وفي الواقع فإن هذه الفكرة نضجت بداية في إطار التحالف، ثم تقبلتها الجبهة فيما بعد ، وللحقيقة فإن التحالف كان يرى أن تكون المرجعية شاملة، وأن لا يوضع فيتو على أي حزب أو قوة ، وقد أعلن عن هذا الموقف مراراً وتكراراً ، وعلى أن يعرض هذا المشروع على لجنة التنسيق وعلى كافة الأحزاب الأخرى، وقد استندت فكرة المرجعية على ركيزتين أساسيتين تشكلان الدافع الأساسي لإقامتها وهما :
1- الوضع العام دولياً وإقليمياً ومحلياً ، والمخاطر الحقيقية والجدية التي تمر بها المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل خاص .
2- إن هذا الوضع العام ، قد أبرز بوضوح ضرورة وحدة نضال الشعب الكردي ، وبالتالي ضرورة وحدة نضال حركته الوطنية التي يجب أن تأتلف في إطار يكون مسؤولاً عن القرار القومي الكردي في سوريا .
ومنذ أن طرحت هذه الفكرة بشكل رسمي فقد لاقت صدى شعبياً واسعاً ، والتفت حولها أوسع قطاعات الشعب الكردي في سوريا التي رأت فيها أملاً في نضالها القومي ، ومخلصاً من تشتت الحركة الوطنية الكردية، وحالات الصراع الضار فيما بينها ، وبسبب ذلك أيدتها كافة الأحزاب ، وحتى التي لم
تتقبلها لم تتجرأ على رفضها ...
وفي الوقع فإن هذه المرجعية في حال قيامها ستشكل منعطفاً هاماً وكبيراً في نضال شعبنا الكردي ، ورافعة هامة لنضال حركته الوطنية ، تعزز دورها واحترامها في جميع المجالات ، سواء لدى الأصدقاء أو الخصوم ، كما ستكون سبقاً سياسياً للحركة الوطنية الكردية في سوريا بالنسبة للساحات الكردية الأخرى .
ولأن المرجعية الكردية في سوريا بهذه الأهمية ، فقد كان التحالف يقدر سلفاً مختلف الصعوبات والعراقيل التي ستصادفها ، ولهذا السبب أيضاً فقد تطلب الأمر شهوراً طويلة حتى تجاوزنا حالة الفيتو التي كانت تضعها بعض الأحزاب على أحزاب وقوى أخرى ، وفي كل الأحوال فإن اللجوء إلى الفيتو لم يأت من جانب التحالف ، وكل المراقبين يعرفون الأطراف التي لجأت إليها ، وبعد ذلك بدأت مرحلة النقاش في الجانب السياسي والرؤية السياسية للمرجعية وكانت مرحلة صعبة ، تميزت بظهور مختلف الخلافات السياسية بين العديد من الأحزاب والأطر، وبالرغم من ذلك، وبسبب المرونة التي أبدتها بعض الأطراف ، وبخاصة التحالف ، فقد تم تجاوز العقبات السياسية ، وتم التوصل إلى مشروع رؤية مشتركة لإطارات التحالف والجبهة ولجنة التنسيق ، وبهذا تكون هذه الأطر قد قطعت شوطاً هاماً باتجاه المرجعية المنشودة .
بالرغم مما تقدم ، ولكي نكون صادقين أمام شعبنا ، نقول بأنه وعلى الرغم من إنجاز مشروع الرؤية المشتركة للإطارات الثلاثة المذكورة ، فلا نزال بعيدين عن المرجعية ، ولا تزال تعترضها العديد من العقبات الكبيرة التي قد لا تترك هذه المرجعية ترى النور .
لقد كان طرح التحالف والجبهة منذ البداية، أن المرجعية الكردية يجب أن تنبثق عن مؤتمر وطني كردي، يحضره بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب عدد يتفق عليه من الشخصيات الوطنية والاجتماعية المستقلة ، إذن هناك ربط بين المرجعية وبين المؤتمر الوطني الكردي ، ولا يمكن أن يحل محل المؤتمر أي اتفاق آخر بين الأحزاب السياسية ، أو وثيقة تصدر عنها ، ولن يسمى أي شكل من تلك الأشكال بالمرجعية الكردية .
عند إنجاز مشروع الرؤية المشتركة للإطارات الثلاث ، تكون هذه الأطر قد وصلت إلى مرحلة تحديد آليات هذا المؤتمر ، وبالنسبة للتحالف فقد قدم وجهة نظره بخصوص تلك الآليات إلى الجبهة ولجنة التنسيق ، وهذه الآليات يتضمنه البلاغ الصادر عن المجلس العام للتحالف والمنشور في هذا العدد من الجريدة ، ولا يزال التحالف ينتظر أن تقدم الإطارات الأخرى وجهة نظرها ، ويرى التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا بموجب قرار المجلس العام للتحالف ، ضرورة مواصلة الحوار والاستمرار فيه إلى النهاية ، ويؤكد أيضاً بأن مشروع الرؤية المشتركة للأطر الثلاث الذي تم التوصل إليه هو مشروع للمؤتمر الوطني الكردي ، ويحتمل تطويره وإغناءه في المؤتمر المذكور ، شأنه في ذلك شأن أي برنامج سياسي يعده حزب ما لتقديمه إلى مؤتمره ، ومن حق أي حزب أو شخص مستقل أن يدافع عن قناعاته ورؤاه ، وأما بخصوص الخلاف حول توقيت نشره ، فيؤكد التحالف على موقفه القاضي بأن نشر هذا المشروع ، وتوقيت هذا النشر هو من صلاحيات اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الكردي ، ولا قيمة للمشروع طالما لم يتم التوصل إلى الاتفاق على آليات المؤتمر ، ولم تتشكل بعد لجنته التحضيرية ، وطالما أن المؤتمر الوطني الكردي لم يصبح حقيقة واقعة .
-----
* جريدة يصدرها التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا – العدد / 76 /- تشرين الأول 2007م