الدولة التركية ....ما بين مفقودين ..... الهوية و المستقبل
التاريخ: الأربعاء 14 تشرين الثاني 2007
الموضوع: اخبار



  هيبت بافي حلبجة

تركيا التي تتمتع بعامل جيوبوليتيكي خاص تحتضن عدة مسطحات مائية - البحر الأسود , البحر المتوسط , بحر إيجة , بحر مرمرة - ومضايق وممرات دولية (مضيق الدردنيل , مضيق البوسفور)وجغرافية ما بين قارتين - آسيا و أروبا - وتتاخم الدول التالية , بلغاريا , اليونان , روسيا ,العراق أرمينيا , سورية .... وتنول أمتداداً لغوياً خارج أراضيها أبتداءاً من تركستان الشرقية التي مساحتها تضاهي ضعف مساحة تركيا , و فيها أجود أنواع اليورانيوم ومازالت حتى اليوم مستعمرة صينية - سين جانج - المستعمرة الجديدة , الأرض الجديدة .... إلى تركستان الغربية - تركمنستان , قازاقستان  قيرغيزستان , أوزبكستان - ...


ناهيكم عن مشاكلها مع اليونان و المشكلة القبرصية , والأحتراس والحذر أتجاه روسيا في منطقة آسيا الوسطى و منطقة القوقاز ...زد على ذلك عضويتها الأفتراضية في الأتحاد الأوربي , وعضويتها احادية الجانب في حلف الناتو - أوتان - وأشكالياتها العضوية في تقويم مقولة الهوية ما بين الأتاتوركية - العلمانية الديمقراطية - و الأربكانية - الأصولية الأسلامية - إلى جانب المنظمات الأسلامية المتطرفة ( الثأر الأسلامي , الحركة الأسلامية الثورية , منظمات الحركة الأسلامية ) .. ضف إلى ذلك , مشاكلها الداخلية , العجز التجاري الدائم , كارثة تعويم العملة ,تفاقم إشكالية التضخم , أنهيار البنى التحتية , الهجرة المتزايدة إلى ألمانيا وبلغاريا , والمسألة الكوردية ( كوردستان تركيا ) . ومما يزيد الطين أكثر بلة , التناقضات في مسألة العلاقات الخارجية ... لذا , ليتسنى لنا , نحن , أدراك المنغصات الفعلية و المصوغات الأكيدة الكامنة خلف قرار الدولة التركية - من خلال برلمانها - منح الجيش الحق في اجتياح أقليم كوردستان العراق بذريعة واهية و منقوضة و مطعونة فيها , ألا وهي مطاردة عناصر حزب العمال الكوردستاني في منطقة مثلث حدودي جبلي , لامندوحة من الكشف الأستبطاني للنقاط السابقة تناغياً مع الماهية الأجمالية والبيانية للتساؤلات الآتية :
لماذا هذا الأرتباك الهذياني الأرتعاشي في السياسة الخارجية التركية ؟؟ لماذا لاتنتهج سياسة متماثلة متناظرة في مجمل علاقاتها ؟؟ لماذا لاتجابه الواقع الموضوعي كما هو وتزامن أسٌه مع رؤيا متكاملة متعددة , كعملية حضارية لمعالجة عجزها التجاري الدائم , وحل المسألة الكوردية ؟؟؟
هل يمكن لدولة تزعم العلمانية الديمقراطية في نصها الدستوري أن تستبد بها ذهنية تهديدية , ذهنية حرب دائمة ؟؟ هل يتصور لنا أدلجة علمانيتها وديمقراطيتها كشأن داخلي بحت  ومحض دون الشعوب والفئات الباقية ؟؟
هل حقاً تحلم تركيا في الأنضمام إلى الأتحاد الأوربي ؟؟هل بمقدور الساسة الأتراك وفي مقال متواضع أن يأصلوا المسوغات التي تتبناها تركيا لتتوخى الأنضمام إلى الأتحاد ولتتحاشى منازعات الأستبعاد ؟؟؟
هل أدرك المثقفون الأتراك ماهية طبيعة دولتهم ؟؟ وما هي معاييرهم في السلب والإيجاب ؟؟
وهل أدركوا ماالمصير المرتقب لهذه الدولة ؟؟ويتقزم دورها ويهمد ويخفت رويداً رويداً ؟؟
أليست هي مغبونة في أنضمامها إلى الحلف شمال الأطلسي ؟؟ ألا تدرك إنها حجل في حلف أوتان ؟؟ ألا تعي إنها ليست سوى ممرات واستطالات ؟؟
ألا تثب إلى رشدها وتتصور مدى افلاسها أمريكياً ؟؟ ألا تتخمن كم أمسى من الصعوبة استرداد دورها إبان سقوط شاه ايران - المعقل الثالث للولايات المتحدة  - عام 1979 م ؟؟
وأخيراً ألم يتساءل حقوقيو تركبا ما القيمة القانونية لهذا القرار , قرار الأجتياح ؟؟ ثم إلا يخرق ويمحق كل المصوغات القانونية ؟؟؟ ......لنفصل في هذه القضايا .......
أولاً : الزاوية القانونية : تنص ميثاق الأمم المتحدة على بلورة وظيفتها الأساسية – وبالتالي واجب الدول المنضوية تحت لوائها - الحفاظ على استتباب الأمن والسلم العالميين , المقولتان الجوهريتان في ذهنية الميثاق ...ولقد أكدت الأتفاقيات والمعاهدات الدولية على هذه الذهنية في خطاباتها ليس على الصعيد البري فقط , إنما حتى على الصعيد البحري - أتفاقية عام 1982 م - ومسألة المياه الدولية والمياه الأقليمية ..... وحتى قانون حمورابي في مواده ال - 282 - يشترع للجوار و السكن والعلاقات ( بين ما بين ) .. فكيف يتربص البرلمان التركي - وهو هيئة تشريعية تثابر على روح وجوهر القوانين – بالحيث والمحايث الدوليين بالتواطئ مع جنرالات الجيش ,ليصادق على قرار فحواه باطل , مخالف, ومنقوض ..وهو لايملك أساس موضوع المنطوق . و لايملك الأختصاص . وبالتالي فإن المنطوق هو مفنود ومدحوض وفاقد لكل قيمة قانونية خارج - الداخلي - التركي. ويعد بأمتياز أحبيلة سياسية ما بين جنرالات الجيش وحزب العدالة والتنمية في الجانبين السلبي والأيجابي , أي مقايضة وترضية لبعضهما البعض من جهة , وزرع الأفخاخ أيضا لبعصهما البعض من جهة أخرى ..وهذا هو جانب من الدهماوية والديماغوجية في الرؤيا السياسية التركية ....
ثانياً : المسألة الكوردية : لقد بات من الصارخ والمؤكد وحسب تعبير عبد الرحمن الراشد في مجلة - الشرق الأوسط - بعد أتفاقية " أضنة " عام 1998 وعند القبض على السيد عبدالله إوجلان , زعيم الحزب العمال الكوردستاني , إن هذا الأخير قد هجر سياسة التشدد لصالح سياسة سلمية ديمقراطية , بل إنه صرح في كتابه اللاحق لتلك الفترة من إن القادة الأتراك أساءوا فهم وتصور سياسته التي هي قريبة من " العلمانية الديمقراطية " التركية .... لذا , أنبغى على الدولة التركية أن تعالج المسألة الكوردية ضمن هذا الإطار, وأن تهجر سياسة أرهاب الدولة وأقصاء وألغاء كل ما هو غير تركي ..وبالتالي لأضحت الدولة التركية بحدودها الطبيعية مختبراً واحداً ديموقراطياً لكل شعوبها - الترك , الكورد وغيرهم - لكن أتضح وتوضح إن العقلية السياسية التركية مابرحت تجترتراكمات تبطش بالديمقراطية التي أمست عرجاء أحادية الجانب أي للأتراك فقط ... وببزوغ الأشراقات الديمقراطية , والتجربة الأستثنائية في أقليم كوردستان العراق , مع تكريس وتفعيل مقومات وأسٌ الفدرالية  , وتنفيذ بنود الدستور العراقي ومنه المادة 140 التي تخص مصير مدينة كركوك في الأنتماء الأقليمي . لذا هرعت إلى التلويح بالخيار العسكري وأجتياح الأقليم تحت ذريعة غائبة , إذ ترهبها الديمقراطية , لأجهاض الحق القومي الكوردي هنا وهتاك . وهذا هو جانب من الدهماوية والديماغوجية في الخطاب السياسي التركي ..
ثالثاً : الأنضمام إلى الأتحاد الأوربي : منذ تأسيس السوق الأوربية المشتركة بتوقيع معاهدة في 25 آذار عام 1957 , والتي دخلت مجال التنفيذ الفعلي في كانون الثاتي عام 1958 , ارتأت تركيا تقديم طلب أنتسابها - أسوة باليونان - في تموز عام 1959 .لم توافق الدول المؤسسة على طلب تركيا , إنما أرجأت الموافقة إلى 12 أيلول عام 1963 . لكن لم يتسنى لتركيا التوقيع على البروتوكول الإضافي مع السوق الأوربية المشتركة إلا في 23 تشرين الثاني عام 1970 . وبهذا الصدد أكد - تورغوت أوزال - في الصحافة التركية " جمهوريت , ملليت " إن الموانئ والمضايق التركية ستمنح  دول السوق الأوربية المشتركة فرصة ذهبية في مجالين , الدفاع والأستثمار , كطاقة حيوية جديدة . كما نوه - وحيد أوغلو - إلى أبعاد جديدة في الأقتصاد والثقافة والسياسة بأنضمام تركيا إلى السوق الأوربية المشتركة ..... ولكن غاب عن ذهن هؤلاء السادة " وغيرهم " إن أوربا لاتقوُم المسألة بنفس المعايير , فهي تمايز ما بين السوق الأوربية المشتركة , وحلف الناتو , والأتحاد الأوربي . طبقاً لمنظورين متعامدين , وفي مستوبات متباينة :
المنظور الأول : نصت ديباجة أتفاقية - روما - عام 1957 , إن الدول الأوربية المؤسسة التي تعتمد في دساتيرها مبادئ الليبرالية الديمقراطية المنسجمة في الجوهر والروح مع الفكر الغربي تمثل حالة أنموذج كامل العضوية . إذن شروط العضوية الكاملة متجسدة - حسب الديباجة – في المعنى الجغرافي والحضاري بصورة قطعية لاريب فيها .
المنظور الثاني : نصت المادة - 238 - من أتفاقية روما , إن الدول الأوربية المؤسسة يمكن أن تقيم - علاقة حقوق وألتزامات متبادلة - ضمن صيغة عمل مشترك أو إجراءات خاصة لدول غير أوربية , ولاسيما إذا كان ذلك في إطار السياسة المتوسطية للدول الأوربية ... ومما يسترعي الأنتباه , في هذا الخصوص , إن المستشار الألماني - هلموت كول - أبلغ إجتماعاً للأحزاب الديمقراطية المسيحية الأوربية في آذار عام 1997 , إن الأتحاد الأوربي ينهل من أسس المبادئ المسيحية , فلا مصوغ لأنضمام دولة لاتشترك في هذه الهوية الثقافية .. من هنا , قد ندرك بصورة جزئية , لماذا رفضت طلبات تركيا المتكررة , حتى ذلك الوقت ,أعوام 1980 - 1987 - 1997 - بالأنضمام إلى الأتحاد الأوربي خاصة في مؤتمر بروكسل عام 1997 .. وربما انطلاقاً من هذه النقاط , أبى مسعود يلماظ الحضور إلى القمة الأوربية في لوكسمبورغ 12 – 13 كانون الأول عام 1997 , طاعناً في صدق نوايا الأتحاد الأوربي , ومتهماً هلموت كول بتحويل
الأتحاد الأوربي إلى ناد مسيحي .. أما سليمان ديميريل الذي أدرك صعوبة الموقف - بعد تصريحات مسعود يلماظ - بادر إلى تلطيف الأجواء من خلال زيارته إلى فرنسا عام 1998 , وتعمد إلى إبرام عدة اتفاقيات في مجال التعاون الأقتصادي , وحاول آنئذ توضيح مبررات الموقف التركي الصارم في عام 1996 , والهواجس التي تستبد بتركبا من جراء توسيع حلف الناتو . إذ في كانون الأول عام 1996 وخلال قمة - دبلن - هددت تركيا صراحة باستخدام حق النقض " الفيتو " لمنع توسيع حلف الناتو " أوتان " إذا لم يتم الأعتراف نهائياً بحقها في الأنضمام إلى الأتحاد الأوربي ..لأنه كانت قد برزت أصوات بتوسيع حلف الناتو لتقليل دور تركيا فيه , لاسيما وإن حلف وارسو كان قد أعلن أنهياره رسمياً... ومن هؤلاء الأصوات , هنري كيسنجر , زيجينو بريزنسكي , وجيمس موريزون في كتابه – توسيع الناتو - الذين تصوروا توسعاً من هذا النوع : أولاً أنضمام دول الفيزجراد- سلوفاكيا , هنغاريا , تشيكيا , بولندا - ثم دول البلطيق الثلاث , ثم رومانيا وبلغاريا وسلوفينيا وألبانيا ..... إزاء مجمل هذه الحيثيات , تدخل المسؤول الأمريكي كارى طافا نوج وكتب في مجلة فانينشيال تايمز 12 -3 - 1997 , من الأفضل أن تمنح الدول الأوربية لأنقرة أملاً معقولاً في تطوير العلاقة مع النادي الأوربي .... لكن بالمقابل وبصورة موضوعية , ألا تترتب على أنقرة جملة أجراءات موضوعية تحرك داخلها؟؟
المسألة الكوردية باتت تقتضي حلاً , الأصولية الأسلامية أمست ترهب الجميع , فكيف سيفتح الأتحاد الأوربي أبوابه على مصراعيها لهكذا دولة , وقد عامت عملتها الوطنية , وتردى وضعها الأقتصادي وتمايزت هي عن الدول الأوربية بالغايات ؟؟؟ تركيا لاتقدم سوى طلبات الأنضمام , ألا ينم ذلك عن دهماوية وديماغوجية في مستوى طبيعة الفكر السياسي التركي ؟؟؟؟
رابعاً : المشكلة القبرصية . بدأ الصراع التركي اليوناني على جزيرة قبرص منذ الخمسينيات من القرن العشرين على أثر أستفلالها بموجب معاهدتي زيوريخ ولندن ..وفي عام 1964 أزمعت تركيا قي عهد - عصمت أينونبو - حسم النزاع عسكرياً , إلا إن الولايات المتحدة الأميركية حذرت لتهدأ الوضع ...رغم ذلك كانت تركيا تترقب الفرص , إلى أن حدث الأنقلاب العسكري في حزيران عام 1974 , فأنتهزت تركيا هذا الوضع , وحسمت الصراع عسكرياً بتقسيم الجزيرة
إلى قطاعين شمالي وجنوبي , وأعلنت دولة على ثلث أراضيها , تلك الدولة التي لم يعترف بها حتى الآن سوى تركيا .. تفاقم التوتر ما بين تركيا واليونان أكثر حينما حسمت الأولى أمرها مع - جزر بحر أيجة – التي كانت قد فقدتها نتيجة الحروب السابقة ما بين الطرفين ..ثم في عام 1997 قفز التوتر التركي اليوناني إلى الواجهة أثر أزمة عرفت بأزمة الصواريخ الروسية , تلك الصواريخ التي طلبتها حكومة قبرص الرسمية - الموالية لليونان - من روسيا في مطلع عام 1997 ... آنئذ نفذ صير الدولة اليونانية , وحسمت موقفها السياسي نهائياً مع تركيا, وقدمت ورقة رسمية إلى مؤتمر بروكسل عام 1997, وجاء فيها إنها ستقوم بنوع من الفيتو على طلب تركيا الأنضمام إلى الأتحاد الأوربي , إلا إذا نفذت الأخيرة جملة شروط يونانية صرفة , إنهاء مشكلة قيرص نهائياً , عرض أزمة جزيرة - أيمبا - المتنازع عليها ما بين أثينا وأنقرة على محكمة العدل الدولية في لاهاي - هولندا , وإضافة شرط شديد الخصوصية- يرجى الأنتباه إليه - ألا وهو ضرورة اقلاع تركيا عن سياساتها التهديدية والتلويحية بالخيار العسكري دائماً هنا وهناك ..وربما لمجمل هذه المسوغات أنسحبت أثينا من الجهاز العسكري لحلف شمال الأطلسي . ذلك الأنسحاب الذي فسره  أحمد النعيمي خطأ في كتابه - تركيا وحلف شمال الأطلسي - وكأن أنسحاب اليونان من الجهاز العسكري للحلف أتى نتيجة قوة الموقف والموقع التركي , إلا إن للأمر أبعاد في الفكر والثقافة والحضارة وهي التي تفارق اليونان عن تركيا .... وهذا كان المدخل لكتاب غراهام لاييستر - تركيا والأتحاد الأوربي - حيث تم التركيز على معارضة كل من ألمانيا واليونان لأنضمام تركيا ....
خامساً : الأمتداد اللغوي . تركستان الشرقية . تركستان الغربية . تركستان الشرقية وهي دولة تركية على صعيد اللغة أحتلت من قبل حكام الصين - المانشو-  منذ عام 1759. وسميت قسراً بأسم شين جيانج أي الأرض الجديدة . وكانت قبل ذلك تعيش حالة وئام مع حكام الصين , مع أسرة تانج 617 م , وأسرة سونج التي أنقرضت 1267 م , وأسرة يوان عصر حكم المغول 1277 – 1367 م , وأسرة منج 1368 – 1642 م , ثم أسرة المانشو 1644 – 1911 م , وظلت تركستان الشرقية تحت الأحتلال الصيني حتى بعد الثورة الوطنية عام 1911 بقيادة - صن يات صن - بل حتى بعد الثورة الشعبية عام 1949 بقيادة ماو تسي تونغ ... وتقابل تركستان الشرقية , تركستان الغربية وهي المنطقة الأسيوية التي أحتلتها روسيا عام 1924 , واستقلت عام 1992  , وظهرت دول تعرف بأسم دول آسيا الوسطى – تركمنستان أوزبكستان , قازاقستان , قيرغيزستان , طاجيكستان . وكل هذه الدول تتحدث باللهجات التركية ما عدا طاجيكستان (سريان) . وتحيط بتركستان الشرقية , باكستان , أفغانستان , الهند  , التبت ودول آسيا الوسطى التركية , وسيبيريا , الصين . وبعكس الصين , تسود تركستان الشرقية , ثقافة واحدة , دين مشترك - الأسلام - لغة واحدة " التركية بلهجتيها القازاقية والأويغورية " وبعد قيام 42 ثورة نجح الأهالي في طرد الصينيين , وإقامة دولة تركستان الشرقية لمدة 16 عاماً , حتى تحالف روسيا والصين لضم الحاقها بالصين على شكل - شيسجانج - ولاية .  وفي عام 1933 تمكنت تركستان الشرقية من طرد القوات الصينية , فأغتاظت روسيا وحنقت  وبادرت إلى احتلالها عام 1934 .. وفي الحرب العالمية الثانية حلت الصين محل روسيا , وقامت ثورة بقيادة علي خان - عالم ديني - عام 1944 وأعلن أستقلال بلاده , لكن روسيا والصين أحبطا الأستقلال وأرغما قادة الأستقلال على قبول صلح مع الصين الوطنية .. ومنذ عام 1949 اجتاحت القوات الصينية الشيوعبة المستعمرة وأحتلته . إلا إن الزعماء التركستانيون وبتحريض من تركيا شرعوا في نشر قضيتهم - عيسى يوسف البتكين , محمد أمين بوغرا – وأسس الأول في أستانبول "جمعية اللاجئين التركستانيين الشرقيين" .. وبمساعدة تركية تمكن عيسى مقابلة الملوك عبد العزيز آل سعود , سعود بن عبد العزيز , فيصل , خالد ..والملك فاروق . والرئيس القذافي ... وأشترك في المؤتمرات الأسلامية , بغداد عام 1962 , كشمير 1963 , مقديشو 1964 , مكة المكرمة عام 1965 ...وقدم مذكرات على وزراء خارجية الدول الأسلامية , أستانبول 1976 , ثم ليبيا عام 1977 ..... ثم إن بعض الساسة الأتراك وعلى رأسهم نجم الدين أربكان , أوحوا إلى - محمد رضا بكين - القيادي بعد عيسى يوسف , إن تركيا ليست فقط حالة امتداد بالنسبة إلى تركستان الشرقية , إنما كلتيهما تمثلان حالة واحدة بعينها , وإن كلتيهما مع دول آسيا الوسطى ستمثل وحدة حضارية ثقافية  , ووحدة في الهوية ..
إزاء هذا الرؤيا ,نستقرئ الكثير من تصرفات الدولة التركية , وندرك لماذا هي تتصرف بروح بعيدة عن التفاهم والحوار . وهذا ما صرح به اردوغان في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية . من إن أحداً لايملي على تركيا شروطاً معينة , إنما هي التي تقرر .........
سادساً : الأصولية الأسلامية . بدأت هذه فعلياً مع الأربكانية منذ عام 1970 , حيث ترجمت رسائل السيد حسن البنا - مؤسس حركة الأخوان المسلمين في مصر عام 1928 - إلى اللغة التركية كما ترجمت مؤلفات - سيد قطب - (في ظلال القرآن , والعدالة الأجتماعية في الأسلام) ومحاولة ترجمة كتاب محمد قطب - جاهلية القرن العشرين - ومن خلال تشجيع الأب الروحي للحركة الأربكانية - الشيخ زاهد أفندي - أعتبر نجم الدين أربكان بحق مؤسس ورئيس الأحزاب , حزب النظام , وثم حزب السلامة , وثم حزب الرفاه , الذي تم ألغاؤه دستورياً من قبل المحكمة الدستورية نفسها . وتلا ذلك إنشاء حزب الفضيلة وثم حزب العدالة والتنمية الحاكم حالياً ... ولكن أثر صعود حزب الرفاه الأسلامي للسلطة ومشاركته حزب الطريق القويم - تانسو شيللر في حكومة أئتلافية لأول مرة منذ إنتهاء الخلافة العثمانية عام 1923 , أستفحل توجس حاد في الأوساط العلمانية , وكان ثمة دعوة ضمنية لتدخل العسكر للمرة الرابعة " 1960 – 1971- 1980 " . الأمر الذي دفع بأربكان إلى تأكيد ما جاء في كتابه - النظرة الوطنية - من إن الحركة الأسلامية تقبل بالعلمانية و الليبرالية بمفهومهما الغربي , وهذا هو الأسلام النقشبندي السني الذي تتميز به تركيا...... لكن بالمقابل , إكفهر الوضع أكثر ,إذ كانت قد برزت تنظيمات إرهابية متطرفة – الحركة الأسلامية الثورية , الثأر الأسلامي , منظمات الحركة الأسلامية - وتخصصت في إغتيال العناصر البارزة من المثقفين العلمانيين...
ضمن هذه الأشكالية برزت شخصية عبد الله غول الذي كان نائب أربكان في رئاسة حزب الرفاه , والذي صرح في مجلة - ميلليت 25 كانون الثاني عام 1998 - إن نجم الدين أربكان يستقرئ المستقبل بذهنية استثنائية ...وهذا هو لب الموضوع , فما هي هذه الذهنية الأستثنائية التي لاتدركها لا العلمانية ولا جنرالات الجيش . ألايشكل ذلك نقضاً للهوية التركية المقرة في نصوص الدستور لما بعد عام 1923 ؟؟؟؟
سابعاً : تركيا وإسرائيل . بدأت العلاقات الديبلوماسية بين البلدين منذ عام 1949 , وبلغت الأوج في شباط عام 1996 حين التوقيع على أتفاقية للتعاون العسكري , لأن فيها تحديث طائرات الفانتوم في أسرائيل لصالح القوات المسلحة التركية . وقد ذكرت مجلة الوسط عدد 276 في 12 – 5 – 1966 نقاط التحديث : برنامج تحديث 54 مقاتلة { ف . 4 } فانتوم .
برنامج تحديث 45 مقاتلة { ف.5 } تايجر ...برنامج تحديث الدبابات التركية  طراز { م – 47 – 48 – باتون } ....برنامج تحديث طائرات الهليوكوبتر التركية طراز { سيكورسكي –  70 – بلاك هوك } و { بل -209 كوبرا }...  وتعد تانسو شيللر بحق العراب الأول في إنماء وتطوير هذه العلاقات , خاصة أثناء زيارتها لأسرائيل في تشرين الثاني عام 1994 كأول مسؤول تركي رفيع المستوى . وتبعت ذلك زيارة الرئيس التركي لأسرائيل , حيث أعلن احتجاز السلطات التركية لشحنة أسلحة إيرانية كانت موجهة إلى حزب الله . وتطابقاً مع نفس السياسة زار الرئيس الأسرائيلي عيزرا وايستمان تركيا وصرح آنئذ إنه على الجيش التركي منع أربكان من الوصول إلى مقاليد الحكم . وأوشكت تلك العلاقات أن تخبو بتبوء نجم الدين أربكان مقاليد السلطة , لاسيما وإنه كان قد صرح أثناء حملته الأنتخابية رفضه للتعاون العسكري مع أسرائيل , ومحاولته تعزيز علاقاته مع الدول الأسلامية . إلا إن المؤسسة العسكرية لم تعر أي أنتباه للأمر, وقد قام الرجل القوي في المؤسسة نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة { آنئذ } الجنرال شفيق بير وترأس وفداً من 26 ضابطاً كلهم شخصيات كبيرة في مؤسسة الصناعة العسكرية ..... وهنا نسأل ألا يعد ذلك أرتباكاً في السياسة الخارجية ؟؟ ألا يمثل ذلك قيود وأصفاد على  الهوية ؟؟ وأغلال على المستقبل ؟؟؟ وكأن الهوية تشكو ؟؟ والمستقبل يعاني ؟؟؟
 ثامناً : تركيا وروسيا . يقسم المحللون السياسيون علاقة تركيا مع روسيا في الزمن إلى ثلاثة مراحل . الأولى . بدأت مع معاهدة الصداقة والحياد في عام 1925 ما بين البلدين, والتي تم تجديدها عام 1935 ....والثانية .أعلن الأتحاد السوفييتي في آذار عام 1945 عن ألغاء تلك المعاهدة  , وأشترط لتوقيع معاهدة جديدة معها , أن تعيد إلى روسيا أقليمي{ قارص واردهان } اللذين كان قد تخلى عنهما بموجب معاهدة عام 1921.... و الثالثة . مرحلة الأحتراس والترقب والحذر , وبدأت بأنتهاء الحرب الباردة 1991 , والتراجع الأكيد في موقع تركيا الجيوبوليتيكي  , وتقهقر دورها على مجمل الصعد .. فالبلدان يتنافسان فيما بينهماعلى أكبر قدر من المكاسب في جمهوريات آسيا الوسطى  الغنية بمصادر الطاقة ومواد الخام مثل الذهب والحديد , إضافة إلى أطماعهما في أنابيب نقل الغاز والنفط عبر أراضيها ..  والأشكالية الكبرى والتي تعقد الأطماع أكثر تكمن في تصريحات بعض تلك الدول, فلقد  صرح الرئيس الكازاخي : إننا نريد إقامة أقتصاد لسوق الحرة , والنموذج التركي هو ماثل أمامنا ....في حين إن رئيس الوزراء الكازاخي أطلق مقولته الشهيرة : لو حاولت بعض القوى المعادية في روسيا إغلاق باب التعاون مع كازاخستان فإننا سندخل من النافذة.......ضف إلى ذلك ثمة نوع من الخلاف ما بين الدولتين حول الممرات والمضائق فتركيا تسعى إلى فرض شروطها الخاصة , وروسيا تتمسك بمعاهدة - مونترو - التي تنص على المرور الحر في المضائق , ولاسيما وإن 12 دولة قد صادقت على هذه المعاهدة وتشكو هي أيضاً من القيود التركية الخاصة ....
  تاسعاً : الأشكالية التركية . بأنتهاء الخلافة العثمانية في عام 1923 وقدوم أتاتورك من عام  1923 – 1938 وأعلان الجمهورية التركية الحديثة على قاعدة نص قانوني - تركيا دولة علمانية ديمقراطية - أمسى الجيش منذئذ الضامن الوحيد لتلك العلمانية ..وقد تدخل ثلاث  مرات في الحياة السياسية - 1960 , 1971 , 1980 - وأوشك أن يتدخل للمرة الرابعة على أثر تولي أربكان مقاليد الحكم  .... هذا أولاً , وثانياً إن مجلس الأمن القومي الذي يتشكل من رئيس الوزراء ورئيس الأركان العامة والقائد العام للجندرمة , ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية , وقواد الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة , ينعقد برئاسة رئيس الجمهورية الذي إن غاب يحل رئيس الوزراء محله .  ويحق له دستورياً أن يصدر توصيات فقط , لكنه في الحقيقة يصدر قرارات قطعية , وحدث ذلك أكثر من عدة مرات ....ثم ألا يمثل هذا المجلس قيداً أصطناعياً على صلاحيات رئيس الوزراء , لاسيما ونحن ندرك إن الجمهورية التركية تعتمد على النظام الدستوري المسمى البرلماني النيابي - أسرائيل , الهند , المملكة المتحدة - والذي يقابله النظام الرئاسي الجمهوري - فرنسا , سورية , الولايات المتحدة الأميركية -  أما فيما يتعلق بسياستها في الأحلاف , فإنها انضمت إلى الحلف المركزي , وحلف بغداد , وحلف الناتو ...وناوئت حلف وارصو الذي أنفك كلياً بأنهيار الأتحاد السوفيتي , وكذلك حركة عدم الأنحياز التي تأسست عام 1955 في مؤتمر باندونغ ,على يد - جواهر لال نهرو , جوزيف بروز تيتو , جمال عبد الناصر , أحمد سوكارنو - وأزدهرت في مؤتمراتها اللاحقة , بلجراد 1961 , لوزاكا 1970 , الجزائر 1973 , هافانا 1979 ..الخ  ..ورغم ذلك تركيا عاقدة العزم الأنضمام إلى حلف  لن تدخله أبداً في الأفق المنظور ألا وهو حلف الناتو .... إذن بأقتضاب وجيز , تركيا متعودة على ذهنية الحرب , والتهديد بالخيار العسكري , وأقصاء الآخرين من حق ابداء الأي  , ولاتسترعي أنتباهها سوى مصالحها الآنية والضيقة , وإن تصطدم بكائن من كان دون أعتماد مقومات الديمقراطية والحضارة والمدنية ... ورغم إنها فقدت حيويتها , وعمقها الجيوبوليتيكي , ودورها الطبيعي والتاريخي , إلا إنها مابرحت تعتقد إنها من الدول الكبرى ليس في منطقة الشرق الأوسط وحسب إنما في منطقة  آسيا الوسطى والقوقاز وتركستان الشرقية ...وحلف الناتو !!!!!!! وهنا , ربما بتنا ندرك الخفايا العميقة وراء قرار برلمان تركيا بأجتياح أقليم كوردستان العراق , الآمن , الديمقراطي , السلمي , المتآخي , ....






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2982