معدلات البطالة أعلى مستوى في الجانب الكردي
التاريخ: الخميس 15 تشرين الثاني 2007
الموضوع: اخبار



  بقلم: رشاد موسى

من المعلوم أن كل مواثيق المجتمع الدولي وشرعة الأمم المتحدة ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العاشر من كانون الأول عام "1948" تثبت وتشدد على حق الإنسان القادر على العمل في العمل وعلى حقه أن يحيى بمستوى معيشي مناسب ولائق بإنسانيته كإنسان وفي أي مكان في هذا العالم و بغض النظر عن جنسه ولونه وعرقه وانتماءه كما أنها تحث الدول والحكومات والأنظمة على أن تفي بإلتزماتها وأن تنهض بمسؤولياتها تجاه شعوبها ومواطنيها من حيث تأمين فرص عمل حقيقة لكل القادرين والراغبين منهم بالعمل وبأجر يتناسب مع الأسعار وتكاليف الخدمات المختلفة في بلادنا


ذلك من أجل ليس حمايتهم من قسوة العوز والحرمان والفاقة فقط بل لضمان حياة حرة وكريمة لهم ولأسرهم وفتح المجال أمامهم للمشاركة في بناء وتقدم الأوطان والبلاد التي ينتمون إليها والعمل مثلما ما هو حق فهو واجب أيضا , فبالعمل ليس الإنسان  وحده هو الذي يحيا ويعيش وإنما الوطن  أيضاً فلا يمكن أن نتصور بلد ما يبلغ مستوى من الرقي والتطور وأهله ومواطنوه عازفون عن العمل أو أن أبواب العمل موصدة في وجوههم لذلك فإن العمل حاجة أساسية عليا وضرورة لا غنى عنها للوطن والمواطن معا ً تقع مسؤولية تأمينه وتوفير فرصه على عاتق الدولة أي كان موقعها على خارطة العالم الأمر الذي يفرض على هذه الدولة أو تلك أن تنتهج سياسات اقتصادية موضوعية صائبة من شأنها أن تضمن العمل وفرص العمل بالشكل الممكن وبما يناسب الكفاءات والخبرات والحاجات , لكل العاملين والداخلين الجدد إلى سوق العمل ولكل الساعين وراء لقمة العيش الحلال ولا نعتقد بإن هناك أي مصوغ أو مبرر يعفي أي دولة في هذا العالم جزئيا أو كليا من مسؤولياتها تجاه مواطنيها خاصة في جانب حق العمل وواجب ضمانه وفي هذا السياق يطرح السؤال التالي نفسه هل تسير الأمور في كل دول العالم ذات الأوضاع والإمكانيات الاقتصادية المختلفة  خاصة لجهة امتثال كل دولة بما يقع على عاتقها من مسؤوليات والتزامات تجاه مواطنيها بغية ضمان حياة حرة وكريمة لهم ؟؟.
من المؤكد يأتي الجواب بلا خاصة في دول هذه المنطقة من العالم التي تعنينا أكثر كوننا واحدة من هذه الدول ومن خلال ما ينقله لنا الإعلام أو ما نسمعه أو ما  نقرأه في دساتير هذه الدول أو بعضها نجد أنها تقر للعامل بحق العمل وبحق توفير الفرص أمامه ومن ضمنها دستور بلادنا لكن على صعيد الواقع يختلف الوضع تماما حيث يبدو هو في واد والدستور في واد آخر مع أنه قد مضى عليه عشرات السنين وبالمحصلة فما نلمسه في الواقع هو ارتفاع في معدلات البطالة مما يفضي ذلك إلى مآزق اجتماعية غالبا ما تكون من النوع الثقيل كما من يرصد أو يتابع الوضع الداخلي في بلادنا والمثّقل بهموم المواطنين التي باتت من الصعوبة بمكان الإحاطة بها سيجد بأن هم البطالة الظاهرة والمقنعة يشكل من أبرزها مما يرفع ذلك من درجة معاناة الناس ويزيد من معدلات الفقر خاصة لدى ذوي الفئات الاجتماعية التي لا تمتلك أي شيء سوى قوة عملها ولا تجد في الوقت نفسه سوقا لتصريف هذه القوة بغية الحصول على مورد مالي لقاءه يعينها على مواجهة أعباء الحياة التي تزداد باستمرار.
ذلك ما يلاحظ ويرصد في الشارع السوري على امتداده أما في الشارع الكردي الوضع أسوأ بكثير كونه محكوم برؤى قاصرة وسياسات شوفينية عنصرية تمارسها الدولة منذ سنوات طويلة بحق الشعب الكردي في سوريا بغية الإمعان في تخلفه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمعرفي  وتهميش دوره في الحياة ومن ثم تذويب وجوده القومي في بوتقة القومية العربية من خلال سياسات تعريب سافرة تطال كل جانب في حباتها وذلك بتصور راسمي تلك السياسات الشوفينية الحاقدة والتي من المؤكد أنها لا تمتلك  ولا يمكن في ظل هكذا عقلية انفرادية اقصائية منغلقة أن تمتلك أي رصيد في بنك هذا العصر الراهن الذي تغيرت فيه المفاهيم كثيراً وبرزت فيه إلى الواجهة قضايا حقوق الإنسان وقضايا الشعوب والحرية والديمقراطية أكثر من كل العهود السابقة ذلك بفعل التطور العالمي الذي حصل في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية.
وبالنتيجة فإن معدلات البطالة بين أبناء الشعب الكردي في سوريا أعلى مستوى من أي منطقة أخرى في البلاد مما يدفع ذلك بحياتهم إلى مستويات صعبة  لا تطاق خاصة لدى المواطنين الكرد الذين انتزعت منهم جنسيتهم السورية دون وجه حق على الإطلاق نتيجة لإحصاء رجعي عنصري مقيت جرى في محافظة الحسكة حصراً عام "1962" ويصل تعدا ضحاياه اليوم إلى أكثر من ثلاث مائة ألف مواطن كردي معظمهم من الفقراء  المسحوقين و من ضمنهم المكتومين الذين وكما فهم من رئيس الجمهورية في خطابه القسم الثاني الذي ألقاه أمام مجلس الشعب في أواسط تموز الماضي أنه تخلى عنهم حيث قال "هؤلاء لا علاقة لنا بهم ".
عموماً أن معظم ضحايا الإحصاء الجائر من مجردين من الجنسية ومن مكتومين يعيشون على الحرمان والكفاف ولا حاجة للتأكيد أكثر لأن قضيتهم باتت معروفة على مستويات أوسع أما الكثرة الباقية من أبناء شعبنا الكردي والذين من حقهم أن تتوفر أمامهم فرص العمل يتم دفع الكثير منهم حتى من ذوي الخبرات والكفاءات إلى خارج قوس العمل حيث توصد الأبواب أمامهم تحت يافطة "خطر على أمن الدولة " لا بل تلجأ الدولة أحيانا إلى فصل البعض منهم من المؤسسات والشركات تحت نفس اليافطة إلى جانب فصل الطلبة الكرد من الجماعات والمعاهد والمدارس كما حدث ويحدث في العديد من الأعوام تحت نفس التسمية.
من المؤكد أن الهدف من فصل الطلبة الكرد هو لإغلاق أبواب العلم والمعرفة أمامهم ليبقوا رهنية للجهل بالإضافة إلى حرمانهم من فرص العمل مستقبلاً ربما بحجة أنهم لا يمتلكون الخبرات أو بحجج أخرى هذا ما يمارس ضد أبناء شعبنا الكردي من عمال وطلبة على الرغم من أحدا لا يمكن أن يوفق في توجيه الشك إلى وطنية أي مواطن كردي المشهودة له آنيا وتاريخيا بالرغم من تعرضه لاضطهاد قومي بغيض على مدار عشرات السنين.
كما ينبغي أن لا يفوتنا القول بإن ما تعلنه الدولة والحكومة أحيانا أنها بصدد حل قضايا المواطنين تحت شعار التطوير والتحديث التي مل المواطن السوري سماعها على مدار عدة أعوام مضت ولم تؤتى ثمارها حتى اللحظة بالشكل المطلوب خاصة في جانب مكافحة البطالة وتخفيف معدلاتها وبالتالي فإن معدلات البطالة لا تقف عند حد معين ما دامت لا تلقى المعالجة المناسبة بل تزداد ارتفاعا ويزداد الوضع على أرض الواقع أكثرا سوءاً مما يعطي ذلك انطباعاً أن الدولة ليست مهتمة على الأقل بمستوى ما هو ممكن في الوقت الذي ينبغي فيه أن يتواصل العمل من أجل حل المشكلة بشكل مناسب لضخ المزيد من الاطمئنان في حياة ومستقبل المواطن السوري وبدون تمييز لا سيما وأن كل مواطن شريف في سوريا يعد ثروة كبيرة لا تقدر بثمن وبالتالي فإن المصلحة العليا للبلاد ومستقبل البلاد ومستقبل أجياله الواعدة تتطلب على الأقل عدم إهمال هذه الثروة خاصة في هذه المرحلة التي تزدحم فيها التحديات.
كما تجدر الإشارة بإن متطلبات هذه المرحلة العصيبة تكمن في أن يشعر كل مواطن في سوريا ومن دون استثناء أن سوريا له وأنها تسعه كما هو وقادرة على أن تضمن حقوقه لا أن تكون سوريا ل "ناس وناس " إن صح هذا التعبير فسوريا هذا الوطن الكبير الذي نعتد ونعتز به ليس مزرعة مسجلة على اسم أحد أو عقار مملوك من قبل أحد لكن ما يمارس على أرض الواقع يبدو هكذا كما تسنده المادة الثامنة من الدستور السوري القائلة"بقيادة حزب البعث للدولة والمجتمع" هذه المادة التي تزداد في هذه الأيام الدعوات والمطالبات الرامية إلى إلغائها من الدستور السوري والتي إلى جانب قانون الطوارئ والأحكام العرفية المعمول به منذ الثامن من آذار من عام "1963" أضحتا عائقين حقيقيا أمام التطور المنشود في البلاد.
وفي ضوء مما تقد تعد البطالة أيضا من معوقات التطور وهي ظاهرة خطيرة كونها تنشر الفقر حيث ما تنتشر وبالتالي لا يمكن معالجتها بالكلام مهما تحسنت ألفاظه ولا بأنصاف الحلول ولا بالتنصل من مسؤوليتها مثلا "بحجة أن سوق العمل بحاجة إلى خبرات والخبرات غير موجودة" ولا شك أن هذه الحجة ليست دقيقة لكن إذا ما  أخذنا بها فرضا ماذا نفعل بعشرات الآلاف من العمالة السورية التي لا تمتلك الخبرات هل من المعقول أن ندفع بها إلى سوق الجريمة والانحراف بل وفي أفضل الحالات إلى سوق الهجرة والتشرد والتسكع وما إلى ذلك .
سؤال نطرحه على المسئولين في الدولة والحكومة فهل من جواب ؟؟ .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2984