشكل القوة الدافعة والمؤثرة بشأن الدفع باتجاه هذه الضرورة ، وإحاطة مجمل الحركة الكوردية بسياج حام وداعم أولاً ، وضغط فعلي باتجاه الالتزام بهذه الضرورة ثانياً ، وجعل التحرك السياسي متحوراً في اتجاه هذه الحلقة الهامة ، لملء الفراغ السياسي، وتنظيم وتعبئة وتوظيف الطاقات ، وجعلها قوة هادفة ثالثاً .. مما يجعل "الحالة السياسية" معافاة وقادرة على لمّ الصف الشديد ، وجمع الكلمة وتوحيد الخطاب ، في حدوده وقواسمه المشتركة العليا ، والتي ينبغي التركيز عليها ووضع الخطوط العريضة الجامعة لها ، كنواة عمل وبرنامج نضال ، لا يمكن الاختلاف عليه ، مع ملاحظة الاجتهادات والتفاصيل الحزبية ، والحراك الخاص بكل تنظيم من حقه أن يطرح مفاهيمه وتميزه ورؤاه وتفاصيل عمله السياسي على الملأ، وترك المجال واسعاً ومفتوحاً أمام حرية التنافس ومشروعيته ، بشرط أن يتوفر على التوقير والاحترام للآخرين ، والخروج من إطار الاتهامات الجاهزة ، مهما كانت مستندة إلى الوقائع والأدلة .. وهي متوفرة وموفورة وواضحة ، إلا أن المصلحة العليا الجامعة ، تقتضي إرجاء كل الخلافات وجعلها في نطاق هامشي .. لئلا تشكل حاجزاً دون وحدة الكلمة ، وانضباطها وتأطرها في نطاق أداة نضالية جماعية تنضبط في إطارها الأطر والأطراف ، بما يجمع ويؤسس للضرورة التي تنساق إليها .
إن التخطيط الجماعي لهذا العمل الحيوي المشترك ، يطرح الباعث الفعلي عليه ، والذي أجملناه في قواسم مشتركة تتجلى في:
1- الإيمان بوجود شعب كوردي في سوريا حياتياً ودستورياً وقانونياً ، يشارك الشعب العربي والأطياف والمكونات الأخرى في بناء حالة وطنية مزدهرة ، بما يحقق عيشاً حراً مشتركاً ، ينسجم مع النسيج المجتمعي الجامعي ، ومكوناته التاريخية .
2- الانتقال من حالة الحكر السياسي العربي على مختلف الصعد إلى حالة الانفتاح والتكامل والتعامل الحضاري ، بإشراك مختلف التلوينات والمكونات والأطياف ، في إطار تلاقح فكري وسياسي جامح ، من خلال إطار ديمقراطي سلمي ، في المناهج والإعلام والتربية والإعداد والتوجيه وفق شراكة فعلية .
3- رفع مجمل الحالات والقوانين والقرارات والبلاغات والمواقف الاستثنائية المتحكمة في العملية السياسية في سوريا ، بإتاحة الفرصة للقانون ليأخذ مداه في مؤسسات ومرافق وقطاعات الدولة كافة ، بما ينسجم مع القوانين والأنظمة واللوائح الدولية ، وتشريعات حقوق الإنسان تأخذ في الاعتبار كرامة الإنسان السوري وتحرره وتطوره وازدهاره الاقتصادي والتنموي ، بما يكفل بناء مجتمع سوري مواكب لمجمل التطور والتقدم الإنساني ، ونطاقه التحرري العالمي .
4- إعادة النظر في مجمل الممارسات العنصرية والشوفينية بحق الكورد في سوريا والخروج من حالة الإلغاء والشطب في مختلف الأصعدة والميادين ، وإبعاد  كل الممارسات
والعوامل المعطلة لهذا المكون الأساسي وطاقاتها وإمكاناته ، بما يحقق مقومات وحدة وطنية فاعلة.
5- الاتفاق على ضرورة تحرير النطق الاقتصادية ، واعتماد تخطيط وتوجيه وترشيد اقتصادي يحقق الكفاية والنمط الإنتاجي المتقدم .
6- التلازم بين البعدين الوطني والقومي بما يحقق الانسجام والتناغم بينهما في إطار الحقوق والواجبات المنوطة بهما .
كل ذلك يحقق المستلزمات والضرورات الجامعة التي يمكن أن تأسس لحوار هادف وبناء ، يشكل مجمل مقومات عمل سياسي كوردي جامع ومنضبط ، يفتح الآفاق لقدرة واسعة على التحرك في الإطار الوطني ، بما يلبي ضرورات المرحلة ويحقق الاحترام لمرجعية الحركة وقدرتها على إدارة حوار متزن مع الحركة الوطنية في سوريا بالدعوة إلى مؤتمر وطني  عام يشمل كافة القوى والفعاليات السياسية والديمقراطية والحقوقية للارتقاء بها سياسياً ، ونقلها حضارياً إلى حالة ديمقراطية متقدمة ، يكون للحركة وجماهيرها والملتفين حولها الدور الفاعل في صنع قرار سياسي وطني شامل .
------
* الجريد المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا – العدد (324)







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=3733