كوردسـتان و زوبعة في قنـديل
التاريخ: الأحد 24 شباط 2008
الموضوع: اخبار



ديـــار ســـليمان

في الميـديا أخبـارّ لا تسـر، القـوات التركيـة تسقـط حُرمـة حـدود اقليـم كوردسـتان، و ما يلي ذلك من صـور ليـس أكـثر من تفاصيـل مؤلمـة يدمى لها القلـب.
 و النجـاح التركي و بهذا المقياس لم يتحقق بقيـام قواتها العسكرية بعبـور حـدود الأقليـم المسالم و قتل المواطـنين الكورد و حـرق دورهم و تدمـير الجسـور و تخريب الممتلكـات العامـة لأنها في كل ذلك لم تشتبك مع قوات البشمركة بل إختارت مناطق نائية لعملياتها لا تتواجد فيها القوات الكوردية، لقد كان هذا النجاح عملية دبلوماسية متكاملـة تم بناءها تأسيسآ على أخطـاء الآخرين المحسوبين على الكورد والغير معنيين أصلآ بكوردستان كوطن حيث بدأت بالبحـث عن الذريعـة التي  سـارع حزب العمال الكوردستاني الى تقديمها لهم على طبـقٍ من ذهب من خـلال عمليتن عسكريتين تنتميـان الى الرقم صفـر في الحسابات الاسـتراتيجية لجهة المصلحة القومية الكوردية حيث اسـفرتا عن مقتل عدد من الجنـود الأتراك تبين أن معظمهم من الكـورد و أسر عـددٍ آخـر تم التعامـل مع ملفهم بأسلـوب أقل من ضعيف


و جـاء الـرد على كل ذلك بحركـة دؤوبة مكوكيـة من القيادات التركية العليا على مختلف الصعد قوبلت بكـثير من السـخرية من (جماعتنا)، الى ان كانت المحصلـة عـدوانَ يتـم في وضـح النهـار يقابـل بتجاهـل دولي واضـح أو على الأكـثر تصريحـات خجولـة هنا و هناك.
لقد لجـأت حكومة الأقليم و هي المعنية مباشرة بهذا العدوان الى ضبط النفس و الكثير من التعقل في مواجهة الهجوم التركي السافر من خلال مخاطبة أصدقاء الكورد والمجتمع الدولي و دعوتهم الى تحمل مسؤولياتهم مع عدم إغفال الاستعداد لمواجهة العدوان إذا أفصحت المخططات التركية عن نوايـاها الحقيقة المبيتة و بدأت بترجمتها على أرض الواقع، في حين راح حزب العمال الكوردستاني يوسع جبهة الأعـداء ترجمة لنـداء زعيمه الذي جـاء في احد لقاءاته مع محاميه إذ دعى الكـورد الى الأنضمـام الى تحالف شـيعي يمتـد من طهـران الى دمشـق يكـون على شكل جبهة عالمية في مواجهة الولايات المتحدة الامريكية و اسرائيل، لذلك سـيطرت في الفـترة الأخـيرة على تصريحات القادة الآبوجيين الاتهامات للأخيرتين بالتجـسس عليهم و الاشـتراك الفعلي في الهجمات و الحاق الخسائر بهم (مصـدر معلوماتهم مجهـول) كل ذلك و عيونهم تتـوزع بين دمشق و طهران و آذانهم تسترق السمع بانتظـار إسـتجابة ما، ليس هذا فحسب بل ان جبهة الأعـداء قد توسعت أيضآ ـ و لا نعرف لمصلحة من ـ لتشمل دول الاتحاد الاوربي وصولآ الى كل كوردي لا يعمل وفق أجندتهم سـواءُ أكان إنسانآ بسيطآ أو في مستوى رئيس العراق الذي يجب الأخذ في الأعتبار ان له التزامات تجاه كل العراق أو في مستوى السروك برزاني المتهم الأول من قبل السيد أوجلان في رسالته المذكورة بأنه يسعى مع الرئيس طالباني الى إقامة دولة كوردية لذلك راح يحرض الجنرالات الترك على شـن الحرب عليهما و الحفاظ على الآبوجيين الذين يسعى زعيمهم الى تعزيز الجمهورية الديمقراطية التركية ليس أكثر مع دعوة الحكومة التركية الى استخدام أساليب أتاتورك في التعامل مع الكورد كونه أفضـل من فهم الكـورد!
إلى أين يريد حـزب العمال الكوردستاني أن يأخذ القضية الكورية، سـؤال كبير لا تصعب الأجابة بعد العدوان التركي الأخير، فبعد ثلاثين عامآ من الضجيـج المرتفع عاد هذا الحزب الى نقطة الصفر و تقلـصت أهدف هذا الحزب من تحرير كوردستان الى تحرير السيد أوجلان في عملية تغـيير أهـداف ليس لها سابقة حيث أن مقايضة وطن بشخص لم تحدث سوى مرة واحدة في التارخ و هي ما نشهده الآن، و رغم أن التركيز على هذا الهـدف يعتبره هذا الحزب نجاحآ كبيرآ له لوحده حيث يتم حشد عشرات الآلاف من مناصريه بين فـترة و أخرى للمطالبة باطلاق سـراح زعيمه، إلا أن ذلك يعتبر بمستوى أكبر نجاحـآ كبيرآ لتركيا أيضـآ حيث أختفت كوردستان من أدبيات هذا الحزب و حلت صـور هذا الرجل محل أعـلام كوردستان، و كأن هناك اتفاقآ خفيآ في التركيز على هذا الهدف مع توزيع في الأدوار بين مطالبة و ممانعة، و إلا ما معنى ان تكلف انحرافة واحدة عن قنديل  اقليم كوردستان خمسة جسور مدمرة دفعة واحدة.   
إن أصـوات النحيب التي تعلـو هذه الأيـام من بعض المتباكـين على كوردستان و نحـن نعيش تفاصيـل الإيغـال التركي في الإجـرام بحـق الحلـم الكوردي و هو لم يـزل  بعد في مرحلـة الحبـو لن تشوش الصورة و تخلط الأوراق و لن تؤجـل دموعهم المـدرارة هذه دفـع الإسـتحقاقات المترتبة عليهم، إذ لا بد من بعض الشجاعة و الاعتراف بالحقائق الواضحة، و رغم إختلاف الفصول فان ما يدور على ثلوج كوردستان الآن ليس إلا صورة كبيرة الشبه بحرب الصيف 2007 في لبنان في بداياتها و تفاصيلها، و لكي نتجنب تلك النهاية المأساوية التي تمثلت في تدمير لبنان علينا أن نسأل أنفسنا: من فوض البعض المقامرة بمصير كوردستان بوضعها على شكل هدف يتم التهديف عليه، و هل إن ما تحتاجه القضية الكوردية في هذه الظروف عدة جثث للجنود الأترك، صحيح إن العملية في جزءٍ كبيرٍ منها عبارة عن جـس نبض إستباقي لما ستكون عليه ردود الافعال فيما إذا عادت كركوك الى كوردستان لكنها في جزءها الآخر لعبة تهيئة ظروف للحصول على ردود الأفعال هذه، فيصبح البعض للأسف و بسهولة أدوات لمثل هذا الاستطلاع.

24.02.08    






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=3392