أجندات المتهجّمين على المجلس الوطني الكوردي
التاريخ: الأحد 17 ايار 2020
الموضوع: اخبار



شاهين أحمد 

  تعرّض المجلس الوطني الكوردي في سوريا ENKS منذ تأسيسه في الـ 26 من اكتوبر / تشرين الأول 2011 لحملات تضليلية ظالمة، استهدفته بغية النيل منه ومن مشروعه، وبقيت هذه الحملات متواصلة طوال قرابة عقد من الزمن، وأخذت أشكالاً متعددة، ولكن الملفت أنها ازدادت شراسة منذ انطلاق اللقاءات مؤخراً بين المجلس الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي pyd بهدف التوصل إلى تفاهمات حول توحيد الصف، وترتيب البيت الداخلي الكوردي في سوريا برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وبدعم كامل من فرنسا وبريطانيا والأشقاء في قيادة اقليم كوردستان وفي مقدمتهم الرئيس "مسعود البارزاني" .


هنا يتبادر إلى أذهان المهتمين جملة من الأسئلة المتعلقة بتوقيت هذه الحملة التي ازداد سعيرها في الأونة الأخيرة ومنها: لماذا كل هذا التهجم وبهذه الشراسة على المجلس؟. ما هوية وأجندات تلك الأطراف التي تشترك في هذه الحملة؟ لماذا استعرت الهجمة في هذه المرحلة تحديداً ومن المستفيد منها؟.أين تكمن مصلحة شعبنا الكوردي خاصة والسوري عامة من هذا التهجم؟ هل حقاً الحوار مع pyd ووفق رؤية المجلس لا يخدم مصلحة شعبنا؟ ماهو البديل الواقعي، وماهي الخيارات الواقعية المتاحة؟ هل التجارب التي حصلت في عفرين وتل أبيض (كري سبي) ورأس العين (سري كانييه) كانت ناجحة ومشجعة، وخدمت شعبنا كي نؤيدها لتتكرر في بقية المناطق؟ لماذا لم نسمع أصوات هؤلاء عندما حضرت المعارضة جولات أستانا مع النظام، وسلمت بنتيجتها الكثير من المناطق بدون أي مقابل ومن خلال ماسميت بالمصالحات؟!.هل المجلس الوطني الكوردي هو من سلّم الغوطتين ونصف مدينة دمشق وكامل ريفها الغربي وزبداني ومضايا وثلثي مدينة حلب ونصف مدينة حمص وكامل ريفها الشمالي وكذلك درعا وريفها وأرياف إدلب وحماه ... إلخ، كي يتعرض لكل هذه الاتهامات الباطلة والظالمة؟
 ومن جهة أخرى طالما أن طرفي المعادلة – المجلس و pyd – لم يعلنا بشكل رسمي حتى هذه اللحظة عن أي اتفاق أو وثيقة عما يجري، لماذا كل هذا الضجيج وهذه الاتهامات؟ أليس المنطق وآداب الحوار والاعتراض تقتضي الإطلاع على الصيغة النهائية لأي اتفاق أولاً ومن ثم إبداء الرأي وإطلاق الأحكام؟ ألا يحق لنا في المجلس الوطني الكوردي أن نضع إشارات استفهام أمام " غالبية " هؤلاء المتهاجمين؟ بالرغم من بزوغ العديد من المنصات المدنية والثقافية والمنابر والمواقع الإعلامية وعشرات التنسيقيات ورفعها شعارات وطنية خلال مرحلة الثورة السلمية، وحجم التضحيات الجسيمة التي قدّمها الشعب السوري، إلا أنه وبكل أسف المشهد الذي نراه اليوم لا يبعث على التفاؤل، وهناك تراجع ويشوبه الارتباك، يبدو أن التحالفات التي حصلت بين بعض أجنحة الإسلام السياسي مع الوافدين من الأجهزة الأمنية للبعث والمتسللة إلى جسد المعارضة ومؤسساتها المختلفة، قد فعلت فعلها في شرائح واسعة من شعبنا!. كون الحراك الشبابي الثوري كان يفتقر للخبرة والتنظيم والقيادة الثورية الموحدة، والذي شكل ثغرةً كبيرةً بقيت في مسيرة الثورة طوال مراحلها المختلفة، هذه الثغرة التي تسلل من خلالها القوتان الأكثر تنظيما وهما الإسلام السياسي والبعث، وتمكنتا من ضخ سمومهما الفكرية "الهدامة" من جديد، وضربتا ماتبقى من المرتكزات الثورية. 
وما نشعر به اليوم هو انهيار وسقوط  لنخب وطنية شاركت بعضها في الحراك المعارض لعقود، ومن المفارقات المحزنة أن تلتقي مواقف بعض الشخصيات التي لها تاريخ مشهود في مناهضة الدكتاتورية، ومقارعة الاستبداد مع مواقف النظام الدكتاتوري ومناصريه وأعداء شعبنا!. مازالت الذهنيات المشوّهة التي بناها البعث العنصري باقية رغم المأساة، ولم تتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن قضايا السوريين عامة، عقد كامل من المخاض لم ينجح في تغيير الذهنيات المريضة، ولا في ظهور ولادات جديدة مختلفة عن البعث والإسلام الراديكالي!. مع أنه من المسلمات أن الثورات عادة "تهدم" البنى الفكرية والثقافية والسياسية والأمنية للمنظومات الحاكمة كي تقيم على أنقاضها بنى جديدة مغايرة، إلا في حالة الثورة السورية مازالت النخب تردد نفس اسطوانة التيار القومي الشوفيني والسلفي الديني المتطرف؟ نحن نعي تماماً أن نشوء تعبيرات سياسية - تنظيمية جديدة في مجتمع، عاش حقبة طويلة في ظل التصحر السياسي تستغرق الكثيرمن الوقت، وتتطلب المزيد من الوعي والجهود والإمكانات، ولكن المشهد مازال أسير ظلمة قاتمة. وعلينا أولاً وقبل أي شيء أن ندرك ما تحتويه التربة في بلداننا، ونتعرف ونتفحص نوعية البذور المدفونة في أعماقها، واحتوائها للعناصر الغذائية الضرورية لنمو بذور الفكر المتطرف، ومايشكل ذلك من تحدٍّ وجودي لشعبنا وشعوب المنطقة، وتشكل الأرضية المناسبة والبيئة المثالية لتكاثر الجماعات الراديكالية الحاقدة، التي تسببت في تدمير حواضرنا. وحالة الانقسام التي تعيشها حركتنا التحررية الكوردية في سوريا تلقي على عاتق جميع المخلصين مسؤوليات قومية ووجدانية كبيرة لبذل جهود استثنائية مضاعفة، ودعم أية خطوة من شأنها تحقيق التقارب بين أطرافها، لوضع حد ولو نسبي لهذا النزيف. 
ولا ننسى هنا مايجري من صراعات داخل الدائرة الضيقة للنظام، والذي يعني أنه - النظام - دخل مرحلة جديدة من التآكل الداخلي، وبالتالي علينا أن نتخذ الحد الأدنى الممكن من الاحتياطات اللازمة لحماية ماتبقى من شعبنا وإظهار حقيقة وجودنا التاريخي الأصيل في اللوحة المستقبلية لسوريا بعد التخلص من نظام البعث. ولاننسى المخاطر التي تحدق بشعبنا من طرف الفصائل التي تنتمي إلى الإسلام السياسي الراديكالي والتي تضم في صفوفها المئات من بقايا إرهابيي داعش وجبهة النصرة، والتي تحيط  بمناطقنا من كل جانب وتتحيّن الفرصة لكي تكرر ماجرى في عفرين وسري كانييه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) وإقتلاع شعبنا من جذوره ومحو هويته القومية. وبالتالي التنكب من قبل المجلس الوطني الكوردي لمهمة نبيلة وملحة متعلقة بتقريب وجهات النظر وصولاً إلى توحيد الطاقات والإمكانات يستوجب الوقوف إلى جانبه ودعمه وليس التهجم عليه ومحاربته وإطلاق التهم يميناً ويساراً !. وفيما يتعلق بهواجس ومخاوف بعض الإخوة من منتسبي أحزاب الحركة الكوردية أو ممن يسمون أنفسهم بالمستقلين، أعتقد أنه ليس هناك أي مبرر لهذه الهواجس، ومع إيماننا التام وقناعتنا المطلقة بأنه لايوجد "خط ثالث" سياسياً، كون شعبنا وأحزابه وفعالياته المختلفة منقسم سياسياً بين الطرفين المتحاورين حالياً " المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي"، ونؤكد بأن المشاركة ستكون شاملة ومتاحة لجميع الفعاليات والأطراف والشخصيات التي تؤمن بضرورة التقارب.
وهناك أيضاً شريحة من الإخوة في المعارضة ومن مختلف المكونات السورية يتوجسون خيفة من أن التقارب بين المجلس والاتحاد الديمقراطي قد يؤدي بالمجلس إلى الابتعاد عن المعارضة، لكن في الواقع أن اللقاءات بين الطرفين ومن جملة ماتهدف إليها هو تعزيز دور الكورد في خندق الشعب والمعارضة وليس خندق النظام، وهذا ما أكدته هيئة رئاسة المجلس الوطني الكوردي في تصريحها بتاريخ الـ 9 من شهر مايو / أيار الجاري 2020 . 
علينا أن ندرك بأن شعبنا الكوردي في سوريا أمام لحظة تاريخية حاسمة، ويمر بمنعطف خطير، وبات وجوده التاريخي على أرضه مهدداً، ربما هي المرحلة الأصعب من مراحل الصراع في سوريا، لذلك علينا أن نستمر في تحمل مسؤولياتنا بالشكل المطلوب، وأن نواجه الحقيقة كما هي، ومن هذا المنطلق يواصل المجلس الوطني الكردي الحوار مع حزب الاتحاد الديمقراطي مدركاً تماماً علاقات الأخير وتحالفاته وإرتباطاته، أملاً في الوصول إلى تفاهمات وتوافقات من شأنها إنقاذ ماتبقى، وعلى الحريصين أن يقفوا إلى جانب المجلس في هذه المهمة الوطنية والقومية النبيلة، كي يتمكن المجلس من بناء أرضية سليمة من شأنها التأسيس عليها مع شركائنا في الوطن ومن مختلف المكونات القومية والدينية والمذهبية، لمرحلة جديدة في حياة السوريين، ولن يكون هناك " قفز " على الثوابت الوطنية والقومية في أية تفاهمات أو اتفاقيات قد تنبثق من هذه اللقاءات، ونريد التأكيد وبدون أدنى شك أن أي اتفاق بين المجلس الوطني الكوردي ENKS، وحزب الإتحاد الديمقراطي pyd، سيكون شاملاً من النواحي السياسية والإدارية والعسكرية والأمنية والاقتصادية ... إلخ. وسيشكل الأساس والأرضية لبناء مرجعية كوردية سورية شاملة لكافة الأطراف والفعاليات المختلفة، ومن ثم توسيع الإطار ليشمل كافة مكونات المنطقة من عرب وسريان – وآشور وتركمان ...إلخ ووفق نسبها وعلى قاعدة الشراكة الوطنية والتوافق والتوازن، والإقرار بحق الجميع وفق العهود والمواثيق الدولية، وعلى قاعدة حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والخصوصية الكوردية السورية، ولبنةً أساسية في المشروع الوطني السوري التغييري الشامل.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=26348