البارتي رؤية ومنهجاً .. وفكراً وممارسة .. الوضع القومي (الأمة الكوردية)
التاريخ: الثلاثاء 30 تشرين الاول 2007
الموضوع: اخبار



بقلم : عبد الرحمن آلوجي

لا يكاد يختلف علماء الأنتروبولوجية والأثريون والمؤرخون حول عراقة الكورد وأصالتهم ووجودهم الراسخ على أرضهم التاريخية, منذ فجر التاريخ، يقول المؤرخ العالمي الموسوعي (ول ديورانت) في موسوعته التاريخية: (إن أول رقم سطر في تاريخ البشرية هو في منطقة الشرق الأدنى /كوردستان/..) , وتنص البعثة الأثرية الأمريكية في كشفها المؤخر لمستوطنة /حموكر/ التاريخية العريقة في منطقة ديريك المعربة إلى المالكية, على أنها أقدم مستوطنة مدائنية في العالم , وأن وجودها يمتد إلى أحد عشر ألف عام، وأن لغتها هي هندو أوربية، يتحدث بها الآن سكان جنوب شرق تركيا, وشمال شرق سوريا, وهي (اللغة الكردية), وهو ما تناقلته الصحف السورية الرسمية, و صحيفة الكمبيوتر المشهورة وقتها.


وقد اكتشف المؤرخ الكوردي الشهير الأستاذ عبد الرقيب يوسف أربعين و مئة ألف رقم أثري يتصل بعمق بالتاريخ الكوردي و حضارته, حتى أنه تحدث بمرارة عن مئات التلول الأثرية في كردستان من أقصاها إلى أقصاها مما لم ينقب فيها, و لم تطرق بإزميل واحد وهو أمر دعا الباحث العربي العراقي إلى القول  بمرارة: (لا يضاهي الكرد عراقة في التاريخ سوى شعب الصين, إذ أن كليهما عاشا على أرضهما التاريخية منذ آلاف السنين ...)
و قد أكدت مجلة /الرافدين/ التي كانت تصدر في دمشق في أوائل التسعينات من قبل المعارضة العراقية اكتشاف رقم أثري يرتد إلى آلاف السنين يتحدث فيه عن شخصية حفيد النبي الجديد نوح (عليه السلام) باسم (براسوز) وهو يعني بالكردية (أخا العهد) , كما أن (نوه) يوحي إلى الأب الثاني للبشرية و الذي استقرت سفينته في عمق جبال كوردستان (و استوت على الجودي و قيل بعدا للقوم الظالمين) و هذه اللفظة تعني النبي الجديد, و قد ثبت بالدليل العلمي الوثائقي , مما أوردناه في صحيفتنا المركزية (صوت الكورد) صلة النبي ابراهيم بن آزر بالهوريين وصلته بالكورد و تحدثه بالهورية الكوردية, كما ذكر العلامة  د. سيد محمود القمني مما نجده مفصلا في موطنه في زاوية تاريخية, تتلو صحائف ناصعة و عريقة من التاريخ الكوردي الموثق.
و تتوالى الأدلة و البراهين يوما بعد يوم لتؤكد على كشف مستوطنات و آثار جديدة, تنبئ عن عراقة هذه الأمة, و امتداد جذرها في التاريخ القديم, و تأصل وجودها الجغرافي على مساحة واسعة من أخصب بقاع الأرض و أجملها في الشرق الاوسط و الأدنى, مما لا معقب لكلمات الحق, و الظاهر عيانا كسطوع الشمس, و إن تمادى بعض السذج و البدائيين ممن يصطنعون سفاسف لا تمتّ إلى العلم و التاريخ بأدنى صلة, و ممن يستهوي بعض القراء الكورد, ليتهموا حينا بالهمجية و أخرى بالوحشية و تارة بالغباء و الإخفاق و الضعف و الفشل, كما فعل جوناثان راندل, في كتابه (أمة في شقاق), ليطلق سخرياته كما يشاء, وكما يفعل كثير من المؤرخين متباكيا على تعاسة الكورد, وإخفاقاتهم التاريخية, في حين تأتي الدلائل ناصعة في تشكيلهم لأكبر وأقدم الامبراطوريات والدول والممالك والإمارات : (امبراطورية الكوديوم و هيتيا, وهوريا, و ميديا والصلة الوثقى بين السومريين الذين عاشوا في شمال العراق كما يقول ولديورانت في الألف السادس قبل الميلاد, وهم كما يقول آريون جبليون أشداء, عصبيو المزاج, شديدو البأس والقتال... كما يؤكد العلامة محمد أمين زكي على الدور الحضاري في التاريخ الإسلامي حيث شكلوا ستا وثلاثين دولة و إمارة كان آخرها إمارة بوطان عام 1840 م ...).
وقد أسهب تقريرنا في إثبات هذه العراقة وتأصلها في حدود جغرافية واسعة (كانت تشمل القوقاز الجنوبي الدافئ – والذي أثبت علماء الأجناس كونه موطن الإنسان الأول /نياندرتال وكرومانيو/ - حيث امتد ّ هذا الموطن الجغرافي لكوردستان إلى طبرستان وأذربيجان وقسم من أفغانستان وجورجيا , كما يشهد كهف /şaneder û du derî / في شرق ﭽﻤﭼﻤال والآخر في شمال سوريا /منطقة عفرين/ إضافة إلى عشرات الدراسات الموثقة والأكاديمية الدالة على قدم الحضارات والمستوطنات الكوردية الأولى, من خلال الأدلة والآثار التي وصلت إليها البعثات الأثرية الغربية, معتمدة منطقاً علميا, بحثا عن الحقائق التاريخية والأدلة القاطعة). على هذه المساحة الجغرافية التي يعيش عليها الآن العرق الآري الأول, والذي اندمج مع العرق/الهندوأوروﭘﻲ/ الذي يمثله الكورد خير تمثيل, مما لا مجال للبحث فيه الآن , هذه المساحة التي تبلغ 509 ألف كم2 والذي وثقه العالم اليوغسلافي (البروفسور باﭭﻴﺞ).
((والدلائل الأثرية التي خرجت بها البعثة الألمانية القادمة من جامعة هايدن بارك عام 1982م , اكتشفت المستوطنة الكوردية الواقعة على رافد من روافد الفرات والواقع في منطقة / Deşta Sirûcê/ في كوردستان الشمالية والمحاذية لمنطقة كوباني في كوردستان الغربية, هذه المستوطنة من أقدم المستوطنات في العالم حيث سبقت الحضارة اليونانية بستة آلاف عام والآشورية بثلاثة آلاف عام, هذه المستوطنة تميزت بثلاث خصال حضارية:
1-   اختراع أول نظام تكييف في العالم.
2-   تربية قطعان الغزلان.
3-   رصف الشوارع والطرقات بالبلاط الأسود (الحجر البازلتي).
وقد نشر هذا الاستكشاف التاريخي الهام, والذي يعد فتحا في تاريخ الحضارة الإنسانية في مجلة /فكر وفن/ الألمانية والمترجمة إلى العربية, والمستوطنة هي / nîvalî tşûrî/ واسمها الكوردي الحقيقي / Newala jorî/ وقد سبق أن أشرنا إلى المكتشف الأقدم, والذي دلت عليه البعثة الأمريكية مؤخراً (Hemo ker ) إلا أن أبحاثا جديدة استطاعت أن تصل إلى مملكة / Kobado/ شرقي آمد في كوردستان الشمالية – عشرة آلاف عام قبل الميلاد – لتسبق / saratepe û Zawî şemsî / في كوردستان الجنوبية.
أما مملكة ألالاخ الواقعة في أعالي المنطقة الوسطى في سوريا, والتي شكلت بطبقاتها الأثرية الثمانية عشرة تطورات هامة في التاريخ الحضاري الهندوأوربي للمنطقة والتي مثلها الحثيون في شمالي وشمالي شرقي سوريا, والذين امتدّ نفوذهم إلى سهول عكار وشنعار وجبال الزاوية وحارم وجبال الكورد الغربية في الساحل السوري/جبال اللاذقية حالياً/ حيث أكدت الدراسة الأكاديمية التي قام بها البروفسور الفرنسي /بوب/ على آرية هذه الطبقات المذكورة, وقد ترجم هذه الدراسة الأستاذ فهمي الدالاتي مدير متحف دمشق, وهو صادر من وزارة الثقافة السورية)).
وتتمة لهذا البحث الأكاديمي خرج الباحث الإنكليزي / آ . ولسون/ بدراسة موثقة قدمها لجامعة كامبرج البريطانية, كرسالة دكتوراة, ليثبت الهجرة الأوروبية في الألف الثالث قبل الميلاد من الحثيين والآريين الشماليين في طوروس وزاغروس (القوقاز الجنوبي الدافئ) على عكس ما كان يعرف من هجرة الأوروبيين من القوقاز الشمالي الشديد البرودة , وذي المسالك الوعرة والجبال الشاهقة . كما كان للفتح الحضاري الروحي العظيم الذي توصل إليه العلماء والدارسون في علوم الميثولوجيا , وتاريخ الأديان انبثاق الديانة التوحيدية الأولى من جبال ومدن كوردستان وجنوب أرمينيا , كما أكدت الدراسة الأخيرة التي قام بها الباحث المصري العلامة /د. سيد محمود القمني/ هورية النبي إبراهيم الخليل عليه السلام, والذي جاء ذكر رحلته التاريخية في القرآن الكريم من الشمال إلى الجنوب, بعد حوار عنيف بينه وبين أبيه آزر /تارح/ كما ورد في الدراسات السامية, وقد أكدت دراسة العلامة القمني حصول هذه الرحلة المنطلقة من /أور/ الشمالية والتي كانت مهدا للحضارة الهورية, مؤكدا على كوردية الهورية, وكونها لغة نبي الله إبراهيم, والذي أوصى بنيه على أن يتزوجوا من أبناء عمومتهم في الشمال, وقد تفرق أبناؤه في بلاد كنعان جنوبا, واستقر أولاد إسماعيل في مكة بجوار قبيلة جرهم العربية, لينسى أولاد إسماعيل لغة أبيهم إبراهيم, ويتعلموا العربية من هذه القبيلة, ويهذبوا اللسان العربي كما سوف يرد مفصلا في دراسات قادمة.
ويؤكد على عراقة هذه الأمة وعمقها في تاريخ الحضارة الإنسانية ما انتهى إليه علماء الآثار والمؤرخون /ميجر سون, مار, مينورسكي, باسيلي نكتين, أدموندز, وليام اكلتون/ والدارسون والعلماء العرب والمستشرقون ممن وقفوا بإنصاف على دراسة التاريخ الإنساني بحياد ومنهجية, ليؤكدوا على أسلاف الكورد الذين عمروا المنطقة منذ فجر التاريخ/من اللولو والعيلاميين والسوبارتيين والجوتيين والخلديين والسوئيين والتات واللان والسيتيين والسومريين والميتانيين والميديين .../ ممن لا يسعنا الخوض في تاريخهم العريق. يقول /ول ديورانت/ صاحب قصة الحضارة : "إن هذه المنطقة شهدت أمواجا من البشر, وأن أول رقم سطّر في تاريخ البشرية كان في منطقة الشرق الأدنى" كما سبق أن أشرنا إلى ذلك.
هذا ولم تقتصر هذه البقعة على الأقوام الآرية الأولى التي استوطنت هذه البقاع منذ تاريخ الخليقة في منطقة آريان, والذي كان الكورد خلاصة طبيعية لتداخل عرقي وتمازج صهرهم وأخرج نتاجا بشريا تجسد في تمازج العرق الآري والهندوأوروبي كما ذهب إلى ذلك معظم الدارسين. حيث هاجر الساميون الأوائل منذ الألف الثالث قبل الميلاد إلى المنطقة على شكل موجات بشرية من /الآشوريين والكنعانيين والبابليين والآراميين والعموريين .../ ليختلط العرق الآري بالسامي على هذه الأرض الخصبة في تمازج أثني وحضاري رائع, خلف إرثا مكتنزا من التراث الإنساني العريق بملامحه المادية والروحية وقيمه الرسالية الرفيعة, والتي أثرت في مختلف بقاع المعمورة على مدار آلاف السنين.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2879