الكورد دعاة للسلم لا طلاب حرب
التاريخ: السبت 17 تشرين الثاني 2007
الموضوع: اخبار



  منذر الفضل
alfadhal@hotmail.com

عقب إنهيار الامبراطورية العثمانية , أنشات الدول الاستعمارية بعد الحرب العالمية الاولى دولا مستعمرة واقعة تحت الأنتداب او الوصاية مثل سوريا ولبنان ومصر تحت الأنتداب الفرنسي ومثل العراق وفلسطين تحت الأنتداب البريطاني ولم يتم تأسيس اي كيان سياسي مستقل لكوردستان وصارت الأمة الكوردية مجزئة بين دول متعددة وتنكر لهويتها ووجودها أنظمة الحكم المتعاقبة في الدول التي يعيش فيها الكورد . فصار الكورد ضحية لتنازع المصالح الدولية رغم وجود نص المادتين 62 و64 من القسم الرابع من معاهدة سيفر Sevre التى عقدت بتاريخ 10-08-1920 اللتين إعترفتا بحق الأمة الكوردية في حكم ذاتي يتحول خلال سنة الى إستقلال تام لدولة كوردية تضم جميع أجزاء كوردستان .


تاسست الدولة العراقية عام 1921 وألحق جنوب كوردستان بالعراق دون إستفتاء للشعب الكوردي كما اجهضت جميع الأمال في تاسيس كيان كوردي مستقل يضم أجزاء الأمة الكوردية في معاهدة لوزان في سويسرا التى انعقدت في 23 تموز 1923 وما تبع ذلك من الحاق ولاية الموصل بالعراق في 16 ديسمبر من عام 1925 رغم ان إقرار اللجنة المشكلة من قبل عصبة الأمم في تقريرها بان حقائق الوضع الديموغرافي يقود الى الأعتراف بانشاء دولة كوردية مستقلة لان الكورد ليسوا اقلية سكانية وتم بعد ذلك في العراق الأكتفاء بمنح الكورد الحقوق الثقافية التى حرموا منها في جميع دول المنطقة و بعد نضال طويل أخذ شكل الحركة التحررية الكوردية في العراق بقيادة الشيخ محمود الحفيد ومن ثم بقيادة شيوخ بارزان وفي المقدمة القائد الخالد مصطفى البارزاني , وهذه الحركة أنتزعت الحقوق المشروعة للشعب الكوردي في كوردستان العراق بينما بقيت حقوق الكورد منتهكة ومهدره بشكل صارخ في بقية الأجزاء حتى اليوم .
وتنفيذا لهذه السياسة الاستعمارية تقسمت الأمة الكوردية وأصبحت موزعة بين تركيا والعراق وإيران وسوريا ومن ثم تعرضت الى محاولات الصهر القومي والحرمان من الحقوق بصورة غير مقبولة ولا إنسانية , فهم أتراك الجبل في تركيا وعرب في سوريا او مهاجرون من خارج سوريا وهم مواطنون من الدرجة الثانية في العراق وهم ايرانيون في إيران ولم يسلموا من سياسة الأستعلاء القومي ولا من الجرائم البشعة التي تعرضوا لها في العصر الحديث سواء في عهد البعث في العراق أم في تركيا التي مازلت تمارس سياسة غير حضارية ولا إنسانية ضدهم ام في حرمانهم من الهوية والحقوق الأساسية وبقية حقوقهم المشروعة في سوريا وإيران , ولهذا ليس غريبا ان تقمع كل الثورات والأنتفاضات الكوردية في هذه البلدان بوحشية وقسوة , وأستمرت سياسة التتريك والتعريب والتفريس فضلا عن التهجير وصارت كوردستان مستعمرة دولية مشتركة بين هذة الدول كما يصف ذلك عالم الاجتماع التركي الدكتور اسماعيل بيشيكجي . فهل مارس الكورد الاعمال الارهابية او دعوا للحروب ام طلبوا السلم وصولا لحقوقهم ودافعوا عن حقهم الشرعي في الوجود ضد جرائم الأبادة ؟
من المؤسف حقا ان الدولة التركية منذ تاسيسها بزعامة كمال أتاتورك وحتى الأن رفعت شعارا ظالما ضد الكورد ينفي وجود الأمة الكوردية ويصهرها ضمن الترك فلم يعترفوا بوجود قوميات اخرى ولا بلغات غير اللغة التركية ولا بوطن ولا ثقافات غير الثقافة واللغة التركية الواحدة وذات اللون الواحد وهو دليل على العقلية الشوفينية التي لا تمت للأخلاق بصلة كما وصفت ظلما الحركة التحررية الكوردية بالأرهاب , وفي المقابل مارس نظام البعث في العراق وحكم صدام سياسة منهجية إجرامية ضد الشعب الكوردي من محاولات للصهر القومي مقرونة بنهج عنصري في الترغيب والتخريب إنطلاقا من جرائم الأبادة ضد الكورد ومرورا بالاستيلاء على الأراضي ومصادرتها وتنفيذ سياسة الترحيل وتغيير الهوية القومية و تفكيك الأقضية الكوردية وربطها بالمحافظات العربية كما قمعت إيران كل الأنتفاضات الكوردية من أجل الحرية وتمارس سوريا سياسة الغاء الوجود وطمس الهوية , كل ذلك والجميع في العالم يريد من الكورد الصمت ؟
وقبل أيام قمعت أجهزة الأمن السورية الجماهير الكوردية في كوردستان الغربية بسبب تظاهرات سلمية عبرت فيها جموع الكورد عن رفضهم للحسم العسكري ضد حزب العمال الكوردستاني ورفض الاجتياح العسكري لكوردستان العراق فسقط العديد من الضحايا من المتظاهرين بين قتيل وجريح وهو إنتهاك واضح لحقوق الانسان في التعبير السلمي عن الرأي من الكورد الذين ينشدون السلم ومنع وقوع الحرب.
لم يختر الشعب الكوردي طريق الحرب ولم يؤمن بسياسة العنف ولكن بسبب سياسة إلغاء الوجود وإنكار الهوية من هذه الدول التي نهبت حتى ثروات كوردستان وشتت شعبه كان لابد ان تقابل بحق الدفاع المشروع وبالحق في البقاء , ومن يدافع عن كيانة الانساني وأمواله وحقوقه ليس من دعاة الحروب لان كل الشرائع السماوية والوضعية تقف مع المظلوم ضد الظالم وتعطية كل الحق في مقاومة العدوان .
ان الكثير من العراقيين يتذكر تاريخ الثورة الكوردية في إنطلاقتها الأولى منذ بديات القرن الماضي بزعامة الشيخ محمود الحفيد ومن ثم بقيادة الزعيم البارزاني مصطفى الذي أعلن مرارا وتكرارا انه مع خيار السلام لا خيار الحرب حين كان ينادي بحقوق متساوية متكافئة ينعم بها الجميع طبقا لدستور عام 1958 الذي أعتبر العرب والكورد شركاء في الوطن مع باقي القوميات الأخرى. وحين جاء الحكم العارفي حاول عبد السلام عارف أن ينال من الكورد من خلال فتوى دينية شيعية ضد الثورة الكوردية , الا انه فشل في ذلك .
وفي جميع المفاوضات التي جرت بين الحكومات العراقية والطرف الكوردي كان البارزاني الخالد ينحاز دائما نحو الدعوات للسلام لانه يعتقد ان السلام هو قانون الحياة وان السلم بين العراقيين هو الأصل وما الحرب إلا إستثناء على القاعدة , ورغم محاولات الغدر التي تعرض لها وكذلك رفاقة في النضال , إلا انه ظل محكوما بقانون السلام لانه كان يرى بأن العنف لن يولد إلا العنف , فلم يمارس الأنتقام ولا الثأر ولم تتلوث مطلقا الحركة التحررية الكوردية بأي عمل إرهابي يسئ لتأريخها النضالي المشرف.
وفي ظروف النضال الوطني ضد النظام الدكتاتوري كانت كوردستان ولسنوات طويلة حاضنة بكل شجاعة ومسؤولية لكل الفصائل الوطنية العراقية من أحزاب وحركات وشخصيات تقاوم الدكتاتورية وظلم صدام كما تعرضت كوردستان للأعمال الارهابية ودفعت ثمنا باهضا من إرتكاب هذه الجرائم ولهذا وقفت بقوة ضد كل أعمال التعصب والتطرف المقترن بالعنف المادي ولا يمكن وصف أية حركة تحررية تنشد الحرية بالأرهاب .
ومن المؤسف أن تدعي الحكومة التركية بأن من حقها الأستناد على حق الدفاع الشرعي لضرب حزب العمال الكوردستاني حسب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة هو إدعاء باطل لان هذه المادة تخص حالة النزاع المسلح بين الدول بينما حزب العمال الكوردستاني ليس دولة وإنما قضيته شأن داخلي تركي يجب حلها بطريق سلمي قائم على الحوار, كما نضيف بأن إدعاء الحكومة التركية بأنها لا تتعامل مع الأرهابين وتقصد بذلك حزب العمال الكوردستاني هو سلوك خاطئ ينم عن حالة الأستعلاء القومي وعدم فهم واقعي لحالة الصراع لا سيما وان الجيوش النظامية غير قادرة على إنهاء مشكلة مسلحين يقاتلون بطريق حرب العصابات وقد جربت الحكومات التركية ذلك مرات ومرات ولم تتمكن من القضاء على هذا الحزب مما يوجب إعطاء الفرصة للسلام وللحل الدبلوماسي وحل قضية الشعب الكوردي في تركيا بطريقة متحضرة .كما لا نعتقد بصحة وصف هذا الحزب بأنه حزب إرهابي لان مفهوم الأرهاب غير متفق عليه حتى الأن لا دوليا و لامحليا .
أما رفض الحكومة التركية للمفاوضات مع حكومة إقليم كوردستان بحجة إنها لاتتفاوض مع الأحزاب واذا ما تفاوضت مع الكورد العراقيين يعني الأعتراف بمؤسسات حكومة الأقليم في كوردستان فهو سلوك خاطئ أيضا والدليل إن أية مفاوضات بدون الكورد العراقيين لا تنجح ولا تستطيع ان تضبط الحدود الدولية ولهذا فتركيا بحاجة للجلوس مع المسؤولين الكورد في كوردستان والتخلص من عقدة الغرور القومي , فضلا عن ان عشرات المسؤولين من دول العالم يزورون كوردستان باستمرار إبتداء من وزيرة الخارجية الأمريكية وغيرها كثير من المسؤولين المدنيين والعسكريين مما يدلل على ان إقليم كوردستان جزء من الحل ومن المعادلة التي تضمن السلم وضد الحرب ومع الأستقرار ضد الأرهاب , هذا فضلا عن ان إقليم كوردستان له مؤسساته الدستورية المعترف بها في الدستور العراقي لعام 2005.
اننا نعتقد ان جوهر القضية الكوردية في العراق وتركيا وسوريا وإيران لا يتحدد بكونه مسألة أقليات قومية تعيش بين أغلبية قومية إخرى وإنما يتعلق الأمر بأن كوردستان والأمة الكوردية تجزأت الى أربعة أقسام ونهبت ثرواتها وحرمت من حقها المشروع في تأسيس الدولة الكوردية المستقلة حالها حال الشعوب الأخرى التي كانت تحت الوصاية أو الأنتداب ومن هنا نعتقد بأن الوقت قد حان لعقد مؤتمر دولي عن القضية الكوردية في الشرق الأوسط ودراسة المشكلات بروح منفتحة وضمير حي لبناء السلام في منطقة الشرق الأوسط المضطربة ورفع الغبن الذي لحق بالأمة الكوردية عبر التاريخ ومنها حرمانها من كيان سياسي مستقل كغيرها من الشعوب والأمم الأخرى وحقها في تقرير مصيرها الذي هو جزء من مبادئ حقوق الانسان لكي تنعم الشعوب بالسلام .‏‏







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2997