كردستان وحركاتها الوطنية والتحررية في المعادلة الدولية
التاريخ: الخميس 11 تشرين الاول 2018
الموضوع: اخبار



مجدل عوجي

إلى أين يسير الوضع في الشرق الأوسط بحالته الراهنة، وشكل الصراع في المنطقة بعد انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، والاشتراكية والرأسمالية؟
هيمنت الولايات المتحدة على العالم بوصفها الزعيم الأوحد، وتجلى ذلك واضحاً في الحروب والمنازعات الدولية التي شهدتها كثير من المناطق في آسيا وأوروبا، حيث تفكك الاتحاد السوفياتي، والمعسكر الاشتراكي وحلف وارسو، لنشاهد بعدها تقسيم يوغوسلافيا إلى دول وكذلك تشيكو سلوفاكيا وإندونيسيا والسودان، وظهور دول جديدة على خارطة العالم وإضمحلال أخرى.  كانت نتيجة طبيعية لغياب التوازن بين القوى الكبرى، استمرت هذه التقسيمات لسنوات طويلة بعد الحرب العالمية الثانية. 


 بقيت منطقة الشرق الأوسط محتفظة بأشكال التقسيم التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى، وبرزت دول في المنطقة كنتيجة لتفكيك الإمبراطورية العثمانية، وبقي هذا التقسيم مستمراً حتى سقوط الاتحاد السوفياتي ، حيث كانت أفغانستان قبل ذلك قد تحولت إلى ساحة للصراع الدولي بين المعسكرين الشرقي والغربي، استعانت فيه أمريكا بالدول الإسلامية في المنطقة في الحرب ضد الروس، أدى الى ظهور ما سمي بالصحوة الإسلامية في العالم السني، وبدأت الحركات الإسلامية السياسية، وفي طليعتها الإخوان المسلمون، وكذلك الحركات الجهادية الأخرى، ترفع دعوات ورايات الجهاد  ضد العالم المسيحي واليهودي، فكان ظهور القاعدة، على خلفية انتصار الثورة الإيرانية التي استطاع الخميني إخضاعها للتيار الإسلامي الشيعي الذي كان قد بدأ ينظم نفسه بالاستفتاء على السلطة في إيران ومن ثم تصدير ثورته إلى الدول المجاورة 
  فنجاح التيار الإسلامي الشيعي في الوصول إلى السلطة ، وتفكيك الاتحاد السوفياتي، جعل التيار الإسلامي السياسي السني أكثر املأ في إمكانية وصوله إلى السلطة وبناء الدولة الإسلامية، مستغلين في ذلك استعداء الأنظمة الحاكمة، والهيمنة الغربية على هذه الدول، ومن ثم الصراع السني الشيعي الذي تفجر على خلفية الحرب العراقية الإيرانية، ومن ثم سيطرة طالبان فيما بعد على أفغانستان، ومساعي من أطلق عليهم الأفغان العرب ممن كانوا قد عادوا إلى بلدانهم العربية بتفجير الصراعات مع أنظمة دولهم بهدف الاستيلاء على السلطة .
 انقسمت الدول، وكذلك القوى السياسية والإجتماعية على هذه السياسات، وظهرت دولتا تركيا وقطر وإيران والسعودية، كأبرز الدول التي شهدت انخراطأ وتورطأ في هذه الحرب 
 فدولة قطر خدمت مشروع الإسلام السياسي المتمثل بالإخوان المسلمين، الذي كانت تعول عليه أمريكا آنذاك في محاربة مشروع الاسلام السياسي التكفيري المتشدد، بإستثمار منابر رجال الدين الإسلامي وثروة قطر المالية الضخمة في تفعيل الربيع العربي لصالح الحركات الاسلامية المسيسة التي تستغل الدين في كسب مشاعر مسلمي الشعوب التي ترزح تحت طغيان حكامها الدكتاتورين والمستبدين حتى تشكلت قوة ارهابية تجمعت فيها كافة مجرمي العالم وتم تصديرهم الى سوريا والعراق عبر الممر التركي مشكلة قوة داعش ومن قبلها السعودية في افغانستان ايضا بتوجيه علمائها لكافة المتطرفين الاسلاميين بداية منها وبتجميعهم من العالم عبر حدودها مع جيرانها مشكلة قوة منظمة مدعومة سميت بمنظمة القاعدة ومن ثم التحول الى العراق عبر الحدود السورية وعليهم دفع فاتورة هذه الفتنة العالمية ودعمها ،
ففي المراحل الاولية كانت روسيا الاتحادية تعاني من ازمتها الداخلية وبصمت لم تقترب الى هذه الساحات حتى شعرت بانها تخلفت عن شراكة المشروع العالمي فاحتلت جزءا من اراضي اوكرانيا بالقوة مما اثار حفيظة الدول العالمية واتخاذ العقوبات ضدها فحتى تنسي العالم هذه القضية تحالفت مع النظام السوري لسببين رئيسيين، أولهما محاولة إعادة روسيا إلى مكانتها السابقة في السياسة الدولية، بعد سقوط السوفييت وتحول روسيا إلى دولة إقليمية كبيرة ووقعت في فخ المخطط الدولي بغباء، فروسيا تعرف جيدا منافستها التاريخية امريكا التي لا ترحم في تقويض اقتصادها واستنزافها في سوريا، وتركيا ايضا التي سارعت إلى الانخراط في دعم القوى والتنظيمات الإرهابية داعش والنصرة والإخوان وباقي القوى العنصرية التي اتحد مع تركيا للقضاء على أي إمكانية يحققها الكرد في سوريا والعراق تنتهي بهم إلى الحرية ونيل حقوقهم في هذه الدول، فعملت على تجميع كل هذه القوى ودفعها إلى محاربة الكرد ومنعهم كما ادعت ولا تزال من إيصال مغرب جنوب كردستان إلى البحر، فكان موقفها من إستفتاء كردستان العراق وإحتلال عفرين وتهديدها المستمر لشرقي الفرات، تكريسا وتنفيذأ لهذه السياسة المعادية للكرد وحقوقهم أينما كانوا وقد اثبت الكرد للعالم اجمع شجاعتهم في مقاومة الإرهاب ودحره، الأمر الذي أثار أردوغان وأركان دولته في حزب العدالة المتحالف مع الحزب لقومي المتطرف بزعامة بخجلي، الذي لا يزال يحرض القوى السياسية في تركيا على محاربة الكرد ، محذرا من قيام الدولة الكردية الموحدة، فتخوف اردوغان من قيام هذه الدولة التي ستضم، ثلث مساحة تركيا وكردستان العراق وكذلك ما يعتبره كيان كردي في سوريا، وهربا من مجابهة المشكلة في تركيا والازمات الخانقة في كل المجالات على الصعيد الداخلي التركي، دفع به الى التنازل عن عدة قضايا هامة لصالح روسيا وعقد صفقات تجارية وعسكرية ومالية  وإقتصادية، والانفتاح على المعسكر الشرقي مبتعدا عن العمل مع الغرب وتحالف الناتو الذي هو القوة الثانية فيه و تصالح مع ايران وعاد الى الاتفاقيات الرباعية التي كانت تجمع بين تركيا وايران والعراق وسوريا على قضية الكرد، هذا التحدي الذي شكل تهديدا واضحا وصريحة لمصالح أمريكا الإستراتيجية في المنطقة وسوريا والعراق وعلى حلفائها في المنطقة  جعل امريكا تفرض عليها العقوبات الاقتصادية وعزلها سياسيا، مع ترقب دخول تركيا في مرحلة كساد إقتصادية وأزمة مالية وإقتصادية عميقة، سيما بعد أن تم تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران، وتركيا اول من سيكون متضررا منها ، بالإضافة إلى أن الوضع في إدلب وعفرين وكذلك في مناطق درع الفرات وتنامي وتصاعد العمليات العسكرية في كردستان تركيا، و إشتداد المعارضة التركية في الداخل بسبب هذه السياسات مع إبقاء الدول الاوربية المتحالفة مع امريكا مصرين على ابقاء الفيتو على رغبات انضمام تركيا للوحدة الاوربية وجعلها مجرد حلم، بعد أن تحولت تركيا من دولة حليفة وعضو في الناتو إلى دولة مشكوك في ولائها وتوجهها بقوة ، إلى حلف ايراني روسي يتعرض أصحابه للعقوبات الأمريكية، حيث أن أنظمة هذه الدول باتت تشكل خطرا على السلام والأمن في مناطقهم وتهدد بتصدير الإرهاب عبر المهاجرين إلى أوروبا والعالم، حيث يوما بعد يوم تزداد القناعة لدى الغرب وأمريكا عموما، بضرورة زوال هذه الأنظمة، بالعمل على ان تتحول الى انظمة ديمقراطية مستجابة لحقوق الاخرين فايران كنظام ستكون الخاسر الاكبر في المعادلة الدولية حيث النظام الفارسي المستبد وبأسلوب شوفيني طائفي، معرض للإنهيار بسبب أوضاعه الداخلية المزرية وإضطهاده للقوميات فيها كالكرد والبلوش والازر والعرب وحتى الفرس، فالإدارة الأمريكية ادارة رأسمالية ويراسها راسمالي محترف، يخطط لعقود من الزمن حتى يبدا بالاستثمار المربح في اجواء الامن والاستقرار فهذه الدول مجتمعة فيها قضايا معلقة ومعقدة اضعف من ان تواجه هذه ا السياسات الغربية، كون القضايا القومية وحقوق الانسان في هذه الدول معدومة، وهم يحكمون شعوبهم عبر اجهزة استخباراتية قمعية تخلق ضغوطا تؤدي إلى الانفجار، فقط هناك نقطة ضعف في الحركة الكردية من حيث التشتت واستغلالها من هذا الطرف او ذاك، وهذا الأمر يتطلب جهود الحلفاء الذين يعتمدون عليهم اليوم في محاربة الارهاب وكذلك مد اليد من جميع الأطراف الأخرى لبعضها البعض للم كل الطاقات البشرية الكردية في حماية حقوق الكرد والإسهام في التنمية وبناء الاقتصاد وذلك عبر توحيد كافة الحركات الوطنية والتحررية الكردية في تأسيس مرجعية  تحافظ على وحدتها، بين الإختلاف والتباين، واطفاء الشرعية العالمية عليها كممثل شرعي لشعوب كردستان ومكوناتها، لتكون القوى الكردستانية مهيأة وحاضرة للتفاعل والإستجابة للتحديات الداخلية والإقليمية والدولية، ومحط  ثقة الحلفاء والأصدقاء الداعمين لحقوق الكرد . 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=24199