عندما يتحول الخوف الى وباء
التاريخ: الثلاثاء 21 نيسان 2020
الموضوع: اخبار



زارا صالح

يعيش العالم كله حالة من القلق والرعب والخوف في ظل شلل شبه تام وتوقف للحياة الطبيعية نتيجة خطر تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد-19 ), فيلم رعب حقيقي وليس من خيال كتاب ومنتجي أفلام الخيال العلمي كما عودتنا شركات السينما العالمية. نحن جميعا نعيش الحدث وأصبحنا جزء من هذه الحقيقة التي فاقت حتى خيال كاتب السيناريو لسلسلة أفلام الرعب والخيال وهو بقاء العالم حكومات وبشر متفرجين في حجر منزلي طوعي بانتظار" السماء" أو الدعاء بعد حيرة العلم في فك شيفرة الفيروس المستجد وفشل في اكتشاف الترياق, فيما سيناريو سفينة نوح بعد الطوفان يراود اخرين. حقا العالم جله مشدوه لاول مرة يتشاركن الخوف في لجظة نادرة لكن كل في مملكته الخاصة وضمن حدود بلده تعيد الانسان الى حقبة تاريخية ارتبطت بضعفه ومدى حدود امكانياته اليوم أيضا رغم كل التطور العلمي والتقني.


في ظل هذا الصعود الجنوني لخطوط بيانات ضحايا هذا الوباء حول العالم سواء بارتفاع عدد المصابين او القتلى, لاسيما وان أكثر بلدان العالم تطورا هي من تضررت من هذا الوباء مثل امريكا وأوروبا مما قد ينذر بكارثة حقيقية اذا انتقلت بهذا الشكل الى البلدان الفقيرة من العالم الثالث. وبالتوازي مع سرعة انتشار هذا الفيروس مثل النار في الهشيم يزداد الخوف والقلق بين الناس وهم "يودعون أحبتهم" كما حذر بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا الذي كان من اول ضحايا هذا الفيروس حيث اصيب هو وأخرين من طاقم حكومته اضافة الى ولي العهد البريطاني. ولعل مايزيد من حالة الفوبيا هذه التي سيطرت على الكثيرين هو عدم انتقائية هذا الوباء لانه يصيب كافة المستويات العمرية دون تمييز وذلك على عكس بعض التفسيرات العلمية التي كانت تحصرها فقط بين كبار السن واللذين لديهم أمراضا مزمنة. 
أمام حيرة ودهشة العالم هذه بدأت تطرح أفكار ونظريات عدة تخرج من صلب فشل الانسان في تفسير أو التصدي لهذا الوباء. فمثلا أصحاب مروجي نظرية المؤامرة في كل شيء ومعضلة كانوا أكثر تلهفا لاستقبال لحظة الحيرة هذه عند الناس وكان ذلك بمثابة "هدية من السماء" لاعادة تأكيد نظريتهم ومدى صدقها, حيث خرج الكاتب والصحفي البريطاني الشهير(ديفيد أيك) كأحد منظري نظرية المؤامرة ليؤكد صحة أفكاره في أن العالم يحكمه مجموعة صغيرة يسميها هو "النخبة"  وهي طائفة دينية ونسبتها لاتتجاوز الواحد بالمئة في العالم لكنها تتحكم بكل شيئ وتدير العالم عبر سلسلة هرمية واختلاق أزمات وامراض وأوبئة لترهيب الناس ومن ثم تفكيك نظام الاقتصاد العالمي واخرها كما يدعي ديفيد هو تهويل خطر وباء كورونا وذلك للوصول الى لعبة مجتمع الجوع ( هانغرغيم سوسايتي) والسيطرة على المجتمع.
 في حين ذهب أخرون في بعدهم الميتافيزيقي في التفسير حول نظرية " العقوبة الالهية" للبشر نتيجة كل هذا "الكفر" والظلم المنتشر حول العالم كما يزعمون ويقولون بأن هذا الوباء يعد نتيجة طبيعية يستحقها الانسان كعقوبة سماوية. وهناك أراء أخرى تذهب بتفسيرها نحو ظاهرة العولمة والتطورات التكنولوجية التي حولت العالم الى قرية صغيرة في العلاقات الاقتصادية والتجارية وعمليات التواصل السريعة التي اختصرت المسافات وألغت الحدود والحواجز بين البشر والدول أيضا.
كما يبدو فان الخوف الذي بات وباء يرعب الناس جراء فيروس كورونا يختلف عن تلك التي عايشها الانسان في ظل حروب او مجاعات وكوارث طبيعية أو حتى حروب بيولوجية والتي كانت الاسباب فيها واضحة الى حد ما, فيما اليوم العالم يموت بصمت ويقف مشلولا وضعيفا أمام هذا التحدي الغريب الذي دخل كل بيت حول العالم وتحول الى حجرة صحية هربا من ذلك القاتل الغامض الذي كما يبدو بعد حين سوف يعيد ترتيب المفاهيم في اغلب مفاصل الحياة والعلاقات والسلوكيات بين البشر والدول وحتى التحالفات والاطر القائمة.
البشرية جمعاء مرت بهكذا أزمات وأوبئة وفيروسات مازالت تصيب الانسان وكانت نتائجها أكثر كارثية على الانسان مقارنة مع ما نراه اليوم,  لكن خطورة تفشي وباء كوفيد19 تكمن في سهولة وسرعة انتشاره رغم كل الاحتياطات المتخذة الذي فرض شللية على الحياة وكذلك عدم وصول العلماء ومراكز البحوث الطبية وشركات الادوية الى اكتشاف لقاح لهذا الفيروس وهذا هو أحد اهم أسباب هذا الخوف المنتشر بين الناس لاسيما في ظل بقاء العالم كله في الحجز المنزلي والعمل عبر النيت وقضاء معظم الوقت أمام الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت جميعها الى عالم من الكورونا.
وفي النهاية ورغم انكماش امال الانسان في لحظات الخوف والضعف الا أن الايمان والامل بتجاوز هكذا أزمات يظل قائما لان التاريخ البشري شهد مراحل وكوارث وامراض أكثر خطورة من فيروس كورونا وقد نجح الانسان في تخطيها والتغلب عليها كما سيكون حاله مع كورونا ايضا في قادم الايام ولعلها تكون عارضة موسمية ستزول كليا بانتهاء هذا الفصل بانتظار اخذ العبر والدروس خدمة الانسان والبشرية.  







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=26218