شروط العضوية ... والمهام الضرورية
التاريخ: الخميس 17 نيسان 2008
الموضوع: اخبار



 بقلم : م . رشــيد
 
جزئت كوردستان لمرات عديدة بفعل معاهدات دولية جائرة ، كانت آخرها معاهدة سايكس بيكو الاستعمارية المشؤومة، التي قسمتها إلى أجزاء انضمت إلى دول الأمر الواقع حيث أنشئت حينها، وتعاقبت على حكمها أنظمة ديكتاتورية وتوليتارية مارست سياسة التهميش والتهجير والاقصاء بحق الكورد ، وطبقت عليهم وفي مناطقهم قوانين تمييزية مشينة ، ومشاريع استثنائية مقيتة ، سعت بذلك إلى طمس الهوية القومية وسلب الارادة والحرية وتدمير مقومات الوجود والاستمرارية من الطاقات والثروات...


  كل هذه المحاولات قُبلت بردات فعل من الكورد ، تأسست على أثرها الحركة التحررية الكوردية المنتظمة في أحزاب وجمعيات وفعاليات اجتماعية وثقافية .... ووضعت على عاتقها الصمود والتصدي بحزم وثبات للتحديات والسياسات الشوفينية ، والعزم على المضي قدماً في ورشات التنمية والتطوير لبناء الدولة الديموقراطية العصرية ، بعد أن ساهمت بجدارة وبقوة في تحقيق التحرير والاستقلال من ربقة الاستعمار..
 ففي سوريا كان الكورد جزءاً اساسياً في تأسيس الدولة السورية في كل مفاصلها ومراحلها ، وكانوا ومازالوا اوفياء وغيارى في حماية حدودها وسيادتها، وصيانة أمنها وسلامتها ، انطلاقاً من انتمائهم الراسخ والعميق إلى تراب هذا الوطن، والذين هم وبدون شك شركاء حقيقيون لباقي مكونات الشعب السوري من الأثنيات والطوائف... ولهذا كانت الحركة الكوردية الأصيلة ومنذ البدايات ولتاريخه تشترط على من يحمل شرف عضويتها والانخراط في صفوفها أو العمل في ظلها التحلي والتقيد بما يلي :
 1- التمتع بحسن السيرة والسلوك والأخلاق والآداب العامة ...
2-  التزام بالمنهج الديموقراطي السلمي في النضال من أجل حقوقها ومطاليبها ، والابتعاد كلياً عن جميع مظاهر العنف والارهاب ورفضها جملة وتفصيلا ً  .
  3- النضال من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات و الديموقراطية ، يسود فيها التكافؤ والعدالة والمساواة والحرية..
4- النضال من أجل تأمين الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للشعب الكوردي  ، والاعتراف الدستوري بخصوصيته القومية ضمن اطار الوطن السوري الموحد.
5- حماية المعالم الوطنية والرموز السيادية للوطن كالعلم والحدود .... ، والدفاع عنها  ، بل الاستشهاد في سبيلها.
 6- النضال من أجل تمتين أواصر الأخوة بين الكورد والعرب وغيرهم من القوميات المتآخية ، واعتبار الحركة الكوردية حليف وشقيق وصديق استراتيجي وتاريخي للحركة التحررية العربية.
7- عدم المراهنة والاستقواء بالخارج وخاصة الأنظمة المقتسمة لكوردستان.
 
إلا أن التوازنات الدولية والصراعات الاقليمية والتدخلات الخارجية والداخلية ، والظروف الاقتصادية الصعبة ، والسياسات الشوفينية المطبقة ، وضعف القوى الديموقراطية والتقدمية المعارضة (غير الكوردية) ، والاجراءات التمييزية القمعية الفاعلة، والتناقضات الايديولوجية والحزبية ، والفساد التنظيمي والاداري المستشري، ....إلخ ، مجموعة من العوامل تدخلت في شؤون الحركة واعترضت مسيرتها ، ومنعتها من اداء مهامها على أكمل وجه ، ودبت في صفوفها الوهن والتشرذم في مراحل كثيرة ، خلقت جواً من الاحباط وعدم الثقة لدى الجماهير الكوردية ، وأحدثت فراغاً في الشارع ، اتاحت المجال لنمو اتجاهات غريبة وتنشطها على حساب مصلحة الشعب الكوردي ، تحت مسميات مختلفة وبأجندات غيرقومية كوردية ، وغير وطنية سورية ، سلك البعض طريق العنف والارهاب والتطرف ، وبعضها منهج الاستسلام والمساومة على الحقوق والارتماء في أحضان الأجهزة الأمنية الصانعة لها، والبعض الآخر اصبحت أداة أو بوقاً لجهات كوردستانية متنفذة (غير سورية) ، والتي كانت ظلها ثقيلاً ومؤلما حيناً ، وحضورها قاهراً ولاجماً للحركة وتطلعاتها حيناً آخر ، لا بل محرفاً لمسارها خدمةًً  لمصالحها وتحالفاتها مع النظام الحاكم ...
     وفي ظل غياب الدور الفاعل والمؤثر للحركة الكوردية في الشارع الكوردي ، ظهرت تيارات راديكالية متطرفة أرادت السيطرة على المشهد العام تحت شعارات قومية ضخمة وبراقة ، وحاولت فرض ارادتها وسياستها بدعم ومؤازرة من السلطات على الساحة الكوردية ، لكي تقرر وحدها حالات الثوران أوالخمود أو المظاهرات أو السلم او الهدوء كما تقتضي مصلحتها.....  فتهيئ بذلك ظروفاً توافق تنفيذ مخططات ومشاريع الأنظمة المقتسمة لكوردستان، وتؤدي بذلك إلى المزيد من الاحتقان والضياع ، والمزيد من هدر الطاقات واضاعة الفرص ، والمزيد من المأساة والتقهقر والحرمان ...، وكل هذا بعلم وتنسيق وتدبير من قبل أجهزة السلطة الأمنية والقمعية القائمة على الأمور ، لتخلق الفتن وتفتعل المشاكل ابتداء ً من أحداث 12 آذار 2004، مروراً بالاعتقالات والاغتيالات المتتالية، وانتهاء ً بمجزرة ليلة عيد نوروز آذار 2008 ، بغية عسكرة  الشارع ، وتبرير فشل سياساتها العقيمة والخانقة تجاه الكورد خاصة والسورية عامة ، وتغطية فشلها في احتواء الحركة أو تهميشها من المعادلات المحلية والاقليمية.
     تناغمت بعض الاطراف (بينهم أفراد ملثمين ومموهين)  مع تلك النوايا والاجراءات فبدأت تخرج إلى الشارع بسبب أو بدون سبب ، وترفع صوراً وأعلاماً وشعارات غريبة عن الخطاب والتوجه للكورد في سوريا ، ولا تمت بمصلحتهم وقضيتهم بصلة، وتقوم أيضاً بعمليات التخريب وحرق بعض الرموز القومية والوطنية والدينية ... ، مما تثير الشجب والاستنكار من قبل أوساط واسعة من الشعب السوري ، وتخلق عندهم بوادر من العداء والخصومة تجاه الكورد ، (وهذا ما تسعى إليه القوى الشوفينية الحاقدة في السلطة) وتسعى الأجهزة الأمنية على تعبئة الطوائف والقوميات الأخرى ضد الكورد ومحاولة اظهارهم على أنهم انفصاليون ومارقون ومتآمرون... وبذلك يستحقون العقاب والاقصاء، وبالتالي التهرب من الاستحقاقات الوطنية ، والوعود القاطعة في عدة مناسبات بشأن حل بعض القضايا الداخلية العامة ، منها ما يتعلق بالكورد كالاحصاء الاستثنائي الجائر لعام 1962... وكذلك لاحداث الشرخ والقطيعة بين الحركة الكوردية والقوى الوطنية المعارضة الأخرى على الساحة السورية التي تناضل من أجل التغيير الديموقراطي في البلاد ، وذلك خوفاً من قوة الكورد المنظمة والفاعلة في الشارع السوري أكثر من غيرها...
      لهذا ولأسباب تتعلق بمصلحة الكورد القومية والوطنية على حد سواء ، نرى أن على الحركة الكوردية وخاصة الفصائل السياسية القيام بما يلي:  
1- مراجعة الحسابات والتقديرات واعادة ترتيب الأوراق حيال الأوضاع الراهنة و المستجدات من الأحداث الخطيرة المتتالية والتي تحدد مصير أحزاب الحركة وحضورها ومصداقيتها في الأوساط الكوردية وعلى الساحة السورية.
2- اتخاذ مواقف جريئة وحازمة ازاء الأحداث والفتن المفتعلة من حين لأخر، وفضح القوى الخفية الواقفة خلف اثارتها وكشف نوايها الدنيئة ، وكذلك تجاه تلك الأطراف الكوردية المتعاونة (والمساهمة بشكل أو بآخر) معها بتوفر الأرضية المناسبة  في تأجيجها، و اتخاذ مواقف صارمة تجاهها، أي تسمية الأشياء بمسمياتها  والتشهير بها بين الخاصة والعامة من الناس.
3- العمل الجاد والحثيث لبناء مرجعية كوردية تمتلك الهيبة والشرعية والأهلية لقيادة الجماهير الكوردية وحمايتها من مؤامرات المندسين وكيد المضللين والمتهورين ، انطلاقاً من الثوابت القومية والوطنية المشتركة بين مكونات الحركة الكوردية من الأحزاب أضافة إلى ممثلي كافة الفعاليات الاجتماعية والمهنية والثقافية والدينية.
4- حظر الشعارات والصور والأعلام ... التي لا تعبر عن الحالة الكوردية السورية وطموحاتها وتوجهاتها (وتسيء إليها وتشوه حقيقتها) ومنع رفعها، خاصة والتي تثير الاستفزاز والعداء والغضب... لدى أي جهة أو مكونة أخرى للشعب السوري أو تسيء إلى رموزها ومعتقداتها وخصوصياتها.. .
5- العرب وباقي الاثنيات والطوائف الأخرى في البلاد شركاء للكورد في الوطن ، لذا يجب تمتين العلاقات النضالية مع ممثليها من القوى والأحزاب المناضلة معهم من أجل التغيير الديموقراطي السلمي كقوى إعلان دمشق مثلاً ، للمشاركة المتبادلة في المناسبات الوطنية والدينية و القومية (كعيد نوروز المجيد) والاجتماعية كالعزاء أو الأفراح ......
6- يجب على الحركة الكوردية الالتزام التام بالموضوعية والواقعية والعلمية  (وانتهاج الاعتدال والوسطية إلى حد كبير) عند طرح رؤى ، أو رسم مواقف وشعارات ، لكي تجد طريقها إلى النور ضمن أسس التوافق والشراكة والاقتناع  لدى جميع مكونات الشعب السوري على أرضية التحالف والمصير المشترك ، وعدم التعارض أو التصادم مع ثوابت وخصوصيات كل مكون ضمن الإطار الوطني الموحد.
وختاماً : تمر سوريا في ظروف دقيقة وحرجة ، والمنطقة تغلي على نار مستعرة ، مقبلة على تغيرات مفاجئة  في الزمان والمكان ، وغير محددة المعالم  والأبعاد ، وذلك من خلال المناكفات وتبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف عبر وسائل الأعلام وعلى منابر المحافل الاقليمية والعربية والدولية.
والرد الصحيح والمناسب من الكورد على مجمل هذه المتغيرات والتحديات هي اعداد العدة والتحضير لما هو آت وذلك بتوحيد الصف الكوردي و خطابه ، وتجديد أساليب نضاله وأشكاله ليكون فاعلاً ومجدياً ... حتى لا يكونوا كبش الفدا أو حصان طروادة  للمتآمرين أو المتنفذين...... .
 كما أن مؤشرات تفاقم الأزمات الآيلة للانفجار في أية لحظة، واضحة من خلال ارتفاع أسعار المواد جميعها وخاصة الغذائية والمشتقات النفطية، بالمقارنة مع تدني الأجور والرواتب (مستوى الدخل)، والتي تؤدي إلى تزايد نسبة البطالة و الفقر.... وتصعيد اللهجة وتشديد الخطاب من قبل الدول العربية المجاورة والمحورية وبعض الدول الأجنبية تجاه سوريا. 

انتهت 
 14/4/2008








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=3681