بعد عفرين .. فتشوا عن عدو جديد ؟
التاريخ: الجمعة 27 تموز 2018
الموضوع: اخبار



عبدو خليل

من الناحية العملية كل الدول الضالعة في الشأن السوري باتت متفقة على تقويض دور منظومة ب ك ك في سوريا ، أو إعادة إنتاجها وفق متطلبات مرحلة التسويات الجارية دون كلل ولا ملل، و كون هذه المنظومة الأكثر قدرة على التلون كما أشرنا لذلك في مقالات سابقة، فقد أنتجت على عجل حزب سوريا المستقبل ك/ بديل محتمل لحزب ب ي د  في سياق تحولاته بعدما فقد مصداقيته في الوسطين الكردي والسوري من خلال ممارساته اللا مسؤولة واللا أخلاقية طيلة السنوات الماضية ، لذا كان لابد من تدشين دكاكين أخرى تبيع بضائع من قبيل منتجات المجتمع المدني أو التخفي بلبوس مؤسسات ثقافية وخدمية وتنموية، المهم في الأمر أن الدور المنوط بهذه المنظومة. عسكريا ، قد ولى إلى غير رجعة، رغم محاولات قادة قنديل البحث عن تعهدات حروب جديدة هنا وهناك .


قد تبدو المقدمة السابقة ضرورة مهنية لكتابة مقالة تتناول شأن كرد سوريا، وقد تكون مكررة ولا طعم لها خاصة وأنه كما أسلفنا سبق أن تطرقنا لمنظومة العمال الكردستاني طيلة السنوات السابقة، لكن اليوم ثمة ما هو مستجد ويستحق الوقوف عليه والانتقال لمساحة أخرى ولزاوية رؤية تكشفت لنا جميعاً بعد الوضع الكارثي الذي انتهت إليه عفرين. زاوية يخشى البعض الاقتراب منها أو التحدث عنها رغم أنها باتت ك/عورة مشينة وفاقعة. لذا تأتي هذه المقالة في سياق رفع الغطاء عن الحقيقة التي يهرب منها الجميع. فما هي هذه الحقيقة ؟ أو، ما هو الوجه الآخر للكارثة؟
بادئ ذي بدء لم تكن مآلات الأمور وتسارعها في عفرين صادمة فقط لمنظومة العمال الكردستاني ولا لأتباع الخط الثالث، حيث راهن هؤلاء على حرب استنزاف طويلة الأمد يتخللها تدخلات دولية وصفقات ومساومات ومجازر وخسائر لدى كلا طرفي الصراع. المتمثل ب/ميليشيات المعارضة ومن خلفها تركيا وبين منظومة ب ك ك التي راهنت على حلفاء مخضرمين في المواربة مثل روسيا وإيران وأمريكا والنظام السوري، الأمر ذاته، ونقصد هنا. الصدمة، أو الصفعة التي تلقتها باقي الأطراف الكردية والكردستانية المحسوبة والمقربة من أربيل، أو حتى تلك التي أنتجتها ظروف الصراع السوري. أي التيارات الثورية الكردية، والتي كانت ايضا على نقيض وخلاف مع منظومة ب ك ك، هؤلاء أيضاً راهنوا على ديمومة الحرب في عفرين، وكان جل ما يعتريهم من أمل يكمن في التنازلات التي يمكن أن يقدمها طرفي الصراع على أرض عفرين نتيجة الرهان على استنزافهم من خلال المعارك الطاحنة، من جانب آخر . كان رهان الأحزاب الكردية المحسوبة على محور أربيل أن يتم توظيف هذه التنازلات لصالحهم في منطقة شرق الفرات. وتالياً يعاد تفعيل اتفاقيات أربيل ودهوك والضغط على منظومة ب ك ك للقبول بمحاصصة على وقع المأزق الذي انحشروا به في عفرين ، لكن كل هذا لم يحصل، وتبخرت الأحلام أدراج الرياح بعيد السقوط السريع والدراماتيكي لعفرين وقراها في أقل من سبعة أسابيع .
لذا دخلت هذه الأطراف. خصوم منظومة ب ك ك، حالة حيرة وتخبط وقلق، عندما سقطت سياستهم في الرهان على ابتزاز الطرفين. أي، تركيا و منظومة ب ك ك . لا بل وجدوا أنفسهم في حفرة عميقة، واقع جديد ومختلف ، وجهاً لوجه أمام حلفاء الأمس المتمثلين في تركيا و المعارضة السورية وميلشياتهم المسلحة التي تجاهلت تماما  التنازلات والتسهيلات والتبريرات التي قدمها هؤلاء دون أية ضمانات، بالمجان . لقاء تمرير عملية غصن الزيتون. ك/عملية تحرير،  على الأقل ضمن سويات الحواضن الحزبية الكردية ، إلا أن مضي ميليشيات المعارضة السورية في ممارسة أبشع عمليات السلب والنهب والاستيلاب في تاريخ الصراع السوري بالإضافة إلى التغييرات الديموغرافية التي تتم بوقاحة لا مثيل لها، وضعت خصوم منظومة ب ك ك في وضع المسؤولية أمام الشارع الكردي / السوري ، خاصة وأن هذه الاستباحة تتم من قبل شركائهم الذين اعتبروا جيشاً وطنياً سورياً. 
من طرف ثان، وضمن السياق السابق. فشل خصوم منظومة ب ك ك في إيجاد مكان لهم في عفرين بسبب الخوف من فظائع انتهاكات جيشهم الذي وصفوه بالوطني، ورفض المعارضة. المبطن، لاستلامهم زمام إدارة المنطقة من اجل التكتم على أجندات التغيرات الديموغرافية التي تتم بشكل حثيث وممنهج، يضاف لذلك جملة صراعات معلنة وخفية مع التيارات الكردية الثورية تلك التي عادت للواجهة من جديد ووجدت أن من حقها التمدد داخل عفرين عبر سلسلة تفاهمات مع قوى المعارضة، لكنها أيضاً وقعت في جورة التخبط ذاته ولم تستطع بدورها سوى تقديم الوعود المبنية على فراغ . 
النقطة الأهم في دوامة هذا التعقيد هو إعادة استحضار  الخصم . ب ي د / ب ك ك، من قبل أحزاب المجلس الوطني الكردي للتغطية على حالة عجزهم في عفرين وفشلهم في التأثير على حلفائهم من المعارضة السورية لوقف الجرائم والانتهاكات التي تتصاعد بـ ذات الوتيرة منذ بضعة أشهر دون أدنى تراجع يذكر. لذا ومن أجل الخروج بماء الوجه يتم تجاهل الانتهاكات أو التقليل من حدتها أو تفريغها من المحتوى عبر بعض الأقنية الإعلامية ذات التأثير المحدود، والمختصة بجمهور حزب معين، و إقناع هذا الجمهور الحزبي/ القطيع، بقبول الأمر الواقع والتأقلم معه بدل رفضه أو تغييره أو البحث عن حلول مجدية ، وذلك بـ إلقاء اللوم على منظومات ب ك ك او لصقها على الدوام باتباع الخط الثالث، يترافق ذلك مع جرعة عالية من لغة التسويف والتسفيه لما يجري من فظائع وانتظار الفرج القادم من حيث لا يدري أحد . 
خلاصة القول. عفرين وضعت كل المنظومات الحزبية الكردية على المحك، وفضحت حجم تواضع آليات الفكر السياسي لديهم وانعدام بناء الاستراتيجيات أو مواجهة أزماتهم بشجاعة . كل ما يستطيعون فعله اليوم هو إعادة إنتاج خصوماتهم البينية حيال عجزهم أمام الواقع الذي تكشف على مصراعيه ولم يعد بالإمكان إغلاقه، و أسقطت ورقة التوت ليس فقط عن الحركة الكردية في سوريا إنما عن المحاور التي راهن عليها البعض في كل من أربيل وقنديل معاً. رغم ان البعض قد يرى اجحافاً في المقاربة بين حجم مسؤولية الأول عن الثاني في تحمل النتائج الكارثية، لكن النتيجة. التنافسية ، للمعادلة واحدة، و لا يمكن عزلها عن المقدمات، هذا في حال اسقطنا البعد الثأري. العشائري/ الحزبي، الذي تميز به خصوم العمال الكردستاني، و اثبتت التجربة ان هذه الذهنية كان لها دوراً رئيسياً في ترك عفرين تتدحرج نحو هذه الهاوية السحيقة.
ختام الحديث حول الكارثة. الفاجعة، إذا كان لابد من قول كلمة أخيرة لصبيان السياسة الكردية ممن علقوا فشلهم الذريع خلال السنوات الماضية فقط على منظومة ب ك ك دون أية مراجعات نقدية منهم ، واعتمادهم على هياكل متكلسة. لم تنتج سوى الهزائم والذرائع والفشل، يمكن إيجاز الرسالة الموجهة لهؤلاء  بالقول "  انتهى الدور المهم .القذر ، الذي أسند لـ ب ك ك/ ب ي د  في سوريا، لذا. لا بأس من أجل استمراركم، فتشوا عن عدو جديد ".







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=23958